سارت موسكو وطهران خطوة إضافية نحو تطوير تعاون طويل الأمد في مجال الطاقة وقطاعات البنية التحتية، ووقع عملاق الغاز الطبيعي الروسي «غازبروم» اتفاقية وُصفت بأنها استراتيجية مع شركة الغاز الوطنية الإيرانية لتنظيم الإمدادات الروسية.
وعكست تحركات موسكو قناعة لدى الكرملين بأن نتائج الانتخابات الرئاسية في إيران قد تكرس وضعاً جديداً يطلق مجالات أوسع للتعاون في كل المجالات، وخصوصاً في مجال الطاقة. وكان ملف التعاون بعيد المدى محور مناقشات أجراها مساء الأربعاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع القائم بأعمال الرئيس الإيراني محمد مخبر. وقال الكرملين إن الطرفين بحثا خلال مكالمة هاتفية «سبل تعزيز التعاون الثنائي في جميع المجالات الرئيسية».
وأفاد بيان الرئاسة الروسية بأن الجانبين أعربا «عن رضاهما عن التعاون الناجح في مجال الطاقة ومشاريع البنية التحتية الكبرى بين البلدين». وفي الختام، تمنى بوتين للشعب الإيراني انتخابات رئاسية ناجحة وأعرب عن ثقته في تطور العلاقات الودية.
في السياق ذاته، جاء إعلان «غازبروم» عن توقيع مذكرة تفاهم وصفها الجانب الروسي بأنها «استراتيجية» مع شركة الغاز الوطنية الإيرانية. وتم توقيع المذكرة خلال زيارة رئيس شركة «غازبروم» أليكسي ميلر إلى إيران على رأس وفد من الشركة حيث التقى بوزير النفط الإيراني جواد أوجي.
وأشارت الشركة الروسية في بيان إلى أن الجانبين الروسي والإيراني ينطلقان من خلال هذه الشراكة من مبدأ مواصلة تطوير «التعاون الطويل الأمد المتبادل المنفعة». وأضافت: «عُقد اجتماع عمل بين ميلر والوزير أوجي، وناقش الطرفان خطوات تنفيذ المذكرة الموقعة ومجالات التعاون الأخرى في قطاع الطاقة».
ومن جهته، قال وزير النفط الإيراني: «حدث شيء عظيم وجيد اليوم للبلاد. في اللقاءات التي جمعت الشهيد رئيسي وبوتين، كان أحد المواضيع المطروحة بينهما هو نقل الغاز الروسي إلى إيران، والذي آتى ثماره؛ فخلال الأشهر الثلاثة الماضية، أجرى زملاؤنا في شركة الغاز الوطنية هذه المفاوضات مع شركة (غازبروم) الروسية، ولحسن الحظ شهدنا اليوم بحضور الرئيس بالنيابة محمد مخبر، توقيع مذكرة لنقل الغاز الروسي إلى إيران»، بحسب ما نقلت وكالة «إيسنا» الإيرانية.
وأكد وزير النفط الإيراني أن إيران وروسيا تمتلكان أكثر من 60 في المائة من احتياطات الغاز في العالم، معتبراً هذه المذكرة نقلة مهمة في تاريخ العلاقات بين إيران وروسيا. وزاد أنه «من المؤكد أن هذا الموضوع سيحدث تغييرات جيدة في مجال الطاقة في المنطقة؛ إذ ستكون إيران على أتم الاستعداد لاستقبال هذه الكميات من الغاز ببنيتها التحتية وخطوط نقل الغاز».
وأوضح أوجي أن الإطار الرئيسي لبحث نقل الغاز من روسيا، والذي ناقشه الخبراء لفترة طويلة، كان رغبة الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي. وقال: «خلال فترة قصيرة، هناك استعداد لأن تتحول هذه المذكرة إلى عقد يضمن تطوراً متواصلاً للتعاون بين إيران وروسيا في هذا القطاع».
تعد هذه الزيارة الثانية لإدارة «غازبروم» إلى إيران خلال عام 2024. وكانت الزيارة السابقة في شهر مايو (أيار). والتقى ميلر في حينها بالنائب الأول للرئيس الإيراني محمد مخبر، وناقش الطرفان مجموعة واسعة من قضايا التعاون في قطاع الطاقة.
وبدا أن احتمال أن تكون إيران مقبلة على مرحلة جديدة في علاقاتها الإقليمية والدولية بعد الانتخابات الرئاسية دفع موسكو إلى التحرك سريعاً لتوفير المناخ الملائم لتطوير التعاون في مجالات أساسية ووضع أسس قانونية لتنسيق السياسات، وخصوصاً في مجال الطاقة.
وكانت شركة «غازبروم» أعلنت منذ سنوات استعدادها لتطوير التعاون مع طهران ودخول مجالات جديدة، بينها المشاركة في مشاريع إنتاج الغاز في إيران، فور رفع العقوبات الدولية المفروضة على الإيرانيين.
ووضعت الشركة الروسية العملاقة خططاً واسعة منذ عام 2015 لتحقيق قفزة في هذا الاتجاه. وفي ذلك الوقت، قال نائب رئيس شركة «غازبروم» ألكسندر مدفيديف، إن أي تطور إيجابي في ملف رفع العقوبات أو تقليصها سوف يدفع مشروعات جديدة عملاقة بين الطرفين. لكن في الفترة الأخيرة، ومع تعرض روسيا لضغوط كبرى على خلفية رزم العقوبات الغربية المفروضة على كل القطاعات الرئيسية بما في ذلك قطاع الطاقة، اكتسبت العلاقة مع إيران بعداً جديداً مهماً بالنسبة إلى موسكو التي نشطت تحركاتها مع شركاء إقليميين لتوفير طرق إمداد جديدة لمنتجاتها وآليات للالتفاف على العقوبات الغربية.