جنود عائدون من حرب غزة باعوا أسلحة لعصابات الجريمة في إسرائيل

صواريخ وعبوات ناسفة وقنابل متعددة تستخدم في عمليات الابتزاز

جنود إسرائيليون قرب الحدود مع قطاع غزة اليوم الثلاثاء (رويترز)
جنود إسرائيليون قرب الحدود مع قطاع غزة اليوم الثلاثاء (رويترز)
TT

جنود عائدون من حرب غزة باعوا أسلحة لعصابات الجريمة في إسرائيل

جنود إسرائيليون قرب الحدود مع قطاع غزة اليوم الثلاثاء (رويترز)
جنود إسرائيليون قرب الحدود مع قطاع غزة اليوم الثلاثاء (رويترز)

كشفت مصادر في الشرطة الإسرائيلية عن أن كمية كبيرة من الأسلحة التي استخدمها الجيش أو التي صادرها من حركة «حماس» خلال الحرب على غزة، وصلت إلى عصابات الجريمة المنظمة، وبدأت تُستخدم في حروب العصابات الداخلية وعمليات الابتزاز، ولتأجيج العنف في المجتمع العربي في إسرائيل (فلسطينيي 48).

وقالت هذه المصادر إن هذه الأسلحة تشمل «صواريخ لاو» وقنابل متعددة الأغراض ورشاشات ثقيلة، فضلاً عن المسدسات والرشاشات وغيرها من الأسلحة الخفيفة. وقال رئيس مجلس مكافحة الجريمة العربية في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، المحامي روي كحلون، إن هذه الظاهرة تدل على «عجز دولة إسرائيل عن الحكم». ورأت صحيفة «هآرتس»، الثلاثاء، هذا الواقع دليلاً على فوضى مرعبة تمس بالأمن القومي. وقالت إن عدة مسؤولين أمنيين حذروا أمامها من خطورة ما يجري من فوضى سلاح، تبدأ بجشع مالي بحثاً عن النقود السهلة، وتنتهي بكارثة تحل على المجتمع العربي، وستمتد قريباً وسريعاً إلى المجتمع اليهودي.

ومعروف أن المجتمع العربي في إسرائيل يعاني من انتشار خطير للعنف، تفاقم في السنتين الأخيرتين بشكل كبير ومشبوه، إذ إن عدد ضحايا جرائم العنف بلغ 114 قتيلاً في النصف الأول من سنة 2023، أي ضعفي ما كان عليه الوضع في سنة 2022، قبل أن تتشكل حكومة بنيامين نتنياهو، الذي عيّن المتطرف إيتمار بن غفير في وزارة الأمن الداخلي المسؤولة عن مكافحة العنف. وما يثير الشكوك بأن الظاهرة ناجمة عن سياسة مخططة، هو أن الشرطة الإسرائيلية، التي تتمتع بقدرات عالية وتمتلك تكنولوجيا متطورة، لم تفك رموز 90 في المائة من عمليات القتل هذه، أي أن هناك عشرات القتلة الذين نفذوا جرائمهم ويعيشون طلقاء بحثاً عن الجريمة المقبلة.

إيتمار بن غفير مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال جلسة في الكنيست (دب.أ)

وقال معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، في دراسة نشرت مطلع الأسبوع، إن «المنظمات الإجرامية سيطرت على المجتمع العربي في إسرائيل، وأصبحت تعدّ الجهات القانونية والتنفيذية في قرارات التحكيم، وتدير مسائل المحسوبيات وتحصيل رسوم الحماية والخوّة (إتاوات)».

وأضاف: «المجتمع العربي في إسرائيل هو أقلية تلتزم بالقانون وتسعى إلى تعميق اندماجها في حياة المجتمع والدولة. إلا أن الجريمة الخطيرة وجرائم القتل الكثيرة التي تحدث فيه، تضعفه كثيراً من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية. إهمال الدولة في التعامل مع الجريمة، وخاصة في العام ونصف العام الماضيين، يتسبب في أزمة عدم ثقة حادة. وقد تؤدي هذه الأزمة إلى تعزيز موقف العناصر المتطرفة المناهضة للدولة في المجتمع العربي، وتؤدي إلى توسيع الدعم الآيديولوجي والعملي لها. وهذا الواقع، بالإضافة إلى وجود كمية كبيرة ومتنوعة من الأسلحة بحوزة التنظيمات الإجرامية ومختلف المجرمين، يشكل تهديداً للمجتمع الإسرائيلي ككل وللأمن القومي. وقد يؤدي إلى انفجار عنيف يتجاوز نطاق المجتمع العربي ويمتد إلى خارج البلدات العربية، ويزعزع الاستقرار والأمن الداخلي». وتابع: «هذه المخاطر تتطلب تغييراً كاملاً وسريعاً في الاتجاه. يجب على الحكومة وسلطات إنفاذ القانون أن تعترف بهذا التهديد الأمني الاستراتيجي، بل يجب التعامل معه بوصفه أولوية خلال الحرب المستمرة، من خلال تنفيذ الخطط الخمسية القائمة لمكافحة الجريمة وتعزيز قدرات الشرطة، بما في ذلك في مجال أدوات المراقبة، وفي المجال التكنولوجي والقانوني، والتي تعدّ مطلوبة لجمع الأدلة وتعزيز التحقيقات الجنائية».

وقال رئيس مجلس مكافحة الجريمة والعنف في مكتب رئيس الوزراء، المحامي روي كحلون، الذي تم تعيينه في منصبه في أغسطس (آب) 2023، ونشر في أوائل عام 2024 مقترحاً مفصلاً لخطة التعامل مع قضايا القتل والتهديدات الناجمة عنها، إن مكافحة الظاهرة ممكنة. وقدم الخطة إلى جهاز الأمن العام، والشرطة الإسرائيلية، ومجلس الأمن الوطني، وجهات أخرى. وتقترح هذه الخطة، المنشورة على الملأ، تعريف حيازة الأسلحة غير القانونية على أنها جريمة أمنية، بناء على المخاطر الناشئة عن سلاح يخلق خطراً خاصاً (مثل «سلاح القتل الجماعي»). ووفقاً لمعايير مختلفة، سيتم بموجبها تعريف حيازة السلاح على أنه يخلق خطراً أمنياً بهدف السماح باتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة ضد المنظمات الإجرامية والمجرمين.

ومع ذلك، فإن الاقتراح الذي قدمه لم يصبح خطة عملية بعد. وفي إطار التوجه العام، لم تقم الحكومة منذ تأسيسها وحتى الآن، بصياغة سياسة شاملة للحد من ظاهرة انتشار الأسلحة غير القانونية ومكافحة الجريمة وجرائم القتل في المجتمع العربي. فالميزانيات المخصصة للبرامج الخمسية المعدة للتعامل مع العنف والجريمة، قام وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش بتجميدها.


مقالات ذات صلة

غانتس يخسر عشرات آلاف الأصوات ويبتعد عن رئاسة الحكومة

المشرق العربي ملصق انتخابي يحمل صورتَي نتنياهو وغانتس خلال المنافسات الانتخابية في مارس عام 2021 (رويترز)

غانتس يخسر عشرات آلاف الأصوات ويبتعد عن رئاسة الحكومة

أظهرت نتائج ثلاثة استطلاعات للرأي العام الإسرائيلي أن غالبية الإسرائيليين تؤيد قرار بيني غانتس الانسحاب من الحكومة، وتؤيد طلبه إجراء انتخابات مبكرة.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية جانب من الاحتجاجات ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على طريق القدس - تل أبيب الثلاثاء (د.ب.أ)

تصعيد كبير في المظاهرات الاحتجاجية ضد حكومة نتنياهو

شهدت الاحتجاجات ضد حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تصعيداً بالساعات الماضية في ظل مطالب بتنظيم انتخابات مبكرة تعيد «مفتاح الحكم» إلى الشعب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي بنيامين نتنياهو وقادة إسرائيليون يشاركون في مراسم إحياء ذكرى قتلى إسرائيل في المقبرة العسكرية بالقدس الاثنين (أ.ب)

يوم قتلى إسرائيل... عائلات الأسرى تستقبل نتنياهو ووزراءه بإهانات

أحدثت عائلات الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة تشويشاً كبيراً، الاثنين، خلال إحياء إسرائيل ذكرى قتلى الحروب التي خاضتها.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي نزوح من خان يونس في اتجاه جنوب قطاع غزة بأمر من الجيش الإسرائيلي (أ.ف.ب)

«فلسطينيو 48» يحيون ذكرى نكبتَين تفصل بينهما 76 سنة

تستعد القوى السياسية للمواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48) لإحياء الذكرى السنوية الـ76 للنكبة، بمسيراتها السنوية إلى القرى المهجّرة، التي تحل هذه السنة غداً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أطفال فلسطينيون في رفح بجنوب قطاع غزة اليوم الجمعة (أ.ف.ب)

اعتقال محاضرة عربية في الجامعة العبرية بالقدس... وإطلاقها

بعد اعتقال استمر يوماً كاملاً، قرّرت المحكمة المركزية في القدس، الجمعة، إطلاق سراح محاضرة عربية موقوفة بشبهة «التحريض على العنصرية والإرهاب».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

نتنياهو يرسل وفداً إسرائيلياً للتفاوض على اتفاق حول الرهائن

صورة أرشيفية للقاء يجمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
صورة أرشيفية للقاء يجمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

نتنياهو يرسل وفداً إسرائيلياً للتفاوض على اتفاق حول الرهائن

صورة أرشيفية للقاء يجمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
صورة أرشيفية للقاء يجمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء أبلغ الرئيس الأميركي جو بايدن قراره بإرسال وفد لمواصلة المفاوضات بشأن المحتجَزين في غزة.

وأضاف بيان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن نتنياهو أكد لبايدن مجدداً، خلال اتصال هاتفي، أن إسرائيل لن تُنهي الحرب إلا بعد «تحقيق جميع أهدافها»، وفقاً لوكالة «رويترز».

من جانبه، قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ناقشا أحدث رد من حركة «حماس» بشأن وقف إطلاق النار في غزة وتبادل المحتجَزين.

وأضاف البيت الأبيض، في بيان، أن بايدن رحّب بقرار نتنياهو السماح للمفاوضين الإسرائيليين بالتعامل مع الوسطاء الأميركيين والقطريين والمصريين؛ في محاولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

وأشار إلى أن بايدن ونتنياهو رحّبا بالاجتماع، المقرر عقده في 15 يوليو (تموز) الحالي، بين فريقي الأمن القومي للبلدين.

وأفادت «القناة الـ12» الإسرائيلية بأن رئيس جهاز الموساد «جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية»، يوسي كوهين، سيقود وفد محادثات المحتجَزين.

وأكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الأربعاء، أن إسرائيل تلقت رد «حماس» على مقترح أعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن، في أواخر مايو (أيار) الماضي، سيتضمن الإفراج عن نحو 120 رهينة محتجَزين في غزة، ووقف إطلاق النار في القطاع الفلسطيني.

وذكر مسؤولون أمنيون في تل أبيب، للإذاعة الإسرائيلية العامة، أن «هذا أفضل ردّ جرى تقديمه من (حماس) حتى الآن، ويشكل أساساً للمُضي قُدماً بالمفاوضات».

وتتوسط مصر وقطر في جهود إنهاء الصراع، المستمر منذ قرابة تسعة أشهر، وعُقدت جولات من المحادثات في كلا البلدين. وقال مصدر فلسطيني مقرَّب من جهود الوساطة، لـ«رويترز»، إن «حماس» أبدت مرونة بشأن بعض البنود، وسيسمح ذلك بالتوصل إلى اتفاق إطاري إذا وافقت إسرائيل. ولم يردَّ مسؤولان من «حماس» بعدُ على طلبات للتعليق.

وتقول «حماس» إن أي اتفاق لا بد أن يُنهي الحرب المستمرة منذ قرابة تسعة أشهر، وأن يؤدي إلى الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة. وتُصرّ إسرائيل على أنها لن تقبل سوى هُدَن مؤقتة فحسب في القتال حتى القضاء على «حماس».

وتشمل الخطة الإفراج التدريجي عن رهائن من الإسرائيليين، الذين لا يزالون محتجَزين في غزة، وانسحاب القوات الإسرائيلية خلال المرحلتين الأوليين، بالإضافة إلى إطلاق سراح سجناء فلسطينيين. وستتضمن المرحلة الثالثة إعادة إعمار القطاع الذي دمّرته الحرب، وإعادة رفات الرهائن الذين لقوا حتفهم.