إيران تنتخب برلمانها الجديد وسط ترقب بشأن المشاركة

أشخاص يسيرون أمام ملصقات الحملة الانتخابية في طهران (رويترز)
أشخاص يسيرون أمام ملصقات الحملة الانتخابية في طهران (رويترز)
TT

إيران تنتخب برلمانها الجديد وسط ترقب بشأن المشاركة

أشخاص يسيرون أمام ملصقات الحملة الانتخابية في طهران (رويترز)
أشخاص يسيرون أمام ملصقات الحملة الانتخابية في طهران (رويترز)

تُجري إيران انتخابات برلمانية، الجمعة، وسط ترقب بشأن نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع، بعدما دعت السلطات إلى المشاركة المكثفة في أول اقتراع بعد عام ونصف على الاحتجاجات الشعبية الحاشدة التي هزت البلاد.

ويتنافس أكثر من 15 ألف مرشح على مقعد في البرلمان المؤلف من 290 عضواً الذي يبدأ مهامه لأربع سنوات في أبريل (نيسان) المقبل. ورفض مجلس صيانة الدستور، الهيئة المشرفة على تنفيذ الانتخابات، ترشيحات أكثر من 30 ألفاً آخرين.

كما يختارون أعضاء مجلس خبراء القيادة، المؤلَّف من 88 عضواً من رجال الدين المتنفذين، يُنتخبون لمدة ثماني سنوات بالاقتراع العام المباشر، وهو هيئة مكلّفة بتسمية خليفة المرشد علي خامنئي إذا تعذرت ممارسة مهامه.

فتاتان تمرّان أمام ملصق وزير العدل السابق مصطفى بور محمدي المرشح لانتخابات مجلس خبراء القيادة في طهران (رويترز)

وتُجرى الانتخابات في نحو 59 ألف مركز اقتراع موزَّعة في مختلف مناطق البلاد، لا سيما في المدارس والمساجد. ويحق لنحو 61 مليون إيراني التصويت من أصل 85 مليوناً، حسب وزارة الداخلية.

وحث المسؤولون الناس على الإدلاء بأصواتهم. ويتوقع المراقبون عزوفاً قياسياً نتيجة الاستياء على نطاق واسع من الاقتصاد المتدهور، والاحتجاجات الشعبية في أعقاب وفاة الشابة مهسا أميني، والتوترات مع الغرب بشأن برنامج طهران النووي ودعم إيران لروسيا في حربها على أوكرانيا، بالإضافة إلى مرشحين من التيار الإصلاحي والمعتدل.

وتكتَّمت السلطات على استطلاعات الرأي التي تُجريها مراكز حكومية حول نسبة المشاركة المتوقعة، بما في ذلك مركز «إسيبا» الحكومي، وفق ما نقلت وكالة «أسوشييتد برس».

والثلاثاء، قال غلام علي حداد عادل، مستشار المرشد الإيراني للشؤون الثقافية: «نعتقد أن نسبة المشاركة ستكون مقبولة».

وشهدت الانتخابات التشريعية عام 2020 أدنى نسبة مشاركة منذ إعلان الجمهورية الإسلامية عام 1979، إذ لم يدلِ سوى 42.57 في المائة من الناخبين بأصواتهم في أنحاء البلاد. وفي طهران صوَّت أكثر بقليل من 26 في المائة.

بلغت نسبة المشاركة نحو 49 في المائة في عموم البلاد، وفي طهران نحو 26 في المائة. وهي أدنى نسبة مسجلة للتصويت الرئاسي.

وقد وضعت دعوات المقاطعة الحكومة تحت ضغوط متجددة -منذ ثورة عام 1979، التي شكَّلت حجر الأساس للثيوقراطية التي استندت شرعيتها جزئياً إلى نسبة المشاركة في الانتخابات. وكرر المرشد الإيراني علي خامنئي، مناشداته رفع نسبة التصويت، قائلاً إنه «لا يوجد سبب لعدم التصويت. إنه لا يحل أي مشكلة في البلاد».

وشهدت الانتخابات الحالية حملة فاترة. وعزا مسؤولون إيرانيون ذلك إلى إطلاق قنوات تلفزيونية لترويج الحملات الانتخابية ونشاط المرشحين على شبكات التواصل الاجتماعي.

وأعلنت أطراف التيار المحافظ المتشدد قائمة موحَّدة في طهران، الأسبوع الماضي، على رأسها رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، لكنه طلب شطب اسمه من القائمة في آخر ساعات الحملة الانتخابية.

إيرانيون يستقلون دراجات نارية خلال اليوم الأخير من الحملة الانتخابية في طهران الأربعاء (رويترز)

وقال وزير الشؤون الاقتصادية والمالية، إحسان خاندوزي، في بيان: «يعد انتخاب الدورة الحادية عشرة للبرلمان فرصة جديدة للشعب الإيراني لجعل طريق التقدم والعدالة أكثر سلاسة في البلاد من خلال انتخاب ممثلين أكفاء وفاعلين».

وبموجب القانون، يتولى البرلمان الإشراف على السلطة التنفيذية، ويصوّت على المعاهدات ويتعامل مع القضايا الأخرى. ومن الناحية العملية، فإن قرار البرلمان يُشرف عليه مجلس صيانة الدستور، الخاضع لصلاحيات صاحب كلمة الفصل، المرشد علي خامنئي. وفي عهد قاليباف، وهو جنرال سابق في «الحرس الثوري»، دفع البرلمان بمشروع قانون في عام 2020 قلَّص إلى حد كبير تعاون طهران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، ورفعت طهران بموجبه تخصيب اليورانيوم إلى نسب عاليه تتراوح بين 20 و60 في المائة.

ورفض مجلس صيانة الدستور، طلب الرئيس السابق المعتدل نسبياً حسن روحاني، رغم أنه عضو فيه منذ 24 عاماً.

ودعا روحاني، الأربعاء، إلى الاقتراع، قائلاً إن التصويت عمل يجب أن يقْدم عليه «أولئك الذين يحتجون على الوضع الراهن»، و«يريدون مزيداً من الحرية».

وكان روحاني يشير ضمناً إلى ظاهرة «التصويت السلبي» التي شهدتها انتخابات سابقة، عبر تشجيع الناخبين على التصويت لمرشحين يتنافسون ضد مرشحين مقربين من التيار المحافظ المدعوم من المرشد علي خامنئي. وقبل ذلك أسف زعيم التيار الإصلاحي الرئيس السابق محمد خاتمي (1997-2005) لكون إيران «بعيدة جداً عن انتخابات حرة وتنافسية».

وأعلنت «جبهة الإصلاحات»، الإطار التنسيقي للأحزاب الإصلاحية، أنها ستغيب عن «هذه الانتخابات المجردة من أي معنى وغير المجدية في إدارة البلاد».

أشخاص يسيرون أمام ملصقات الحملة الانتخابية في طهران (رويترز)

ومن المرجح أن تعزز هذه الانتخابات تقلص المعسكر الإصلاحي والمعتدل في هيكل السلطة. وخلال الاحتجاجات التي شهدتها إيران في 2017 و2019 و2022 ردد المتظاهرون شعارات منددة بالتحالف الإصلاحي ومنافسه المحافظ.

وانتقد الإصلاحيون نهج السلطات في «توحيد توجهات أجهزة الدولة» في إشارةٍ إلى هيمنة التيار المحافظ المتشدد على مختلف الدوائر بعد انتخاب إبراهيم رئيسي رئيساً في 2021.

وفي سياق حملات المقاطعة، دعت نقابات للمعلمين والعمال إلى الامتناع عن التصويت. وقالت أكبر نقابة لعمال شركة قصب السكر في جنوب البلاد، إن الانتخابات «ليست مضحكة، إنما لعب لصالح الجريمة والدم».

من جهتها، قالت اللجنة التنسيقية لنقابات المعلمين في عموم إيران، إن الانتخابات «استعراضية». وقال بيان هؤلاء: «إننا في زمن أصبح الناس أداة في عملية باسم الانتخابات، لإضفاء المشروعية واستمرار السلطة المطلقة»، مؤكدين أن «الانتخابات في الجمهورية الإسلامية ليست وسيلة لتحديد مصير الإنسان وكرامته بل هي وسيلة للقضاء عليها».

واتهم البيان نواب البرلمان الإيراني بأنهم «لا يتغاضون عن أي عنف في قمع الناس إذا اقتضت الضرورة».


مقالات ذات صلة

إيران وأوروبا تجتمعان لمحادثات نووية في جنيف الجمعة

شؤون إقليمية صورة نشرتها «الخارجية» الإيرانية من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير (وسائل إعلام مساء الأحد)

إيران وأوروبا تجتمعان لمحادثات نووية في جنيف الجمعة

تعتزم إيران إجراء محادثات نووية مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي يوم 29 نوفمبر (تشرين الثاني) في جنيف.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية رجل شرطة روسي يقف حارساً عند قبر الجندي المجهول في حديقة ألكسندر خارج الكرملين بموسكو (إ.ب.أ)

طهران تحتج بعد توقيف «عنيف» لطالبَين إيرانيَين في روسيا

احتجت إيران، الحليف الوثيق لموسكو، لدى السلطات الروسية بعد عملية توقيف «عنيفة» لطالبَين إيرانيين في مدينة قازان الروسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

توقع مسؤول إيراني بارز تغيّر المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

إيران: التخلي عن السلاح النووي ليس مجاناً

منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)
منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)
TT

إيران: التخلي عن السلاح النووي ليس مجاناً

منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)
منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

عرض مسؤول إيراني بارز، أمس، على الإدارة الأميركية الجديدة عدمَ امتلاك سلاح نووي مقابلَ تعويضات وامتيازات.

وقال علي لاريجاني، مستشار المرشد علي خامنئي، إنَّ بلاده والولايات المتحدة دخلتا في وضع جديد فيما يتعلق بالملف النووي. وأضاف: «إذا أرادت الإدارة الأميركية الجديدة ألا نمتلك سلاحاً نووياً فعليها قبول شروطنا، مثل تعويض الخسائر، ومنح امتيازات أخرى».

من جانبه، هاجم رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، إبراهيم عزيزي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعد تبنيها قراراً ينتقد طهران بسبب عدم تعاونها. وقال عزيزي: «إن ما قاله رافاييل في طهران لا يتطابق مع أفعاله في فيينا».

بدوره، قال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمال وندي، إنَّ «الضغوط الناجمة عن قرار الوكالة الدولية ستزيد من قدرتنا على التخصيب».