تركيا تقترب من الحصول على مقاتلات «إف- 16» الأميركية

استطلاعات رأي تظهر تراجعاً حاداً في شعبية إردوغان

إردوغان مع طلاب إحدى المدارس في إسطنبول حيث شارك في فعالية خاصة بالتعليم الجمعة (الرئاسة التركية)
إردوغان مع طلاب إحدى المدارس في إسطنبول حيث شارك في فعالية خاصة بالتعليم الجمعة (الرئاسة التركية)
TT

تركيا تقترب من الحصول على مقاتلات «إف- 16» الأميركية

إردوغان مع طلاب إحدى المدارس في إسطنبول حيث شارك في فعالية خاصة بالتعليم الجمعة (الرئاسة التركية)
إردوغان مع طلاب إحدى المدارس في إسطنبول حيث شارك في فعالية خاصة بالتعليم الجمعة (الرئاسة التركية)

وقّعت تركيا على خطاب العرض والقبول لشراء مقاتلات «إف- 16 بلوك 70» الأميركية، في صفقة تسبّبت لفترة طويلة في توتر العلاقات بين أنقرة وواشنطن.

في الوقت ذاته، كشفت استطلاعات للرأي عن نتائج «صادمة» للرئيس رجب طيب إردوغان، الذي ظل الشخصية السياسية المفضلة للأتراك لأكثر من 20 عاماً، وكذلك حزب العدالة والتنمية الحاكم.

صفقة «إف- 16»

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، إن تركيا وقّعت على خطاب العرض والقبول لشراء طائرات «إف-16»، ووصف الصفقة البالغة نحو 20 مليار دولار ستدفعها تركيا مقابل الحصول على 40 مقاتلة و79 من معدات تطوير أسطولها القديم، بأنها «استثمار في القدرة على العمليات المشتركة مع حلف شمال الأطلسي (ناتو)».

وأضاف ميلر، في إفادة صحافية ليل الخميس إلى الجمعة، نقلتها وسائل إعلام تركية، أن هذا البيع سيدعم المصالح الأمنية للولايات المتحدة وتركيا و«الناتو»، مشيراً إلى أن الأمر «استغرق بعض الوقت». وجاءت تصريحات ميلر بعد ساعات من إعلان السفير الأميركي لدى تركيا، جيف فليك، عبر حسابه في «إكس»، عن «خطوة كبيرة» للأمام في صفقة «إف- 16»، دون تحديدها. وقال فليك: «لقد تم اتخاذ خطوة كبيرة إلى الأمام في بيع أحدث جيل من طائرات (إف- 16) لتركيا. هذا هو أحدث مثال على التزام الولايات المتحدة بالشراكة الأمنية مع تركيا، إنها خطوة جيدة للأمن القومي التركي والأميركي، وقابلية التشغيل البيني لحلف شمال الأطلسي (ناتو)».

وتقدّمت تركيا في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 بطلب إلى الولايات المتحدة لشراء 40 طائرة من طراز «إف- 16 بلوك 70»، و79 من معدات التحديث لأسطولها القديم من الطائرات ذاتها. وواجهت العملية صعوبات ورفضاً من الكونغرس لأسباب مختلفة، كان آخرها شرط مصادقة تركيا على انضمام السويد إلى حلف «الناتو». وأعطى الكونغرس الموافقة على الطلب في يناير (كانون الثاني) الماضي، بعد تصديق تركيا على طلب السويد.

إردوغان يتراجع

على صعيد آخر، كشف أحدث استطلاعات الرأي في تركيا عن تراجع كبير في شعبية الرئيس رجب طيب إردوغان، وانخفاض شعبيته بين الناخبين إلى أدنى درجة، واستمرار تقدم حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، على حزب العدالة والتنمية الحاكم، منذ فوزه بالمرتبة الأولى في الانتخابات المحلية في 31 مارس (آذار) الماضي.

وكشفت نتائج استطلاع للرأي أجرته شركة «يونالم» في الفترة من 31 مايو (أيار) الماضي وحتى 3 يونيو (حزيران) الحالي، وشمل آراء 2236 شخصاً في أنحاء البلاد، عن تراجع نسبة المؤيدين لإردوغان إلى 28.1 في المائة، وصعود نسبة الرافضين للتصويت له نهائياً إلى 47 في المائة، ونسبة المترددين إلى 19 في المائة.

وأظهرت نتائج استطلاع آخر أجرته شركة «آسال» أن نسبة المعجبين بالرئيس إردوغان تراجعت إلى 20 في المائة، تلاه رئيس بلدية أنقرة منصور ياواش بنسبة 16.2 في المائة، ورئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو بنسبة 13.3 في المائة.

وبالنسبة للنتائج التي يمكن أن تحققها الأحزاب السياسية حال التوجه إلى انتخابات مبكرة، أظهر استطلاع «يونالم» أن حزب الشعب الجمهوري يحافظ على صدارته بنسبة 33.9 في المائة، يليه حزب العدالة والتنمية بـ31.4 في المائة، وحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب (الكردي) بـ9.7 في المائة، والحركة القومية بـ8.3 في المائة، وحزب الجيد بـ4.7 في المائة، والرفاه من جديد بـ4.4 في المائة، وحزب النصر بـ3.7 في المائة، وحزب العمال التركي بـ1.2 في المائة.

تحقيق مع رئيس بلدية كردي

في الأثناء، فتح مكتب المدعي العام في ولاية بتليس (جنوب شرقي) تحقيقاً ضد رئيس بلدية تاطوان التابعة للولاية، مؤمن إيرول، المنتمي إلى حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، بتهمة «إهانة رئيس الجمهورية».

وجاءت الخطوة بعد تداول مقطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الخميس، يظهر فيه إيرول مع بعض مسؤولي البلدية وهو يزيل صورة إردوغان من مكتبه في أول يوم تولى فيه منصبه، عقب فوزه برئاسة البلدية في الانتخابات المحلية في 31 مارس الماضي.


مقالات ذات صلة

​أوزيل يضغط على إردوغان بورقة الانتخابات المبكرة

أوروبا أوزيل خلال خطاب في «بيت المتقاعدين» بإسطنبول الأحد (من حسابه على إكس)

​أوزيل يضغط على إردوغان بورقة الانتخابات المبكرة

جدّد زعيم المعارضة التركية رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل دعوته للرئيس رجب طيب إردوغان للتوجه إلى الانتخابات المبكرة بسبب الصعوبات الاقتصادية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان استقبل رئيس وزراء النيجر على الأمين زين في أنقرة فبراير (شباط) الماضي (الرئاسة التركية)

تركيا تسارع لملء الفراغ الغربي في النيجر بشراكة متعددة الأبعاد

كشفت زيارة الوفد التركي رفيع المستوى، برئاسة وزير الخارجية هاكان فيدان، إلى النيجر عن استمرار التركيز من جانب أنقرة على ترسيخ حضورها في أفريقيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان أكد أن الوضع في المنطقة يحتاج إلى معادلات جديدة للسياسة الخارجية (الرئاسة التركية)

تركيا تتمسك بإعادة العلاقات مع سوريا... وأميركا ترفض

أعطت تركيا رسائل جديدة على الاستمرار في جهود إعادة العلاقات مع سوريا إلى طبيعتها رغم تمسك الأخيرة بانسحابها العسكري، وذلك وسط رفض أميركي للخطوة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي لقاء رجب طيب إردوغان وبشار الأسد في دمشق خلال مايو 2008 (أ.ب)

هل يكسر موقف الأسد إلحاح إردوغان على لقائه ويحطم دوافعه للتطبيع؟

روسيا تريد دفع تركيا إلى انفتاح سريع على الأسد من دون حديث عن ضمانات، عبر إيجاد صيغ أخرى للقضاء على مخاوف تركيا من قيام «دولة كردية» على حدودها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي الأسد في مركز اقتراع بدمشق الاثنين (أ.ف.ب)

الأسد: المشكلة ليست في لقاء إردوغان... بل في «مضمون» الاجتماع

قال الرئيس السوري بشار الأسد، الاثنين، إنه مستعد للقاء نظيره التركي رجب طيب إردوغان إذا كان ذلك يحقق مصلحة بلاده، لكنه اعتبر أن المشكلة في مضمون اللقاء.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

تقرير: فشل مخطط الجيش الإسرائيلي في إغراق أنفاق «حماس»

مقاتل من «سرايا القدس» الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي» في نفق بغزة (أ.ف.ب)
مقاتل من «سرايا القدس» الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي» في نفق بغزة (أ.ف.ب)
TT

تقرير: فشل مخطط الجيش الإسرائيلي في إغراق أنفاق «حماس»

مقاتل من «سرايا القدس» الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي» في نفق بغزة (أ.ف.ب)
مقاتل من «سرايا القدس» الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي» في نفق بغزة (أ.ف.ب)

تبنت إسرائيل خطة قديمة وغير ملائمة، وتجاهلت النصائح المهنية والخطر المحتمل على المختطفين، وانتهت بهدوء بعد بضعة أشهر دون تحقيق أي نتائج ملموسة.

سلطت صحيفة «هآرتس» الضوء على مشروع «أتلانتس» والفشل العسكري المتوقع الذي لم يتم إيقافه حتى فوات الأوان. كان من المفترض أن تكون الخطة مبتكرة، حلاً جديداً وسريعاً نسبياً وقاتلاً لإحدى أكثر الجبهات تعقيداً في قطاع غزة.

أو كما وصفها الجيش الإسرائيلي: «اختراق هندسي وتكنولوجي كبير للتعامل مع التحدي تحت الأرض»، خلف كل هذه الأوصاف كان مشروع «أتلانتس»، نظاماً كان من المفترض أن يدمر أنفاق «حماس»، ويقتل كبار المسؤولين في الحركة عن طريق ضخ مياه البحر بكثافة عالية.

مقاتل من «سرايا القدس» الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي» في نفق بغزة (أ.ف.ب)

بدء التنفيذ دون تحضير كافٍ

ولكن بعد نحو نصف عام من الكشف عن هذا النظام للشعب، تبين أن مشروع «أتلانتس» فشل؛ لم يعد قيد الاستخدام، ولا يستطيع أحد في الجيش أن يقول ما إذا كان هناك أي فائدة من هذا المشروع المكلف.

يكشف تحقيق «هآرتس»، استناداً إلى محادثات مع سلسلة من المصادر المختلفة التي شاركت بشكل وثيق في تطوير وتشغيل النظام، بالإضافة إلى وثائق ومحاضر مناقشات مغلقة شارك فيها ضباط كبار ومحترفون، عدداً كبيراً من الأخطاء في كيفية التعامل معه من قبل الجيش، ويقدم لمحة عن فشل متوقع.

تجاهل النصائح المهنية والمخاطر

تبين أن النظام بدأ يعمل حتى قبل الحصول على الآراء اللازمة التي طلبها الجيش، وأنه وراء النشاط المتسارع كان هناك قدر كبير من الضغط المفروض من الأعلى، من قائد القيادة الجنوبية، اللواء يارون فينكلمان؛ وأنه تم تشغيله مع احتمال تعريض حياة الإسرائيليين الذين كانوا أحياءً عند اختطافهم إلى القطاع.

قال مصدر دفاعي شارك بعمق في مشروع «أتلانتس»: «تم تشغيل النظام في نفق مركزي واحد على الأقل لـ(حماس)، كان يُستخدم بوضوح من قبل التنظيم خلال مراحل مختلفة من الحرب».

وأضاف: «ومن المحتمل جداً أن هناك رهائن كانوا هناك بوصفهم دروعاً بشرية».

صورة وزعها الجيش الإسرائيلي لأحد أنفاق حركة «حماس» في قطاع غزة أبريل الماضي (أ.ف.ب)

ضغوط وقرارات متسرعة

السؤال عن كيف تحول مشروع وصفته قوات الدفاع الإسرائيلية بأنه كسر التعادل إلى فشل متزايد لديه إجابة معقدة.

وفق التقرير، أحد الأسباب الرئيسية هو الخلفية. خلال الأيام الأولى من الحرب، قال مصدر دفاعي: «الإنجازات على الأرض ضد مسؤولي (حماس) كانت غير ذات أهمية، معظم قوات (حماس)، خصوصاً الجناح العسكري، دخلت الأنفاق وهذا خلق ضغطاً على القيادة العليا للجيش الإسرائيلي».

لهذا السبب، قال مصدر آخر تحدث إلى الصحيفة: «طلب فينكلمان حلولاً؛ طرق لضرب نشطاء (حماس) في الأنفاق... وكان هناك إحباط لأن القوات لم تكن تعتقد حقاً أننا سنبدأ في دخول كل الأنفاق... بدأوا أيضاً في إدراك أبعاد الأنفاق التي لم يكن المخابرات العسكرية تعلم عنها».

انطلاق المشروع دون تجهيزات كافية

في ذلك الوقت، كان الجيش الإسرائيلي لا يزال يتعلم عن الأنفاق التي واجهها في القطاع ونطاقها - مئات الكيلومترات، ووجد الجيش نفسه على الأرض يدرك أن «حماس» كانت تحت الأرض، ولم يكن لديه حل لإخراجهم من هناك.

وكانت الفكرة في الواقع إحياء خطة طوارئ كانت قد اقترحتها القوات البرية قبل سنوات من تولي فينكلمان منصبه، في ذلك الوقت كان الغرض منها التعامل مع نوع مختلف من الأنفاق، كانت فرص نجاحها في التعامل مع الأنفاق التي اكتشفها الجيش الإسرائيلي في القطاع بدءاً من 7 أكتوبر (تشرين الأول) منخفضة. ولكن وفقاً لمصادر دفاعية تحدثت إلى «هآرتس»، أعطى فينكلمان الضوء الأخضر لأخذ الخطة القديمة وتكييفها مع الوضع الجديد.

عمليات إغراق الأنفاق دون تقييم

حصلت الخطة على التصاريح اللازمة (تتطلب عملية من هذا النوع موافقة رئيس الأركان والمستشار القانوني العسكري، من بين آخرين)، توجه الجيش الإسرائيلي إلى سلطة المياه الإسرائيلية طلباً للمساعدة، وسارعت السلطة إلى التعبئة للمهمة، وشكلت مجموعتين من الخبراء المدنيين في مجالات عدة، وُضعت مجموعة واحدة مسؤولة عن ضخ المياه في الأنفاق، وطُلب من المجموعة الثانية دراسة موضوع فقدان المياه عبر جدران النفق، بدأت كلتا المجموعتين العمل.

ولكن الجيش الإسرائيلي لم ينتظر النتائج، وفي هذه المرحلة بدأ بالفعل في المرحلة التالية، جرى اختيار فرقة 162 من القيادة الجنوبية كمقاول العملية، وجرى تكليف مقاتلي الكوماندوز البحريين من وحدة شايطيت 13 بأعمال البنية التحتية، والتي تحولت لبضعة أسابيع إلى وحدة أنابيب.

قال أحد القادة الذين شاركوا في المشروع: «خصصوا جنود القتال لأعمال السباكة وحراسة الأنابيب في جميع أنحاء القطاع، دون أن يكون لديهم أية فكرة عما إذا كان المشروع له أي جدوى عملياتية».

وأضاف: «لم يكن لدى الجيش الإسرائيلي أي وسيلة لمعرفة ما إذا كان النظام يعمل، ماذا حدث في الأنفاق، ما هو وضع الإرهابيين في الداخل وما إذا كان هناك رهائن قد تضرروا نتيجة المياه. حتى هذه اللحظة لا يزال غير واضح ما هو الضرر الذي تسببت به الأنفاق، إن وجد. ببساطة لا يعرفون أي شيء».

ووفقاً لوثيقة أصدرتها الخبراء حول الموضوع، بعد نحو 3 أسابيع من بدء تشغيل «أتلانتس»: «لم يتم تفعيل العملية وفقاً لتوصيات المهنيين، ولم يتم الضخ وفقاً لنظرية القتال التي جرى تطويرها، لم يجرِ جمع النتائج ولم يجرِ أخذ القياسات الموصوفة... غضب الخبراء لأن خلال الفترة كلها كان هناك انفصال بين المصادر في الميدان والوحدة المرافقة من جهة والخبراء الذين خططوا طريقة العملية من جهة أخرى».

جنود إسرائيليون داخل أحد الأنفاق في قطاع غزة (أ.ف.ب)

يقول المهنيون: «في الواقع، كان الجيش الإسرائيلي يفتقر إلى المعلومات والبيانات المطلوبة عن الأنفاق، ولا كيفية إغراقها بطريقة تلحق الأذى بالداخل أو تجعلهم يهربون إلى السطح».

وخلال المشروع، أتيحت للمحققين من سلطة المياه فرصة الاطلاع على دراسة أعدها ناشط في «حماس»، خدم في نظام الأنفاق خلال العشر سنوات الماضية، وصف كيف تم بناؤها والمنطق وراءها، إلى جانب تصريحه بأن الأنفاق أصبحت النظام الرئيسي الذي أعدته المنظمة لمواجهة عسكرية مع إسرائيل (كنا نعلم أن الجيش الإسرائيلي سيدخل القطاع).

تحليل «هآرتس» لمشروع «أتلانتس»، كشف عن إخفاقات عديدة في التخطيط والتنفيذ، حيث لم يتم أخذ النصائح المهنية بعين الاعتبار، وتم تجاهل المخاطر المحتملة على المختطفين.