تحول مجلس الأمن الدولي إلى ساحة لحرب الرسائل الدبلوماسية بين إيران ودول أوروبية بشأن «انتهاكات» البرنامج النووي، ويبدو أن الغرب يحاول الضغط على طهران التي لجأت سريعاً إلى الشكوى، لتفادي إعادة فرض الأمم المتحدة عقوبات عليها.
بعثت ثلاث قوى أوروبية إلى مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة رسالة فيها تفاصيل عن انتهاكات إيران للاتفاق النووي المبرم عام 2015.
تهديد غير صريح
ولم يرد في الرسالة الصادرة عن بريطانيا وفرنسا وألمانيا تهديد صريح «بإعادة» فرض عقوبات الأمم المتحدة، لكنها ذكرت أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم «2231»، الذي يحمي الاتفاق النووي ويمنح سلطة إعادة فرض العقوبات، ينتهي سريانه في 18 أكتوبر (تشرين الأول) 2025.
ورفضت إيران في رسالتها الموقف الأوروبي، مشيرة إلى أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب انسحب من الاتفاق النووي في 2018 وأعاد فرض عقوبات اقتصادية أميركية على إيران، قائلاً إن الاتفاق يضمن حقوقها في التوسع في أعمالها النووية.
وتجلت أيضاً هذا الأسبوع جهود بريطانيا وفرنسا وألمانيا، المعروفة بصورة غير رسمية بمجموعة «إي 3»، في الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ إذ نجحت المجموعة في دفع قرار ينتقد إيران على الرغم من تحفظات الولايات المتحدة.
وأشار خطاب المجموعة إلى تقرير صادر عن الوكالة الشهر الماضي جاء فيه أن التقدم النووي الإيراني ينتهك اتفاق 2015، بما في ذلك خطوات للتوسع في مخزوناتها من اليورانيوم عالي التخصيب ومعدلات إنتاجه.
ويحد الاتفاق المبرم مع الدول الأوروبية الثلاث والصين وروسيا والولايات المتحدة من قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم، وهي عملية يمكن بواسطتها إنتاج مواد تُستخدم في صنع أسلحة نووية.
في مقابل ذلك، ترفع الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات مفروضة على إيران.
وزاد التوتر مع إيران منذ هجوم حركة «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول). وتهاجم جماعات أخرى متحالفة مع إيران أهدافاً أميركية وإسرائيلية وغربية. وتسرّع طهران وتيرة أنشطة برنامجها النووي، وفي الوقت نفسه تحد من قدرة الوكالة الذرية على مراقبة أنشطتها.
فتح باب العقوبات
وبحسب «رويترز»، ذكرت مجموعة «إي 3» في الرسالة، أن «تصعيد إيران النووي أفرغ خطة العمل الشاملة المشتركة من محتواها، مما قلل من قيمتها في مجال عدم انتشار الأسلحة النووية».
وقال السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة في رسالة: «قرار إيران اتخاذ تدابير تصحيحية يتوافق تماماً مع حقها الأصيل... رداً على الانسحاب غير المشروع أحادي الجانب للولايات المتحدة».
وتقول الرسالة الإيرانية إن خطواتها بخفض الالتزامات النووية تتماشي مع الفقرتين «26» و«36» المنصوص عليهما في الاتفاق النووي.
وتنص الفقرة «36» من الاتفاق النووي على آلية فض النزاعات، قبل نقل ملف الاتفاق النووي إلى مجلس الأمن، لكن الدول الأوروبية تحاول حل الخلافات عبر الطرق الدبلوماسية، قبل تفعيل آلية فض النزاعات، من الفقرة «36» التي قد تؤدي إلى نقل ملف الاتفاق النووي إلى مجلس الأمن.
زيادة الضغط
ونقلت «رويترز» عن دبلوماسيين غربيين ومصادر أخرى مطلعة على الرسالة، أن الغرض منها هو محاولة زيادة الضغوط على إيران داخل مجلس الأمن الدولي وكسب الوقت من أجل حل دبلوماسي قبل انتهاء سريان قرار المجلس العام المقبل الذي يمنح الدول سلطة إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران.
وذكر مصدر مطلع على الرسالة أن الهدف هو «تقييم التقدم النووي الإيراني الذي أصبح غير مقبول ويزداد سوءاً، وأيضاً زيادة الضغط داخل مجلس الأمن الدولي».
ويرفع أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة تقريرين كل عام للمجلس، وعادة ما يكون ذلك في يونيو (حزيران) وديسمبر (كانون الأول)، حول تنفيذ اتفاق 2015. ومن المزمع أن يبحث مجلس الأمن تقريره المقبل في 24 يونيو.
وكان المتحدث باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، بهروز كمالوندي، قال إن «الجمهورية الإسلامية لن تتراجع مقابل الضغوط».