مستشار خامنئي: طهران ستغير عقيدتها النووية إذا هددت إسرائيل وجودها

مجسّم من مفاعل «بوشهر» النووي يُعرَض خلال معرض نووي في مدينة أصفهان وسط إيران (أ.ف.ب)
مجسّم من مفاعل «بوشهر» النووي يُعرَض خلال معرض نووي في مدينة أصفهان وسط إيران (أ.ف.ب)
TT

مستشار خامنئي: طهران ستغير عقيدتها النووية إذا هددت إسرائيل وجودها

مجسّم من مفاعل «بوشهر» النووي يُعرَض خلال معرض نووي في مدينة أصفهان وسط إيران (أ.ف.ب)
مجسّم من مفاعل «بوشهر» النووي يُعرَض خلال معرض نووي في مدينة أصفهان وسط إيران (أ.ف.ب)

قال كمال خرازي، مستشار الزعيم الإيراني ووزير الخارجية السابق، إن طهران ستضطر إلى تغيير عقيدتها النووية إذا هددت إسرائيل وجودها؛ الأمر الذي أثار مخاوف بشأن سلاح نووي إيراني.

ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية، الخميس، عن خرازي قوله: «لم نتخذ بعد قراراً بصنع قنبلة نووية، لكن إذا أصبح وجود إيران مهدداً، فلن يكون هناك أي خيار سوى تغيير عقيدتنا العسكرية»، وأضاف أن طهران ألمحت بالفعل إلى امتلاكها القدرة على صنع مثل تلك الأسلحة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

كمال خرازي (متداولة)

وحرّم الزعيم الإيراني علي خامنئي صنع أسلحة نووية في فتوى في مطلع الألفية، وأكد موقفه مجدداً في 2019 بالقول: «صنع وتخزين قنابل نووية خطأ واستخدامها محرم... ورغم أن لدينا تكنولوجيا نووية، فإن إيران عزفت عن ذلك تماماً».

لكن وزير المخابرات الإيراني وقتئذ قال في 2021 إن الضغط الغربي قد يدفع طهران إلى السعي لامتلاك أسلحة نووية. وقال خرازي: «في حال شنّت إسرائيل هجوماً على منشآتنا النووية فإن ردعنا سيتغير». وفي أبريل (نيسان) الماضي، بلغ التوتر بين إيران وإسرائيل ذروته؛ إذ أطلقت إيران نحو 300 صاروخ وطائرة مسيّرة على إسرائيل رداً على هجوم يشتبه في أن إسرائيل شنّته على مجمع السفارة الإيرانية في دمشق.

وكان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، قال لدى عودته من إيران الثلاثاء، إن التعاون مع طهران بشأن برنامجها النووي «غير مُرضٍ على الإطلاق»، داعياً إلى الحصول على «نتائج ملموسة في أسرع وقت ممكن».

وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان يستقبل مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي في طهران (رويترز)

وقال في تصريحات للصحافيين في فيينا إن «الوضع الراهن غير مُرضٍ على الإطلاق. نحن عملياً في طريق مسدودة... ويجب أن يتغير ذلك»، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.

وجاء ذلك، بعد ساعات من مؤتمر صحافي مع نظيره الإيراني محمد إسلامي، الذي قال إن المحادثات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية «إيجابية وبنّاءة». ورمى الكرة في ملعب غروسي، مطالباً إياه بـ«حلحلة القضايا التي أغلبها ذات طابع سياسي».

وتوجّه غروسي إلى إيران، الاثنين، على أمل تعزيز قدرة الوكالة على الإشراف على أنشطة طهران النووية بعد انتكاسات عدة، لكن محللين ودبلوماسيين يقولون إنه لا يملك سوى نفوذ محدود، ويجب عليه توخي الحذر إزاء الوعود غير القابلة للتحقيق.

وشرح إسلامي وغروسي مواقفهما بشأن القضايا العالقة، في مؤتمر صحافي بعد محادثات مفصلة على هامش مؤتمر «الاجتماع الدولي للعلوم والتكنولوجيا النووية»، في أصفهان بوسط البلاد. وقال إسلامي إن المباحثات بين الجانبين «أحرزت تقدماً»، لافتاً إلى أنها تركز حالياً على حل القضايا المتعلقة بموقعين من أصل ثلاثة غير معلنة، في إشارة إلى التحقيق المفتوح الذي تجريه الوكالة الدولية منذ سنوات. وقال في هذا الصدد: «نواصل التعامل في ما يخص المسائل العالقة، ومنها المتصلة بموقعين»، حسبما أوردت «رويترز».

مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في أصفهان اليوم (أ.ف.ب)

وقال إسلامي إن بلاده «ستتحرك في إطار معاهدة حظر الانتشار النووي واتفاق الضمانات»، وزاد: «مع استمرار التعاملات على أساس الاتفاق المشترك، سنواصل أنشطتنا مع الوكالة الدولية في ثلاثة مجالات»، مشيراً إلى أن المجال الأول هو «القضايا السابقة بشأن الأنشطة الإيرانية المحتملة، والتي جرى إغلاقها بموجب الاتفاق النووي»، ووصفها بأنها «قضايا خارجية وسياسية».

وتابع: «سنتابعها كقضايا سابقة مع متطلباتها الخاصة، ولن تتوسع لتشمل أقساماً أخرى». ورأى أن «المجال الثاني هو المسألة المهمة المتعلقة بالموقعين المتبقيين. سنواصل عملية حلها في الإطار الذي سيتم وضعه». أما عن المجال الثالث فقد ألقاه إسلامي في ملعب غروسي. وقال إن «مدير الوكالة الدولية مسؤول عن الجزء الثالث. يجب أن يتخذ خطوات للمستقبل. الدور الذي يلعبه بموجب واجباته القانونية يجب أن يسهّل ويزيل العقبات ويحل القضايا التي في أغلبها سياسية»، منبهاً إلى أن ذلك «يحظى بأهمية بالغة» لبلاده.

غروسي يستقبل إسلامي في فيينا سبتمبر الماضي (الوكالة الدولية)

وكان إسلامي يشير إلى تفاهم أبرمه مع غروسي في مارس (آذار) العام الماضي، لحل القضايا العالقة بين الجانبين، لكن الوكالة الدولية تقول إنه لم يشهد تقدماً ملحوظاً. وقدمت طهران، العام الماضي، ضمانات شاملة للوكالة التابعة للأمم المتحدة بالتعاون في تحقيق متوقف منذ فترة طويلة يتعلق بآثار لليورانيوم عُثر عليها في مواقع غير معلنة، وإعادة تركيب كاميرات مراقبة ومعدات مراقبة أخرى أُزيلت في 2022.

وتظهر تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية للدول الأعضاء أنه لم يتحقق سوى القليل. وقال إسلامي: «على الرغم من استياء الحاقدين من التفاعل بين إيران والوكالة الدولية، ويحاولون تشويهها بأدبيات مخرّبة، فإننا نعتقد أن اتفاقنا المشترك أساس جيد للتعامل، وشددنا على هذا الخط الأساسي بوصفه خريطة طريق بين إيران والوكالة». وأضاف المسؤول الإيراني أن «الإيحاءات المعادية مصدرها إسرائيل، يجب على الوكالة الدولية ألا تستند إلى القضايا المطروحة من هذا الكيان».

ونأى غروسي بالوكالة الدولية عن الاتهام الضمني الذي وجهه إسلامي، نافياً تأثير أي طرف ثالث على التعامل بين الوكالة الدولية وإيران. وقال: «نحن لا نهتم باللاعبين الآخرين».


مقالات ذات صلة

«الطاقة الذرية الإيرانية»: لم نتفق على ألا يتجاوز التخصيب 60%

شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

«الطاقة الذرية الإيرانية»: لم نتفق على ألا يتجاوز التخصيب 60%

نقلت وكالة «تسنيم» الإيرانية عن المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي، قوله (السبت) إن بلاده لم تتفق على ألا يتجاوز تخصيب اليورانيوم 60%.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران تصعّد مواجهتها مع «وكالة الطاقة الذرية»

صعّدت إيران مواجهتَها ضد «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، إذ أعلنت أمس أنَّها ستضع في الخدمة مجموعة من أجهزة الطرد المركزي «الجديدة والمتطورة»، وذلك رداً على

«الشرق الأوسط» (لندن – طهران)
شؤون إقليمية 
صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الفصلي في فيينا

الغرب يطالب إيران بتدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت بريطانيا وألمانيا وفرنسا، أمس (الخميس)، إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60 في المائة «فوراً».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
TT

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

تقدم أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية هذا الأسبوع بحق زعماء إسرائيل و«حماس»، بسبب الجرائم التي تتهمهم بارتكابها في غزة، رؤى مهمة حول مدى اختصاص المحكمة وحدود سلطتها.

وقدم تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت؛ ورئيس الجناح العسكري لـ«حماس» محمد الضيف، الذي قد يكون ما زال على قيد الحياة.

لماذا تدعي المحكمة الاختصاص في هذه القضية؟

لقد انضمت أكثر من 120 دولة إلى معاهدة دولية، وهي نظام روما الأساسي، وهي أعضاء في المحكمة. تأسست المحكمة، التي يقع مقرها في لاهاي في هولندا، منذ أكثر من عقدين من الزمان لمقاضاة الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية وجريمة العدوان.

واتهمت المحكمة نتنياهو وغالانت باستخدام التجويع كسلاح حرب، من بين تهم أخرى، في الصراع مع «حماس» في غزة.

واتهمت المحكمة محمد الضيف، أحد المخططين الرئيسيين لهجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل والتعذيب والعنف الجنسي واحتجاز الرهائن.

لا تعترف الدول القوية، بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة والصين، بسلطة المحكمة. ولم تصادق على نظام روما الأساسي، ولا تحترم المذكرات الدولية الصادرة عن المحكمة ولن تسلم مواطنيها للمحاكمة.

لا إسرائيل ولا فلسطين عضوان في المحكمة. ولكن في حين لا تعترف العديد من الدول بدولة فلسطين، فقد فعلت المحكمة ذلك منذ عام 2015، عندما وقع قادة السلطة الفلسطينية، التي تسيطر على جزء كبير من الضفة الغربية.

وعلى الرغم من سيطرة «حماس» على غزة منذ عام 2007 ولا تعترف الجماعة المسلحة بخضوعها لدولة فلسطينية، فقد قضت المحكمة بأن لها ولاية قضائية على الأراضي الفلسطينية في غزة والضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية.

وقال ديفيد شيفر، السفير الأميركي السابق والمفاوض الرئيسي في النظام الأساسي الذي أنشأ المحكمة: «أود أن أزعم أن هذا يجعل تصرفات (حماس) أكثر عرضة للمحكمة الجنائية الدولية. إن السلطة القضائية للمحكمة الجنائية الدولية لا تقتصر على (حماس) فقط، بل إن (حماس) أثبتت دورها كسلطة حاكمة لذلك الجزء من دولة فلسطين، وبالتالي فإن هذه السلطة تحمل المسؤولية، بما في ذلك ارتكاب جرائم فظيعة».

ومن الأهمية بمكان بالنسبة لسلطة المحكمة أن اختصاصها يمكن أن يمتد إلى ما هو أبعد من الدول الأعضاء. ويمنح نظام روما الأساسي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بموجب ميثاق الأمم المتحدة، سلطة إحالة جرائم الفظائع المرتكبة في أي دولة -عضو في المحكمة الدولية أم لا- إلى الهيئة القانونية للتحقيق.

وقد أحال مجلس الأمن السودان إلى المحكمة في عام 2005 بشأن الوضع الإنساني في دارفور، وأحال ليبيا في عام 2011 رغم أن كلتا الدولتين ليست عضواً في المحكمة.

وقال الخبراء إنه نظراً للتوترات الحالية بين الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس (بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة)، فمن غير المرجح أن يحيل المجلس بالإجماع فرداً إلى المحكمة للمحاكمة في أي وقت قريب.

وأشار شفير إلى أنه «نظراً للطبيعة غير الوظيفية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في السنوات الأخيرة، فمن غير المرجح أن تنجو أي إحالة مقترحة لأي حالة معينة في العالم من الفيتو».

هل سعت المحكمة إلى محاكمة زعماء من دول غير أعضاء؟

بالفعل، سعت المحكمة إلى محاكمة زعماء من دول غير أعضاء، فروسيا ليست عضواً في المحكمة، ولكن في عام 2023 أصدرت مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بشأن غزو موسكو الكامل لأوكرانيا، التي لم تصبح عضواً بعد ولكنها منحت المحكمة الاختصاص ودعتها للتحقيق.

كما أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال بحق عمر حسن البشير، الرئيس السابق للسودان، والعقيد معمر القذافي، الزعيم السابق لليبيا. ولا تتمتع أي من الدولتين بعضوية المحكمة.

في عام 2017، بدأ المدعي العام للمحكمة التحقيق في مزاعم جرائم الحرب في أفغانستان، بما في ذلك أي جرائم ربما ارتكبها الأميركيون. ورداً على ذلك، فرضت واشنطن عقوبات على فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة في ذلك الوقت، وألغت تأشيرة دخولها. وأسقطت المحكمة تحقيقاتها في وقت لاحق.

هل يمكن للمحكمة إنفاذ أوامر الاعتقال؟

في حين أن نطاق المحكمة قد يكون عالمياً تقريباً من الناحية النظرية، فإن قوتها في نهاية المطاف في أيدي أعضائها.

لا يمكن للمحكمة محاكمة المتهمين بارتكاب جرائم غيابياً وليس لديها آلية لمحاكمة المتهمين. إنها تعتمد على الدول الأعضاء للعمل كجهات منفذة واحتجاز المشتبه بهم قبل أن يتمكنوا من المثول للمحاكمة في لاهاي. ومع ذلك، لا تلتزم جميع الدول الأعضاء بالاتفاق.

قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الجمعة، إنه دعا نتنياهو لزيارة بلاده، وهي عضو في المحكمة، وأنه سيتجاهل التزامه الرسمي بالتصرف بناءً على مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة.

في سبتمبر (أيلول)، زار بوتين منغوليا، وهي عضو آخر، من دون أن يتم القبض عليه.

وزار البشير جنوب أفريقيا، وهي أيضاً عضو، لحضور قمة الاتحاد الأفريقي لعام 2015.