واشنطن تتصدى لتحايل طهران على العقوبات من باحتها الخلفية

إدارة بايدن حضت بنما على سحب عَلمها من سفن الشحن الإيرانية

سفينة شحن تنتظر دورها لعبور قناة بنما (أ.ف.ب)
سفينة شحن تنتظر دورها لعبور قناة بنما (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تتصدى لتحايل طهران على العقوبات من باحتها الخلفية

سفينة شحن تنتظر دورها لعبور قناة بنما (أ.ف.ب)
سفينة شحن تنتظر دورها لعبور قناة بنما (أ.ف.ب)

بدأت واشنطن عملية التصدي للالتفاف الإيراني على العقوبات، في باحتها الخلفية، بممارسة الضغط على بنما لحرمان السفن الإيرانية من رفع علم الدولة الواقعة في أميركا الوسطى.

وأوضح المبعوث الأميركي الخاص بإيران، أبراهم بالي خلال زيارة إلى بنما الأربعاء أن الإجراء يهدف إلى منع استخدام السفن في أعمال غير قانونية مثل دعم الجماعات المسلحة المصنفة على قائمة المنظمات الإرهابية الإيرانية بمبيعات النفط.

وشدد بالي على «تنسيق الجهود المشتركة مع الحكومة البنمية لضمان عدم إساءة استخدام سجلّ الشحن البحري في بنما».

وقال إن «إيران والجهات المرتبطة بإيران تحاول التهرّب من العقوبات.إنّهم يحاولون إساءة استخدام سجلّ علم بنما».

وفي يناير (كانون الثاني) 2023، قالت الهيئة البحرية البنمية إنها سحبت علمها من 136 سفينة مرتبطة بشركة النفط الحكومية الإيرانية في السنوات الأربع الماضية.وتمتلك بنما أكبر تسجيل للسفن في العالم إذ تبحر 8540 سفينة مسجلة لرفع علمها، ما يعادل 16 في المائة من الأسطول العالمي.وهي أكبر مزود في العالم لما يسمى «أعلام الملاءمة» وهو نظام يسمح لأصحاب السفن بتسجيل سفنهم في بلد ليس لهم أي صلة به مقابل رسوم والتحرر من الرقابة.ويقول خبراء إن أصحاب السفن المعنية يستخدمون علم الملاءمة هذا لتجاوز التشريعات البيئية وقوانين العمل وحتى إخفاء هوية مالك سفينة معينة تماماً.

وعبر بالي عن الأمل في أن «تواصل الحكومة البنمية العمل معنا على أساس قوانينها الوطنية والتزاماتها الدولية».وتشتبه الولايات المتّحدة في أنّ إيران تستخدم بعضاً من أسطول ظل لنقل النفط أو منتجات نفطية، لتمويل جماعات موالية لها تعتبرها واشنطن إرهابية.وقال بالي إنّ ما لا يقلّ عن ستّ سفن ترفع علم بنما انتهكت العقوبات الأميركية منذ يناير.

بدوره، كتب نائب وزير الخارجية البنمي فلاديمير فرنكو على منصة التواصل الاجتماعي «إكس» أنه التقى بالي لإجراء محادثات حول «التعاون البحري» بين البلدين.وتخضع إيران لعقوبات اقتصادية صارمة فرضتها الولايات المتّحدة عليها في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب الذي انسحب في 2018 من الاتفاق النووي الدولي الذي أبرم قبل ثلاث سنوات من ذلك وينصّ على فرض قيود على البرنامج النووي الإيراني.ومنذ ذلك الحين، صنفت الولايات المتحدة «الحرس الثوري» الإيراني الذي يدير العمليات الإقليمية الإيرانية وبرنامجها لتطوير الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة على قائمة المنظمات الإرهابية العالمية.كما وضعت الولايات المتحدة العديد من الشركات التابعة لـ«الحرس الثوري» بما في ذلك شبكته المالية على اللائحة السواء.

وزادت واشنطن من ضغوطها على طهران لردع أنشطة الميليشيات والجماعات المسلحة المرتبطة إيديولوجياً بـ«الحرس الثوري» الإيراني، على رأسها «حزب الله» اللبناني، وجماعة «الحوثي» في اليمن.جاءت الضغوط على بنما بعد أيام من تحدي وزير النفط الإيراني جواد أوجي الأسبوع الماضي تأثير العقوبات الأميركية على مبيعات النفط، خصوصاً إذا ما عاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى السلطة في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وزادت وتيرة مبيعات النفط الإيرانية بعد الحرب الروسية - الأوكرانية، مع تركيز الولايات المتحدة على خنق إيرادات موسكو من بيع النفط والغاز.

والشهر الماضي، ذكرت وكالة «بلومبرغ» أن إدارة بايدن تريد تشديد الخناق على مبيعات النفط الإيرانية، لإضعاف دعمها للجماعات المسلحة في الشرق الأوسط، مع تفاقم الأزمة الإقليمية.وأشارت إلى مخاوف في البيت الأبيض من أخطاء قد تؤدي إلى تعطيل أسواق النفط العالمية.إلى ذلك، قالت ستة مصادر مطلعة إن إيران وفنزويلا تحاولان إصلاح تحالف نفطي بدأ في التآكل العام الماضي بعد أن تخلفت الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية عن مقايضات النفط التي عززت صادرات النفط الخام وساعدت في سد النقص في الوقود المحلي.

ومن شأن العودة المتوقعة للعقوبات الأميركية في أبريل (نيسان) على قطاع النفط الفنزويلي أن تجعل التحالف مع إيران حاسما لضمان استمرار عمل قطاع الطاقة.وخففت واشنطن العام الماضي العقوبات مؤقتا بعدما تعهدت فنزويلا بالسماح بإجراء انتخابات رئاسية تنافسية، وهو ما لم يحدث.ويزداد الوضع خطورة إذ تظهر مراجعة لبيانات ووثائق الشحن من شركة النفط الوطنية الفنزويلية (بي دي في إس إيه) تخلف فنزويلا عن سداد مدفوعات لإيران، الأمر الذي تفاقم عندما بدأت الولايات المتحدة في إصدار تراخيص في أواخر عام 2022.ودفعت تلك التراخيص الشركة الحكومية إلى إعادة توجيه شحنات، كان من المقرر بالأساس أن تكون لإيران، إلى عملاء يدفعون نقدا.وتسارع فنزويلا إنقاذا لهذه الشراكة إلى الوفاء بشروط التحالف الذي دام ثلاث سنوات ويضمن مئات الملايين من الدولارات في مقايضات وعقود نفطية.

كما تحاول تسوية الديون المعلقة من خلال تسريع تسليم شحنات النفط الخام الثقيل والوقود إلى إيران. وقالت المصادر إن فنزويلا تسعى جاهدة لإعادة التفاوض حول عشرات المشروعات التي لم تكتمل، في قطاعات بدءا من الزراعة وحتى تصنيع السيارات، قبل زيارة مزمعة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى كراكاس خلال الشهور المقبلة.

وغادر وفدان إيرانيان، سافرا إلى فنزويلا منذ منتصف عام 2023، دون إعلان التوصل إلى اتفاقات مهمة.وقال مسؤول إيراني كبير «رغم التحديات، لا سيما فيما يتعلق بالمدفوعات من جانب فنزويلا، لا يزال البلدان عازمين على تعزيز علاقتهما وشراكتهما في مجال الطاقة في مواجهة الضغوط الأميركية».واعترف وزير النفط الفنزويلي بيدرو تيليشيا في فبراير (شباط) بتوتر العلاقات بين البلدين عندما قال إن شركة النفط الوطنية الفنزويلية ستجري بنفسها أعمال صيانة للمصافي ومصانع البتروكيماويات الخاصة بها هذا العام، وهو الأمر الذي كان جزءا رئيسيا من اتفاق مع إيران استمر منذ 20 عاما. وأضاف في مؤتمر صحافي بمحطة لتوزيع الوقود في إقليم كارابوبو بوسط البلاد «سنكمل برامج الصيانة بالاستعانة بعمالنا».


مقالات ذات صلة

إيران تفرج عن شحنة نفط على متن ناقلة محتجَزة

شؤون إقليمية ناقلة النفط «سانت نيكولاس» التي تحتجزها إيران (رويترز)

إيران تفرج عن شحنة نفط على متن ناقلة محتجَزة

أفرجت إيران اليوم الخميس عن شحنة النفط الخاصة بالناقلة «سانت نيكولاس» التي كانت قد احتجزتها بخليج عمان في وقت سابق من هذا العام.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
شؤون إقليمية صورة نشرها السفير البريطاني في طهران لرفع علم أوكرانيا في مقر السفارة تضامناً مع كييف في فبراير 2022

طهران تستدعي سفير بريطانيا لتسليم إيراني للولايات المتحدة

استدعت إيران سفير بريطانيا؛ احتجاجاً على تسليم لندن مواطناً إيرانياً للولايات المتحدة، بتهمة الالتفاف على العقوبات الأميركية في تصدير «تطبيقات عسكرية» لطهران.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
المشرق العربي قوات أميركية بريف الرميلان بمحافظة الحسكة شرق سوريا يونيو 2023 (أ.ف.ب)

«التحالف الدولي» يستقدم معدات عسكرية إلى شمال شرقي سوريا

يعج شرق سوريا بنشاط عسكري في الفترة الأخيرة. يستقدم «التحالف الدولي» معدات عسكرية إلى شمال شرقي سوريا، والميليشيات الموالية لإيران تستقطب عناصر محلية بإغراءات.

«الشرق الأوسط» (دمشق - لندن)
الخليج زورق تابع لـ«الحرس الثوري» قرب ناقلة نفط في الخليج (أرشيفية - أ.ف.ب)

«أمبري»: «الحرس الثوري» الإيراني يعترض طريق ناقلة تديرها الإمارات

قالت شركة «أمبري» البريطانية للأمن البحري الاثنين إن «الحرس الثوري» الإيراني اعترض طريق ناقلة تحمل 1500 طن من زيت الغاز البحري وترفع علم توغو وتديرها الإمارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الأميركي السابق مارك إسبر (أرشيفية - أ.ب)

وزير الدفاع الأميركي السابق يحض بايدن على وقف تهديدات إيران

قال وزير الدفاع السابق مارك إسبر، إن الوقت قد حان لإدارة بايدن لأن تفعل أفضل من مجرد لعب دور الدفاع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)

أعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، الجمعة، أن بلاده قررت تعيين سفير لدى سوريا «لتسليط الضوء» عليها، ما يجعل إيطاليا أول دولة من مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى التي تستأنف عمل بعثتها الدبلوماسية في دمشق منذ أن عصفت حرب أهلية بالبلاد.

استدعت إيطاليا جميع الموظفين من سفارتها بدمشق عام 2012، وعلقت النشاط الدبلوماسي في سوريا احتجاجاً على «العنف غير المقبول» من حكومة الرئيس بشار الأسد ضد المواطنين.

واستعاد الأسد السيطرة على معظم سوريا بعد أن ساعدته إيران وروسيا على هزيمة جماعات من المعارضة المسلحة، تحركت ضده قبل 13 عاماً، مما أدى إلى حرب راح ضحيتها مئات الآلاف ودفعت ملايين من اللاجئين صوب أوروبا.

وتم الإعلان عن تعيين المبعوث الخاص حالياً لوزارة الخارجية إلى سوريا، ستيفانو رافاجنان، سفيراً. وقال تاياني لوكالة «رويترز» إنه من المقرر أن يتولى منصبه قريباً.

أرسلت إيطاليا و7 دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، رسالة إلى مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد، جوزيب بوريل، تطلب أن يلعب التكتل دوراً أكثر فاعلية في سوريا.

وجاء في الرسالة التي اطلعت عليها «رويترز»: «لا يزال السوريون يغادرون بأعداد كبيرة، مما يزيد من الضغوط على الدول المجاورة، في فترة يتصاعد فيها التوتر في المنطقة، ما ينذر بخطر موجات جديدة من اللاجئين».

وإلى جانب إيطاليا، وقّعت النمسا وقبرص وجمهورية التشيك واليونان وكرواتيا وسلوفينيا وسلوفاكيا على الرسالة. وعبّرت عن أسفها إزاء «الوضع الإنساني» في البلاد الذي «زاد تدهوراً» في ظل بلوغ اقتصادها «حالة يرثى لها».

وقال تاياني، الجمعة: «كلف بوريل دائرة العمل الخارجي الأوروبي بدراسة ما يمكن القيام به»، مضيفاً أن تعيين سفير جديد «يتماشى مع الرسالة التي أرسلناها إلى بوريل... لتسليط الضوء على سوريا».

هناك 6 سفارات لدول في الاتحاد الأوروبي مفتوحة في الوقت الحالي بدمشق، وهي سفارات رومانيا وبلغاريا واليونان وقبرص وجمهورية التشيك والمجر. ولم تُقْدم باقي دول مجموعة السبع بعد، وهي الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا، على خطوة إعادة تعيين سفراء لها لدى سوريا.