الغرب يتجنب مواجهة إيران مع بدء اجتماع فصلي لـ«الذرية الدولية»

واشنطن وحلفاؤها تجنبوا التصعيد على خلفية التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط والعالم

غروسي خلال مؤتمر صحافي قبل بدء الاجتماع الفصلي لـ«الذرية الدولية» في فيينا اليوم (رويترز)
غروسي خلال مؤتمر صحافي قبل بدء الاجتماع الفصلي لـ«الذرية الدولية» في فيينا اليوم (رويترز)
TT

الغرب يتجنب مواجهة إيران مع بدء اجتماع فصلي لـ«الذرية الدولية»

غروسي خلال مؤتمر صحافي قبل بدء الاجتماع الفصلي لـ«الذرية الدولية» في فيينا اليوم (رويترز)
غروسي خلال مؤتمر صحافي قبل بدء الاجتماع الفصلي لـ«الذرية الدولية» في فيينا اليوم (رويترز)

باشر الاجتماع ربع السنوي للوكالة الدولية للطاقة الذرية جلساته، الاثنين، مع اختيار القوى الغربية مجدداً، تجنب مواجهة جدية مع إيران لإخفاقها في التعاون مع الوكالة حول مجموعة من القضايا، حسبما أفاد دبلوماسيون.

وقالت مصادر دبلوماسية إن القوى الغربية أحجمت عن تقديم قرار ضد إيران أمام مجلس محافظي «الذرية الدولية» على خلفية التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط والعالم.

ومر أكثر من عام منذ أصدر مجلس المحافظين المؤلف من 35 دولة، قراراً يأمر إيران بالتعاون مع تحقيق الوكالة المستمر منذ سنوات، بخصوص جزيئات يورانيوم تم العثور عليها في مواقع غير معلنة، قائلاً إنه لـ«ضروري وعاجل» أن توضح إيران الأمر المتعلق بتلك الجزيئات.

ومنذ ذلك الحين، تقلص عدد المواقع غير المعلنة التي يجري التحقيق بشأنها من 3 إلى موقعين، لكن قائمة المشاكل بين الوكالة التابعة للأمم المتحدة وإيران ازدادت.

ولم تلتزم إيران بشكل كامل، باتفاقية إعادة تركيب كاميرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في بعض المواقع، وفي سبتمبر (أيلول)، منعت دخول بعض كبار مفتشي الوكالة.

ورغم «نقص التعاون» من قبل طهران بشأن برنامجها النووي، قررت لندن وباريس وبرلين وقف العمل على قرار كانت قد بدأت إعداده. وفي حين أقر مصدر دبلوماسي بأن التقارير الواردة من طهران بشأن البرنامج النووي «قاتمة للغاية»، سأل: «هل يمكن لقرار أن يحدث فارقاً؟». ولمح إلى أن الولايات المتحدة تعتمد «الحذر» بشأن إيران مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت الوكالة الدولية التابعة للأمم المتحدة قد أعربت في تقرير سري الأسبوع الماضي، عن «قلقها المزداد» إزاء تكثيف إيران أنشطتها النووية.

وقال المدير العام للوكالة رافائيل غروسي في اجتماع مجلس المحافظين: «يؤسفني بشدة أن إيران لم تتراجع بعد عن قرارها بسحب تعيينات عدد من مفتشي الوكالة ذوي الخبرة».

وأضاف: «فقط من خلال المشاركة البناءة والهادفة يمكن معالجة كل هذه المخاوف، ومرة أخرى؛ أدعو إيران إلى التعاون بشكل كامل وبوضوح مع الوكالة». وتابع: «إيران لم تقدم للوكالة تفسيرات موثوقة من الناحية التقنية لوجود جزيئات يورانيوم ناشئة عن نشاط بشري في ورامين وتركيز آباد، ولم تبلغ الوكالة بالموقع/المواقع الحالية التي فيها المواد النووية و/أو معدات ملوثة».

وأضاف في بيان نُشر بالموقع الرسمي للوكالة، أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب مستمر في الارتفاع، وإن كان التخصيب إلى مستوى 60 في المائة قد تراجع قليلاً.

وفي اليوم الأول لاجتماع مجلس المحافظين، كرّر غروسي قلقه إزاء مخاطر الانتشار النووي. وأوضح خلال مؤتمر صحافي: «ليست لدي معلومات تؤشر إلى أن إيران تقوم بصنع قنبلة نووية. لكنني أسمع تصريحاتها وأطرح أسئلة». ويؤشر غروسي بذلك إلى تصريحات أدلى بها في فبراير (شباط)، علي أكبر صالحي، وزير الخارجية السابق والرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية. وقال صالحي إن إيران «اكتسبت القدرات العلمية والتقنية» لتطوير سلاح نووي. وأضاف: «إلامَ تحتاج السيارة؟ إلى هيكل، إلى محرك، إلى مقود، إلى علبة سرعات. لدينا هذه القطع بشكل منفصل».

وأكد غروسي أنه يأخذ تصريحات أكبر صالحي ومسؤولين آخرين على «محمل الجد للغاية». وجدّد التأكيد أن إيران هي الوحيدة خارج نادي الدول الممتلكة سلاحاً نووياً، التي تقوم بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة وتخزينه بكميات كبيرة. وتقترب هذه النسبة من مستوى التخصيب 90 في المائة المطلوب للاستخدام العسكري.

ميخائيل أوليانوف مندوب روسيا لدى «الذرية الدولية» خلال الاجتماع الفصلي اليوم (رويترز)

وقال دبلوماسيون لوكالة «رويترز»، إنه مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة وتصاعد التوترات في أنحاء الشرق الأوسط، فإن الولايات المتحدة لا تريد المخاطرة بمزيد من التصعيد الدبلوماسي مع إيران من خلال الضغط من أجل إصدار قرار ضدها في الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقال دبلوماسي غربي مستشهداً بعوامل مختلفة: «إذا اتخذ مجلس محافظي الوكالة، قراراً الآن... من الخطير للغاية القيام بأي شيء يمكن تفسيره على أنه إشارة خاطئة يمكن أن تؤدي إلى سوء تقدير».

وأضاف: «المنطقة في هذه الحالة المتوترة، ليس هناك وقف لإطلاق النار أو حل من أي نوع في غزة، وليست لدينا احتمالات لأي نوع من الحل النووي، و... الولايات المتحدة تتجه نحو انتخابات رئاسية».

ودائماً ما تنفي إيران اتهامات غربية وإسرائيلية بالعمل على تطوير سلاح نووي، لكنّ مسؤولين إيرانيين أكدوا أن بلادهم لديها القدرة على ذلك إذا أرادت.

وكان اتفاق أبرم عام 2015 بين طهران والقوى الكبرى، أتاح تقييد أنشطة إيران النووية وضمان سلميتها، لقاء رفع عقوبات اقتصادية مفروضة عليها. لكن الولايات المتحدة في عهد دونالد ترمب انسحبت في 2018 من الاتفاق الذي وصفته بـ«المعيوب» لعدم معالجته الأنشطة الإقليمية والصاروخية لـ«الحرس الثوري» الإيراني. وأعادت فرض العقوبات، ما دفع طهران للتراجع تدريجياً عن غالبية التزاماتها.

وباشرت طهران تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة خلال الشهور الأولى من رئاسة جو بايدن الذي سعى لإحياء الاتفاق النووي. وفي صيف 2022، وصلت محادثات بين طهران والقوى الكبرى لإحياء الاتفاق، إلى طريق مسدودة.


مقالات ذات صلة

غروسي: أود لقاء بزشكيان في أقرب فرصة

شؤون إقليمية إسلامي يتحدّث إلى غروسي على هامش مؤتمر «الاجتماع الدولي للعلوم والتكنولوجيا النووية» في أصفهان مايو الماضي (أ.ب)

غروسي: أود لقاء بزشكيان في أقرب فرصة

أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، رغبته في زيارة طهران، خلال رسالة وجّهها إلى الرئيس الإيراني، مسعود بزشكیان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية صورة نشرها موقع الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان على هامش استقباله لرجال دين الأربعاء

بزشكيان: لا يمكن إدارة إيران بالطريقة الحالية

قال الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان إن إدارة البلاد بالطريقة الحالية «غير ممكنة»، مشدداً على الحاجة إلى اتخاذ «قرارات صعبة».

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية صورة من فيديو لخطاب ظريف يدافع عن الاتفاق النووي خلال حملة بزشكيان (شبكات التواصل)

ظريف يتراجع عن انتقادات لقانون «استراتيجي» بعد تأييد خامنئي

قال ظريف إن بزشكيان مستعد لإجراء مفاوضات لإحياء الاتفاق النووي على أساس قانون «الخطوة الاستراتيجية لإلغاء العقوبات الأميركية»، في تراجع عن انتقادات سابقة.

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)

بلينكن: إيران تستطيع إنتاج مواد لصنع سلاح نووي خلال أسبوع أو اثنين

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم (الجمعة)، أن إيران قادرة على إنتاج مواد انشطارية بهدف صنع قنبلة نووية «خلال أسبوع أو اثنين».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية صورة وزعتها «الذرية الإيرانية» لأجهزة طرد مركزي من الجيل السادس في معرض للصناعة النووية أبريل العام الماضي

واشنطن حذّرت طهران سراً بشأن أنشطة نووية مريبة

وجهت واشنطن الشهر الماضي تحذيراً سرياً لإيران تعبر فيه عن مخاوفها إزاء أنشطة بحث وتطوير إيرانية قد تُستخدم في إنتاج سلاح نووي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)

أعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، الجمعة، أن بلاده قررت تعيين سفير لدى سوريا «لتسليط الضوء» عليها، ما يجعل إيطاليا أول دولة من مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى التي تستأنف عمل بعثتها الدبلوماسية في دمشق منذ أن عصفت حرب أهلية بالبلاد.

استدعت إيطاليا جميع الموظفين من سفارتها بدمشق عام 2012، وعلقت النشاط الدبلوماسي في سوريا احتجاجاً على «العنف غير المقبول» من حكومة الرئيس بشار الأسد ضد المواطنين.

واستعاد الأسد السيطرة على معظم سوريا بعد أن ساعدته إيران وروسيا على هزيمة جماعات من المعارضة المسلحة، تحركت ضده قبل 13 عاماً، مما أدى إلى حرب راح ضحيتها مئات الآلاف ودفعت ملايين من اللاجئين صوب أوروبا.

وتم الإعلان عن تعيين المبعوث الخاص حالياً لوزارة الخارجية إلى سوريا، ستيفانو رافاجنان، سفيراً. وقال تاياني لوكالة «رويترز» إنه من المقرر أن يتولى منصبه قريباً.

أرسلت إيطاليا و7 دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، رسالة إلى مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد، جوزيب بوريل، تطلب أن يلعب التكتل دوراً أكثر فاعلية في سوريا.

وجاء في الرسالة التي اطلعت عليها «رويترز»: «لا يزال السوريون يغادرون بأعداد كبيرة، مما يزيد من الضغوط على الدول المجاورة، في فترة يتصاعد فيها التوتر في المنطقة، ما ينذر بخطر موجات جديدة من اللاجئين».

وإلى جانب إيطاليا، وقّعت النمسا وقبرص وجمهورية التشيك واليونان وكرواتيا وسلوفينيا وسلوفاكيا على الرسالة. وعبّرت عن أسفها إزاء «الوضع الإنساني» في البلاد الذي «زاد تدهوراً» في ظل بلوغ اقتصادها «حالة يرثى لها».

وقال تاياني، الجمعة: «كلف بوريل دائرة العمل الخارجي الأوروبي بدراسة ما يمكن القيام به»، مضيفاً أن تعيين سفير جديد «يتماشى مع الرسالة التي أرسلناها إلى بوريل... لتسليط الضوء على سوريا».

هناك 6 سفارات لدول في الاتحاد الأوروبي مفتوحة في الوقت الحالي بدمشق، وهي سفارات رومانيا وبلغاريا واليونان وقبرص وجمهورية التشيك والمجر. ولم تُقْدم باقي دول مجموعة السبع بعد، وهي الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا، على خطوة إعادة تعيين سفراء لها لدى سوريا.