تركيا: دعوات الوحدة والتضامن تصطدم بانقسامات عميقة

أوزيل تعرض لانتقادات من إردوغان... واتهامات مبطنة من بهشلي محورها «التطبيع»

أوزيل خلال مؤتمر صحافي الخميس وإلى جانبه رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (موقع حزب الشعب الجمهوري)
أوزيل خلال مؤتمر صحافي الخميس وإلى جانبه رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (موقع حزب الشعب الجمهوري)
TT

تركيا: دعوات الوحدة والتضامن تصطدم بانقسامات عميقة

أوزيل خلال مؤتمر صحافي الخميس وإلى جانبه رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (موقع حزب الشعب الجمهوري)
أوزيل خلال مؤتمر صحافي الخميس وإلى جانبه رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (موقع حزب الشعب الجمهوري)

غلفت دعوات «الأخوة والتضامن» رسائل سياسيي تركيا للتهنئة بعيد الأضحى، بينما حملت في طياتها كثيراً من التباعد الذي وصل إلى حد التراشق وتبادل الاتهامات في إطار عملية «التطبيع» بين الحكومة والمعارضة.

وكان «التطبيع السياسي» هو المحور الرئيسي في رسائل كل من الرئيس رجب طيب إردوغان، وشريكه في «تحالف الشعب» رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي، وزعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل.

إشادة وانتقادات

وبينما أشاد إردوغان، في رسالة متلفزة بُثت السبت عشية عيد الأضحى، بـ«الانفراجة» التي تحققت بالحوار بين الحكومة والمعارضة، عادّاً أنها كانت لصالح الشعب التركي، فقد وجّه انتقادات حادة إلى أوزيل، في تصريحات لمجموعة من الصحافيين رافقوه في رحلة عودته من إيطاليا عقب المشاركة في إحدى الجلسات الخاصة بأفريقيا والبحر المتوسط في إطار قمة مجموعة الدول السبع.

وقال إردوغان إن تصريحات أوزيل، التي هاجم فيها «تحالف الشعب»، وحديثه عن التواطؤ (في جرائم بحق الشعب التركي الذي يعاني من تدهور الأوضاع الاقتصادية) تعني أن «حزب الشعب الجمهوري لم يتمكّن من استيعاب الزيارة التي قمت بها رداً على زيارة رئيس الحزب لنا في مايو (أيار) الماضي». وأضاف: «لو كان الصديق على رأس حزب الشعب الجمهوري يستطيع استيعاب زيارة العودة هذه، لما شعر بالحاجة إلى الإدلاء بمثل هذه التصريحات».

كما أثنى إردوغان على بهشلي و«تحالف الشعب»، وقال: «نحن، (تحالف الشعب)، سنواصل موقفنا نفسه وتضامننا. تحالف الشعب ليس طاولة الستة»، في إشارة إلى تحالف لأحزاب معارضة تفكك بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو 2023.

وكان المتحدث باسم حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، عمر تشيليك، ردّ على تصريحات أوزيل عن وجود مشكلة في «تحالف الشعب»، عادّاً تصريحاته تخلو من الكياسة وتشكل نوعاً من العداء.

اتهامات بهشلي

بدوره، وجّه بهشلي، رسالة تهنئة بعيد الأضحى عبر حسابه في «إكس» بعبارات قاسية، حملت اتهامات مبطنة لأوزيل بإخفاء أجندة سرية بشأن عملية «التطبيع».

وقال بهشلي: «لا يوجد شيء غير طبيعي في بلادنا، بل لن يكون هناك من يقتنع ويثق في أصحاب الأجندات السرية الذين سيثيرون أعصاب أمتنا بـ(هراء) التطبيع... من الواضح إلى حد ما... ما هي النوايا الخبيثة وما الأهداف المعيبة التي تركز عليها حملة الأكاذيب والقيل والقال والافتراء، التي يتم إخفاؤها بعناية خلف التشبث برسائل التطبيع».

وأضاف أن «أولئك الذين يثيرون الاستقطاب بمكر بدلاً من ترويضه، والذين يتوجون ويؤكدون العداء بشكل مبتذل بدلاً من الحد منه، هم بالطبع في وضع عاجز ومثير للشفقة، لا يمكن أن يفوت على أعين وقلوب أمتنا، وسوف يدفعون ثمناً باهظاً».

أوزيل... ومطالب الشعب

من جانبه، قال أوزيل في رسالة تهنئة بالعيد في حسابه على «إكس» إن «التطبيع يتطلب تحويل مسار السياسة نحو الأمة مرة أخرى، وأن تتشكل أجندة السياسة فقط حول أجندة الشعب. وبوصفنا الحزب الأول في الانتخابات المحلية الأخيرة، هذه هي القضية الأساسية التي تهمنا في عملية التطبيع».

ولفت إلى أن تركيا وشعبها يعانيان صعوبات اقتصادية لفترة طويلة؛ بسبب خيارات سياسية واقتصادية خاطئة، وأن الحكومة الرئاسية، التي لم تحظَ خياراتها بتأييد الشعب في الانتخابات المحلية في 31 مارس (آذار) الماضي، تعهدت بضمان العدالة في الضرائب، والتخلي عن فكرة عدم زيادة الحد الأدنى للأجور، وزيادة الحد الأدنى للمعاشات التقاعدية، وبدلاً من زيادة الدخل، تقوم بإعداد لوائح ضريبية من شأنها أن تجعل الأغنياء أكثر ثراءً والفقراء أكثر فقراً.

وتعهد بالاستمرار في طرح مشكلات المواطنين الحياتية من أجل توفير ظروف أكثر ملاءمة للعيش، والهروب من خط الجوع والفقر المحكوم عليهم به، وتوسيع ممارسات البلديات الاجتماعية في الحكومات المحلية التي يديرها حزب «الشعب الجمهوري».


مقالات ذات صلة

تركيا تدفع بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى إدلب وحلب

شؤون إقليمية تعزيزات عسكرية في الطريق إلى معبر باب الهوى الحدودي بين تركيا وسوريا (وسائل إعلام تركية)

تركيا تدفع بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى إدلب وحلب

دفع الجيش التركي بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى نقاطه العسكرية المنتشرة في شرق إدلب وريف حلب الغربي الواقعة ضمن مناطق خفض التصعيد في شمال غربي سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء الماضي (الرئاسة التركية)

إردوغان: تركيا ستعيد تقييم علاقاتها بأميركا بعد انتخاب رئيسها الجديد

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن بلاده ستعيد تقييم علاقاتها مع الولايات المتحدة عقب الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)

إردوغان: هجمات إسرائيل على لبنان ستستمر ما دام الغرب صامتاً

نقلت وسائل إعلام، الخميس، عن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قوله إن هجمات إسرائيل على لبنان التي تستهدف جماعة «حزب الله» ستستمر ما دام الغرب صامتاً.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية لقاء بين إردوغان والأسد في 2010 (أرشيفية)

أميركا لا تدعم التطبيع بين أنقرة ودمشق قبل الحل السياسي في سوريا

أحدثت التصريحات الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان التي كرر فيها استعداده للقاء الرئيس السوري بشار الأسد من أجل تطبيع العلاقات بين البلدين ردود فعل متباينة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية داود أوغلو خلال استقباله باباجان بمقر حزب «المستقبل» في أنقرة قبل أيام (وسائل إعلام تركية)

تركيا: تعثر جديد لمفاوضات الاندماج بين حزبي باباجان وداود أوغلو

فشلت مفاوضات الاندماج بين حزبي «الديمقراطية والتقدم» برئاسة علي باباجان و«المستقبل» برئاسة أحمد داود أوغلو في التوصل إلى اتفاق على اندماج الحزبين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

مسؤول إسرائيلي: استهداف نصر الله هدفه تجنب الغزو البري... وكسر «حزب الله»

TT

مسؤول إسرائيلي: استهداف نصر الله هدفه تجنب الغزو البري... وكسر «حزب الله»

رجال يعرضون صور حسن نصرالله الأمين العام لـ«حزب الله» (أ.ف.ب)
رجال يعرضون صور حسن نصرالله الأمين العام لـ«حزب الله» (أ.ف.ب)

كشف مسؤول إسرائيلي كبير، أمس (الجمعة)، أن إسرائيل تأمل بتجنب شن غزو بري في لبنان، من خلال استهداف مقر قيادة «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت بسلسلة غارات جوية هي الأكبر منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، حسب صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

وأوضح المسؤول الكبير، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، للصحافيين، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بعد خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هناك أن الضربة التي كانت تستهدف الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله ومسؤولين كباراً آخرين، الذين كانوا يتجمعون في مركز قيادة رئيسي في ضاحية بيروت «كانت تهدف إلى كسر (حزب الله)».

وادعى المسؤول أن «المخابرات الإسرائيلية كشفت عن خطة إيرانية لتطويق إسرائيل والقضاء على الدولة اليهودية بحلول عام 2040. ومع ذلك، تسرع زعيم (حماس) يحيى السنوار بإصدار الأمر بشن هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) قبل أن يكون وكلاء إيران الآخرون مستعدين».

ووفق الصحيفة، تعمل إسرائيل على صد ما وصفته بـ«المؤامرة الإيرانية» منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول)، لكنها أدركت أن نصرالله كان «المحور الذي لا يمكن تجاهله».

وقال المسؤول: «لا يمكننا البقاء إذا لم نوقف هذا ونعكسه»، في إشارة إلى التهديد الذي تواجهه إسرائيل من الجماعات المدعومة من إيران في المنطقة.

وأضاف: «من المستحيل عكس ذلك من دون حرب شاملة. كان هذا هو الافتراض؛ حرب شاملة مع (حزب الله)، التي تنطوي على إمكانية نشوب حرب أوسع نطاقاً مع إيران».

وتابع: «الطريقة الأخرى للقيام بذلك هي القضاء على (حزب الله). إذا قمت بإخراجه، فلن تقوم فقط بتحييد هذه الجبهة، لأنه لا يوجد شيء آخر سيفعل ذلك، ولكنك ستكسر أيضاً محوراً رئيسياً ومركزياً».

ولدى سؤاله لماذا قد يغير قتل نصرالله التهديد الذي يشكله «حزب الله» على إسرائيل في حين لم تنجح عمليات الاغتيال السابقة لقادة الأحزاب في إعاقة منظماتهم، أجاب: «أعتقد أن الأمر مختلف. بعض الناس لا يمكن تعويضهم. هذا يحدث. بعض الناس ليس لديهم بديل. هذه إحدى الحالات، لا شك في ذلك».

جنود من الجيش اللبناني يتجمعون فوق أنقاض مبانٍ سوّيت بالأرض بينما يهرب الناس من النيران، في أعقاب غارات جوية إسرائيلية على حي حارة حريك في الضاحية (أ.ف.ب)

وقال المسؤول: «قبل حوالي 10 أيام أو أسبوعين، اتخذ مجلس الوزراء قراراً مفاده أننا لا نستطيع أن نستقبل - بعد عام - الإسرائيليين الذين هم في الأساس لاجئون في أرضهم، لذلك أضفنا هدفاً رسمياً للحرب لإعادة شعبنا، وإضعاف قوة (حزب الله)، والقدرة على دفعهم بعيداً عن الحدود، وتدمير البنية التحتية على طول الحدود، وتغيير ميزان القوى».

وأشار إلى أن أهم ما قامت به إسرائيل هو «محاولة إخراج حوالي نصف قدرات الصواريخ والقذائف التي بناها (حزب الله) على مدار الثلاثين عاماً الماضية مع إيران وإخراجها في غضون ساعات قليلة. وقد فعلنا ذلك».

وقال: «نحن لا نسعى إلى حرب أوسع. في الواقع، نسعى إلى عدم خوض حرب أوسع، ويجب على إيران أن تفكر فيما تفعله الآن».

ولفت إلى أن «إسرائيل كثفت ضرباتها ضد (حزب الله) في الأيام الأخيرة لضمان عدم قيام الجماعة بسابقة من خلال إجبار عشرات الآلاف من الإسرائيليين على إخلاء منازلهم لفترة طويلة من الزمن».

وأضاف أن «إسرائيل لديها الآن زخم ضد (حزب الله)، ويجب أن تستمر في التحرك بقوة من أجل الاستفادة من المكاسب الأخيرة».

وفي حين أشارت التقييمات الأمنية الإسرائيلية الأولية إلى أن نصرالله لم ينج من الضربة، قال المسؤول الكبير إن الأمر قد يستغرق أسابيع حتى تؤكد إسرائيل مقتله.

وقال: «أعتقد أنه من السابق لأوانه التأكيد، لكن كما تعلمون، إنها مسألة وقت. في بعض الأحيان يخفون الحقيقة عندما ننجح. وبالتأكيد إذا كان على قيد الحياة، فستعرف ذلك على الفور. إذا كان ميتاً، فقد يستغرق الأمر بعض الوقت».

وعندما سُئل عما إذا كانت إسرائيل ستنظر الآن في وقف إطلاق النار في لبنان بعد ضربة الجمعة، لم يكن المسؤول الكبير حازماً، وفق الصحيفة.

وقال المسؤول: «(حزب الله) لا تزال لديه آلاف الصواريخ، إسرائيل ستعتبر نفسها أقرب إذا قُتل نصرالله في ضربة اليوم. لكن في الحرب، عندما يكون خصمك على الأرض، عليك أن تستمر في التحرك».