إردوغان يلتقي أوزيل مجدداً وسط جدل الانتخابات المبكرة والخطوط الحمراء

إعلان أميركي عن «خطوة كبيرة» بملف «إف 16»

وزير الدفاع التركي يشار غولر والسفير الأميركي جيف فليك (حساب فليك على إكس)
وزير الدفاع التركي يشار غولر والسفير الأميركي جيف فليك (حساب فليك على إكس)
TT

إردوغان يلتقي أوزيل مجدداً وسط جدل الانتخابات المبكرة والخطوط الحمراء

وزير الدفاع التركي يشار غولر والسفير الأميركي جيف فليك (حساب فليك على إكس)
وزير الدفاع التركي يشار غولر والسفير الأميركي جيف فليك (حساب فليك على إكس)

اتخذت الولايات المتحدة خطوة متقدمة على صعيد مفاوضات حصول تركيا على مقاتلات «إف 16 بلوك 70» المتطورة، فيما تم الكشف عن رفضها 7 طلبات من تركيا خلال 8 سنوات لتسليم فتح الله غولن المتهم من جانب أنقرة بتدبير محاولة انقلاب فاشلة في 16 يوليو (تموز) 2016.

ووسط أجواء ساخنة تحيط بعملية «الانفراجة» أو «التطبيع السياسي» في تركيا، وحديث عن الانتخابات المبكرة والخطوط الحمراء للتطبيع مع المعارضة، يقوم الرئيس رجب طيب إردوغان، الثلاثاء المقبل، بزيارة حزب الشعب الجمهوري، رداً للزيارة التي قام بها رئيسه، أوزغور أوزيل، إلى حزب العدالة والتنمية في 2 مايو (أيار) الماضي.

تقدم بمفاوضات «إف 16»

وأعلن السفير الأميركي لدى أنقرة، جيف فليك، عن اتخاذ «خطوة كبيرة» إلى الأمام من جانب بلاده في ملف بيع مقاتلات «إف 16» لتركيا.

وقال فليك، عبر حسابه في «إكس»، الخميس، في تغريدة مرفقة بصورة من لقاء له مع وزير الدفاع التركي يشار غولر: «لقد تم اتخاذ خطوة كبيرة إلى الأمام في بيع أحدث جيل من طائرات إف 16، هذا هو أحدث مثال على التزام الولايات المتحدة بالشراكة الأمنية مع تركيا، إنها خطوة جيدة للأمن القومي التركي والأميركي وقابلية التشغيل البيني لحلف شمال الأطلسي (ناتو)».

في السياق ذاته، أكد مسؤول بوزارة الدفاع التركية أن المفاوضات الجارية مع الجانب الأميركي بشأن الحصول على مقاتلات «إف 16» مستمرة بشكل إيجابي. وقال المسؤول، في إفادة صحافية الخميس: «سيتم شراء المقاتلات الأميركية ومعدات التحديث وغيرها من المواد والذخائر بما يتماشى مع احتياجات قيادة قواتنا الجوية».

وتقدمت تركيا في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 بطلب إلى الولايات المتحدة لشراء 40 طائرة من طراز «إف 16 بلوك 70»، و79 من معدات التحديث لأسطولها القديم من الطائرات ذاتها. وواجهت العملية صعوبات ورفضاً من الكونغرس لأسباب مختلفة، كان آخرها شرط مصادقة تركيا على انضمام السويد إلى حلف الناتو. وأعطى الكونغرس الموافقة على الطلب في يناير (كانون الثاني) الماضي، بعد تصديق تركيا على طلب السويد.

ملف تسليم غولن

وفي ملف معقد آخر في العلاقات التركية - الأميركية، كشفت مصادر تركية عن رفض الولايات المتحدة 7 طلبات قدمتها تركيا على مدى السنوات الثماني الماضية لتسليم فتح الله غولن (84 عاماً)، الذي تعده سلطات أنقرة المسؤول الأول عن محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو في تركيا.

ولم ترد الإدارات الأميركية المتعاقبة للرؤساء باراك أوباما، دونالد ترمب، جو بايدن، بشكل إيجابي على طلبات تركيا تسليم غولن، الذي تواترت تقارير في الفترة الأخيرة عن تدهور حالته الصحية، وطلبت تقديم أدلة دامغة تدينه بتدبير محاولة الانقلاب، التي أعلنت تركيا على أثرها «حركة الخدمة» التابعة له، تنظيماً إرهابياً باسم «منظمة فتح الله غولن الإرهابية المسلحة».

في السياق ذاته، أشارت تقارير إلى استعادة تركيا 132 ممن يدعى انتسابهم إلى حركة غولن من دول مختلفة حتى الآن، مع رفض 424 طلباً تم تقديمها إلى بلدان مختلفة.

وأرسلت السلطات التركية 1963 طلب تسليم إلى 115 دولة لتسليم 560 شخصاً متهمين بالانتماء إلى منظمة غولن، كما يجري الإعداد لإرسال 50 طلب تسليم سترسل إلى دول أخرى.

لقاء ثان لإردوغان وأوزيل

على صعيد آخر، أعلن زعيم المعارضة التركية رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، أن الرئيس رجب طيب إردوغان سيزور حزب الشعب الجمهوري الثلاثاء المقبل لرد زيارته له بمقر حزب العدالة والتنمية في أنقرة في 2 مايو (أيار) الماضي، كما أكدت دائرة الاتصال بالرئاسة التركية الموعد في بيان أصدرته الخميس.

وتأتي زيارة إردوغان وسط تصاعد النقاش حول ما سماه الرئيس التركي «انفراجة سياسية» تحتاج إليها البلاد، فيما أطلق عليها أوزيل، صاحب المبادرة في اللقاء مع قادة الأحزاب: «عملية تطبيع السياسة».

إردوغان استقبل أوزيل بمقر حزب العدالة والتنمية 2 مايو في أول لقاء مع زعيم المعارضة منذ 8 سنوات (الرئاسة التركية)

وتصاعدت حرارة النقاشات في الأيام الأخيرة، بعدما صرح إردوغان بأن الانفراجة لا تعني التخلي عن «الخطوط الحمراء» لتحالف الشعب (حزبا العدالة والتنمية والحركة القومية) أو للمعارضة. بدوره، انتقد أوزيل، الذي أكد أن التطبيع لا يعني تخفيف جرعة المعارضة أو التخلي عن طرح مشكلات المواطنين، حديث إردوغان وحليفه رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهشلي عن الخطوط الحمراء، قائلاً: «عندما يقول البعض انفراجة، فإنهم يرسمون خطاً ويقولون لدينا خطوط حمراء، ويختبئون خلف هذا الخط، ولا يلتزمون بالدستور، ولا يعترفون بالمحكمة الدستورية، ويستولون على إرادة الشعب بسياسات الوصاية، ويمنعون الاجتماعات والمظاهرات ويرتكبون مزيداً من السحق وتجاهل شرائح المجتمع. إذا استمر ذلك كله فلا يمكن الحديث عن الانفراجة أو التطبيع».

ولوح أوزيل بالانتخابات المبكرة، وقال في تصريحات الخميس: «لا نعتقد أن الحديث عن انتخابات مبكرة في السياسة يعني الدوس على لغم، إلا إذا كان معدل تصويتك يبعدك عن الانتخابات، كلامي لا يعني أن حزب الشعب الجمهوري يريد انتخابات مبكرة، رغم أنه سيكون الحزب الأول إذا أجريت الانتخابات غداً. لكن دون زيادة الحد الأدنى للأجور، ودون تحسين أوضاع المتقاعدين وتعيين مليون معلم تلقوا وعوداً من الحكومة، ودون الامتثال لقرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن قضية (غيزي بارك) ستطالب الأمة بالانتخابات المبكرة ولن يستطيع أحد الوقوف أمامها».


مقالات ذات صلة

أنقرة لفتح قنصلية في حلب... ورفض يوناني للاتفاق البحري

المشرق العربي إردوغان تعهد بدفن مسلحي الوحدات الكردية أحياء (الرئاسة التركية)

أنقرة لفتح قنصلية في حلب... ورفض يوناني للاتفاق البحري

كشف الرئيس رجب طيب إردوغان عن استعدادات بلاده لفتح قنصلية لها في مدينة حلب قريباً، لتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
خاص عبد الله غل (يمين) يصفق وهو يجلس بجوار إردوغان (يسار) في البرلمان التركي أغسطس 2007 (غيتي)

خاص مستقبل إردوغان والحزب الحاكم... سؤال تركيا الكبير

أمضت تركيا أكثر من 22 عاماً تحت حكم حزب «العدالة والتنمية» الذي شهدت مسيرته محطات حرجة وتحديات سياسية واقتصادية، بين صعود وهبوط.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية قوات تركية في شمال سوريا (وزارة الدفاع التركية) play-circle 00:35

إردوغان: على الأكراد إلقاء السلاح وإلا فسيُدفنون بالأراضي السورية

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الأربعاء، إن على المسلحين الأكراد في سوريا إلقاء أسلحتهم وإلا «فسيُدفنون» في الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية دمار أحدثه الانفجار بمصنع المتفجرات في باليكسير غرب تركيا الثلاثاء (رويترز)

تركيا: مصرع وإصابة 18 شخصاً في انفجار بمصنع للذخيرة

لقي 11 شخصاً مصرعهم وأصيب 7 آخرون، الثلاثاء، جراء انفجار وانهيار جزئي في مصنع لإنتاج الذخيرة والمتفجرات في ولاية باليكسير، غرب تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي إردوغان مستقبلاً جنبلاط في أنقرة الثلاثاء (الرئاسة التركية - إكس)

إردوغان التقى جنبلاط بأنقرة عشية لقاء الشرع في دمشق

جاءت زيارة جنبلاط المفاجئة لتركيا، وسط تسريبات تحدثت عن احتمال قيامه بدور وساطة بين تركيا والإدارة الذاتية الكردية في شمال شرقي سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«الكعكة السورية» تعزز «العداء» الإسرائيلي - التركي

سوري يشاهد شاحنة تنقل دبابة إسرائيلية إلى الأراضي السورية في الجولان (إ.ب.أ)
سوري يشاهد شاحنة تنقل دبابة إسرائيلية إلى الأراضي السورية في الجولان (إ.ب.أ)
TT

«الكعكة السورية» تعزز «العداء» الإسرائيلي - التركي

سوري يشاهد شاحنة تنقل دبابة إسرائيلية إلى الأراضي السورية في الجولان (إ.ب.أ)
سوري يشاهد شاحنة تنقل دبابة إسرائيلية إلى الأراضي السورية في الجولان (إ.ب.أ)

على الرغم من التنافس الخفي بين إسرائيل وتركيا على «الكعكة السورية»، والعداء السافر في الخطابات السياسية لقادتهما، تحرص تل أبيب وأنقرة على إبقاء قنوات حوار مفتوحة بينهما، من خلال رغبة مشتركة في ألا يسمحا بالتدهور إلى صدام حربي بينهما على الأراضي السورية.

ووفق مصادر سياسية مطلعة، يدرك كل منهما أن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا يحدث تغييراً جوهرياً في خريطة موازين القوى في الشرق الأوسط. وترى إسرائيل أن دخولاً متجدداً لتركيا بصفتها قوة عظمى إقليمية، من شأنه أن يؤدي إلى مواجهة مباشرة معها.

نشوة المكاسب

وترى تركيا بالمقابل، أن إسرائيل تعيش في نشوة المكاسب التي حققتها في الحرب مع «حماس» و«حزب الله» ومع إيران وفي سوريا. وكل منهما تتابع نشاط الأخرى على الأرض السورية منذ فترة طويلة.

فقد عملت تركيا، وتعمل من خلف الكواليس في الثورة في سوريا، منذ عام 2011، وتستثمر مقدرات اقتصادية وعسكرية بداية كي تضرب الإقليم الكردي، وتمنع ارتباطاً بينه وبين الإقليم الكردي في تركيا.

المدفعية التركية في حالة تأهب على الحدود مع تركيا قبالة عين العرب (إعلام تركي)

فتركيا لديها تطلعات إمبريالية في المنطقة، بما في ذلك العودة لأن تكون نوعاً من الإمبراطورية العثمانية، في سوريا في المرحلة الأولى، حسب د. جاي إيتان كوهن ينروجيك، خبير في الشؤون التركية في مركز «موشيه دايان» في جامعة تل أبيب.

ويقول: «نجحت تركيا بخطوة سريعة في دحر إيران وروسيا من سوريا، وتسعى لملء الفراغ الناشئ بسقوط الأسد، الذي يعد نجاحاً فاق التصورات».

ويضيف: «في الأيام الأخيرة تصدر بيانات عن الحكم التركي، بما فيها على لسان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، عن نياتهم بالنسبة للإقليم الكردي في سوريا، ولكن أيضاً بالنسبة لأجزاء أخرى من سوريا، بما فيها المحافظات الجنوبية».

وضمن أمور أخرى، أعلن الأتراك عن نيتهم إعادة شق سكة القطار الحجازي؛ إسطنبول دمشق، بالتوازي مع شق طريق سريع بين تركيا وسوريا، وإقامة مطارات وموانئ تركية في سوريا، وذلك إلى جانب ضم أجزاء من سوريا، ما ينزع المياه الاقتصادية من قبرص، ويمنع تمديد أنابيب الغاز التي تربط بين إسرائيل وقبرص واليونان.

تحالفان مركزيان

ويضيف: «هذه الخطوة ستؤدي إلى تحالفين مركزيين في المنطقة؛ التحالف الإسرائيلي، الذي سيتشكل من قبرص واليونان، وإلى جانبهما دول إقليمية أخرى، وبالمقابل تحالف تركيا، مع سوريا ولبنان وليبيا». ويتابع جهاز الأمن الإسرائيلي بقلق الخطوات التركية؛ لكنه لا يكتفي بالقلق، ولا يقف متفرجاً، بل قام بتدمير الجيش السوري واحتلال مقاطع واسعة من الجنوب الغربي لسوريا.

ويقول الإسرائيليون إن القيادة الجديدة في سوريا، ومن خلفها تركيا، لم تتوقع التدهور الذي حصل لنظام الأسد بهذه السرعة والسهولة، وهم قصدوا السيطرة على حلب، وليس الاحتلال السريع لكل سوريا.

القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع مستقبلاً وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في دمشق قبل أيام (رويترز)

جاء ذلك ليفتح شهية أنقرة، ويغذي تطلعاتها الإمبريالية. وهم ينظرون إلى تركيا بصفتها «دولة عظمى إقليمياً، مع سكان يبلغ عددهم 84 مليون نسمة، واقتصاد يحتل المرتبة الـ17 في العالم، وقوة إنتاج ناجعة على نحو خاص، وقوة بحرية عسكرية كبيرة ومهمة، وسلاح جوها مثل سلاحنا في العدد، وإن لم يكن في النوعية، ولديهم أيضاً قوة برية مهمة وقوية».

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أنه، وعلى الرغم من العداء السياسي، لا تزال هناك علاقات أمنية، وأنه يُجرى حوار بين الدولتين، بما في ذلك على مستويات العمل الأمني. وكلا الطرفين ينتظر دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني)، والذي يعد المجهول الأكبر.

سيناريوهان

وفي تل أبيب يستعدون لسيناريوهين مركزيين في هذا الشأن؛ الأول أن يسعى ترمب للعمل بقوة حيال إيران، ويسعى لترتيب المنطقة، وخلق تحالف من الاتفاقات بين إسرائيل والدول السنية المعتدلة في المنطقة. وهكذا يبث للروس وللصينيين أيضاً القوة، وبعد أشهر من القتال ينشأ واقع هدوء إقليمي وقوة أميركية، ما يتيح له استمرار فترة ولاية هادئة، في ظل التركيز على الشؤون الداخلية والاقتصاد الأميركي.

ولكنّ هناك سيناريو ثانياً، ومعاكساً، وهو أن تهمل الولايات المتحدة النشاط العسكري في المنطقة، بل إنها يمكنها أن تسمح لتركيا بأن تستنفد تطلعاتها في سوريا، مقابل أن تسمح للأميركيين بحرية العمل التي يريدونها في المنطقة. الثمن الفوري سيدفعه الأكراد، الذين يريد الأتراك رأسهم الآن.

وبناءً على التطورات الجديدة، تحاول إسرائيل تثبيت وجودها في المشهد السوري، وربما أيضاً في لبنان. فهناك، ينوي الجيش الإسرائيلي التراجع عن ترتيباته لوقف النار في لبنان، وربما يعود إلى استئناف القتال بالكامل، في انتهاء فترة وقف النار بعد 60 يوماً. وقد أبدت إسرائيل أكثر من تلميح على هذا التصميم، حين هاجم سلاح الجو في البقاع عمق لبنان، ودمر مخازن سلاح كبيرة لـ«حزب الله»، بحجة أنها نقلت فقط في الأيام الأخيرة من سوريا إلى لبنان، وأكد أن قواته لن تنسحب من الجنوب اللبناني كما ينص الاتفاق.