جليلي... متشدد يعارض التقارب مع الغرب

مرشح الرئاسة الإيرانية شديد الولاء لخامنئي

المرشح الرئاسي الإيراني سعيد جليلي يتحدث خلال حملة انتخابية في طهران (رويترز)
المرشح الرئاسي الإيراني سعيد جليلي يتحدث خلال حملة انتخابية في طهران (رويترز)
TT

جليلي... متشدد يعارض التقارب مع الغرب

المرشح الرئاسي الإيراني سعيد جليلي يتحدث خلال حملة انتخابية في طهران (رويترز)
المرشح الرئاسي الإيراني سعيد جليلي يتحدث خلال حملة انتخابية في طهران (رويترز)

يعدّ سعيد جليلي المرشّح المحافظ المتشدّد الذي تأهل إلى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية معارضاً شرساً لأي تقارب بين إيران والغرب، وغالباً ما يهتف مناصروه خلال تجمّعاته الانتخابية «لا مساومة ولا استسلام» في وجه الولايات المتحدة والبلدان الغربية.

وتوسّمت فيه صورة المفاوض المتصلّب الموقف في وجه الغرب الذي يخشى في المقام الأوّل حيازة إيران السلاح الذرّي.

وسيسعى جليلي، أحد المقربين بشدة للمرشد علي خامنئي، في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية في إيران، إلى حل المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في البلاد من خلال الالتزام الصارم بالمثل التي يصر عليها التيار المحافظ.

وتعرض جليلي لهزيمة بفارق ضئيل في الجولة الأولى من الانتخابات التي جرت الجمعة، وباشر مقربوه العمل على لمّ شمل معسكر المحافظين لهزيمة المرشّح الإصلاحي مسعود بزشكيان في الدورة الثانية والحاسمة من الانتخابات المزمع تنظيمها في الخامس من يوليو (تموز). ويسعى الرجل الذي آثر الابتعاد عن الأضواء إلى الإقناع بأنه الأجدى بإدارة الحكومة متبعاً الخطوط التوجيهية التي يضعها خامنئي صاحب الكلمة الفصل في إيران.

إيرانية تؤيد جليلي تحمل صورته خلال تجمع حاشد أمام جامعة طهران (أ.ف.ب)

ويصف جليلي نفسه بأنه «مؤمن ملتزم بولاية الفقيه»، ويبدو أن دفاعه القوي عن الثورة التي اندلعت قبل 45 عاماً كان يهدف إلى جذب الناخبين المحافظين والمتدينين من ذوي الدخل المنخفض، لكنه لم يجذب كثيراً الشبان وسكان المناطق الحضرية المحبطين من القيود المفروضة على الحريات السياسية والاجتماعية، حسب «رويترز».

وكان جليلي (58 عاماً)، كبير المفاوضين النوويين السابق، واحداً من أربعة مرشحين في الانتخابات لخلافة إبراهيم رئيسي الذي لقي حتفه في حادث تحطم طائرة هليكوبتر في مايو (أيار).

وهو حالياً عضو في مجلس تشخيص مصلحة النظام، وأحد ممثلي المرشد الإيراني في المجلس الأعلى للأمن القومي.

ويثير جليلي مخاوف كثيرين في الداخل الإيراني، خصوصاً الأوساط المؤيدة للاتفاق النووي، بسبب مواقفه المناهضة للغرب. ويحذر محللون من احتمال حدوث تحول أكثر عدائية في السياسة الخارجية والداخلية لطهران، إذا فاز جليلي بمنصب الرئاسة.

والسياستان الخارجية والنووية من اختصاص خامنئي الذي يتولى القيادة العليا للقوات المسلحة ويتمتع بسلطة إعلان الحرب ويعين كبار المسؤولين ومنهم قادة القوات المسلحة ورؤساء الهيئات القضائية ووسائل الإعلام الحكومية. غير أن بإمكان الرئيس التأثير في نهج البلاد فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والداخلية.

ونسبت «رويترز»، الأسبوع الماضي، إلى مصادر مطلعة ومحللين، أن خامنئي (85 عاماً) يطمح إلى فوز رئيس للبلاد شديد الولاء له وقادر على إدارة الأعمال اليومية للحكومة حتى يكون حليفاً موثوقاً يمكنه ضمان الاستقرار وصولاً إلى من سيخلفه في منصب المرشد الثالث.

نهج شديد الصرامة

انتقد جليلي بشدة الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع القوى الكبرى في عام 2015، في عهد الرئيس المعتدل حسن روحاني بعد أن تفاوضت حوله من الجانب الإيراني مجموعة من المسؤولين البراغماتيين المنفتحين على الوفاق مع الغرب.

وقال جليلي إن الاتفاق «انتهك الخطوط الحمراء» لطهران مع القبول بـ«عمليات تفتيش غير معهودة» للمواقع النووية الإيرانية.

وسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في عام 2018، وأعاد فرض عقوبات أصابت الاقتصاد الإيراني بالشلل. وتخبو آمال إحياء الاتفاق مع احتمال عودة ترمب إلى البيت الأبيض بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) وفوز جليلي المحتمل في الانتخابات.

وشغل جليلي قبل الاتفاق النووي منصب كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين لمدة 5 سنوات اعتباراً من 2007، وهي الفترة التي اتبعت فيها طهران نهجاً تصادمياً شديد الصرامة في المناقشات مع القوى العالمية حول برنامجها لتخصيب اليورانيوم.

وأصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في تلك السنوات 6 قرارات ضد إيران، في حين أخفقت محاولات عدة لحل الخلافات.

وتعرض جليلي، خلال الحملة الانتخابية الحالية، لانتقادات شديدة في مناظرات على التلفزيون الحكومي من مرشحين آخرين بسبب موقفه المتشدد إزاء الملف النووي ومعارضته توقيع طهران على اتفاقين بشأن الجرائم المالية أوصت بهما فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية، وهي هيئة دولية لمراقبة هذا النوع من الجرائم.

ويرى بعض المحافظ المتشددين، مثل جليلي، أن من شأن قبول اتفاقية «فاتف» الدولية المعنية بمكافحة تمويل الإرهاب واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية أن يعوق دعم إيران لوكلائها شبه العسكريين في جميع أنحاء المنطقة، ومنهم جماعة «حزب الله» اللبنانية.

أحد أبناء الثورة

يطمح جليلي إلى شغل منصب الرئيس منذ سنوات. واحتل المركز الثالث في السباق الرئاسي عام 2013، الذي احتلّ فيه المرتبة الثالثة مع 11 في المائة من الأصوات. وفي 2017 و2021، انسحب من السباق الرئاسي دعماً لإبراهيم رئيسي.

جليلي يصل للإدلاء بصوته في مركز اقتراع وخلفه محسن منصوري رئيس حملته والنائب التنفيذي للرئيس الراحل إبراهيم رئيسي (رويترز)

وُلد جليلي في 1965 بمدينة مشهد، المعقل الثاني للمحافظين، ومسقط رأس المرشد الإيراني، وكذلك الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي ورئيس البرلمان محمد باقر قاليباف.

فقد جليلي ساقه اليمنى في الثمانينات في القتال خلال الحرب الإيرانية العراقية وانضم إلى وزارة الخارجية في عام 1989، وعلى الرغم من آرائه المتشددة، فإنه يتحدث بأسلوب هادئ.

وحصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة الإمام الصادق التي أخذت مكان فرع «هارفارد» في إيران وأصبحت مركز تدريب القادة الإيرانيين والتي يعين مجلس إدارتها المرشد الإيراني.

وعمل جليلي في مكتب خامنئي لمدة 4 سنوات بدأت في 2001، وعندما انتُخب الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد رئيساً في عام 2005، اختار جليلي مستشاراً له ثم عيّنه في غضون شهور نائباً لوزير الخارجية.

وتولى جليلي في عام 2007 منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وهو المنصب الذي جعله تلقائياً كبير المفاوضين النوويين.

جليلي وسليماني

ومع انطلاق الحملة الرئاسية الأخيرة، انتشرت رواية حول تحذيرات منسوبة إلى قاسم سليماني القائد السابق لـ«فيلق القدس» الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري»، بشأن احتمال تولي جليلي منصب الرئاسة.

وقال وزير الخارجية الأسبق محمد جواد ظريف في خطاب انتخابي، الأسبوع الماضي: «الجنرال سليماني قال (إذا أصبح جليلي رئيساً فلن أبقى يوماً واحداً في فيلق القدس)».

سليماني يهمس في أذن جليلي على هامش مناسبة (أرشيفية - إيسنا)

وكان ظريف يشير إلى الرواية التي وردت على لسان النائب المتشدد مجتبى ذو النوري، متحدثاً عن موقف سليماني من جليلي. وانتشرت الرواية قبل 3 أعوام لكنها عادت للواجهة في الأيام الأخيرة.

ونفى الجنرال رحيم نوعي أقدم، عضو «فيلق القدس»، بشدة الرواية المذكورة. ونقل موقع «جماران» قوله إن «هكذا تصريحات لا تليق بالجنرال سليماني، لا يمكن أن يدلي بتصريحات من هذا النوع».


مقالات ذات صلة

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

شؤون إقليمية رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

توقع مسؤول إيراني بارز تغيّر المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الربع السنوي في فيينا play-circle 01:24

دول غربية تدعو إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت دول غربية إيران إلى «تدمير اليورانيوم 60 % فوراً»، فيما رجحت تقارير أن يصوت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قرار ضد إيران غداً الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية مسيرات انتحارية من طراز «شاهد 136» خلال العرض العسكري السنوي للجيش الإيراني بطهران (تسنيم)

تقرير: إيران تخفي برامج الصواريخ والمسيرات تحت ستار أنشطة تجارية

قالت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية إن إيران لجأت إلى قطاعها التجاري لإخفاء تطويرها للصواريخ الباليستية، في خطوة للالتفاف على العقوبات الدولية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تقرير: إسرائيل لا ترى إمكانية التفاوض مع «حماس» إلا بعد الاتفاق مع «حزب الله»

صور للمحتجَزين لدى «حماس» (رويترز)
صور للمحتجَزين لدى «حماس» (رويترز)
TT

تقرير: إسرائيل لا ترى إمكانية التفاوض مع «حماس» إلا بعد الاتفاق مع «حزب الله»

صور للمحتجَزين لدى «حماس» (رويترز)
صور للمحتجَزين لدى «حماس» (رويترز)

قال أحد أعضاء فريق التفاوض لعائلات الرهائن الإسرائيليين لدى «حماس»، خلال اجتماع هذا الأسبوع، إن التفاوض بشأن الرهائن الإسرائيليين تقلَّص منذ تعيين يسرائيل كاتس وزيراً للدفاع، وفق ما نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن تقرير لـ«القناة 12» العبرية.

ووفق التقرير، سألت عائلات الرهائن عن ادعاء كاتس، للصحافيين، بأن تقدماً حدث في المحادثات، بعد أن وافقت «حماس» على التنازل عن مطلبها بالتزام إسرائيلي مسبق بإنهاء الحرب، في جزء من صفقة الرهائن.

ورد على مفاوض الرهائن بأن ادعاء كاتس غير دقيق، وأن موقف «حماس» من إنهاء الحرب لم يتغير، وقال المفاوض إنها لا تزال على استعداد للموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار على مراحل، والذي جرت مناقشته منذ مايو (أيار) الماضي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه يعارض إنهاء الحرب مقابل الرهائن.

وأفادت «القناة 12» أيضاً بأن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعتقد أن التوصل لاتفاق مع «حماس» لن يكون ممكناً إلا بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع «حزب الله».

وقال مسؤول للشبكة إن الأمل هو أن يؤدي الاتفاق الأخير إلى إحراز تقدم في الاتفاق الأول.