إيران تنهي الحداد... والحلفاء العراقيون يتصدرون تأبين رئيسي

خامنئي وصف رئيسي بـ«رئيس الثورة»... وأحمدي نجاد يدرس «الشروط» للمشاركة في الانتخابات المقبلة

صورة وزعها مكتب خامنئي لتأبين رئيسي ويظهر فيها مسؤولون وسياسيون عراقيون
صورة وزعها مكتب خامنئي لتأبين رئيسي ويظهر فيها مسؤولون وسياسيون عراقيون
TT

إيران تنهي الحداد... والحلفاء العراقيون يتصدرون تأبين رئيسي

صورة وزعها مكتب خامنئي لتأبين رئيسي ويظهر فيها مسؤولون وسياسيون عراقيون
صورة وزعها مكتب خامنئي لتأبين رئيسي ويظهر فيها مسؤولون وسياسيون عراقيون

شهدت طهران، السبت، تأبين الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومسؤولين آخرين قضوا في سقوط مروحية شمال غربي البلاد، الأسبوع الماضي.

وأقيم التأبين، في يوم الحداد الخامس والأخير، داخل «حسينية» المرشد الإيراني، علي خامنئي، وأظهرت لقطات وزعها مكتبه حضور وفود سياسية وحكومية مثلت عشرات الدول، وفقاً لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري».

وجلس خامنئي وسط نخبة من رجال الدين الإيرانيين وسياسيين عراقيين، خلافاً لوفود أجنبية وعربية شاركت في التأبين.

وجلس على يسار خامنئي كل من محمد تقي آل هاشم والد إمام جمعة تبريز محمد علي آل هاشم، وأحمد علم الهدي إمام جمعة مشهد، ووالد زوجة إبراهيم رئيسي، وعلی یمینه رجل الدين المتنفذ ناصر رفيعي، أحد الخطباء المعتمدين لدى المرشد الإيراني، ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام صادق لاريجاني، ورئيس القضاء غلام حسين محسني أجئي، ورئيس البرلمان محمد باقر قاليباف.

وأظهرت صور حضور الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد الذي أثار جدلاً واسعاً لارتدائه القميص الأبيض، في افتتاح مجلس خبراء القيادة، بعد ساعات من تأكيد وفاة رئيسي، كما ظهر الرئيس السابق حسن روحاني في مكان ما داخل «الحسينية».

خامنئي ومجموعة من رجال دين إيرانيين أبرزهم محمد تقي آل هاشم والد إمام جمعة تبريز خلال تأبين رئيسي (مكتب المرشد)

العراقيون في صدارة التأبين

لكن الشخصيات العراقية تصدَّرت التأبين بجلوسها في الصف الأول إلى جانب خامنئي، بينما كانت بقية الوفود تجلس مع الحشود داخل «الحسينية».

وظهر رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق، القاضي فائق زيدان، إلى جانب شخصيات إيرانية بارزة، وهي تجلس إلى جانب خامنئي، حين كان الأخير يقرأ عبارات لتأبين رئيسي.

وأعلن في العراق أن القاضي زيدان سافر إلى طهران لتقديم التعازي، وكذلك فعل رئيس الجمهورية، عبد اللطيف رشيد، الذي اصطحب رئيسي الوزراء السابقَين عادل عبد المهدي وحيدر العبادي، إلى جانب زعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني.

وفي التأبين، كان من اللافت أيضاً حضور رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، وزعيم «عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، وزعيم تيار الحكمة، عمار الحكيم، اللذين ظهرا خلال مقاطع مصورة خلال التأبين وهما يتبادلان حديثاً جدياً.

وكان خامنئي دخل إلى «حسينية» المرشد، وتوجه إلى مجموعة من الشخصيات الإيرانية والعراقية، وألقى عليهم تحية، قبل أن يأخذ مقعداً ليبدأ التأبين.

وظهر مع الشخصيات العراقية، أدهم بارزاني، وهو سياسي كردي طالما أثار الجدل بمواقفه السياسية، أبرزها دعم الغريم التقليدي للحزب الديمقراطي الكردستاني، حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة بافل طالباني، الذي تربطه صلات قوية مع الإطار التنسيقي الحاكم، وإيران.

خامنئي خلال لقائه عائلات قتلى سقوط طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي (د.ب.إ)

رئيسي «رئيس الثورة»

وعلى هامش التأبين، أفادت وكالة «مهر» الحكومية بأن خامنئي استقبل عائلات قتلى حادث تحطم مروحية رئيسي.

وقال خامنئي للعائلات إن «رئيسي عمل من أجل الشعب، وهذه أبرز خصائصه»، وإنه «لم يكن يعرف الليل من النهار، ولا يكل من العمل».

وتابع خامنئي: «خدمات وجهود رئيسي وعبد اللهيان في الجبهة الداخلية والخارجية قصة طويلة ومفصلة».

وأشار خامنئي إلى «دعاية الأعداء... والمزاعم بابتعاد الشعب عن الجمهورية الإسلامية»، وقال: «هذا الحادث أثبت عملياً أن الشعب الإيراني وفيّ ومرتبط بالرئيس والأشخاص الذين جسدوا شعارات الثورة».

وقال خامنئي إن رئيسي منذ دخوله إلى حملة الانتخابات اعتمد على شعارات الثورة وتصريحات المرشد الأول، وكل العالم كان يعرفه باسم رئيس جمهورية الثورة.

أعرب خامنئي عن ارتياحه للجنازات، وقال إنها «أظهرت أن الأمة الإيرانية لا تزال على قيد الحياة».

إلى ذلك، ذكرت وكالة «إرنا» الرسمية أن أكثر من 100 ألف مهاجر أفغاني شاركوا في جنازة الرئيس الإيراني الخميس الماضي بمدينة مشهد حيث تنتشر مخيمات اللاجئين الأفغان، وقدر مسؤولون إيرانيون عددهم بثلاثة ملايين في أنحاء البلاد.

صور وزعها مكتب المرشد للرئيس السابق حسن روحاني ورئيس البرلمان السابق علي لاريجاني

نتائج التحقيق النهائية

ورغم إعلانها نتائج أولية للتحقيق في سقوط المروحية، فإنه لا يزال هناك تقرير نهائي من المفترض أن تعلن عنه لجنة التحقيق.

وکان عضو لجنة الأمن القومي الإيراني، النائب إسماعيل كوثري، تحدث عن تكليف منسق هيئة الأركان المسلحة الجنرال علي عبد اللهي بالإشراف على تحقيق تجريه إيران في ملابسات تحطم المروحية.

وأغلق کوثري الباب بوجه تشكيل لجنة برلمانية، بعدما أعلنت هيئة الأركان فتح تحقيق في الحادث.

وقال كوثري، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، في حديث لموقع «ديده بان»، إن فريق التحقيق الذي يقوده عبد اللهي يدرس الحادث من مختلف الزوايا، وسيقدم تقريراً شاملاً فور انتهاء التحقيق.

وفي وقت متأخر من ليل الخميس - الجمعة، أصدر مركز الاتصالات، التابع لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة ما قال إنه «تقرير أولي» عن حادث مروحية رئيسي.

وأوضح التقرير أن المعلومات «التي يمكن الجزم بها» تفيد بأن المروحية «استمرَّت في المسار المخطَّط لها، ولم تخرج عنه». وأضاف: «لم تجرِ ملاحظة آثار الرصاص أو ما شابه ذلك في مكونات المروحية المنكوبة، والنيران اندلعت فيها بعد اصطدامها بالأرض».

وفسر التقرير تأخُّر العثور على طائرة رئيسي ساعات طويلة، وقال إن «تعقيد المنطقة، والضباب، وانخفاض الحرارة، تسببت في امتداد البحث طوال الليل». ودعا التقرير إلى «عدم الالتفات إلى تعليقات غير خبيرة يجري نشرها بناء على تكهنات، دون معرفة دقيقة بحقائق المشهد، أو أحياناً بتوجيه من وسائل إعلام أجنبية في الفضاء الافتراضي».

وبدا أن السلطات الإيرانية تحاول السيطرة على تدفق «نظريات المؤامرة» التي تبنَّتها صحف إيرانية قالت إن عدم وجود رواية رسمية يزيد الغموض.

قائد «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» خلال تأبين رئيسي (إ.ب.أ)

ماذا عن الانتخابات المقبلة؟

ورغم أن السلطات الإيرانية تركز كثيراً على أجواء الحداد، فإن التحضير للمرحلة المقبلة بدأ يحظى باهتمام الصحافة، لا سيما القريبة من التيار الإصلاحي.

وستجري الانتخابات في 28 يونيو (حزيران)، على أن تبدأ الحملة الانتخابية للمرشحين بين 12 و26 من الشهر نفسه. وسيبدأ تسجيل المرشحين الخميس المقبل، ويستمر 5 أيام.

وكتب إلياس حضرتي، أمين حزب الاعتماد، في صحيفة الحزب، إن «إجراء انتخابات بمشاركة منخفضة كارثة على أي دولة، وهو أمر أكثر كارثية بالنسبة لإيران حين تبلغ نسبة المشاركة حدود 30 في المائة».

وكتب وزير الطرق السابق، عباس أخوندي، في الصحيفة نفسها، أن «تحطُّم طائرة رئيسي جعل الشعب الإيراني، بمن في ذلك السياسيون والأحزاب والمجتمعات، في وضع يحتاجون فيه بشكل عاجل إلى اتخاذ قرار استراتيجي خلال فترة قصيرة».

ونقلت مواقع إخبارية عن الرئيس الشعبوي الأسبق محمود أحمدي نجاد قوله لبعض أنصاره المجتمعين أمام مقر إقامته، إنه يدرس شروط الحضور في الانتخابات لكي يتخذ القرار بشأن ترشحه في الانتخابات. وقال: «يجب أن نتوقع تطورات جيدة في البلاد، يصب مسارها في مصلحة الشعب».

وتناقلت الصحف الإيرانية أسماء ما يصل إلى 40 مرشحاً محتملاً في الانتخابات، بينهم أحمدي نجاد، ورئيس البرلمان محمد باقر قاليباف وعلي شمخاني مستشار المرشد الإيراني، وسعيد جليلي ممثل خامنئي في المجلس الأعلى للأمن القومي، وقائد «الحرس الثوري» السابق محمد علي جعفري، وإسحاق جهانغيري نائب الرئيس السابق، ووزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، ورئيس البرلمان السابق علي لاريجاني، ومحافظ البنك المركزي ناصر همتي الذي نافس رئيسي في الانتخابات الأخيرة واحتل المرتبة الثالثة بـ2.5 مليون صوت. ومحسن مهر علي زاده الذي انسحب لصالح همتي في الانتخابات الأخيرة.

إيرانيون يحملون نعش الرئيس إبراهيم رئيسي خلال مراسم الجنازة في مشهد (إ.ب.أ)

ونفى مكتب علي لاريجاني في وقت متأخر، الجمعة، أنباء تداولت عن شبكات التواصل الاجتماعي، تحدثت عن توجهه لمكتب المرشد الإيراني للاستفسار عن رأيه بشأن ترشحه للانتخابات.

واستبعد لاريجاني في الانتخابات الأخيرة من قبل مجلس صيانة الدستور الذي يدرس طلباته الترشيح، ووجه رسائل احتجاجية عدة طالباً نشر أسباب إقصائه. وكان لاريجاني رئيساً للبرلمان لمدة 12 عاماً. وأثار غضب حلفائه المحافظين، عندما دعم توقيع الاتفاق النووي.

وانتقد خامنئي قبل أسابيع من انتخابات الرئاسة لعام 2021 إقصاء بعض المرشحين، وهو ما فُسِّر بأنه يقصد لاريجاني، لكن مجلس صيانة الدستور لم يتراجع عن قراره في نهاية المطاف.

وفي غياب منافس حقيقي، فاز رئيسي في أدنى مشاركة شهدتها الانتخابات منذ ثورة 1979.


مقالات ذات صلة

جمال مصطفى: الرئيس قال «عبد الكريم قاسم نزيه لكن الحزب كلفنا باغتياله»

خاص شغل الدكتور جمال مصطفى السلطان منصب السكرتير الثاني للرئيس صدام حسين وهو متزوج من ابنته حلا play-circle 02:19

جمال مصطفى: الرئيس قال «عبد الكريم قاسم نزيه لكن الحزب كلفنا باغتياله»

يؤكد جمال مصطفى السلطان أن الرئيس صدام رفض اغتيال ضيفه الخميني، ويعتبر تسمية «الكيماوي» ظلماً لعلي حسن المجيد.

غسان شربل
شؤون إقليمية مجلس الأمن يصوت بالإجماع على القرار «2231» بعد أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بفيينا في 20 يوليو 2015 (أرشيفية - الأمم المتحدة)

«سناب باك»... إيران تواجه شبح العقوبات الأممية

لوّحت بريطانيا، الأحد، بتفعيل آلية «سناب باك» لمواجهة الخروقات الإيرانية في الاتفاق النووي لعام 2015؛ ما يعرض طهران لخطر العودة التلقائية إلى العقوبات الأممية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

أعلنت وزارة الكهرباء العراقية الأحد عن فقدان منظومة الكهرباء لـ5500 ميغاواط بسبب توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل.

فاضل النشمي (بغداد)
شؤون إقليمية صورة نشرتها وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» لعلي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني

علي لاريجاني: إيران تجهز الرد على إسرائيل

قال علي لاريجاني، أحد كبار مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، اليوم (الأحد)، إن طهران تجهز لـ«الرد» على إسرائيل.

شؤون إقليمية صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي

إيران وأوروبا تجتمعان لمحادثات نووية في جنيف الجمعة

تعتزم إيران إجراء محادثات نووية مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي يوم 29 نوفمبر (تشرين الثاني) في جنيف.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

«سناب باك»... إيران تواجه شبح العقوبات الأممية

مجلس الأمن يصوت بالإجماع على القرار «2231» بعد أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بفيينا في 20 يوليو 2015 (أرشيفية - الأمم المتحدة)
مجلس الأمن يصوت بالإجماع على القرار «2231» بعد أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بفيينا في 20 يوليو 2015 (أرشيفية - الأمم المتحدة)
TT

«سناب باك»... إيران تواجه شبح العقوبات الأممية

مجلس الأمن يصوت بالإجماع على القرار «2231» بعد أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بفيينا في 20 يوليو 2015 (أرشيفية - الأمم المتحدة)
مجلس الأمن يصوت بالإجماع على القرار «2231» بعد أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بفيينا في 20 يوليو 2015 (أرشيفية - الأمم المتحدة)

لوّحت بريطانيا، الأحد، بتفعيل آلية «سناب باك» لمواجهة الخروقات الإيرانية في الاتفاق النووي لعام 2015؛ ما يعرض طهران لخطر العودة التلقائية إلى العقوبات الأممية، في حال واصلت التصعيد النووي.

وجاء التهديد في إطار بيان لوزارة الخارجية البريطانية أكد محادثات من المقرر أن تجري الجمعة في جنيف، بين الثلاثي الأوروبي (فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا) وإيران لبحث إمكانية العثور على مخرج من المأزق في المسار الدبلوماسي الهادف لإحياء الاتفاق النووي.

وردت إيران على القرار الذي اقترحته بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، بما وصفه مسؤولون حكوميون بإجراءات مختلفة مثل تشغيل العديد من أجهزة الطرد المركزي الجديدة والمتقدمة، وهي أجهزة تعمل على تخصيب اليورانيوم.

وذكرت وكالة «كيودو» اليابانية للأنباء التي كانت أول من نشر خبر انعقاد الجولة الجديدة من المحادثات يوم الجمعة في جنيف، أن حكومة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان تسعى إلى التوصل لحل للأزمة النووية قبل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في يناير (كانون الثاني).

وقالت وزارة الخارجية البريطانية: «ما زلنا ملتزمين باتخاذ جميع الخطوات الدبلوماسية لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، بما في ذلك عبر آلية العودة التلقائية (سناب باك) إذا لزم الأمر».

وتخشى إيران من أن يعود ترمب إلى استراتيجية «الضغوط القصوى»، بما في ذلك السعي لتفعيل آلية «سناب باك».

فضلاً عن ترمب، تخشى إيران أيضاً تفعيل آلية «سناب باك» من قبل القوى الأوروبية. وأعرب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، بداية الأسبوع الماضي، عن مخاوفه من أن تقدم الدول الأوروبية على تفعيل آلية «سناب باك» المنصوص عليها في الاتفاق النووي، قبل انتهاء مفعولها في أكتوبر (تشرين الأول) 2025، مع انقضاء موعد القرار «2231» الذي يتبنى الاتفاق النووي.

وبعد انسحاب ترمب من الاتفاق النووي في 2018، ردت إيران بإجراءات كبيرة وغير مسبوقة في برنامجها النووي، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المائة. ورداً على الضغوط، هددت إيران مراراً وتكراراً بإمكانية الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي العالمية إذا أحالتها الدول الأوروبية إلى مجلس الأمن الدولي بسبب تقليص تعهداتها النووية.

وكرر هذا التهديد نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية كاظم غريب آبادي، الخميس الماضي، قائلاً إن بلاده «ستنسحب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية» إذا قرّرت الدول الغربية إعادة فرض عقوبات أممية على إيران، بموجب تفعيل آلية «سناب باك».

آلية فض النزاع

يمر تفعيل آلية «سناب باك» عبر تفعيل بند آخر، يعرف بآلية «فض النزاع». أقدمت إدارة ترمب الأولى على تفعيل آلية «فض النزاع»، لكنها واجهت معارضة أوروبية حالت دون تفعيل آلية «سناب باك» رغم أن وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو، أعلن تفعيل بلاده للآلية.

وقبل عودة إيران والقوى الكبرى إلى طاولة المفاوضات النووية في أبريل (نيسان) 2021، فعّل الثلاثي الأوروبي في يناير 2020 آلية «فض النزاع»، في أقوى خطوة اتخذتها هذه الدول حتى الآن لفرض تطبيق اتفاق عُرض على إيران بموجبه تخفيف العقوبات عنها مقابل الحد من أنشطتها النووية. لكن بعد الخطوة بشهر أعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، تمديد تلك الخطوة إلى أجل غير مسمى، حتى يتجنب ضرورة إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو فرض عقوبات جديدة على طهران.

وقال بوريل أثناء زيارة إلى طهران في 4 فبراير (شباط) 2020: «نحن متفقون على عدم تحديد إطار زمني صارم بشكل مباشر يلزمنا بالذهاب إلى مجلس الأمن». وأضاف: «لا نرغب في بدء عملية تفضي إلى نهاية الاتفاق (النووي)، وإنما إبقاء الاتفاق على قيد الحياة».

رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي يشرح للمرشد الإيراني علي خامنئي عملية تخصيب اليورانيوم... وتبدو مجسمات لسلسلة أجهزة الطرد المركزي (موقع المرشد)

في ديسمبر (كانون الأول) 2020، أقر البرلمان الإيراني قانون «الخطوة الاستراتيجية للرد على العقوبات الأميركية»، ورفعت إيران بموجبه تخصيب اليورانيوم إلى 20 في المائة خلال الأسابيع الأولى من تولي جو بايدن مهامه في البيت الأبيض، قبل أن ترفع نسبة التخصيب إلى 60 في المائة.

وتستغرق عملية «فض النزاع» ما يصل إلى 65 يوماً إلا في حالة الاتفاق بالإجماع على تمديد هذه المدة. وفيما يلي خطوات تنفيذ الآلية:

لجنة مشتركة

الخطوة الأولى: إذا اعتقد أي من أطراف الاتفاق النووي المعروف باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة» أن طرفاً آخر غير ملتزم بتعهداته، فإنه بإمكانه إحالة الأمر إلى لجنة مشتركة تضم إيران وروسيا والصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي (كانت الولايات المتحدة عضواً في هذه اللجنة قبل انسحابها من الاتفاق).

ويكون أمام هذه اللجنة المشتركة 15 يوماً لحل المشكلة إلا إذا اتفقت بالإجماع على تمديد هذه الفترة.

الخطوة الثانية: إذا اعتقد أي من الأطراف أن المشكلة لم يتم حلها بعد الخطوة الأولى، فإنه يمكن إحالتها إلى وزراء خارجية الدول المشاركة في الاتفاق. وسيكون أمام الوزراء 15 يوماً لحل المشكلة إلا إذا توافقوا على تمديد هذه المدة.

وبالتوازي مع، أو بدلاً من، نظر وزراء الخارجية في المسألة، فإن بإمكان الطرف الشاكي أو المتهم بعدم الالتزام طلب النظر فيها من قبل مجلس استشاري مؤلف من ثلاثة أعضاء، عضوان منهم يمثلان طرفَي النزاع والثالث مستقل. ويتعين أن يعطي المجلس الاستشاري رأياً غير ملزم في غضون 15 يوماً.

الخطوة الثالثة: إذا لم يتم حل المشكلة خلال العملية المبدئية التي تستغرق 30 يوماً، فإنه يكون أمام اللجنة المشتركة خمسة أيام لدراسة أي رأي تقدمه اللجنة الاستشارية لمحاولة تسوية الخلاف.

الخطوة الرابعة: إذا لم يقتنع الطرف الشاكي بعد ما جرى اتخاذه من خطوات، ويرى أن الأمر يشكل عدم التزام كبير بالاتفاق، فإن بإمكانه اعتبار المسألة التي لم يتم حلها أساساً لإنهاء التزاماته بموجب هذا الاتفاق كلياً أو جزئياً.

كما يجوز للطرف الشاكي إخطار مجلس الأمن الدولي بأن هذه المسألة تمثل عدم التزام كبير. ويتعين على هذا الطرف أن يصف في إخطاره الجهود التي بُذلت بنيات حسنة حتى نهاية عملية «فض النزاع» التي تولتها اللجنة المشتركة.

عراقجي يتحدث خلال جلسة مجلس الأمن حول لبنان وإسرائيل (الخارجية الإيرانية)

مجلس الأمن الدولي

الخطوة الخامسة: بمجرد أن يخطر الطرف الشاكي مجلس الأمن، فإنه يتعين على المجلس أن يصوت في غضون 30 يوماً على قرار باستمرار تخفيف العقوبات على إيران. ويحتاج إصدار هذا القرار موافقة تسع دول أعضاء دون أن تستخدم الولايات المتحدة أو روسيا أو الصين أو بريطانيا أو فرنسا حق النقض (الفيتو).

الخطوة السادسة: إذا لم يتم تبنّي هذا القرار في غضون 30 يوماً، يعاد فرض العقوبات التي وردت في كل قرارات الأمم المتحدة السابقة إلا إذا قرر مجلس الأمن غير ذلك. وإذا أعيد فرض العقوبات السابقة، فإنها لن تسري بأثر رجعي على العقود التي وقعتها إيران.