مستوطنة بن غفير في الخليل تقود لتقليص مساحة الضفة وإسقاط السلطة

الكنيست أقر مشروع قانون لضم أراضٍ إلى إسرائيل

مسيرة استيطانية إلى بؤرة إفياتار شمال الضفة بمشاركة وزراء من اليمين أبريل 2023 (أ.ب)
مسيرة استيطانية إلى بؤرة إفياتار شمال الضفة بمشاركة وزراء من اليمين أبريل 2023 (أ.ب)
TT

مستوطنة بن غفير في الخليل تقود لتقليص مساحة الضفة وإسقاط السلطة

مسيرة استيطانية إلى بؤرة إفياتار شمال الضفة بمشاركة وزراء من اليمين أبريل 2023 (أ.ب)
مسيرة استيطانية إلى بؤرة إفياتار شمال الضفة بمشاركة وزراء من اليمين أبريل 2023 (أ.ب)

بعد يوم من نشر خطة وزير المالية الإسرائيلي، بتسليل سموتريتش، لمعاقبة الفلسطينيين على القرارات الدولية (أوامر اعتقال التي طلبها المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية، كريم خان، واعتراف 3 دول أوروبية بفلسطين كدولة)، وقرار وزير الدفاع، يوآف غالانت، السماح بعودة الاستيطان اليهودي إلى شمال الضفة الغربية... أقر الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، ليلة الأربعاء – الخميس، مشروع قانون يقضي بضم أراض في جنوب الضفة الغربية إلى إسرائيل، بما في ذلك بلدة «كريات أربع» المقامة على أرض الخليل منذ عام 1968 ويسكن فيها الوزير إيتمار بن غفير.

وينص مشروع القانون على اعتبار منطقة جنوب الخليل جزءاً من النقب، على ما فيها من مستوطنات. فإلى جانب البلدات والقرى الفلسطينية التي لم يشملها مشروع القانون، تضم هذه المنطقة 15 مستوطنة، بينها «كريات أربع» في الخليل، وعدداً كبيراً من البؤر الاستيطانية العشوائية. وأيد مشروع القانون 52 عضو كنيست، بعضهم من حزب «يسرائيل بيتينو» المعارض بقيادة أفيغدور ليبرمان، وعارضه 37 عضو كنيست.

إيتمار بن غفير في مستوطنة عيلي بالضفة الغربية 20 يونيو (رويترز)

وجاء في نص القانون الذي قدمته عضو الكنيست ليمور سون هار ميلخ، من حزب «عوتسما يهوديت» الذي يرأسه بن غفير، أنه «يقترح إدخال جميع الإسرائيليين (أي المستوطنات والبؤر الاستيطانية العشوائية) في جنوب الخط 115 ضمن تعريف النقب»، وأن «تشمل منطقة النقب من جنوب الخط 115 إلى المنطقة التي يسري عليها قانون سلطة تطوير النقب من عام 1991».

واعتبرت هار ميلخ أن «هذا قانون هام وسيوقف التمييز والغبن منذ سنين ضد المستوطنين في جنوب جبل الخليل وكريات أربع».

وقال وزير «النقب والجليل والمناعة القومية»، يتسحاق فاسرلاوف، وهو الآخر من حزب «عوتسما يهوديت»، معقباً على القانون باسم الحكومة، إن «هذا القانون تصحيح لظلم. وقد دخل جنوب جبل الخليل إلى البلدات المهددة وبضمنها مدن مختلطة (أي المدن الفلسطينية التاريخية - يافا وحيفا وعكا واللد والرملة) في البلاد».

مستوطنون يحتلون بؤرة استيطانية قرب مستوطنة «كريات» بمدينة الخليل بالضفة يوليو 2022 (إ.ب.أ)

ويرمي القانون إلى تقليص مساحة الضفة الغربية من الجهة الجنوبية. ويأتي مترافقاً مع مبادرتين أخريين لتقليص الضفة الغربية الفلسطينية من الجهة الشمالية، هما:

أولاً: إعلان وزير الدفاع، يوآف غالانت، في بيان مشترك مع رئيس مجلس المستوطنات في شمال الضفة الغربية، يوسي داغان، عن بدء تنفيذ ما نصّ عليه قانون «إلغاء فك الارتباط» من شمال الضفة الغربية، الذي تم التصويت عليه وتمريره بالقراءتين الثانية والثالثة في الكنيست، في 21 مارس (آذار) 2023. ويعني هذا فتح الباب أمام إعادة المستوطنات الأربع، التي جرى تفكيكها في سنة 2005، وهي «غنيم» و«كاديم» و«حوميش» و«سانور»، وربما إقامة المزيد من البؤر الاستيطانية العشوائية.

ثانياً: توجه سموتريتش برسالة إلى نتنياهو يطالب فيها باتخاذ إجراءات عقابية فورية ضد السلطة الفلسطينية، رداً على قرارات النرويج وإسبانيا وآيرلندا بالاعتراف بدولة فلسطين وتضمنت المطالب عقد اجتماع فوري لمجلس التخطيط الاستيطاني في «يهودا والسامرة» (الضفة الغربية) للمصادقة على عشرة آلاف وحدة سكنية (استيطانية) في المستوطنات لتكون جاهزة للتقدم المهني، بما يشمل المنطقة E1. إقامة مستوطنة مقابل كل دولة تعترف بالدولة الفلسطينية. إلغاء «المسار النرويجي» الذي أقره الكابينيت قبل بضعة أشهر، وبموجبه يتم إيداع أموال الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية في النرويج. إلغاء جميع تصاريح كبار الشخصيات من مسؤولين في السلطة الفلسطينية بشكل دائم لكل المعابر (الحواجز) وفرض عقوبات مالية إضافية على كبار مسؤولي السلطة الفلسطينية وعائلاتهم. وقف تحويل أموال المقاصة إلى السلطة الفلسطينية حتى إشعار آخر، والامتناع عن تمديد التعويض للبنوك (الإسرائيلية التي لديها معاملات مع بنوك فلسطينية)، في نهاية الشهر المقبل.

وقفة دعم من فلسطينيين في يطا جنوب الخليل دعماً لدعوة ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية (وفا)

وتؤكد مصادر سياسية في تل أبيب، أن هذه الإجراءات ترمي إلى إشاعة الفوضى في المناطق الفلسطينية التي يشعر فيها الناس بالغليان أصلاً من ممارسات الجيش، والتسبب في انهيار السلطة الفلسطينية.

وكان الوزير سموتريتش كان قد وضع خطة في سنة 2017 أطلق عليها اسم «خطة الحسم» لغرض تصفية القضية الفلسطينية. وهي تتحدث عن عدة مراحل تبدأ بإشاعة الفوضى ثم إسقاط السلطة الفلسطينية، ثم تصفية الحركة القومية الفلسطينية بجميع فصائلها، ثم وضع خيار أمام الفلسطينيين، فإما القبول بأن يكونوا جزءاً من إسرائيل ويخدموا بجيشها وإما أن يرحلوا.


مقالات ذات صلة

السعودية ترحب بقرار أممي بإنهاء احتلال فلسطين

الخليج الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت قراراً يطالب إسرائيل بإنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية (أ.ف.ب)

السعودية ترحب بقرار أممي بإنهاء احتلال فلسطين

رحّبت السعودية، الأربعاء، باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بشأن «إنهاء الوجود غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة»، الذي جرى التصويت عليه خلال

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت (أ.ب)

نتنياهو يناور غالانت وساعر بأنباء الإقالة والتحالف

تفاعلت بقوة في إسرائيل، الاثنين، الأنباء عن مساعي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإقالة وزير دفاعه، يوآف غالانت، وتعيين الوزير السابق جدعون ساعر خلفاً له.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية جثمان عائشة نور إزغي ملفوفاً بعلم تركيا ومحمولاً على أعناق الجنود لدى وصوله إلى إسطنبول الجمعة (موقع ولاية إسطنبول)

تركيا شيّعت جنازة عائشة نور إزغي وتعهّدت بمحاسبة قتلتها الإسرائيليين

شيّعت تركيا، السبت، جنازة الناشطة الأميركية - التركية عائشة نور إزغي إيغي التي قُتلت برصاص جنود إسرائيليين خلال مظاهرة سلمية منددة بالاستيطان بالضفة الغربية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج السعودية عدّت اقتحام نتنياهو «الأغوار» استفزازاً يهدف إلى توسيع الاستيطان (أرشيفية - إ.ب.أ)

السعودية تؤكد رفضها تعدي نتنياهو على «الأغوار»

أعربت السعودية، الخميس، عن إدانتها ورفضها الشديدين الاقتحام السافر لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتعدي على منطقة الأغوار الفلسطينية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي العضوان المتطرفان في الحكومة الإسرائيلية إيتمار بن غفير (يسار) وبتسلئيل سموتريتش... كابينت الحرب استثنى الأول وضم الثاني (أ.ف.ب)

كابنيت جديد للحرب من دون بن غفير

شكّل رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مجلساً وزارياً جديداً (كابينت الحرب) لإدارة الحرب، يضم سبعة وزراء ليس بينهم وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

مصر تشدد على وقف إطلاق النار في غزة ولبنان لتفادي «الحرب المفتوحة»

طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر تشدد على وقف إطلاق النار في غزة ولبنان لتفادي «الحرب المفتوحة»

طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)

شددت القاهرة على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة ولبنان لتفادي ما سمته «الحرب المفتوحة». وندد وزير الخارجية والهجرة المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، مساء الجمعة، بـ«إمعان إسرائيل في توسيع رقعة الصراع»، مجدداً مطالبة تل أبيب بالانسحاب من معبر رفح و«محور فيلادلفيا» الحدودي.

وحمَّل عبد العاطي إسرائيل «المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع في غزة والمنطقة، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال». وقال في كلمته، خلال الجلسة الطارئة لمجلس الأمن بشأن الوضع في فلسطين: «تل أبيب هي المسؤول الأول والمُباشر عن توسيع رقعة الصراع، ومثلها مثل بقية الدول يجب عليها الالتزام بتنفيذ كل قرارات مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية الصادرة منذ بداية الأزمة، وكذلك أحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني».

وشدد وزير الخارجية والهجرة المصري على «رفض مصر الكامل لاستهداف المدنيين»، مُديناً «العدوان الإسرائيلي على لبنان»، وأكد «ضرورة اضطلاع مجلس الأمن بمسؤولياته، واتخاذ الإجراءات اللازمة بما يؤدي إلى وقف الحرب الدائرة، وتحقيق وقف فوري وشامل ودائم لإطلاق النار في غزة ولبنان، وتجنيب المنطقة الانزلاق إلى حرب إقليمية مفتوحة».

مبنى استهدفته غارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت السبت (رويترز)

وأشار عبد العاطي إلى «استمرار القاهرة في العمل بلا كلل أو ملل لوقف الحرب، ولضمان النفاذ الكامل والمُستدام للمساعدات الإنسانية لغزة، ودعم الصمود الفلسطيني أمام محاولات التهجير». وقال إن «مجلس الأمن قادر على إحداث تغيير على الأرض إذا خلصت النيات»، وطالب مجلس الأمن بـ«إلزام إسرائيل بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، ووقف التصعيد المُتعمد في المنطقة بما في ذلك لبنان، والانسحاب الكامل من القطاع، بما في ذلك الانسحاب الفوري من معبر رفح و(محور فيلادلفيا)، حتى يتم استئناف تدفُّق المساعدات الإغاثية العاجلة، والانسحاب كذلك من الجانب الفلسطيني لجميع المعابر بين قطاع غزة وإسرائيل وفتحها بالكامل للنفاذ الإنساني».

و«محور فيلادلفيا» هو شريط حدودي بطول 14 كيلومتراً بين قطاع غزة ومصر، ويعدّ منطقة عازلة بموجب «اتفاقية السلام» الموقّعة بين القاهرة وتل أبيب عام 1979. ومنذ اندلاع حرب غزة بات المحور نقطة أزمة بين القاهرة وتل أبيب، لا سيما مع سيطرة إسرائيل عليه في مايو (أيار) الماضي.

وأشار وزير الخارجية والهجرة المصري إلى عدد من الخطوات الأخرى التي تتطلع القاهرة إلى دور مجلس الأمن بشأنها، ومن بينها «تنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية، وتقديم الدعم الكامل للسلطة الوطنية الفلسطينية، وتمكينها من القيام بكل واجباتها تجاه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بما في ذلك العودة للمعابر، وتقديم الخدمات الأساسية، وتولِّي مهام الإدارة والحُكم وإنفاذ القانون».

آثار القصف الإسرائيلي على مبانٍ شمال قطاع غزة (رويترز)

كما طالب وزير الخارجية والهجرة المصري مجلس الأمن بـ«الترحيب بالعضوية الكاملة لدولة فلسطين بالأمم المتحدة، على أساس خطوط الرابع من يونيو (حزيران) لعام 1967، بما في ذلك ما يتعلق بالقدس الشريف، وإلزام إسرائيل بإنهاء كل مظاهر الاحتلال لدولة فلسطين بقطاع غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية».

وأكد عبد العاطي أن «قوات الاحتلال أمعنت في الانتقام من أهل غزة، رغم كل المناشدات الدولية لإسرائيل بوقف نزيف الدماء، وإيقاف القتل المستمر واستهداف المدنيين، ورغم مساعي الوساطة المستمرة لمصر مع قطر والولايات المتحدة وقرارات مجلس الأمن الكثيرة، وما وصل إليه القطاع من وضع إنساني كارثي». وقال إن «إسرائيل استخدمت التجويع والحصار سلاحاً ضد الفلسطينيين، وفرضت عليهم النزوح والتهجير من منازلهم، واحتلت الجانب الفلسطيني من معبر رفح، ومنعت وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية من توزيع المساعدات داخل القطاع، بما أفضى لكارثة إنسانية غير مسبوقة».

دبابات إسرائيلية في الشمال قرب الحدود اللبنانية السبت (إ.ب.أ)

ودعا وزير الخارجية والهجرة المصري المجتمع الدولي إلى «الرفض الواضح للمُبررات الواهية لاستمرار الحرب الحالية، أو الادعاءات الجوفاء التي تُكررها سلطة الاحتلال بخصوص الإجراءات التي اتخذتها للتخفيف من وطأة التداعيات الإنسانية، والتي ثبت مراراً عدم مصداقيتها». وأشار إلى أن «توقُّف تدفُّق المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح البري هو نتيجة مباشرة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية المُتواصلة على كل أرجاء قطاع غزة بما في ذلك الجانب الفلسطيني من معبر رفح والشريط الحدودي مع مصر». وقال: إن «مواصلة العمل الإنساني ما زالت ممكنة، إذا تحمَّلت إسرائيل مسؤولياتها، وانسحبت فوراً من المعبر، وقامت بتسليمه للجانب الفلسطيني، وقامت بفتح كل المعابر الأخرى التي تحيط بغزة من الجانب الإسرائيلي».

ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي انخرطت مصر وقطر والولايات المتحدة في جهود وساطة من أجل هدنة في غزة، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن. كما كررت القاهرة مراراً مطالبتها إسرائيل بالانسحاب من «محور فيلادلفيا»، محذرة من مخاطر توسيع رقعة الصراع.

بدوره، لا يرجح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، أن «تدخل المنطقة في حرب إقليمية مفتوحة»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «إسرائيل وجّهت ضربات قاسية لـ(حزب الله) في لبنان لم يشهدها في تاريخه، ومارست سياسة الاغتيالات، لكن المعركة لا تزال بين تل أبيب والفصائل المسلحة، ولم تتوسع لتشمل دولاً، لا سيما أن إيران لن تتدخل في المعركة الحالية».

واغتالت إسرائيل، الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، في غارة استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية، مساء الجمعة.

وبينما عَدَّ الرقب التحركات والتحذيرات العربية محاولة «لإنقاذ ما يمكن إنقاذه أمام الغطرسة الإسرائيلية غير المسبوقة تاريخياً»، لا يرجِّح «قبول إسرائيل أي اتفاق لوقف الحرب في غزة أو لبنان في الأمد القريب». وقال: «إسرائيل منتصرة عسكرياً، وشعبية رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو في ازدياد داخلياً، ما يعني أنها ستستمر في الحرب لتحقيق أهدافها بدعم من الولايات المتحدة، وستفرض شروطها في النهاية».