مراقبون للانتخابات التركية: يجب بذل المزيد من الجهد لضمان حرية التعبير

أنصار لعمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو يحتفلون عقب النتائج المبكرة لانتخابات بلدية إسطنبول الكبرى، إسطنبول، تركيا، 31 مارس 2024 (رويترز)
أنصار لعمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو يحتفلون عقب النتائج المبكرة لانتخابات بلدية إسطنبول الكبرى، إسطنبول، تركيا، 31 مارس 2024 (رويترز)
TT

مراقبون للانتخابات التركية: يجب بذل المزيد من الجهد لضمان حرية التعبير

أنصار لعمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو يحتفلون عقب النتائج المبكرة لانتخابات بلدية إسطنبول الكبرى، إسطنبول، تركيا، 31 مارس 2024 (رويترز)
أنصار لعمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو يحتفلون عقب النتائج المبكرة لانتخابات بلدية إسطنبول الكبرى، إسطنبول، تركيا، 31 مارس 2024 (رويترز)

قالت مجموعة مراقبة أوروبية، اليوم (الاثنين)، إن الانتخابات المحلية التي جرت أمس الأحد في تركيا كانت تنافسية، ومنحت المواطنين العديد من الخيارات، لكنها جرت في «بيئة مستقطبة بشكل صارخ»، إذ يتعين بذل المزيد من الجهد لضمان حرية التعبير، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وحققت المعارضة التركية فوزاً ساحقاً على حزب «العدالة والتنمية» الذي يتزعمه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في الانتخابات المحلية، لتؤكد من جديد نفسها كقوة سياسية. وكانت هذه أسوأ هزيمة لإردوغان وحزبه منذ أكثر من عقدين في السلطة، ويمكن أن تشير إلى تغيير في المشهد السياسي المنقسم في البلاد.

وقال ديفيد إراي، رئيس بعثة المراقبة التي شكلها «مجلس أوروبا» في مؤتمر صحافي في أنقرة: «كان يوم الانتخابات هادئاً بشكل عام، وتم تنظيمه بطريقة احترافية، مع إقبال كبير على المشاركة يظهر التزاماً قوياً من المواطنين بالإجراءات الديمقراطية».

وقال نائب رئيس البعثة فلاديمير بريبيليتش: «نرحب بالطبيعة التنافسية لهذه الانتخابات، وتوفر الخيارات لدى الناخبين، لكن ما لاحظناه في الانتخابات المحلية لعام 2024 في تركيا أنها جرت في ظل بيئة مستقطبة بشكل صارخ ولم تدعم الديمقراطية المحلية إلا جزئياً».

وأضاف بريبيليتش أن بعض مخاوف «مجلس أوروبا» القائمة منذ فترة طويلة بشأن الممارسات الانتخابية في تركيا لم تتبدد بشكل كامل.

وتابع قائلاً: «وفقاً لمبادئ مجلس أوروبا المتعلقة بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان، هناك حاجة إلى بذل مزيد من الجهود لضمان بيئة سياسية وإعلامية تتسع لقدر أكبر من حرية التعبير وإطار مناسب وقابل للتطبيق تشرف عليه هيئة قضائية مستقلة».

ويقول منتقدون إن حكومة إردوغان أسكتت المعارضة، وقوضت حقوق الإنسان، ووضعت القضاء ومؤسسات الدولة الأخرى تحت سيطرتها، وهو اتهام ينفيه المسؤولون.

وقبل الانتخابات، قدمت وسائل الإعلام الموالية للحكومة تغطية شاملة لتجمعات إردوغان اليومية، بينما غطت حملات المعارضة بشكل محدود.

وضمت بعثة المراقبة 26 مراقباً من 16 دولة أوروبية، راقبوا إجراءات التصويت في أكثر من 140 مركز اقتراع، بما في ذلك في المدن الكبرى إسطنبول وأنقرة.


مقالات ذات صلة

إردوغان: نأمل في أن يتخذ ترمب خطوات مختلفة تجاه الشرق الأوسط

شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال «مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (كوب 29)» في باكو يوم 12 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

إردوغان: نأمل في أن يتخذ ترمب خطوات مختلفة تجاه الشرق الأوسط

أعرب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم (الأربعاء)، عن أمله في أن يتخذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، خطوات مختلفة بمنطقة الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
رياضة عالمية أكد بشيكتاش أن المجر هي الدولة الوحيدة التي وافقت على استضافة المباراة (رويترز)

بشيكتاش التركي يواجه مكابي الإسرائيلي في المجر... ومن دون جماهير

قال الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا) أمس إن مباراة الدوري الأوروبي بين ناديي بشيكتاش التركي ومكابي تل أبيب الإسرائيلي المقررة في 28 نوفمبر ستقام بالمجر

«الشرق الأوسط» (اسطنبول)
شؤون إقليمية البرلمان التركي أقر قانوناً حول التجسس يثير مخاوف من استغلاله لقمع حرية التعبير (موقع البرلمان)

​تركيا: قانون جديد للتجسس يثير مخاوف المعارضة وأوروبا

يثير قانون وافق عليه البرلمان التركي يشدد العقوبات ضد من يثبت تورطه في جمع معلومات لصالح جهات خارجية مخاوف من جانب المعارضة والمنظمات المدنية والاتحاد الأوروبي

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
رياضة عالمية الحكم أوموت ميلر على الأرض بعد تلقيه اللكمات من فاروق كوكا (رويترز)

الحبس 3 سنوات لرئيس نادٍ تركي بسبب الاعتداء على حكم

صدر حكم قضائي بالسجن ضد الرئيس السابق لنادي أنقرة جوجو التركي لكرة القدم بتهمة الاعتداء على حكم.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً خلال فاعلية في إسطنبول الجمعة (الرئاسة التركية)

إردوغان طلب من ترمب وقف الدعم لأكراد سوريا

أعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أنه طلب من الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، وقف الدعم الأميركي لـ«وحدات حماية الشعب الكردية» ذراع «حزب العمال.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

إيران أمام تحدي مواصلة سياساتها أو التفاوض مع ترمب

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
TT

إيران أمام تحدي مواصلة سياساتها أو التفاوض مع ترمب

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

من غير الواضح حتى الآن طبيعة السياسة التي سيعتمدها الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، تجاه إيران. غير أن مواقفه التي رددها خلال حملته الانتخابية تشير إلى أن احتمال عودته إلى سياسات عهده الأول قد يكون الأكثر ترجيحاً. ورغم أنه غالباً ما يتحدث عن قدرته على عقد «الصفقات»، فإنه قال بعد الإدلاء بصوته في الانتخابات، الأسبوع الماضي، إنه «لا يسعى إلى إلحاق الضرر بإيران»، إلا أنه أضاف: «شروطي سهلة للغاية. لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي. أود منهم أن يكونوا دولة ناجحة للغاية».

وفيما تبدو خيارات إيران ضيقة في هذا المجال، يرى باحثون أميركيون حاورتهم «الشرق الأوسط» أن الأمر يعتمد على استجابة طهران للضغوط، في ظل فريق متشدد عينه ترمب لإدارة ملف الأمن القومي وسياساته الخارجية.

يقول الدكتور ماثيو ليفيت، الباحث في «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى»، إن ترمب لم يوضح بعد سياساته، لكن تعييناته الجديدة تبدو متشددة ضد إيران. ومن جهته، يرجح برايان كاتوليس، الباحث في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، أن تستمر طهران في سياساتها للحفاظ على الضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الدول العربية.

في المقابل، يقول بهنام بن طالبلو، الباحث في الشأن الإيراني بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن المحسوب على الجمهوريين: «علينا ألا نخطئ؛ فالنظام مرعوب مما قد يعنيه استئناف سياسة الضغط الأقصى، حتى لو اقتصر الأمر على العقوبات الاقتصادية».

هيمنت صورة ترمب على الصحف الإيرانية الصادرة الخميس وعنونت صحيفة «همشهري» بـ«عودة القاتل» في إشارة إلى أوامر الرئيس الأميركي بقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني

خيارات مكلّفة

وفي تفسيرهم لمعنى «الدولة الناجحة»، بدا الارتباك واضحاً في تصريحات المسؤولين الإيرانيين؛ خصوصاً أن التنازلات التي يمكن تقديمها لعقد صفقة كهذه مع ترمب تبدو كلها خيارات صعبة ومكلفة، وقد تعرِّض طهران في نهاية المطاف لمخاطر جسيمة، في حال تخليها عن المشروع النووي أو عن الجماعات المسلحة الحليفة.

بالنسبة لبقية العالم، قد تبدو الصورة أكثر وضوحاً؛ فشعار «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى» سيتحدد بناءً عليه السياسة الخارجية للولايات المتحدة، على مدى السنوات الأربع المقبلة. ورغم أن البعض يعتقد أن ولاية ترمب الأولى توضِّح تفضيلاته، فإنه من المرجح أن تكون هناك اختلافات مع ولايته الثانية؛ خصوصاً من خلال تشكيل فريق أمنه القومي وإدارة ملف سياساته الخارجية، الذي سيأخذ في اعتباره تغيُّر العالم عمَّا كان عليه عند بدء ولايته الأولى، بالإضافة إلى الجهات الفاعلة التي نما دورها مؤخراً.

صقور في السياسة الخارجية

في ولايته الأولى، انسحب ترمب من الاتفاق النووي مع إيران، وفرض عليها عقوبات اقتصادية صارمة، وأمر بتوجه ضربة جوية قضت على الجنرال قاسم سليماني العقل المدبر لعمليات «الحرس الثوري» في الخارج. وعكست تعيينات فريق أمنه القومي وسياساته الخارجية أن الخط تجاه إيران قد يكون أقسى، بالنظر إلى سجلات هذه الشخصيات؛ خصوصاً السيناتور ماركو روبيو، الذي قد يعينه ترمب وزيراً للخارجية؛ فقد بنى روبيو سمعته باعتباره أحد صقور السياسة الخارجية في الحزب الجمهوري، وعبَّر عن مواقف صارمة تجاه الصين وإيران وفنزويلا وكوبا، ما عكس نهجاً «هجومياً»، لا سيما فيما يتعلق بالشرق الأوسط. وفي مقابلة أُجريت معه في وقت سابق من العام الحالي، قال روبيو إن سياسته الخارجية تطوَّرَت؛ إذ «يبدو العالم مختلفاً عما كان عليه قبل 5 أو 10 أو 15 عاماً»، وأصبح أكثر انسجاماً مع رؤية ترمب.

محرّك عدم الاستقرار

خلال مقابلة مع شبكة «سي إن إن»، قال المبعوث الأميركي السابق لشؤون إيران، برايان هوك، الذي شغل منصبه خلال إدارة ترمب الأولى، ويُعتقد أنه سيعود إليه مجدداً، إن الرئيس المنتخَب «ليست لديه مصلحة في تغيير النظام بإيران»، لكنه «مقتنع أيضاً بأن المحرك الرئيسي لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط هو النظام الإيراني».

ويقول الدكتور ماثيو ليفيت إنه لا يزال من غير الواضح كيف ستبدو سياسة إدارة ترمب الجديدة تجاه إيران. وأضاف، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أنه يبدو أن ترمب يعين أشخاصاً لديهم آراء صارمة بشأن إيران في مناصب رئيسية. ومع ذلك، قال ترمب إنه يريد إنهاء الحروب، وليس خوضها، وأكد أثناء حملته الانتخابية أنه سيتفاوض على صفقة مع إيران.

من ناحيته، يقول براين كاتوليس، إن التعيينات المختلفة لفريق الأمن القومي قد تشير إلى «صقور معيَّنين» في النهج المقبل من إدارة ترمب الجديدة، عندما يتعلق الأمر بإيران. ويضيف، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أنه من الصعب التأكد بدرجة عالية من اليقين، لأن ترمب هو صانع القرار النهائي، وقد يكون غير متوقَّع ومتقلباً في بعض الأحيان.

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يصافح السيناتور ماركو روبيو خلال مناسبة انتخابي في رالي بنورث كارولاينا (أ.ب)

هل تغيّر إيران سياساتها؟

ينقل عن مسؤولين إيرانيين قولهم بوجود «استراتيجيتين متنافستين» في دوائر السياسة الإيرانية؛ إحداهما تدعو إلى المضي قدماً في التحدي وتعزيز ميليشياتها بالوكالة في الشرق الأوسط، والأخرى تدعو إلى التفاوض مع ترمب. يرى كاتوليس أنه من المرجح أن «تستمر إيران في استخدام شبكتها الواسعة من الجماعات الإرهابية والميليشيات للحفاظ على الضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الدول العربية». وأضاف أن إيران قد تتبنى نبرة مختلفة، وتشير إلى استعدادها للتعامل مع فريق ترمب في مواجهة الضغوط، لكن «من الصعب تصور أن النظام الحالي، الذي تحركه آيديولوجية ولاية الفقيه، سيغير استراتيجيته الأساسية التي حافظ عليها لعقود من الزمن».

مخاوف في طهران

في المقابل، يقول بهنام بن طالبلو: «علينا ألّا نخطئ؛ فالنظام مرعوب مما قد يعنيه استئناف سياسة الضغط الأقصى، حتى لو اقتصر الأمر على العقوبات الاقتصادية».

ويضيف طالبلو في حوار مع «الشرق الأوسط»: «في نهاية المطاف، هذا نظام كان يحاول قتل الرئيس المنتخَب عندما كان مرشحاً، ومن غير المرجح أن تتفاوض طهران بحسن نية مع إدارة ترمب».

بل من المحتمل أن «تحاول طهران تنفيذ سياسة الضغط الأقصى الخاصة بها، من خلال التهديد بصراع أوسع والتصعيد، كما فعل في مايو (أيار) 2019. في محاولة لإجبار إدارة ترمب على التخلي عن سياسة الضغوط أو استيعاب تصعيد إيران».

ويرجح طالبلو أن تكون إدارة ترمب مأهولة بآراء وأصوات مختلفة تمثل الحزب الجمهوري المتنوّع اليوم، ولكن كيف ستتقاطع هذه الأصوات بعضها مع بعض، في ظل تباين مواقف بعضها منفتح دولياً وبعضها انعزالي، فهذا ما ستكشفه الأيام.