خامنئي يوصي البرلمان بـ«التفاعل البنّاء» مع الحكومة الجديدة

بزشكيان مدّ يده للمشرّعين من أجل حلّ المشكلات

صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي خلال استقباله نواب البرلمان الجديد
صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي خلال استقباله نواب البرلمان الجديد
TT

خامنئي يوصي البرلمان بـ«التفاعل البنّاء» مع الحكومة الجديدة

صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي خلال استقباله نواب البرلمان الجديد
صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي خلال استقباله نواب البرلمان الجديد

طالب المرشد الإيراني علي خامنئي نواب البرلمان الإيراني، ذي الأغلبية المحافظة المتشدّدة، بـ«التفاعل البنّاء» مع الحكومة الجديدة، برئاسة مسعود بزشكيان، المحسوب على التيار الإصلاحي والمعتدل.

وقال خامنئي، في أول لقاء مع نواب البرلمان الجديد: «يجب أن نؤمن إيماناً راسخاً بأن نجاح الرئيس المنتخب نجاح لنا جميعاً». وأضاف: «إذا نجح في إدارة البلاد، وتحقيق التقدم الاقتصادي، وفي القضايا الدولية والثقافية، فإننا جميعاً سنكون قد حققنا النجاح».

وشدّد صاحب كلمة الفصل في البلاد على ضرورة تجنّب الخلافات، قائلاً: «يجب سماع صوت واحد في المسائل المهمة»، حسبما أورد موقعه الرسمي.

وقال خامنئي إن حضور البرلمان في بعض القضايا السياسية الداخلية والخارجية «مهم للغاية»، مكرّراً تأييده لقانون «الخطوة الاستراتيجية لرفع العقوبات الأميركية»، وهو القانون الذي أقرّه البرلمان الإيراني مطلع ديسمبر (كانون الأول) 2020.

صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي خلال استقباله نواب البرلمان الجديد

وقال بزشكيان، خلال حملته للانتخابات الرئاسية، إنه ينوي التحدث إلى البرلمان؛ لمراجعة القانون وتعديل بعض بنوده. وألقى حليفه، وزير الخارجية الأسبق، محمد جواد ظريف باللوم على القانون لعرقلة الرئيس الأميركي جو بايدن في العودة إلى الاتفاق النووي.

وهذه هي المرة الأولى بعد الانتخابات التي يجدّد فيها خامنئي تأييده للقانون المثير للجدل، الذي يُعدّ ملزِماً للحكومة، ويفتح الباب لملاحقة وسجن أي مسؤول يرفض الامتثال للقانون.

واستند رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، إلى تأييد خامنئي في حملته الانتخابية لرفض انتقادات بزشكيان وظريف للقانون المذكور. وقال خامنئي في خطاب وداعي لنواب البرلمان السابق، قبل أشهر، إن «قانون (الخطوة الاستراتيجية) أنقذ البرنامج النووي من الضياع».

وأضاف خامنئي، في السياق نفسه: «في القضايا المهمة يجب أن يكون هناك صوت واحد مسموع في البلاد، وبالطبع أنتم مَن يحدّد ذلك، هناك أماكن يجب أن تتحدث فيها الحكومة والبرلمان ومختلف المسؤولين، حتى يُحبَط مَن يتربصون في الخارج لسماع إشارات الخلافات والازدواجية».

وتابع: «يجب ألا يكون البرلمان مصدراً للتوتر في الرأي العام، فقد شوهد أحياناً التشويه والسلبية من بعض النواب. بالطبع، معظم النواب دائماً متمسّكون بالمبادئ المهمة والقيِّمة، وأقول هذا بصدق، ولكن في بعض الحالات شوهد خلاف ذلك».

وأوصى خامنئي النواب بـ«الحفاظ على الأمن النفسي للشعب»، وقال: «ليس فقط في البرلمان، بل يجب أن تكون مشاركات النواب في التجمّعات العامة، سواء في صلاة الجمعة، أو في اللقاءات بالمدن المختلفة، أو في الفضاء الإلكتروني، تهدف إلى تهدئة الأوضاع».

ورافق بزشكيان، الذي يمثّل مدينة تبريز، نواب البرلمان إلى مقر المرشد الإيراني. وقال خامنئي، في إشارة إلى حضور الرئيس المنتخب بين نواب البرلمان: «لا أعرف ما إذا كان السيد بزشكيان يُعدّ حالياً نائباً قانونياً أم لا، لكنه موجود هنا».

وقالت وكالة «إيلنا» الإصلاحية إن بزشكيان حضر هذا اللقاء بصفته نائباً سابقاً في البرلمان، والرئيسَ المنتخب.

وجاء اللقاء بعد نحو شهرين من بداية عمل البرلمان الجديد، وقبل 9 أيام من أداء الرئيس المنتخب القسمَ الدستوري أمام البرلمان، وقبل ذلك بيوم سيتوجه بزشكيان مرة أخرى إلى مقر خامنئي للمصادقة على مرسوم رئاسته، وستكون أمام بزشكيان فترة أسبوعين لتقديم تشكيلته الوزارية، والحصول على ثقة البرلمان.

الرئيس المنتخب مسعود بزشكيان يتوسط رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف ونائبه علي نيكزاد في لقاء خامنئي (موقع المرشد)

ويُجري بزشكيان مشاورات مكثفة لانتخاب تشكيلة الوزراء. وتُشرف لجنة توجيهية، برئاسة وزير الخارجية الأسبق محمد جواد ظريف، على مسار انتخاب أعضاء الحكومة.

وقال خامنئي للمشرّعين إن «التصويت على الحكومة التي سيقدّمها السيد بزشكيان مهمتكم العاجلة والملحّة، كلما جرت المصادقة على الحكومة المقترحة في أسرع وقت بعد القيام بالإجراءات اللازمة، وبدأت الحكومة العمل، كان ذلك أفضل للبلاد».

وأضاف خامنئي أن الأشخاص المختارين في الحكومة يجب أن «يؤمنوا بنظام الجمهورية الإسلامية بعمق»، وأن تكون لديهم «نظرة وطنية»، وألا «يكونوا غارقين في القضايا السياسية والحزبية».

في وقت سابق توجّه بزشكيان إلى البرلمان، وتحدّث إلى زملائه البرلمانيين حول سياسته وتشكيل الحكومة. ونقلت وكالة «إيلنا» الإصلاحية عن بزشكيان قوله: «لا يمكن إدارة البلاد بالخلاف والشجار... نحن مضطرّون للتعاون من أجل تجاوز الأزمات التي نواجهها، وحل المشاكل بروح من التعاون والتفكير الجماعي».

وأضاف: «ما زلت الشخص نفسه الذي كنت عليه، وبالتأكيد لن أتغيّر، إلا أن مسؤوليتنا أصبحت أثقل»، وزاد: «نحن هنا لحل مشاكل الناس، والتخفيف من معاناتهم... سأبذل كل ما في وسعي بفضل الدعم الذي منحني إياه الناس، وسأتعاون معكم، أيها النواب والمسؤولون وجميع من في البلاد، سنتعاون جميعاً لتلبية احتياجات الناس».

وزاد: «سنستفيد من هذه الفرصة بمساعدتكم... نأمل ألا نخذل الناس، رغم الدعوات لمقاطعة صناديق الاقتراع فإنهم خرجوا، وضربوا بقبضتهم في وجه المعارضين في الداخل والخارج الذين كانوا يروّجون ضد التصويت».

الرئيس المنتخب مسعود بزشكيان يُلقي خطاباً أمام البرلمان الأحد (ميزان)

وقال للصحافيين، على هامش حضوره في البرلمان: «طلبنا من الأفراد في المجموعات السياسية المختلفة؛ من إصلاحيين ومحافظين ومستقلين، الذين يعتقدون أنهم يستطيعون المساعدة، تقديم سِيَرهم الذاتية».

وأضاف: «هذه السير الذاتية تُفحص من مجموعات منفصلة، وفي النهاية يتم اختيار الأشخاص الذين نحسم القرار بشأنهم». وأكّد: «سنختار الأشخاص الذين حصلوا على أعلى الدرجات، ويمكنهم العمل بشكل منسّق، لكن هذه المهمة صعبة».

«اللجنة التوجيهية»

في السياق نفسه، دافع رئيس اللجنة التوجيهية، وزير الخارجية السابق، محمد جواد ظريف، عن أداء اللجنة، لافتاً إلى أنها «مبادرة من الرئيس المنتخَب، وذراعه الاستشارية». وقال: «نريد من هذه العملية إحياء الأمل وخلق مسار جديد، سيكون تأثيره؛ ليس فقط على الأشخاص الذين نختارهم أو نُصوّت لهم، بل أيضاً على عملية شفافة في المستقبل».

وصرح: «إذا جرى إحياء الأمل والتسبب في عودة الناس إلى صناديق الاقتراع، فستكون المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة 80 في المائة، بدلاً من 30 في المائة»، وعدَّ ذلك «أكبر خدمة للأمن الوطني وسلامة الأراضي الإيرانية ورفع العقوبات».

وأكد ظريف: «لن يجري الكشف عن أسماء المرشحين للوزارات والجهات الحكومية الأخرى؛ لأن ذلك سيجعل الأفراد يشعرون بأنهم أصحاب حق، وسيؤثر على سُمعتهم وخصوصيتهم». وتابع: «لا يحق لأي لجنة تقديم (القائمة النهائية) لوسائل الإعلام أو الإعلان عنها»، موضحاً أن اللجان «لن تُصوّت، إنما تمنح امتيازات للمرشحين». وأضاف: «جميع القوائم المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي حول المرشحين المختارين من قِبل اللجان، كاذبة».

ولفت ظریف إلى أن كل اللجان الخمس ستقدم أسماء مرشحيها في نهاية يوم الثلاثاء المقبل، مشدداً على أن «الرئيس يمكنه أن يختار مرشحه لأي من الوزارات، من القوائم أو يختار مرشحه النهائي من خارج القوائم». وأضاف: «اللجنة التوجيهية سينتهي عملها بعد تشكيل الحكومة، ولن تكون لديها فاعلية أخرى».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تحض واشنطن على ضربة مزدوجة لإيران والحوثيين

شؤون إقليمية أفراد من خدمة الإسعاف الإسرائيلي يشاهدون مكان انفجار صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)

إسرائيل تحض واشنطن على ضربة مزدوجة لإيران والحوثيين

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب عن جهود حثيثة لإقناع الإدارة الأميركية بوضع خطة لتنفيذ ضربة عسكرية واسعة ومزدوجة تستهدف الحوثيين في اليمن وإيران في الوقت ذاته.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي من لقاء مع أنصاره اليوم

خامنئي: ليس لدينا «وكلاء» في المنطقة

قال المرشد الإيراني، علي خامنئي، إن بلاده ليس لديها «وكلاء» في المنطقة، مشدداً على أنها «ستتخذ أي إجراء بنفسها دون الحاجة إلى قوات تعمل بالنيابة».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
المشرق العربي اللواء حسين سلامي (الثاني من اليسار) والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (مهر)

طهران تسارع لبناء علاقات مع القيادة الجديدة في دمشق

تحاول الحكومة الإيرانية استعادة بعض نفوذها مع القادة الجدد في سوريا، حيث تواجه طهران صدمة فقدان سلطتها المفاجئ في دمشق عقب انهيار نظام بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شمال افريقيا وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

أرسلت إيران إشارات جديدة تستهدف تعزيز مسار «العلاقات الاستكشافية» مع مصر، بعدما أجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، جولة داخل مساجد «آل البيت» في القاهرة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شؤون إقليمية المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي (أرشيفية - وكالة مهر الإيرانية)

إيران تدين مقتل موظف بسفارتها في دمشق

أدان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، مقتل سيد داوود بيطرف، الموظف المحلي في سفارة إيران بدمشق.


28 قتيلاً فلسطينياً في غزة... وجباليا مدينة أشباح

TT

28 قتيلاً فلسطينياً في غزة... وجباليا مدينة أشباح

فلسطينيون يحاولون إسعاف مواطن أصيب بغارة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحاولون إسعاف مواطن أصيب بغارة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

قُتل 28 فلسطينياً على الأقل، بينهم أطفال ونساء، في غارات عدة شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي ليل السبت - الأحد في قطاع غزة، استهدفت إحداها منزل عائلة واحدة، ومدرسة تؤوي نازحين قال الجيش الإسرائيلي إن «حماس» تستخدمها.

وكثّف الطيران الحربي غاراته على جباليا في شمال قطاع غزة، ما حولها إلى مدينة أشباح. وجاء هذا وسط انتقادات إسرائيلية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشن سياسة متناقضة تشمل تصعيداً ميدانياً، وفي الوقت ذاته إدارة مفاوضات لإبرام صفقة تشمل إطلاق سراح الأسرى المحتجزين في غزة. وينتقد أهالي الأسرى نتنياهو بالتخلي عنهم.

مسعفون ينقلون فلسطينياً أصيب بغارة إسرائيلية على سيارة بعد وصوله لتلقي الرعاية في المستشفى الأهلي العربي بمدينة غزة الأحد (أ.ف.ب)

وقال الناطق باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل إن الدفاع المدني أحصى «28 شهيداً وعشرات المصابين، إثر مواصلة الاحتلال للعدوان والقصف الجوي والمدفعي على قطاع غزة الليلة الماضية وصباح الأحد»؛ حسبما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية».

نساء وأطفال ضمن الضحايا

وأوضح أنه «تم نقل 4 شهداء وعدد من المصابين إثر استهداف طائرة مسيّرة إسرائيلية سيارة مدنية في شارع الجلاء في مدينة غزة، ونقلوا إلى مستشفى المعمداني» في المدينة. وأضاف أن «13 شهيداً سقطوا في استهداف الطيران الحربي الليلة الماضية منزلاً مكوّناً من ثلاثة طوابق في دير البلح وسط القطاع»، مشيراً إلى أن غالبية القتلى من عائلة «أبو سمرة، وبينهم ثلاث نساء وأطفال». وتابع: «8 شهداء على الأقل، وعدد من المصابين سقطوا في مدرسة موسى بن نصير التي تؤوي آلاف النازحين في حي الدرج» في شمال شرقي مدينة غزة. وأضاف: «تم انتشال جثث 3 شهداء جميعهم في العشرينات من العمر، نتيجة قصف إسرائيلي استهدف منزلاً في شرق مدينة رفح» بجنوب قطاع غزة.

طفل فلسطيني يجري بين أنقاض منزل مدمر وسيارات متضررة في أعقاب غارات إسرائيلية على دير البلح وسط قطاع غزة الأحد (إ.ب.أ)

«ضربة دقيقة»

من جانبه، أكد الجيش الإسرائيلي تنفيذ «ضربة دقيقة» خلال الليل استهدفت مسلحين من (حماس) يعملون هناك. وأفاد بيان عسكري بأن «مركز قيادة وسيطرة لـ(حماس)... كان داخل» مجمع المدرسة في شرق المدينة، مضيفاً أنه استخدم «للتخطيط وتنفيذ هجمات إرهابية» ضد القوات الإسرائيلية.

وتتصاعد في إسرائيل الانتقادات لسياسة رئيس الوزراء، على أساس أن حكومته تدير عمليات حربية في قطاع غزة تلائم «خطة الجنرالات»، وتشمل تسوية المباني بالأرض في المناطق الشمالية، وترحيل آخر من تبقى ممن يعيش فيها، وهو ما يشجع على عودة الاستيطان اليهودي إليها. كما تدعم الحكومة مشاريع اليمين لتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية، عبر إجراءات «قانونية» لمصادرة الأرض، وهدم البيوت الفلسطينية حتى في المناطق الخاضعة رسمياً للسلطة الفلسطينية، وتنفيذ عمليات ترحيل جماعي في عدة مناطق بشكل عام وفي مخيمات اللاجئين بشكل خاص، وتضع برامج تفصيلية تمهيداً لضم المستوطنات، ووضعها تحت السيادة الإسرائيلية.

فلسطينيون ينظرون إلى موقع غارة إسرائيلية على منزل في دير البلح بوسط قطاع غزة الأحد (رويترز)

«مدينة أشباح»

وحتى بحسب بيانات الجيش، تجري هذه العمليات بطريقة جذرية ومثابرة، كما لو أنه لا توجد مفاوضات. فمثلاً، يكشف الجيش الإسرائيلي أنه تمكن من تدمير مخيم جباليا شمال غزة، وخلال عملياته التي بدأت في 6 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، هدم بالكامل 70 في المائة من مباني المخيم، وتم إجلاء نحو 96 ألف شخص فلسطيني بالقوة من المخيم، وقتل أكثر من 2000 فلسطيني، معظمهم، حسب الجيش، من المسلحين، وتم اعتقال نحو 1500 شخص. ولم يبق في المخيم المدمر سوى 100 عنصر من «حماس»، والعدد نفسه من المدنيين، يختبئون بين الأنقاض. وأصبحت جباليا مدينة أشباح، تُشاهد فيها فقط قطعان الكلاب التائهة التي تبحث عن بقايا جثث آدمية للطعام.

ويرى المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، أن الثمن الذي دفعه الجيش الإسرائيلي في هذه المنطقة خلال الشهرين الماضيين هو مقتل 35 جندياً وإصابة المئات، وهو ما جعل الجيش يتبع طريقة عمل مختلفة، أكثر بطئاً وحذراً، وأضخم دماراً وأقل إصابات. وما دام تجري مفاوضات لوقف النار، فإن الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته بشراسة، على أساس أن هذه العمليات تشكل ضغطاً على قيادة «حماس»، حتى تقدم مزيداً من التنازلات. وفي هذه الأثناء، يرتفع الثمن الذي يُدفع من الطرفين.

وقال النائب الإسرائيلي بيني غانتس، وزير الدفاع الأسبق في حكومتين سابقتين تحت قيادة نتنياهو، إنه يلمس بشكل واضح أن الحكومة لا تنوي إعادة كل المخطوفين. وأضاف، في بيان مصور، أن نتنياهو لا يكترث لحقيقة أن 80 في المائة من الشعب يؤيد صفقة شاملة توقف الحرب، وتنهي ملف الأسرى، ويسعى الآن إلى إجهاض الصفقة، كما فعل عدة مرات خلال الشهور الأخيرة. فبعدما تتقدم المفاوضات وتقترب من نهايتها الإيجابية نراه يخربها في اللحظة الأخيرة، لأغراضه الحزبية.

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الأحد، عن مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع أبلغ عائلات المحتجزين بأن «الأيام المقبلة بالغة الأهمية من حيث تأثيرها على مصير الرهائن، فهناك صفقة تبادل أسرى جزئية، ولا تشمل التزاماً إسرائيلياً واضحاً بمواصلة المفاوضات مع (حماس) لاحقاً، ووقف الحرب على غزة، وهي أيضاً ليست قريبة كما يوهمونكم، ولن تُنفذ حتى نهاية العام، وثمة احتمال كبير ألا تنفذ حتى نهاية ولاية الإدارة الأميركية الحالية، في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل. وإذا نفذت فسوف تشمل في أحسن الأحوال 50 شخصاً من المخطوفين، فإذا كان هناك احتمال ما لتغييرها إلى صفقة واحدة، فإن هذا سيحدث فقط إذا أطلقتم صرخة كبيرة. وإذا لم يحدث هذا الآن، فإن وضع الرهائن قد يبقى عالقاً لأشهر طويلة جداً».

وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو، يتخوف من أن صفقة كاملة، تشمل تنفيذ مطالب «حماس» بوقف الحرب، ستؤدي إلى نهاية ولاية حكومته، إثر معارضة الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، لوقف الحرب.

وقال رجل الأعمال يونتان زايغن، الذي قتلت والدته المسنة فيفيان سلبر (74 عاماً)، خلال هجوم «حماس» في 7 أكتوبر 2023 إن «الحكومة تفرط العقد المبرم منذ 76 عاماً بين الدولة والمواطنين، فتضع قيمة حياة المواطنين بعد قيمة كرسي رئيس الحكومة».

ووالدة زايغن كانت معروفة بقيادتها نضالات كثيرة في إسرائيل من أجل السلام، ووقفت على رأس حركة «نساء يصنعن السلام»، التي كانت تساعد المرضى من أهل غزة في المستشفيات الإسرائيلية. وبعد أن قتلها رجال «حماس»، قرّر زايغن أن يواصل كفاحها لأجل السلام، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني شيء، و«حماس» شيء آخر. ويسعى إلى «إعادة صوت السلام إلى الأجندة الإسرائيلية بعدما أغرقناه في بحر الدماء»، وقال إن «الإسرائيليين يخرجون إلى الحرب من خلال القناعة بأنها السبيل الوحيد لأمنهم. ولكن ما يجري اليوم يبدو مختلفاً». وأضاف: «هناك شيء يقف أمامي كل صباح، هو السؤال الذي يفرض نفسه على أي شخص قتل له عزيز أو أنه هو نفسه اضطر أو اختار أن يقتل. من أجل ماذا؟ على مدى التاريخ، بعد انتهاء المعارك وبعد النتيجة المحتمة لنهاية كل نزاع طويل، فإن القاتل وعائلة المقتول يقومان بالبكاء ويطرحان الأسئلة: لأجل ماذا؟ وبعد التوقيع على الاتفاق يخلق ذلك واقعاً جديداً يصبح السؤال: لماذا الآن بعد الخسارة؟ لماذا ليس قبلها، عندما كان الجميع ما زالوا على قيد الحياة ونفسيتنا لم تفسد؟».