إسرائيل تبحث خيارات ضربات «باردة وموجعة» لإيران

أي مواجهة قد تهدد الأردن ونصائح بـ«عدم تنفيذ رغبات السنوار»

القائد السابق للقوات الجوية الإسرائيلية دورون غافيش متحدثاً إلى الصحافيين (رويترز)
القائد السابق للقوات الجوية الإسرائيلية دورون غافيش متحدثاً إلى الصحافيين (رويترز)
TT

إسرائيل تبحث خيارات ضربات «باردة وموجعة» لإيران

القائد السابق للقوات الجوية الإسرائيلية دورون غافيش متحدثاً إلى الصحافيين (رويترز)
القائد السابق للقوات الجوية الإسرائيلية دورون غافيش متحدثاً إلى الصحافيين (رويترز)

على الرغم من أن أوساطاً مقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تقول إن «خطة الرد الإسرائيلي على الهجوم الإيراني أصبحت جاهزة وتنتظر فقط اختيار التوقيت المناسب»، فإنه قد أكدت مصادر سياسية في تل أبيب أن الأمور لم تحسم بعد حتى داخل إسرائيل، وكذلك مع الإدارة الأميركية، وعدد من دول الغرب، وأن هناك قلقاً شديداً من تصعيد شديد للتوتر يؤدي إلى حرب إقليمية واسعة.

وقالت مصادر إسرائيلية تعارض في أن يكون الرد الإسرائيلي كبيراً ومؤذياً، إن «توسيع حلقة الصدام إلى حرب إقليمية هو الحلم أو الأمل الذي يضعه نصب عينيه يحيى السنوار. فهو، عندما خطط لهجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كان قد بنى برنامجه الاستراتيجي على إشعال حرب إقليمية يجر إليها (حزب الله) وإيران والدول العربية. لكنه فشل، وينبغي على الحكومة الإسرائيلية ألا تلعب لديه الآن وتحقق له أهدافه».

في غضون ذلك، نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء تأكيده لوزيري خارجية بريطانيا وألمانيا أن إسرائيل «تحتفظ بالحق في حماية نفسها». وبعد لقاء نتنياهو وزير خارجية بريطانيا ديفيد كاميرون ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك، ألقى كلمة أمام مجلس الوزراء قال فيها إنه تلقى «جميع أنواع الاقتراحات والنصائح» من حلفاء بلاده، مضيفاً أنه «مع ذلك، أود أيضاً أن أوضح أننا سنتخذ قراراتنا بأنفسنا».

تهدئة محتملة لعيد الفصح

وكان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، قد أعلن أن إسرائيل سترد حتماً على الهجوم الإيراني. ولكنه في الوقت نفسه دعا الجمهور اليهودي إلى الاحتفال بشكل طبيعي بعيد الفصح، الذي يبدأ الأحد ويستمر طيلة الأسبوع. وقد فهمت هذه التهدئة بأنها واحد من ثلاثة أمور: فإما هي خدعة حربية لتنويم طهران، وإما هي تعبير عن قرار بأن يكون الرد خفيفاً لا يستدعي رداً قوياً، وإما أن يكون ذلك تأكيداً بأن الرد الإسرائيلي سيكون بعد العيد. ولكن تصريحات القادة السياسيين، خصوصاً في اليمين المسيطر على حزب «الليكود» بقيادة نتنياهو وعلى أحزاب الصهيونية الدينية، يظهر كمن يطلب أن يوجه ضربة حربية كبيرة لإيران، وأن يتجند العالم كله إلى جانب إسرائيل وعدم تركها وحدها، وفي الوقت نفسه رفض المشاريع الدولية لتغيير واقع الشرق الأوسط لما فيه مصلحة السلام.

ناقلة تابعة لقوات «اليونيفيل» تدخل قاعدة عسكرية للأمم المتحدة في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

ويعد عنصر التوقيت أساسياً في الاعتبارات الإسرائيلية. وقد حاول عضوا مجلس قيادة الحرب، بيني غانتس وغادي ىيزنكوت، وهما شغلا منصب رئيس أركان الجيش سابقاً، إقناع المجلس بالرد الفوري على الهجوم الإيراني حال انطلاقه باتجاه إسرائيل. ولكن نتنياهو رفض ورضخ للضغوط الأميركية. وبناء عليه، يرى غانتس الآن أن التركيز يجب أن يعود إلى التحالف الذي تجلى في مواجهة الهجوم الإيراني مع الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا. فهذه الدول تعارض ضربة حربية شديدة، حتى لا تنشب حرب إقليمية قد تجر إلى حرب عالمية، وتضع خططاً لإحداث منعطف في الشرق الأوسط ضد المحور الإيراني، يقوم على فتح آفاق سياسية جديدة للسلام، وتحاول إيجاد شركاء في إسرائيل في حال تقاعس نتنياهو عن الانخراط.

خلافات إسرائيلية داخلية

بحسب الجنرال المتقاعد، عاموس مالكا، الذي شغل منصب رئيس الدائرة السياسية والعسكرية في وزارة الدفاع، فإن الخلافات الإسرائيلية الداخلية في الموضوع، تلحق ضرراً كبيراً. فكل تأخير في توجيه الضربة الإسرائيلية رداً على إيران سيقلل من قيمتها وتأثيرها. وإذا تأخرت أكثر من اللازم، فينبغي تغيير البرنامج وجعلها ضربة رمزية، تنطوي على ضرب هدف سمين ولكن ليس بهجوم حربي يستخدم فيه الطيران. وأضاف، خلال لقاء له مع قناة 14 اليمينية للتلفزيون، إن «الهجوم الإيراني بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية يستدعي ضربة مماثلة، والامتناع عن ذلك سيفهم خطأ في طهران ولدى بقية أعداء إسرائيل. وينبغي إقناع الإدارة الأميركية بذلك، فهذه مصلحة مشتركة لنا ولها ولحلفائها. وفي الفشل، ينبغي إيجاد أهداف أخرى».

وقال جنرال آخر، هو غيورا آيلاند، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية، إن «الاعتبارات التي يطرحها مؤيدو الهجوم على أهداف في إيران نفسها، مفهومة بل وتنطوي على منطق، ولكن توجد على الأقل خمسة أسباب لماذا يجب الامتناع عن هجوم علني في الأرض الإيرانية. أولا، إذا كان الهجوم مجرد مسخرة لرفع العتب، فإن ضرره سيكون أكبر من منفعته، وإذا كان مكثفاً فهو سيجرّ على نحو شبه مؤكد رداً إيرانياً يدخلنا دون أن نقصد في معركة طويلة مع إيران».

وتابع آيلاند «ثانياً، أي رد إيراني قد يكون أيضاً ضد مصالح أميركية في المنطقة، وعندها سوف نتدهور إلى حرب إقليمية فيما الدول العربية التي تعرضت للهجوم ستتهم إسرائيل بأنها دفعت إلى ذلك. وثالثاً، لدى إسرائيل مصلحة أكثر إلحاحاً من إيران وهي إعادة الواقع على الحدود الشمالية إلى الحالة الطبيعية والسماح بعودة سكان الجليل إلى بيوتهم».

وعدّ آيلاند أنه «من الصواب استغلال الدعم الدولي الذي تلقيناه حتى الآن وتعزيزه باستعدادنا للاستماع إلى نصائح لندن، وواشنطن وباريس، والمطالبة في المقابل بدعم غير متحفظ في الموضوع اللبناني، وهو الدعم الذي يترجم بضغط ناجع (أميركي وفرنسي) لتسوية في الشمال. وإذا لم ينجح الأمر في وقت قصير فدعم غير متحفظ لعملية عسكرية إسرائيلية كبيرة في لبنان».

وأضاف: «رابعاً المصلحة الإسرائيلية العليا حيال إيران هي منع السلاح النووي عنها. صحيح حتى الآن يبدو أن إيران تبحر بأمان إلى هذا الهدف الخطير. والهجوم الإيراني الأخير يعطي دليلاً على خطورة هذا السلاح النووي على إيران وليس فقط على إسرائيل».

وخامساً: «إذا دخلت إسرائيل وإيران في مواجهة عسكرية طويلة، فمن شأن ذلك أن يؤثر على الاستقرار في الأردن. والأردن، مثل السودان، هما الدولتان التاليتان اللتان تتطلع إيران للتسلل إليهما والمس بسيادتيهما».

مواصلة الأعمال في سوريا

موظف بالسفارة الإيرانية في دمشق يعيد رفع العلم بعد استهدافها وتدمير جزء منها (أ.ف.ب)

اختتم آيلاند قائلاً: «ليس في كل ما قيل أعلاه توصية بعدم العمل على الإطلاق. أكثر من هذا، الحدث الأسبوع الماضي وقع بسبب رد إيراني على هجوم إسرائيلي في سوريا، وفي هذا الموضوع محظور التراجع. الأعمال الإسرائيلية في سوريا في السنوات التسع الأخيرة منعت إقامة منظمة (حزب الله) ثانية في هذه الدولة، والأعمال ضد أهداف إيرانية في سوريا يجب مواصلتها. أقدر بأن الإيرانيين لن يردوا في هذه الحالة. وإذا ما ردوا ضدنا فسيكون من الأسهل خلق تحالف هجومي ضدهم. توجد لإسرائيل جملة إمكانيات أخرى للرد على إيران، لنقل رسالة ردع لكن ليس بالضرورة عمل ذلك بشكل يلزم إيران بالعودة إلى مهاجمتنا».

وعن هذه «الإمكانيات الأخرى»، يتحدث الإسرائيليون عن «اللجوء إلى ردود باردة وموجعة مثل مواصلة الاغتيالات وتوجيه ضربات سرية». ويقولون إن «إسرائيل التي تعرف بشكل دقيق أين ينام كل شخص إيراني رفيع، وفي أي سيارة يسافر أولاد وأحفاد إسماعيل هنية، تتصرف وكأنها تتلمس الطريق في الظلام عندما يتعلق الأمر بتحليل وفهم نيات الأعداء. وهي لا تحسن تقدير رد فعل إيران على هجوم كبير». وقال المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، الأربعاء، إن المداولات في إسرائيل حول هجوم ضد إيران لا تزال جارية، وأنه «ليس مؤكداً أنه سيتم شنه فوراً»، وقد يكون محبذاً أن يتم شيء مقبول لدى الإدارة الأميركية، أي الهجوم المحدود والمركز من أجل منع نشوب حرب إقليمية.

وأضاف: «فيما تتواصل الحرب على غزة من دون أن تحقق إسرائيل أهدافها حتى الآن، ثمة شك بالغ في أنه سيكون بالإمكان تحقيقها في الوضع الحالي. وتحويل جلّ الاهتمام والتركيز الإسرائيلي على مواجهة مع إيران سيكون على حساب التعامل مع مشكلة غزة، ومن شأنه أن يطيل الحرب في جميع الجبهات، وشمل (حزب الله) فيها بشكل كامل، إذا قرر الإيرانيون ضم قدرات (حزب الله) الصاروخية إلى خطوات انتقامية مستقبلية ضد إسرائيل».



نتنياهو: إسرائيل وافقت على تعزيز التعاون الدفاعي مع اليونان وقبرص

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
TT

نتنياهو: إسرائيل وافقت على تعزيز التعاون الدفاعي مع اليونان وقبرص

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)

​قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الاثنين، إن إسرائيل وافقت على ‌تعزيز ‌التعاون الأمني ​​مع ‌اليونان ⁠وقبرص.

وجاءت ​تعليقات ‌نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ⁠ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي ‌نيكوس ‍خريستودوليديس في ‍القدس.

وقال نتنياهو أيضاً ‍إن الدول الثلاث تعتزم المضي قدماً ​في مشروع الممر الاقتصادي بين الهند ⁠والشرق الأوسط وأوروبا، وهو مبادرة لربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط بحراً وبراً.


مخاوف أميركية - إسرائيلية من إعادة بناء القدرات الإيرانية

TT

مخاوف أميركية - إسرائيلية من إعادة بناء القدرات الإيرانية

صورة نشرها وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على منصة «إكس» من محادثاته مع السيناتور ليندسي غراهام
صورة نشرها وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على منصة «إكس» من محادثاته مع السيناتور ليندسي غراهام

تتصاعد التحذيرات الأميركية والإسرائيلية من عودة إيران إلى بناء قدراتها الصاروخية والنووية، في وقت تشير فيه تقديرات أمنية إلى أن الضربات التي استهدفت منشآت إيرانية خلال حرب يونيو (حزيران) لم تنه التهديد بالكامل.

وبينما تؤكد واشنطن أن طهران «لم تستوعب الرسالة كاملة» بعد قصف منشأة فوردو، تتحدث تل أبيب عن نافذة زمنية تضيق، وخيارات عسكرية تعود إلى الطاولة، وسط مخاوف من سوء تقدير قد يقود إلى مواجهة جديدة غير مقصودة.

وقال السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، إن إيران «لم تستوعب الرسالة كاملة» عقب القصف الأميركي لمنشأتها النووية بواسطة قاذفات الشبح «بي 2» خلال الحرب الإسرائيلية - الإيرانية في يونيو، وذلك وسط تقارير تشير إلى محاولات طهران إعادة ترميم قدراتها النووية والصاروخية.

وأضاف هاكابي، في مقابلة أُجريت على هامش مؤتمر لمعهد دراسات الأمن القومي، أنه «لا يعتقد أن إيران أخذت الرئيس الأميركي دونالد ترمب على محمل الجد إلى أن جاءت الليلة التي توجهت فيها قاذفات الشبح إلى فوردو»، وفق ما أوردت وسائل إعلام إسرائيلية.

ورداً على سؤال بشأن التقارير المتداولة حول مساعي طهران لإعادة ترميم المنشأة، قال: «آمل أنهم فهموا الرسالة، لكن يبدو أنهم لم يفهموها كاملة؛ لأنهم يحاولون إعادة تشكيل الموقع وإيجاد طرق جديدة لتعميق التحصينات وجعلها أكثر أمناً».

حركة المرور أمام جدارية دعائية تصور رأساً حربياً لصاروخ إيراني يحمل شعاراً بالفارسية يقول: «سقط الصاروخ بين العفاریت» في أحد شوارع طهران يوليو الماضي (إ.ب.أ)

وتعرب الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون عن قلق متزايد إزاء تقدم برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، متهمين طهران بزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، لا سيما مع وقوع إسرائيل ضمن مدى هذه الصواريخ.

وحسب شبكة «إن بي سي» الأميركية، يتخوف مسؤولون أميركيون بصورة متزايدة من توسع البرنامج الصاروخي الإيراني، ونقلت الشبكة عن مصادر لم تسمّها، السبت، أن مسؤولين يستعدون لإطلاع الرئيس الأميركي على «الخيارات المتاحة» للتعامل مع هذا التهديد، بما في ذلك سيناريوهات عسكرية محتملة.

ومن المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس الأميركي دونالد ترمب في 29 ديسمبر (كانون الأول) في ميامي، حيث يعتزم، وفق مصادر إسرائيلية، بحث مساعي إيران لإعادة بناء قدراتها الصاروخية الباليستية، إضافة إلى احتمال توجيه ضربة أخرى لإيران في عام 2026. وكانت قناة «إن بي سي نيوز» قد كشفت سابقاً عن نية نتنياهو عرض هذا الملف على ترمب، في إطار ما تصفه إسرائيل بأنه تهديد آخذ في التصاعد.

وعند سؤاله عما إذا كانت الولايات المتحدة قد تمنح الضوء الأخضر لهجوم إسرائيلي جديد على إيران في حال رأت إسرائيل أن ذلك ضروري، أجاب هاكابي: «كل ما يمكنني فعله هو التذكير بما قاله الرئيس ترمب مراراً، وهو أن إيران لن يُسمح لها بتخصيب اليورانيوم أبداً، ولن تمتلك سلاحاً نووياً». وأضاف أن استئناف إيران لقدراتها في مجال الصواريخ الباليستية والبرنامج النووي لا يشكل تهديداً لإسرائيل والولايات المتحدة فحسب، بل «يمثل تهديداً حقيقياً لأوروبا بأكملها»، متابعاً بنبرة حادة أن الأوروبيين «إن لم يفهموا ذلك، فهم أكثر غباءً مما أعتقد أحياناً»، مع الإشارة إلى أن أوروبا أعادت تفعيل عقوبات «سناب باك» ضد إيران.

واشنطن على الخط

وفي السياق ذاته، قال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام إنه «يؤيد شن هجوم على إيران»، محذّراً من أن مساعي طهران لإعادة بناء قدراتها الصاروخية الباليستية باتت تشكل تهديداً لا يقل خطورة عن برنامجها النووي.

وجاءت تصريحات غراهام خلال زيارة يجريها حالياً إلى إسرائيل، التقى خلالها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومسؤولين كباراً في الجيش الإسرائيلي، من بينهم رئيس شعبة العمليات ووزير الأمن يسرائيل كاتس. وقال غراهام في مقابلة مع محطة «آي 24 نيوز» الإسرائيلية إن إيران «تحاول استعادة قدرتها على تخصيب اليورانيوم»، معتبراً أن ذلك، إلى جانب تطوير الصواريخ الباليستية، يمثل «تهديداً حقيقياً لإسرائيل».

وأضاف السيناتور الجمهوري أن «أي شيء يضعف إسرائيل يضعف الولايات المتحدة أيضاً»، داعياً إلى استهداف القدرات الصاروخية الإيرانية في أي ضربة مقبلة. وفي مقابلة منفصلة مع صحيفة «جيروزاليم بوست»، قال غراهام إن الصواريخ الباليستية الإيرانية قد «تغرق القبة الحديدية»، مؤكداً أنه «لا يمكن السماح لإيران بإنتاجها». وأوضح أنه لا يؤيد غزواً أميركياً لإيران، لكنه يدعم «توجيه ضربة عسكرية» في حال ظهرت مؤشرات على استئناف البرنامج النووي أو برنامج الصواريخ.

قلق إسرائيلي متصاعد

بالتوازي، أفاد تقرير لموقع «أكسيوس» بأن مسؤولين إسرائيليين أبلغوا إدارة ترمب، خلال عطلة نهاية الأسبوع، أن التحركات الصاروخية الإيرانية الأخيرة تثير قلقاً متزايداً، رغم أن المعلومات الاستخباراتية المتوافرة لا تظهر حتى الآن سوى تحركات قوات داخل إيران.

أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب (أ.ب)

وأشار التقرير إلى أن هامش تحمل المخاطر لدى الجيش الإسرائيلي بات أدنى بكثير مما كان عليه في السابق، بعد تداعيات هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ونقل «أكسيوس» عن مصدر إسرائيلي قوله إن «احتمالات الهجوم الإيراني تقل عن 50 في المائة، لكن لا أحد مستعد لتحمّل المخاطرة والاكتفاء بالقول إنها مجرد مناورة». في المقابل، أكد مصدر أميركي أن الاستخبارات الأميركية لا تملك حالياً مؤشرات على هجوم إيراني وشيك.

ونبّهت مصادر إسرائيلية وأميركية إلى أن سوء تقدير متبادل قد يقود إلى حرب غير مقصودة، إذا اعتقد كل طرف أن الآخر يستعد للهجوم وسعى إلى استباقه. وفي هذا السياق، أجرى رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، الفريق أول إيال زامير، اتصالاً مع قائد القيادة المركزية الأميركية، الأدميرال براد كوبر، أبلغه خلاله بقلق إسرائيل من المناورة الصاروخية التي بدأها «الحرس الثوري».

وأشار زامير إلى أن تحركات الصواريخ الإيرانية وخطوات تشغيلية أخرى قد تكون غطاءً لهجوم مفاجئ، داعياً إلى تنسيق دفاعي وثيق بين القوات الأميركية والإسرائيلية.

تلميحات بحرب جديدة

وترافق القلق الاستخباراتي مع تصعيد في الخطاب العلني. وحذر زامير، خلال مراسم تسليم مهام رئيس مديرية التخطيط في الجيش الإسرائيلي في تل أبيب، من أن الجيش سيضرب أعداء إسرائيل «حيثما يتطلب الأمر، على الجبهات القريبة والبعيدة على حد سواء»، في تلميح واضح إلى احتمال استهداف إيران مجدداً.

وقال زامير إن «في صميم أطول وأعقد حرب في تاريخ إسرائيل تقف الحملة ضد إيران»، معتبراً أن طهران هي التي «مولت وسلّحت حلقة الخنق حول إسرائيل»، في إشارة إلى الحرب متعددة الجبهات التي اندلعت منذ أكتوبر 2023.

تهديد مُلح

وترى الاستخبارات الإسرائيلية مؤشرات مبكرة على استئناف إيران بناء قدراتها الصاروخية بزخم متسارع مقارنة بفترة ما بعد حرب الأيام الاثني عشر في يونيو. وتشير تقديرات إسرائيلية إلى أن إيران خرجت من تلك الحرب وهي تمتلك نحو 1500 صاروخ، مقارنة بنحو 3000 صاروخ قبلها، إضافة إلى 200 منصة إطلاق من أصل 400 كانت بحوزتها.

وتؤكد المصادر أن طهران بدأت بالفعل خطوات لإعادة بناء قواتها الصاروخية، لكنها لم تعد بعد إلى مستويات ما قبل الحرب. ولا ترى الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ولا جهاز «الموساد» أن وتيرة هذه الخطوات تفرض تحركاً عسكرياً عاجلاً خلال الشهرين أو الثلاثة المقبلة، إلا أنها قد تتحول إلى مسألة أكثر إلحاحاً لاحقاً هذا العام.

طفل يجلس فوق رأس حربي لصاروخ باليستي في المعرض الدائم التابع لـ«الحرس الثوري» بضواحي طهران نوفمبر الماضي (أ.ب)

وفي هذا الإطار، يتركز القلق الإسرائيلي بشكل متزايد على الصواريخ الباليستية بوصفها تهديداً أكثر إلحاحاً من البرنامج النووي نفسه، رغم وصف إسرائيل العلني للنووي الإيراني بأنه تهديد وجودي؛ إذ يرى مسؤولون إسرائيليون أن الصواريخ تمثل الخطر الفوري الأكبر، خصوصاً بعد التجربة الأخيرة التي لم تتمكن فيها الدفاعات الإسرائيلية من اعتراض جميع الهجمات.


لماذا أغلقت حكومة نتنياهو إذاعة الجيش الإسرائيلي؟

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (د.ب.أ)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (د.ب.أ)
TT

لماذا أغلقت حكومة نتنياهو إذاعة الجيش الإسرائيلي؟

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (د.ب.أ)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (د.ب.أ)

صادقت الحكومة الإسرائيلية، الاثنين، على اقتراح قدمه وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، بشأن إغلاق محطة إذاعة الجيش الإسرائيلي «غالي تساهال»، لتنهي مهامها رسمياً في الأول من مارس (آذار) 2026.

وفي أعقاب تلك المصادقة بالإجماع من قبل وزراء حكومة بنيامين نتنياهو، أوعز كاتس بوقف التعيينات في محطة إذاعة الجيش الإسرائيلي التي كان يعتد بها كإحدى وسائل الإعلام التي تعتبر مصدراً مهماً للعديد من الأخبار وخاصةً العسكرية، مشيراً إلى بدء عملية تدريجية لإعادة توزيع الجنود العاملين حالياً في المحطة على مختلف وحدات الجيش الإسرائيلي، مع إعطاء الأولوية لنقلهم إلى أدوار قتالية، وأدوار دعم قتالي.

جنود إسرائيليون يحملون أسلحة في الضفة الغربية (رويترز)

كما قرر كاتس إنهاء جميع عقود المحطة مع المستشارين، والصحافيين الخارجيين، والعمل على إنهاء توظيف موظفي الجيش الإسرائيلي المدنيين وفق ترتيبات مناسبة، ومن المقرر أن تدخل جميع هذه الإجراءات حيز التنفيذ بحلول 15 فبراير (شباط) 2026، بهدف إيقاف عمليات المحطة نهائياً بعد أسبوعين.

ووفقاً لقرار كاتس، فإنه سيتم إنشاء طاقم مهني في وزارة الدفاع بعد إغلاق محطة الجيش، والذي سيقود تنفيذ القرار، وسيتعامل مع جميع الجوانب المتعلقة بإنهاء نشاط المحطة، وفي مقدمتها مساعدة الموظفين المدنيين العاملين في المحطة على إنهاء عملهم عبر تسويات مناسبة، مع الحفاظ على حقوقهم.

«تشغيل المحطة حالة شاذة»

وقبيل عملية التصويت، قال كاتس أمام وزراء الحكومة الإسرائيلية إن «تشغيل المحطة حالة شاذة لا وجود لها في الدول الديمقراطية، إذ تتيح منبراً لآراء كثيرة تهاجم الجيش الإسرائيلي وجنوده»، معتبراً أن انخراطها في السياسة «يُضر بوحدة الجيش، وأن هذا سيمنح (العدو) تفسير الرسائل على أنها صادرة من الجيش نفسه».

وأيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذه الخطوة، مشيراً إلى أن «وجود محطة عسكرية تبث تحت سلطة الجيش قد يكون موجوداً في كوريا الشمالية، ولكنه غير مناسب لإسرائيل». كما نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية.

وأشار الوزيران زئيف إلكين، ودودي أمسالم، إلى أن البنية القانونية للمحطة غير مستقرة، إذ منح ترخيص عمل لها في عام 1950 باعتبار أنه «أمر مؤقت لمدة عام واحد فقط للتجربة»، ولم يتخذ منذ ذلك الحين أي قرار رسمي لتشغيلها.

فيما أشار كاتس في قراره إلى مواقف كبار المسؤولين العسكريين السابقين والحاليين، ومنهم رؤساء الأركان السابقون أفيف كوخافي، وغادي آيزنكوت، وهيرتسي هاليفي، بضرورة إغلاق المحطة.

«حرمة العمل يوم السبت»

وخلال الاجتماع، طرحت نقاشات حادة إضافية، حين أثارت وزيرة الاستيطان أوريت ستروك قضية انتهاك حرمة يوم السبت، قائلةً: «المحطة ذاتها هي الوحدة الوحيدة في جيش الدفاع الإسرائيلي التي تدنس فيها حرمة يوم السبت والأعياد اليهودية بناءً على أوامر، دون أي صلة بالأمن».

فيما قال الوزير عميحاي شيكلي، إن «المحطة مالت نحو مواقف يسارية بلغت ذروتها في تشجيع حركة الرفض والاحتجاج السياسي في الأيام التي سبقت الحرب».

وعلق أحد أقطاب المعارضة، بيني غانتس، بالقول: إن «السياق الذي تغلق فيه (غالي تساهال) ليس مناسباً، فهو عام انتخابات، وربما يكون الإغلاق جزءاً من حملة ضد الإعلام يقودها الوزير شلومو قراعي (وزير الاتصالات)، وفي الوقع لا أستبعد أن إغلاقها حتى لا يمس الجنود، والمحور السياسي على الإطلاق»

الوزير الإسرائيلي السابق بيني غانتس (رويترز)

وبحسب قناة «آي 24 نيوز»، فإن القرار اتخذ رغم معارضة المستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا هذه الخطوة، واعتبرتها جزءاً من خطوة شاملة تهدف بشكل أساسي إلى المساس بالبث العام داخل إسرائيل، وبما يقيد حرية التعبير، مشيرةً إلى أن ذلك لا يستند إلى قاعدة واقعية ومهنية كما هو مطلوب، وهناك خشية من أن تشوبه اعتبارات أجنبية، وأن الترويج لذلك يتعارض مع القانون.

محاولات لوقف القرار

وانتقدت لجنة عمال إذاعة الجيش الإسرائيلي بشدة قرار الحكومة، واصفةً إياه بـ«القرار المؤسف والمؤلم وغير ذي الصلة، والذي يتناقض مع الأهمية التاريخية للإذاعة على مدى 75 عاماً ودورها المحوري في الحرب». ووفقاً للجنة، فإن هذه «الخطوة معيبة جوهرياً ومشوبة باعتبارات خارجية وغير صحيحة، وقد اتخذت في عام انتخابي، متجاهلةً رأي المستشار القانوني للحكومة».

وقبل أشهر، نشر تقرير من لجنة مختصة أشار إلى أن ميزانية المحطة تبلغ 52 مليون شيقل سنوياً (16 مليون دولار أميركي تقريباً)، وتمول 87 في المائة منها من خلال الدعاية والرعاية، داعياً إلى دراسة عدة بدائل؛ منها خصخصة الإذاعة، أو نقلها إلى جهة حكومية أخرى، أو إغلاقها، أو إنشاء مجلس استشاري.

جنود من الجيش الإسرائيلي يقفون فوق برج دبابة متمركزة في جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)

وفي أعقاب التصويت على القرار، قدمت جهات غير حكومية التماسات أمام المحكمة العليا، إلى جانب مجموعة كبيرة من الشخصيات التي قادت المحطة سابقاً، وشخصيات إعلامية أخرى، معتبرين أن هذه الخطوة تتجاوز الصلاحيات، خاصةً أن الكنيست اعترف في تشريعاته بهذه المحطة، ما يجعل إغلاقها يتطلب تشريعاً أساسياً، لا يمكن اتخاذه على أنه قرار إداري بحت، معتبرين أن القرار اتخذ لاعتبارات خارجية بهدف إضعاف حرية الإعلام ووقف الانتقادات، وتقديم منافع مالية لوسائل إعلام مقربة من الحكومة الإسرائيلية.