تركيا لإنشاء «ممر أمني» على طول الحدود مع العراق وسوريا

المعارضة تتهم الحكومة بالتغيير الديموغرافي في مناطق الأكراد

إردوغان طالب حلفاء «الناتو» بوقف التعاون مع المسلحين الأكراد في سوريا (الرئاسة التركية)
إردوغان طالب حلفاء «الناتو» بوقف التعاون مع المسلحين الأكراد في سوريا (الرئاسة التركية)
TT

تركيا لإنشاء «ممر أمني» على طول الحدود مع العراق وسوريا

إردوغان طالب حلفاء «الناتو» بوقف التعاون مع المسلحين الأكراد في سوريا (الرئاسة التركية)
إردوغان طالب حلفاء «الناتو» بوقف التعاون مع المسلحين الأكراد في سوريا (الرئاسة التركية)

أكد وزير الدفاع التركي، يشار غولر، أن بلاده عازمة على إنشاء «ممر أمني» بعمق 30 إلى 40 كيلومتراً على طول الحدود مع العراق وسوريا وتطهير المنطقة من «الإرهابيين». في حين قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إن من يعتقدون أن بإمكانهم إقامة «دولة إرهابية» على الحدود الجنوبية لتركيا يعيشون حلماً بعيد المنال.

وشدد غولر، في تصريحات على هامش قمة «الناتو» التي حضرها ضمن الوفد المرافق لإردوغان، على أن القوات التركية ستواصل عملياتها في شمال سوريا والعراق حتى يتم القضاء على آخر إرهابي.

بدوره، قال مستشار الإعلام والعلاقات العامة بوزارة الدفاع التركية زكي أكتورك، في إفادة صحافية، الخميس، إن حدود تركيا محمية بأكثر الإجراءات صرامةً في تاريخها، مشيراً إلى أنه تم القبض على 338 شخصاً كانوا يحاولون عبور الحدود بشكل غير قانوني في الأسبوع الماضي، وأن 3 من الذين قُبض عليهم كانوا أعضاء في منظمة إرهابية.

تحقيقات قيصري

في الإطار ذاته، كشفت تحقيقات الشرطة التركية عن أن بعض الحسابات التي حرضت على أحداث العنف ضد اللاجئين السوريين بعد مزاعم عن تحرش شاب سوري بطفلة صغيرة من أقاربه في ولاية قيصري (وسط تركيا)، مرتبطة بتنظيمي «حزب العمال الكردستاني - اتحاد المجتمعات الكردستانية» و«فتح الله غولن» الإرهابيين.

الحرائق التي أشعلها أتراك غاضبون في قيصري (إكس)

وقالت مصادر أمنية تركية، الخميس، إن حسابات مؤيدة للتنظيمين المذكورين تداولت منشورات استفزازية ومضللة حول الأحداث التي استمرت في 22 ولاية تركية، في مقدمتها: هطاي، وغازي عنتاب، وقونيا، وبورصة وإسطنبول، إلى جانب المناطق الخاضعة لسيطرة القوات التركية والجيش الوطني السوري الموالي لأنقرة في شمال سوريا، وإن بعض مستخدمي تلك الحسابات لهم صلات بأفراد في الولايات المتحدة وألمانيا.

إردوغان طالب حلفاء «الناتو» بوقف التعاون مع المسلحين الأكراد في سوريا (الرئاسة التركية)

وانتقدت تركيا الدعم الغربي المقدم للمسلحين الأكراد في شمال سوريا. وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في مقابلة مع مجلة «نيوزويك» الأميركية، إن من يعتقدون أن بإمكانهم إقامة «دولة إرهابية» في المنطقة على الحدود الجنوبية لتركيا يعيشون حلماً بعيد المنال لن يتحقق أبداً.

وأكد أن هدف تركيا الأساسي هو أن تكون الأراضي السورية خالية تماماً من الإرهاب، وأن تصبح دولة مزدهرة يحكمها السوريون.

وفي إشارة إلى الدعم المقدم من بعض دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى «وحدات حماية الشعب الكردية»، خاصة من الولايات المتحدة التي تعتبرها حليفة في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي، حث إردوغان دول الحلف على تبني «نهج متسق» في مكافحة الإرهاب.

وأضاف في تصريحات، على هامش مشاركته في القمة الـ75 لـ«الناتو» في واشنطن، نقلتها وسائل الإعلام التركية، الخميس، أن «أهم ما تتطلع إليه تركيا من حلفائها في (الناتو) هو أن يتبنوا نهجاً غير مزدوج المعايير في مكافحة الإرهاب، وأن يدركوا أنه لا يمكنهم محاربة تنظيم إرهابي (داعش) من خلال التعاون مع آخر (الوحدات الكردية)».

انتقادات لسياسة الحكومة

في سياق متصل، شهد البرلمان التركي، الخميس، تراشقاً حاداً خلال مناقشة مقترح مقدم من حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، تحت عنوان: «التحقيق في المشاكل الناجمة عن سياسة تركيا الخاطئة في سوريا وحلولها».

عناصر «قسد» فوق مدرعة أميركية في شمال شرقي سوريا وسط انتقادات تركيا للدعم الأميركي للقوات الكردية (إكس)

وقال نائب أنقرة من حزب «الجيد» القومي، كورشاد زورلو: «نتابع الوضع الحالي في الشمال السوري والأحداث التي شهدتها سوريا منذ اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، وشاهدنا أخطاء الحكومة التركية السياسية، لكن اليوم قضية اللاجئين والتطورات الحالية في شمال سوريا بحاجة إلى دراسة شاملة».

وأضاف أن هناك خطر نشوء ممر إرهابي على حدود البلاد الجنوبية، وتركيا ملزمة بالقضاء على هذا الخطر.

من جهتها، حمّلت نائبة رئيس المجموعة البرلمانية لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، غولشان كيليتش كوتش يغيت، الحكومة المسؤولية عن النتائج التي أدت إليها السياسة الخاطئة التي اتبعتها منذ عام 2011، والتي قالت إنها قادت تركيا إلى مأزق سياسي واجتماعي كبير. وعدت أن أكبر ضمان لأمن تركيا اليوم هو تحقيق السلام مع الأكراد.

وتساءل نائب حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، عن مدينة ديار بكر ذات الغالبية الكردية في جنوب شرقي تركيا، سيزجين تانري كولو، عن السياسة التي اتبعتها الحكومة وعملية التغيير الديموغرافي التي قامت بها في عفرين ورأس العين وغيرهما من المدن في شمال وشمال شرقي سوريا حيث دفعت الآلاف إلى مغادرة منازلهم الموجودة هناك منذ آلاف السنين.

وقال موجهاً خطابه إلى نائب رئيس المجموعة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، عبد الحميد غل: «لقد استبدلتم بالأكراد أعضاء تنظيمات (القاعدة)، و(جبهة النصرة)، و(أحرار الشام)، و(غزاة الجيش السوري الحر)».

وأضاف: «ماذا حدث في نهاية المطاف؟ تريدون تطوير العلاقات مع الأسد، وأن يلتقي به إردوغان على مستوى العائلتين كما كان من قبل، لقد أحرق السوريون في مناطق سيطرة القوات التركية علم تركيا، وهاجموا المركبات العسكرية، وقالوا: (اتركوا بلدنا، أنتم غزاة). الآن، قمتم بتجريم كافة مطالب الأكراد وتدريب وتجهيز وإطعام الكثير من العناصر الدينية والطائفية و(داعش)، حتى لا يحصل الأكراد على مكانة ولا يكون لهم مستقبل في النهاية».

لا مشكلة مع الأكراد

ورد غل قائلاً: «لا نقبل أبداً توجيه اتهامات ضد حزبنا أو حكومتنا بالعمل جنباً إلى جنب مع (داعش)، أو أي عناصر غير قانونية أخرى، تركيا بلد أظهر قتاله ضد جميع المنظمات الإرهابية الأخرى، بما في ذلك (داعش) وحزب (العمال الكردستاني) وحزب (الاتحاد الديمقراطي) و(وحدات حماية الشعب الكردية)».

وأضاف: «نهجنا هنا هو الحفاظ على البنية الوحدوية لسوريا وضمان وجود الأكراد في جميع المناطق، وبهذا المعنى لن نتردد أبداً في اتخاذ أي موقف ضد أي تنظيم إرهابي يهدد بلادنا».

وتابع: «إنشاء سوريا لسلامها الداخلي وعودة اللاجئين الطوعية والآمنة إلى وطنهم هو نهجنا الأساسي، نحن مستمرون في السياسة التي دافعنا عنها منذ البداية لتوضيح مسألة سوريا والوصول بها إلى نتيجة».


مقالات ذات صلة

روسيا تعتبر انضمام أوكرانيا إلى «الناتو» إعلان حرب

أوروبا قادة دول حلف شمال الأطلسي خلال اجتماعهم في واشنطن الثلاثاء الماضي (د.ب.أ)

روسيا تعتبر انضمام أوكرانيا إلى «الناتو» إعلان حرب

روسيا تعتبر انضمام أوكرانيا إلى الناتو إعلان حرب ضدها، وترفض التكهّنات بشأن نشوب حرب محتمَلة مع الغرب.

أوروبا الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف (أ.ب)

روسيا: تصرف «الناتو» بحكمة قد يمنع دمار الكوكب

قال الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف إن انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو سيكون إعلان حرب على موسكو وإن إظهار الحلف الحكمة هو فقط ما قد يمنع دمار الكوكب.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشارك عبر رابط فيديو في حفل إطلاق منشآت تعدينية جديدة في إقليم دونيتسك الاثنين (رويترز)

الكرملين لا يعارض اتصالات مع واشنطن... و«الناتو» يتحفظ على فكرة «المظلة الجوية»

قال الناطق الرئاسي دميتري بيسكوف: «لا يزال من الممكن إيجاد نقاط التقاء بين روسيا والولايات المتحدة رغم مرور العلاقات ين البلدين بمرحلة مواجهة حادة».

رائد جبر (موسكو)
تحليل إخباري قادة دول حلف شمال الأطلسي خلال اجتماعهم في واشنطن الثلاثاء الماضي (د.ب.أ)

تحليل إخباري ملامح التحالفات في القرن الحادي والعشرين

يُعتبر جسم ما، أو منظومة (System) معيّنة، مستقرّاً، فقط عندما يكون مجموع القوى التي تُمارس عليه مساوياً للصفر. هكذا هي قوّة الأشياء وتأثير الجاذبية.

المحلل العسكري
أوروبا زعماء «الناتو» خلال انعقاد القمة في واشنطن 9 يوليو 2024 (د.ب.أ)

نشر صواريخ أميركية بعيدة المدى في ألمانيا يحيي الحرب الباردة

اتخذ حلف «الناتو» خلال قمته الأخيرة في واشنطن خطوة مهمة للغاية تمثلت في معاودة الولايات المتحدة اعتباراً من عام 2026 نشر صواريخ في ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

أصدقاء إسرائيل في الغرب ينصحونها بكبح سموتريتش

بنيامين نتنياهو وسموتريتش (رويترز)
بنيامين نتنياهو وسموتريتش (رويترز)
TT

أصدقاء إسرائيل في الغرب ينصحونها بكبح سموتريتش

بنيامين نتنياهو وسموتريتش (رويترز)
بنيامين نتنياهو وسموتريتش (رويترز)

تلقّت الحكومة الإسرائيلية رسائل تحذير من عدة «حكومات صديقة» لها في الغرب، بشأن الخطوات التي يقودها وزير المالية والوزير في وزارة الدفاع، بتسلئيل سموتريتش، في الضفة الغربية في السنتين الأخيرتين، ومن بينها إضفاء «شرعية» القانون الإسرائيلي على عدد من البؤر الاستيطانية العشوائية.

ونبّهت تلك الحكومات، حسبما نقلت صحيفة «هآرتس»، إلى أن «الإجراءات ستؤدي إلى مزيد من العقوبات الدولية ضد أشخاص ومنظمات بارزة في حركة الاستيطان»، وأوضحوا أنه «من ضمن أمور أخرى، يتم فحص توسيع العقوبات لتشمل شخصيات في اليمين، من المتورطين في الاعتداء على فلسطينيين، وفرض عقوبات بشكل أكبر على أشخاص ومنظمات ترتبط بالبؤر الاستيطانية في الضفة الغربية».

وقالت مصادر سياسية للصحيفة العبرية إن هذه التحذيرات طُرحت في عدة رسائل، وكذلك في عدة لقاءات، وبينها اللقاءات التي أجراها، بداية الأسبوع، وزير الخارجية البريطاني الجديد، ديفيد لامي، الذي وصل لزيارة أولى له في البلاد منذ تسلّمه منصبه.

والتقى لامي مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، ووزير الخارجية بسرائيل كاتس، ورئيس المعسكر الرسمي بيني غانتس، وتحدّث أمامهم جميعاً عن تخوّف الحكومة الجديدة ببريطانيا فيما يتعلق بسياسة سموتريتش في الضفة الغربية، وقال صراحةً إن هناك إمكانية واقعية أن تستدعي هذه السياسة الرد من حكومات الغرب، الذي قد يشمل «توسيع العقوبات، وحتى المقاطعة».

المعروف أن الحكومة السابقة في بريطانيا، برئاسة حزب المحافظين، فرضت عقوبات على أشخاص في اليمين المتطرف، الذين تتّهمهم بالتورط في أعمال عنف ضد الفلسطينيين، من بينهم نوعام فريدمان، وهو من رؤساء الاستيطان في الخليل، واليشع يريد، الذي كان في السابق مستشاراً لعضو الكنيست ليمور سون هار ميلخ (وهي من حزب بن غفير «عظمة يهودية»).

والانطباع الذي خرج به المسؤولون الإسرائيليون، هو أن الوزير البريطاني الجديد، جاء ليوضح أن الحكومة الجديدة لحزب العمال ستواصل تعميق العقوبات، وأنه طلب من القادة الإسرائيليين أن يأخذوا بجدّية التحذير الذي طرحه، علماً بأن لامي يعتبر من المؤيدين لإسرائيل، مقارنةً بأعضاء حزبه الآخرين.

وذكرت تلك المصادر أن دبلوماسيين كباراً آخرين من دول تعتبر حليفة مقرّبة لإسرائيل، طرحوا أيضاً تقديرات مشابهة في محادثات مع وزراء وسفراء إسرائيل، خصوصاً بعد أن تفاخر سموتريتش في الفترة الأخيرة بأنه تمكّن من إعطاء الشرعية للبؤر الاستيطانية، وبأنه يستغل توسّع التفويض المُعطى له؛ كونه وزيراً ثانياً في وزارة الدفاع والمسؤول عن الاستيطان.

ونقلت المصادر على لسان أحدهم قوله: «النشاطات التي يدفع بها قُدماً سموتريتش تظهر أمام العالم كضَمّ فعلي للضفة الغربية». وأضافت: «دول كثيرة تتشكّك في أنه يستغل الانشغال العالمي بالحرب في غزة؛ لتمرير إجراءات ضم، ونتنياهو يعتمد عليه بالكامل من أجل تمرير قرارات لا تؤيدها أي دولة تؤيد إسرائيل في العالم».

بنيامين نتنياهو وسموتريتش (رويترز)

وكان الاتحاد الأوروبي أعلن، الاثنين، أنه فرض عقوبات على عضوَي اليمين المتطرف بنتسي غوفشتاين وباروخ مارزيل، المقرّبَين من وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وعلى منظمة «الأمر 9»، التي أوقفت شاحنات للمساعدات في طريقها إلى غزة، ونتيجةً لذلك تم فرض عقوبات على المنظمة أيضاً من قِبل الولايات المتحدة.

إضافةً إلى ذلك فرضت حكومة كندا عقوبات في الشهر الماضي على حركة «أمناه»، وهي جهة مهمة ومؤثرة على البناء الاستيطاني في الضفة.

وحسب مصدر في الحكومة الإسرائيلية، فإن هنالك مخاوف جدّية من أن يتم الدمج بين خطوات سموتريتش، والقرار الذي يتوقع أن تنشره في يوم الجمعة «محكمة العدل الدولية» في لاهاي، حول موضوع قانونية الاحتلال في الضفة الغربية، والخوف هو أن تقرّر المحكمة موجة عقوبات أخرى ستتّسع هذه المرة.

وقال المصدر: «الأمل الوحيد الآن هو أنه إذا فاز دونالد ترمب في الانتخابات الأمريكية، فإن جزءاً من العقوبات التي فرضتها إدارة بايدن سيتم إلغاؤها بعد نصف سنة، لكن هذا لن يمنع دولاً أخرى من الاستمرار في العمل في خط مشابه».