ضغوط داخلية في ألمانيا لتغيير سياستها «جذرياً» تجاه إيران

مطالب بإدراج «الحرس الثوري» على قائمة الإرهاب وإغلاق المركز الإسلامي

وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك (د.ب.أ)
وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك (د.ب.أ)
TT

ضغوط داخلية في ألمانيا لتغيير سياستها «جذرياً» تجاه إيران

وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك (د.ب.أ)
وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك (د.ب.أ)

خلال أيام قليلة، اتصلت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك مرتين بنظيرها الإيراني أمير حسين عبداللهيان، لترسل إليه تحذيراً بعدم الاستمرار في التصعيد مع إسرائيل. وعلى الرغم من أن الاتصال الأول الذي أجرته بيربوك بعبداللهيان قبيل محاولة الهجوم الإيرانية على إسرائيل لم يفض إلى ردع طهران عن خططها، فقد أرسلت وزيرة الخارجية تحذيراً ثانياً لنظيرها الإيراني بعد الهجوم الفاشل. وأدانت بيربوك بحسب الخارجية الألمانية، الهجوم الإيراني على إسرائيل، ودعت إيران «لوقف فوري للعنف ضد إسرائيل والمساهمة في خفض التصعيد». وأرسلت ألمانيا رسالة ثانية لإيران عبر سفارتها في برلين بعد أن استدعت السفير الإيراني وأبلغته اعتراضها على استدعاء سفيرها في طهران.

وكانت بيربوك غائبة عن برلين لدى استدعاء السفير، لمشاركتها بمؤتمر دعم السودان في باريس. ولكنها دعت من العاصمة الفرنسية لتكثيف الجهود الدبلوماسية لمنع تصعيد إضافي، وقالت: «ربحت إسرائيل دفاعياً بفضل نظامها الجوي الدفاعي وجهود الولايات المتحدة وبريطانيا ودول عربية، وعلينا الآن أن نعمل على تفادي أي تصعيد في المنطقة»، مشيرة إلى حديثها مع عبداللهيان عبر الجوال، وتحذيره «بشكل واضح» من أي تصعيد إضافي.

مطالب داخلية وضغوط

وقفة مؤيدة لإسرائيل أمام بوابة براندنبيرغ بعد هجوم إيران الفاشل عليها (رويترز)

فيما تبذل ألمانيا أقصى جهودها لإقناع إيران وإسرائيل بخفض التصعيد، بدأت الضغوط تزداد عليها في الداخل لتغيير سياستها تجاه إيران. ودعا عدد من السياسيين الألمان إلى مراجعة في السياسة مع إيران، وقال مايكل روث، النائب عن الحزب «الاشتراكي» الحاكم، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الفيدرالي (البوندستاغ): «يجب إعادة تفكير جذرية في سياسة ألمانيا تجاه إيران». ودعا روث عبر منصة «إكس»، إلى اتخاذ 4 خطوات رداً على هجوم إيران على إسرائيل. وكتب أنه أولاً «يجب تشديد العقوبات، فألمانيا أهم شريك أوروبي لإيران»، ودعا ثانياً إلى إدراج «الحرس الثوري» الإيراني «أخيراً» على لائحة الإرهاب، والعمل ثالثاً «على عزل إيران دبلوماسياً»، وأخيراً «توسيع التعاون الدفاعي مع إسرائيل».

وصدرت دعوة شبيهة عن بيجان دجير سراي، أمين عام الحزب الليبرالي المشارك في الحكومة الألمانية، وقال إنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن «يعتمد سياسة مختلفة تجاه إيران». وكتب على منصة «إكس» أنه من الضروري كذلك إدراج «الحرس الثوري» الإيراني على لائحة الإرهاب.

وضم نواب من المعارضة أصواتهم لنواب من الأحزاب الحاكمة، ودعا ماركوس زودر، زعيم الحزب «المسيحي الاجتماعي البافاري»، إلى «سياسة مختلفة كلياً تجاه إيران» من ألمانيا والاتحاد الأوروبي. وأضاف أنه «من الأساسي مناقشة كيف يمكن ردع إيران، وهذا لن يحدث إلا باعتماد سياسة اقتصادية وتجارية مختلفة كلياً ومصممة للعقوبات».

وأشار مانفريد فيبر النائب في البرلمان الأوروبي عن الحزب «المسيحي الديمقراطي» الذي تنتمي إليه المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، إلى عقوبات أوروبية إضافية على إيران. ويجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل الثلاثاء؛ لبحث التصعيد في المنطقة، ولكن من غير المرجح أن يطرح حظر «الحرس الثوري» الإيراني للنقاش.

تصنيف «الحرس الثوري»

وفي السابق، بررت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك عدم تصنيف «الحرس الثوري» إرهابياً لعدم وجود حكم قضائي في دول الاتحاد الأوروبي ضد «الحرس» يثبت أنه إرهابي. ولكن يناقش من ينتقد موقفها هذا بالقول إنه يمكن للمجلس الأوروبي أن يعتمد على أحكام قضائية صادرة عن طرف ثالث لتبرير تصنيف منظمة بالإرهابية. وفتح الادعاء العام في ألمانيا تحقيقاً العام الماضي بعد الاشتباه بأن «الحرس الثوري» الإيراني قد يكون متورطاً بالإعداد لهجوم إرهابي على كنيس يهودي في ولاية هيسن، ولكن التحقيقات ما زالت جارية ولم تصل لنتيجة بعد. وكانت صدرت أحكام في الولايات المتحدة وكندا ضد «الحرس الثوري» تثبت تورطهم بأعمال إرهابية. ويقول منتقدو بيربوك إنها تفتقد للإرادة السياسية لتصنيف «الحرس الثوري» إرهابياً.

وإضافة إلى الدعوات لعزل إيران اقتصادياً ودبلوماسياً، عادت الدعوات كذلك لإغلاق المركز الإسلامي في هامبورغ الذي تقول المخابرات الألمانية إنه مرتبط بالنظام الإيراني، ويروج للدعاية الإيرانية في ألمانيا وأوروبا، ويستخدمه النظام الإيراني للتجسس على المعارضين وتخويفهم. ودعا النائب كونستانتين فون نوتز عن حزب «الخضر» إلى إغلاق المركز بعد أن «رفض إبعاد نفسه عن التطرف لسنوات»، وأضاف في تصريحات لصحيفة «دي فيلت»: «أتوقع استنفاد كامل السبل القانونية فوراً لإغلاق المركز نهائياً ووقف كل نشاطاته». وأيد مطلب إغلاق المركز النائب يورغن هارت عن الحزب «المسيحي الديمقراطي» المعارض.

وتبحث الداخلية الألمانية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي في إغلاق المركز الذي يشتبه بأنه «يتصرف خلافاً للقواعد الدستورية في ألمانيا». وتحقق كذلك في دعم المركز لـ«حزب الله» المحظور في ألمانيا. ونفذ مئات عناصر الشرطة آنذاك مداهمات طالت المركز ومواقع أخرى مرتبطة به، ورفعوا أدلة ضمن تحقيق بتمويل المركز للإرهاب قد يؤدي إلى إغلاقه في النهاية.


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي ملتزم بالتوصل لاتفاق تجاري مع واشنطن يستند إلى «الاحترام»

أوروبا المفوّض الأوروبي لشؤون التجارة ماروس سيفكوفيتش (د.ب.أ)

الاتحاد الأوروبي ملتزم بالتوصل لاتفاق تجاري مع واشنطن يستند إلى «الاحترام»

قال المفوّض الأوروبي لشؤون التجارة، ماروس سيفكوفيتش، إن التكتل مستعد للعمل بـ«حسن نية» من أجل التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة يكون قائماً على «الاحترام».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت (رويترز)

بيسنت: عروض أوروبا التجارية ضعيفة وتهديد الرسوم لتحفيز التفاوض

أكد وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، يوم الجمعة، أن الرئيس دونالد ترمب لا يرى أن عروض الاتحاد الأوروبي التجارية للولايات المتحدة ذات جودة كافية.

«الشرق الأوسط» (بانف )
الاقتصاد وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول في مؤتمر صحافي مع نظيره الهندي جايشانكار (د.ب.أ)

ألمانيا تدعم أوروبا في مواجهة تهديدات ترمب الجمركية

قال وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول، يوم الجمعة، إن تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب برفع الرسوم الجمركية على واردات الاتحاد الأوروبي لم يؤتِ ثماره.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد ترمب يحضر فعالية «لنجعل أميركا صحيّة مجدداً» في البيت الأبيض (أ.ب)

ترمب يهدد برسوم 50 % على واردات الاتحاد الأوروبي بدءاً من يونيو

هدَّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوم الجمعة، بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المائة على الواردات المقبلة من الاتحاد الأوروبي، اعتباراً من الأول من يونيو.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية مسؤولون وشرطيون يعملون في موقع مقتل موظفَين بسفارة إسرائيل في واشنطن (إ.ب.أ) play-circle 01:06

سجال إسرائيلي - أوروبي من بوابة هجوم واشنطن

جدّد الهجوم الذي أسفر عن مقتل اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن، مساء الأربعاء، السجال الأوروبي - الإسرائيلي، الذي تصاعد بقوة خلال اليومين الماضيين.

نظير مجلي (تل أبيب)

«تقدم محدود» في المفاوضات الأميركية ــ الإيرانية

مركبات الوفد الإيراني تغادر السفارة العُمانية في روما بعد نهاية الجولة الخامسة (رويترز)
مركبات الوفد الإيراني تغادر السفارة العُمانية في روما بعد نهاية الجولة الخامسة (رويترز)
TT

«تقدم محدود» في المفاوضات الأميركية ــ الإيرانية

مركبات الوفد الإيراني تغادر السفارة العُمانية في روما بعد نهاية الجولة الخامسة (رويترز)
مركبات الوفد الإيراني تغادر السفارة العُمانية في روما بعد نهاية الجولة الخامسة (رويترز)

غادر المفاوضون الإيرانيون والأميركيون طاولة الجولة الخامسة من المحادثات في روما، أمس، دون اختراق كبير. وأفاد وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، الذي تقوم بلاده بدور الميسّر، بأن المحادثات أحرزت «بعض التقدم لكنه ليس حاسماً».

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إن نظيره العماني «قدم بعض الأفكار، وقررنا إجراء مزيد من المراجعات الفنية في العواصم»، مضيفاً أن «هذه الحلول قد تكون مفتاحاً للتقدم».

ونوه بأن المفاوضات «أكثر تعقيداً من أن تحل في عدة جلسات قصيرة فقط... هناك احتمال للتقدم». وأضاف: «متمسكون بمواقفنا. الطرف الأميركي أصبح لديه فهم واضح لمواقف إيران الآن، ونحن على مسار معقول».

ولم يصدر تعليق من الجانب الأميركي. وغادر مفاوضها ستيف ويتكوف سفارة سلطنة عمان في روما، مبكراً قبل إعلان نهاية الجولة، التي جاءت وسط خلاف كبير بين الجانبين حول استمرار تخصيب اليورانيوم في إيران.