هل يؤثر التقارب المصري - التركي في الحد من أزمات المنطقة؟

الرئيسان المصري والتركي خلال مؤتمر صحافي بالقاهرة في فبراير الماضي (الرئاسة التركية - رويترز)
الرئيسان المصري والتركي خلال مؤتمر صحافي بالقاهرة في فبراير الماضي (الرئاسة التركية - رويترز)
TT

هل يؤثر التقارب المصري - التركي في الحد من أزمات المنطقة؟

الرئيسان المصري والتركي خلال مؤتمر صحافي بالقاهرة في فبراير الماضي (الرئاسة التركية - رويترز)
الرئيسان المصري والتركي خلال مؤتمر صحافي بالقاهرة في فبراير الماضي (الرئاسة التركية - رويترز)

أثار اتجاه القاهرة وأنقرة بخطى ثابتة نحو ترسيخ العلاقات بين البلدين عقب سنوات من القطيعة، تساؤلات بشأن الدور الذي يمكن أن يلعبه التقارب المصري - التركي في الحد من الأزمات بمنطقة الشرق الأوسط، لا سيما أن تلك الأزمات كانت محور مباحثات بين وزير الخارجية المصري، سامح شكري، ونظيره التركي، هاكان فيدان، خلال لقائهما في مدينة إسطنبول، السبت.

وتطرقت مباحثات الوزيرين إلى مستجدات الحرب في غزة، وتطورات التوتر الإيراني - الإسرائيلي، والحرب في السودان، والوضع في ليبيا، وغيرها من القضايا، وفق تأكيد الوزيرين في مؤتمر صحافي مشترك عقب اللقاء. وبينما أشار شكري إلى «أهمية العمل على توثيق التعاون مع تركيا من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة». أكد فيدان أن «التعاون بين أنقرة والقاهرة له فائدة كبيرة للبلدين والمنطقة».

وقال الخبير بالشأن التركي في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، كرم سعيد، لـ«الشرق الأوسط»، إن «زيارة شكري لتركيا تأتي في توقيت حساس ومهم سواء على مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين، أو ما يتعلق بالتوتر الذي يشهده الإقليم إثر التصعيد الإيراني - الإسرائيلي، واستمرار الحرب في غزة».

وتوقع سعيد أن «تشهد الفترة المقبلة تعزيزاً للعلاقات الثنائية، وتطوراً على صعيد زيادة التبادل التجاري بين البلدين، في مجالات عدة، حيث تتجه أنقرة للاعتماد على الغاز المصري، كما أصبحت تركيا أكبر مستقبل للصادرات السلعية المصرية».

وخلال المؤتمر الصحافي مع فيدان، السبت، أعرب شكري عن «تطلعه لاستمرار التنسيق مع تركيا من أجل رفع مستوى التعاون بين البلدين وتعزيز التعاون التجاري حتى يصل إلى 15 مليار دولار».

ووفق بيان لوزارة التجارة والصناعة في مصر، الثلاثاء، فإن تركيا كانت أكبر الأسواق المستقبلة للصادرات السلعية المصرية خلال الربع الأول من العام الحالي بقيمة 874 مليون دولار.

السيسي يلتقي إردوغان على هامش القمة العربية الإسلامية بالرياض في نوفمبر الماضي (الرئاسة المصرية)

و«يفتح التقارب المصري - التركي آفاقاً أوسع لضبط التحركات فيما يتعلق بتحالف غاز شرق المتوسط»، وفق سعيد، الذي يرى أن «القاهرة قد تلعب دور الوسيط في تسوية القضايا الخلافية بين تركيا من جانب واليونان وقبرص من جانب آخر فيما يتعلق بترسيم الحدود البحرية في شرق المتوسط».

ويرى الخبير في الشأن التركي أن «القاهرة وأنقرة قد تكونان نقطتيْ استناد استراتيجيتين لتهدئة إقليمية، قد تعوّل عليهما الولايات المتحدة الأميركية لضبط التوترات في المنطقة»، مشيراً إلى أن «واشنطن تدرك أن البلدين يعدان ركيزتين مهمتين في الشرق الأوسط، ومن هنا لعبت تركيا بالتنسيق مع أميركا دوراً في الوساطة لمعالجة التوتر الإيراني - الإسرائيلي، كما لعبت مصر دوراً أيضاً في التواصل مع الأطراف كلها».

وعوّل مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، على التقارب المصري - التركي لمعالجة مشكلات وأزمات المنطقة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا التقارب يفتح آفاقاً لتسوية النزاعات في المنطقة، إذا ما لقي نيات مخلصة من أطراف الصراع سواء في ليبيا أو السودان أو إيران وغزة». وأوضح أن «التعاون بين القاهرة وأنقرة قد يسمح بمساحة تفاهم تُسهم في حل الأزمة الليبية، والتي كانت إحدى نقاط الخلاف بين البلدين في وقت سابق»، واصفاً الوضع الحالي فيما يتعلق بليبيا بأنه «حالة صمت، لا نستطيع القرب بعد»، لافتاً إلى أن «هناك تفاهماً واضحاً بشأن كيفية تسوية الأزمة الليبية، وإن كانت هناك مؤشرات لتحركات جيدة من جانب تركيا في هذا الملف».

وشهدت العلاقات المصرية - التركية خلال الأشهر الماضية اتجاهاً متصاعداً نحو التطبيع، بعد عقد كامل من الانقطاع والتوتر، بسبب دعم أنقرة تنظيم «الإخوان» الذي تصنفه السلطات المصرية «إرهابياً»، وتسارع مسار التطبيع منذ مصافحة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال افتتاح المونديال في قطر عام 2022.

الرئيسان المصري والتركي وقرينتاهما في قصر الاتحادية الرئاسي بالقاهرة فبراير الماضي (أ.ف.ب)

وأعلن البلدان في يوليو (تموز) الماضي، ترفيع العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى مستوى السفراء، والتقى رئيسا البلدين مرتين خلال العام الماضي على هامش أحداث دولية، كما التقى وزراء ومسؤولون بارزون في البلدين مرات عدة.

كما استقبل السيسي، إردوغان، في القاهرة في فبراير (شباط) الماضي، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ أكثر من 11 عاماً، قال عنها السيسي إنها «تفتح صفحة جديدة بين بلدينا بما يثري علاقاتنا الثنائية، ويضعها على مسارها الصحيح». ومن المنتظر أن يزور الرئيس المصري تركيا قريباً تلبية لدعوة إردوغان.

وهنا قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، إنه «حال إتمام زيارة السيسي لتركيا فمن المتوقع أن تشهد العلاقات بين البلدين مساراً أوسع لتنفيذ ما جرى التوافق عليه خلال زيارة إردوغان للقاهرة، سواء على مستوى العلاقات الثنائية أو القضايا السياسية لا سيما الوضع في غزة».

وبشأن الحرب المستمرة في غزة، أكد الخبير في الشأن التركي أن «تركيا ومصر تلعبان دوراً محورياً في معالجة التوترات في غزة، وقد يسهم التنسيق بين البلدين في زيادة الضغط على إسرائيل وحلفائها، من أجل وقف الحرب»، لافتاً إلى «التحذيرات المصرية المتكررة بشأن مخاطر الحرب على المنطقة، إضافة إلى إقرار تركيا عقوبات تجارية على إسرائيل، عبر فرضها قيوداً على تصدير 54 سلعة إلى تل أبيب».

كما «يدعم التقارب بين البلدين جهود الوساطة المصرية - القطرية - الأميركية لتحقيق الهدنة في غزة»، وفق الخبير في الشأن التركي، الذي يرى أن «أنقرة بما لها من علاقات مع حركة (حماس) قد تزيد من قوة دور القاهرة في المفاوضات»، موضحاً أن «التقارب بين البلدين يوجّه رسالة لواشنطن وتل أبيب بأن هناك تحالفاً إقليمياً جديداً يظهر في الأفق، سيكون له دور فاعل ومحوري في تسوية الصراعات الحالية في المنطقة وخلق مساحة من الحوار والتفاهم».


مقالات ذات صلة

فلسطين وإسرائيل... 3 انقلابات ونكبة في ربع قرن

خاص رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت (يمين) مع رئيس الوزراء الحالي بنيامين في الكنيست 2009 (غيتي)

فلسطين وإسرائيل... 3 انقلابات ونكبة في ربع قرن

«بيت القصيد» أن إسرائيل في العهد الطويل لبنيامين نتنياهو، لم تعد ناجحة وهي تواجه خطر الانزلاق إلى الهاوية؛ إذ بات يتمسك بالكرسي خوفاً من المغادرة إلى السجن.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي القوات الإسرائيلية تقتحم مخيم طولكرم للاجئين بالضفة الغربية (د.ب.أ)

مقتل 5 فلسطينيين على الأقل في مخيم للاجئين بالضفة الغربية

كشف مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون عن أن قوات إسرائيلية قتلت 5 فلسطينيين على الأقل في مداهمة بمخيم للاجئين قرب مدينة طولكرم في الضفة الغربية، فجر اليوم.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
المشرق العربي أطفال مصابون ينظرون من منزل مدمر تعرض لغارة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

«الأونروا»: طفل يُقتل كل ساعة في غزة

أعلنت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أن هناك طفلاً واحداً يُقتل كل ساعة في غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية صور محتجزات إسرائيليات في غزة خلال تجمع للمطالبة بإطلاق سراحهن في تل أبيب يوم 14 نوفمبر (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعترف بتسليم عائلات مجندات أسيرات تسجيلات صوتية معدلة لهن

اعترف الجيش الإسرائيلي بأنه سلَّم عائلات جنديات مراقبة إسرائيليات تم أسرهن من قبل حركة «حماس» في 7 أكتوبر 2023، تسجيلات صوتية معدلة لبناتهم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارات إسرائيلية على منطقة غرب خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

مقتل 7 فلسطينيين وإصابة العشرات في غارات إسرائيلية جنوب قطاع غزة

 قتل سبعة فلسطينيين وأصيب العشرات في غارة إسرائيلية على منطقة المواصي غرب خان يونس جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

إيران ترفع الحظر عن «واتساب» و«غوغل بلاي»

شعار تطبيق «واتساب» يظهر ضمن صورة مركبة (رويترز)
شعار تطبيق «واتساب» يظهر ضمن صورة مركبة (رويترز)
TT

إيران ترفع الحظر عن «واتساب» و«غوغل بلاي»

شعار تطبيق «واتساب» يظهر ضمن صورة مركبة (رويترز)
شعار تطبيق «واتساب» يظهر ضمن صورة مركبة (رويترز)

ذكرت وسائل إعلام رسمية في إيران، اليوم الثلاثاء، أن السلطات رفعت الحظر عن منصة التراسل الفوري «واتساب» و«غوغل بلاي»؛ كخطوة أولى لتخفيف القيود على الإنترنت، وفقاً لوكالة «رويترز».

وتفرض البلاد بعضاً من أشد الضوابط صرامة في العالم على استخدام الإنترنت، لكن الإيرانيين المتمرسين في مجال التكنولوجيا يلتفون عادة على القيود التي تفرضها طهران على وسائل التواصل الاجتماعي الأميركية مثل «فيسبوك» و«إكس» و«يوتيوب»، باستخدام شبكات افتراضية خاصة.

وقالت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية، اليوم: «حدث تصويت بالأغلبية لصالح رفع القيود المفروضة على استخدام بعض المنصات الأجنبية الشهيرة مثل (واتساب) و(غوغل بلاي)»، في إشارة إلى اجتماع بشأن هذه المسألة برئاسة الرئيس مسعود بزشكيان.

واستُخدمت منصات التواصل الاجتماعي على نطاق واسع في احتجاجات مناهضة للحكومة في إيران.

وفي سبتمبر (أيلول)، دعت الولايات المتحدة شركات التكنولوجيا الكبرى إلى المساعدة في التهرب من الرقابة على الإنترنت في البلدان التي تفرض قيوداً شديدة على استخدامه، بما في ذلك إيران.

ويعود الحظر على «واتساب» و«إنستغرام» إلى عام 2022، مع اندلاع موجة احتجاجات واسعة في البلاد، بُعيد وفاة مهسا أميني إثر توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران.

وكتب وزير الاتصالات ستار هاشمي منشوراً عبر منصة «إكس»: «اليوم اتخذنا الخطوة الأولى نحو رفع قيود الإنترنت بالتشارك والإجماع».

ولم يتضح على الفور متى سيدخل هذا القرار حيز التنفيذ.

وكان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الذي انتخب في يوليو (تموز) 2024، تعهّد خلال حملته وبعد انتخابه، بتخفيف القيود على استخدام الإنترنت.

وأثارت الخطوة جدلاً في إيران؛ إذ رأى منتقدو القيود أنها تكبّد البلاد تكاليف باهظة، في حين حذّر آخرون هم غالباً من المحسوبين على التيار المحافظ، من تخفيفها.