شبح المقاطعة يخيم على انتخابات إيران... وخامنئي يوجه نداءً أخيراً

سيطرة متوقعة للمحافظين على البرلمان

خامنئي خلال استقباله شباناً سيتاح لهم الاقتراع للمرة الأولى وجرى حشدهم من أنحاء البلاد (موقع المرشد الإيراني)
خامنئي خلال استقباله شباناً سيتاح لهم الاقتراع للمرة الأولى وجرى حشدهم من أنحاء البلاد (موقع المرشد الإيراني)
TT

شبح المقاطعة يخيم على انتخابات إيران... وخامنئي يوجه نداءً أخيراً

خامنئي خلال استقباله شباناً سيتاح لهم الاقتراع للمرة الأولى وجرى حشدهم من أنحاء البلاد (موقع المرشد الإيراني)
خامنئي خلال استقباله شباناً سيتاح لهم الاقتراع للمرة الأولى وجرى حشدهم من أنحاء البلاد (موقع المرشد الإيراني)

يخيم شبح المقاطعة على الانتخابات التشريعية في إيران، في وقت دعت فيه السلطات أكثر من 61 مليون إيراني للتوجه، الجمعة، إلى صناديق الاقتراع لانتخاب برلمان جديد، ومجلس خبراء القيادة، في اقتراع يتوقع أن يعزز قبضة المحافظين على السلطة في غياب منافس حقيقي.

وسيكون المرشد الإيراني علي خامنئي أول من يدلي بصوته عند الساعة 8.00 صباحاً (بتوقيت طهران) في أحد مكاتب الاقتراع الـ59 ألفاً الموزعة في إيران، ولا سيما في المدارس والمساجد، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وبحسب إعلان وزارة الداخلية يحق لنحو 61 مليون إيراني من أصل 85 مليوناً التصويت، نصفهم تقريباً من النساء في المدارس والمساجد.

ويتوقع الخبراء نسبة مقاطعة مرتفعة جداً تتخطى 50 في المائة. وهذه أول الانتخابات بعد احتجاجات حاشدة هزت البلاد، قبل عام ونصف عام، إثر وفاة الشابة مهسا أميني في أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق بدعوى سوء الحجاب.

وتأتي وسط استياء عام بسبب تفاقم الأزمة المعيشية، مع استمرار العقوبات الأميركية جراء انسحاب الإدارة السابقة برئاسة دونالد ترمب من الاتفاق النووي. وتعطل المسار الدبلوماسي الساعي لإحياء الاتفاق النووي، بعد شهور من تولي حكومة إبراهيم رئيسي، مع اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية.

وقبل ساعات من انتهاء الحملة الانتخابية، عاد خامنئي لتكرار «بيت القصيد» في خطاباته خلال العام الأخير، وهي رفع نسبة المشاركة في الانتخابات. وحضّ الإيرانيين على الاقتراع بكثافة، قائلاً: «على الجميع المشاركة في الانتخابات»، مؤكداً: «الانتخابات القوية والحماسية إحدى ركائز الإدارة السليمة للبلاد».

وكان خامنئي يلقي خطابه الأخير قبل الانتخابات اليوم، أمام ثلاثة آلاف شاب وشابة، جرى حشدهم في طهران من مختلف أنحاء البلاد، في رحلات نظمتها قوات الباسيج التابعة لـ«الحرس الثوري». ووصف التلفزيون الحكومي هؤلاء بالمشاركين للمرة الأولى في الانتخابات.

وأصر خامنئي على أهمية توجيه رسالة للخارج عبر الانتخابات المحلية، قائلاً: «إذا تمكنا أن نظهر للعالم أن الشعب حاضر في الأحداث المهمة والمصيرية للبلاد، فقد أنقذنا البلاد، ودفعناها إلى الأمام».

وأضاف صاحب كلمة الفصل، في السياق نفسه: «إن المراقبين السياسيين الدوليين يخافون أكثر من حضور الشعب؛ لأنهم رأوا قوته... هناك دول في العالم تراقب قضايا إيران عن كثب... الأميركيون، السياسات الغالبة في أوروبا، سياسات الصهاينة، سياسات الرأسماليين، والشركات الكبرى في العالم... هذه السياسات موجهة نحو إيران»، حسبما أورد الإعلام الحكومي الإيراني.

امرأة تعبر شارعاً أمام مبنى يحمل لافتة دعائية عملاقة تشجع على الاقتراع في طهران اليوم (أ.ف.ب)

بدورها، نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن خامئني قوله: «أعداء إيران يترقبون عن كثب حضور الشعب الإيراني... في الساحة الانتخابية».

وتجري الانتخابات في ظل توتر يسود المنطقة جراء الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» المستمرة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) في قطاع غزة.

وأشار خامنئي ضمناً إلى حملات المقاطعة. وقال: «لا جدوى من عدم التصويت». وأضاف: «البعض في الداخل لا يبالون بالانتخابات، لكن يجب تذكير الجميع بأن علينا النظر إلى الانتخابات من زاوية المصالح الوطنية، وليس الحزبية، والفئوية».

وقال خامنئي: «إذا الانتخابات كانت ضعيفة فسيتضرر الجميع»، مكرراً ما قاله قبل انتخابات 2020: «من يحب إيران وشعبها وأمنها، فعليه أن يعلم إذا الانتخابات كانت ضعيفة، أنه لن يربح أحداً وسيتضرر الجميع».

وأضاف: «كلامي ليس موجهاً لمن لا يستطيعون المشاركة في الانتخابات لأي سبب، لكن من يعبرون عن عدم رغبتهم، ويشجعون الآخرين على عدم الحضور، يجب عليهم التفكير أكثر»، وتابع: «عدم التصويت لن يجلب أي نتيجة وثمرة، ولن يحل مشكلة من البلاد».

وتابع: «إذا كانت الانتخابات قوية فسيكون المنتخبون أقوياء أيضاً، إذا كان حضورنا قوياً في الانتخابات، فسيقوم البرلمان القوي بأعمال كبيرة، واتخاذ خطوات كبيرة».

وفي خطاباته الأخيرة ركز خامنئي على الانتخابات ودعا «الشخصيات المؤثرة» إلى «تشجيع» المواطنين على التصويت..

«أجواء جليدية»

وشهدت الانتخابات التشريعية عام 2020 أدنى إقبال منذ إعلان الجمهورية الإسلامية عام 1979؛ إذ لم يدل سوى 42.57 في المائة، من الناخبين بأصواتهم خلال الاقتراع الذي جرى بعد 24 ساعة من إعلان أول حالتي إصابة بفيروس «كوفيد - 19».

وكانت تلك الانتخابات قد شهدت حملات مقاطعة على إثر احتجاجات 2017 و2019، وكذلك، إسقاط الطائرة الأوكرانية بصاروخين من دفاعات «الحرس الثوري» في جنوب طهران، والتي راح ضحيتها 176 شخصاً غالبيتهم من الإيرانيين، قبل أسابيع قليلة من الانتخابات.

امرأة تمشي بجوار ملصقات انتخابية للمرشحين في طهران اليوم (أ.ف.ب)

وعنونت صحيفة «هم ميهن» الإصلاحية، الثلاثاء، «الأجواء السياسية تبقى جليدية»، مشبهة المناخ السياسي بموجة البرد والثلج التي اجتاحت عدداً من المناطق الإيرانية في الأيام الأخيرة.

من جانبها، أثنت صحيفة «وطن امروز»، المقربة من «الحرس الثوري»، على «اهتمام الشعب بالحملة»، وخصوصاً في الأرياف.

وفي طهران، حيث كانت المشاركة أكثر بقليل من 25 في المائة من الناخبين عام 2020، فإن عدد لافتات المرشحين أدنى منه في الحملات الانتخابية السابقة.

وكانت العاصمة أحد مراكز الحركة الاحتجاجية الواسعة التي هزت البلاد بعد وفاة الفتاة مهسا أميني في سبتمبر (أيلول) 2022 بعد أيام على توقيفها من قبل شرطة الأخلاق؛ لعدم التزامها بقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

«أزمة معيشية»

كما تجري الانتخابات في ظل استياء متزايد في إيران إزاء غلاء المعيشة ونسبة تضخم تقارب 50 في المائة، وعجز الإدارة.

وقال محسن عميدبخش الموظف الأربعيني رداً على أسئلة مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية» قرب بازار طهران الكبير: «جيوب الناس فارغة»، مضيفاً: «لا أعتقد أن البرلمان المقبل سيتمكن من تبديل هذا الوضع».

وينتخب الإيرانيون أعضاء البرلمان الـ290 لمدّة أربع سنوات في اقتراع من دورة واحدة.

امرأة تمشي بجوار لافتة لمرشحي مجلس خبراء القيادة في طهران اليوم (أ.ف.ب)

كما يختارون أعضاء مجلس خبراء القيادة، وهي هيئة مؤلفة من 88 عضواً من رجال الدين المتنفذين ينتخبون لمدة 8 سنوات بالاقتراع العام المباشر، من المفترض أن تسمي خليفة المرشد الحالي في حال تعذر ممارسة مهامه. كما أن الدستور يكلفها بالإشراف على أداء المرشد وإمكان إقالته، وهي صلاحيات يعتقد كثيرون أنها معطلة.

وصادق مجلس صيانة الدستور على عدد قياسي من المرشحين بلغ 15200 مرشح للانتخابات التشريعية، رافضاً في المقابل ترشيحات أكثر من 30 ألفاً آخرين.

رفض المجلس طلب الرئيس السابق المعتدل حسن روحاني (2013 - 2021) لخوض انتخابات مجلس خبراء القيادة، رغم أنه عضو فيه منذ 24 عاماً.

وأَسِف زعيم التيار الإصلاحي الرئيس السابق محمد خاتمي (197 - 2005) لكون إيران «بعيدة جداً عن انتخابات حرة وتنافسية».

غير أن الرئيسين السابقين لم يدعوَا إلى مقاطعة الانتخابات، خلافاً لدعوات في الداخل والخارج الذين يرون أي مشاركة بمثابة مساومة مع السلطة ترفض القيام بإصلاحات جذرية.

وأعلنت جبهة الإصلاحات، الائتلاف الرئيسي للأحزاب الإصلاحية، أنها ستغيب عن «هذه الانتخابات المجردة من أي معنى، وغير المجدية في إدارة البلاد»، في وقت نسب فيه مرشحون في عدد من دوائر المحافظات، أنفسهم إلى الإصلاحيين.

ومن المتوقع أن تؤكد هذه الانتخابات تراجع المعسكر الإصلاحي والمعتدل بعدما همّشه المحافظون والمتشددون الذين يمسكون بكل السلطات منذ انتخاب إبراهيم رئيسي رئيساً في 2021.

وستكشف نتائج الانتخابات حجم كل من التيارات المختلفة في المعسكر المحافظ، سواء في البرلمان أو في مجلس خبراء القيادة، في وقت يطرح فيه احتمال خلافة المرشد الذي سيبلغ الـ85 في أبريل (نيسان).

وكان أكثر من 275 ناشطاً إيرانياً بينهم مسؤولون نواب سابقون، قد دعوا هذا الأسبوع إلى مقاطعة الانتخابات، ووصفوها بأنها «مسرحية»، متهمين السلطة بـ«هندسة الانتخابات»، وتقديم «مشهد خادع» للعملية الانتخابية.

ودعت الحائزة على جائزة «نوبل» للسلام، العام الماضي، الناشطة نرجس محمدي، إلى مقاطعة الانتخابات «الاستعراضية»، وقالت في بيان من زنزانتها في سجن إيفين، إن المقاطعة «واجب ليس فقط من الناحية السياسية، بل من الجانب الأخلاقي».


مقالات ذات صلة

واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

شؤون إقليمية ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)

واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

أعلنت السلطات الأميركية تكثيف جهودها لتعقّب مسؤول بارز بـ«الحرس الثوري» الإيراني، في إطار تحقيق فيدرالي يتناول ما تصفه واشنطن بأنشطة هجومية وتجسسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)

إيران تتطلع إلى رئيس حكومة عراقي «يراعي» مصالح البلدين

يقول السفير الإيراني في بغداد إن الفصائل العراقية وصلت إلى مرحلة اتخاذ القرارات بنفسها، في سياق حديث عن عزمها «حصر السلاح بيد الدولة».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية ناقلة نفط احتجزتها إيران في السابق (أرشيفية - رويترز)

إيران تعلن احتجاز ناقلة أجنبية تحمل وقوداً مهرباً في الخليج

ذكرت ​وسائل إعلام رسمية اليوم الجمعة أن إيران احتجزت ناقلة نفط أجنبية قرب جزيرة قشم الإيرانية في الخليج

«الشرق الأوسط» (لندن )
شؤون إقليمية صاروخ باليستي إيراني يُعرض في شارع وسط طهران بجوار لافتة تحمل صورة المسؤول السابق للعمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني ومسؤول البرنامج الصاروخي أمير علي حاجي زادة الذي قُتل بضربة إسرائيلية في يونيو الماضي (رويترز) play-circle

نتنياهو سيعرض معلومات استخباراتية على ترمب

قال مسؤول عسكري إسرائيلي إن الهجوم على إيران «لا مفر منه» إذا لم يتوصل الأميركيون إلى اتفاق يقيد برنامج طهران للصواريخ الباليستية.

«الشرق الأوسط» (لندن-تل أبيب)
شؤون إقليمية صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس

عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

حذّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من «مؤامرة جديدة» قال إن خصوم إيران يعملون على تنفيذها عبر تعقيد الأوضاع الاقتصادية وإذكاء السخط الاجتماعي

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

إسرائيل تعترف بـ«جمهورية أرض الصومال»

نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
TT

إسرائيل تعترف بـ«جمهورية أرض الصومال»

نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)

أصبحت إسرائيل، أمس، أولَ دولة تعترف رسمياً بـ«جمهورية أرض الصومال» (صومالي لاند) المعلنة من جانب واحد «دولة مستقلة ذات سيادة»، وهو قرار من شأنه أن يعيدَ تشكيل الديناميكيات الإقليمية ويختبر معارضة ​الصومال الطويلة الأمد للانفصال، ويعطي تل أبيب موطئَ قدم في منطقة القرن الأفريقي الحساسة، في بلد يملك أطولَ حدود بحرية في قارة أفريقيا.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إنَّ إسرائيل ستسعى إلى تعاون فوري مع «أرض الصومال» - التي كانت تُعرف باسم «الصومال البريطاني» سابقاً - وفي بيان له، هنأ نتنياهو رئيس «أرض الصومال» عبد الرحمن محمد عبد الله، وأشادَ بقيادته ودعاه إلى زيارة إسرائيل. وقال نتنياهو إنَّ الإعلان «يتماشى مع روح اتفاقيات إبراهيم، التي وقعت بمبادرة من الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب».

وأعلنت مصرُ أنَّ وزير خارجيتها، بدر عبد العاطي، تحدَّث هاتفياً مع نظرائه من الصومال وتركيا وجيبوتي لمناقشة ما وصفوه بالتطورات الخطيرة في القرن الأفريقي عقب الإعلان الإسرائيلي.

وقالت وزارة الخارجية المصرية إنَّ الوزراء ندَّدوا بالاعتراف الإسرائيلي وأكَّدوا دعمَهم الكامل لوحدة الصومال ‌وسلامة أراضيه.

وتتمتَّع منطقة «أرض الصومال» بحكم ذاتي فعلي، وسلام واستقرار نسبيين، منذ عام 1991 حين انزلق الصومال إلى حرب أهلية، إلا أنَّ هذه المنطقة الانفصالية لم تحظَ باعتراف أي دولة أخرى.


إيران تتطلَّع إلى حكومة عراقية «تراعي مصالحها»

السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)
السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)
TT

إيران تتطلَّع إلى حكومة عراقية «تراعي مصالحها»

السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)
السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)

قالَ السفير الإيراني لدى العراق، كاظم آل صادق، إنَّ طهران تتطلَّع إلى تشكيل حكومة عراقية مقبلة تراعي مصالح بلدها وإيران معاً، مؤكّداً أنَّ الفصائل العراقية قرَّرت بنفسها طرحَ مبادرة حصر السلاح بيد الدولة، ولديها مخاوفُ من تداعيات الخطوة.

ونفى آل صادق، أمس (الجمعة)، أن تكون تلك الفصائل «وكيلة» لإيران، عادّاً هذا الوصف إهانة لها، ومشدداً على أنَّها باتت تتخذ قراراتها بصورة مستقلة، على حدّ تعبيره.

ولا تزال إيران تمتلك مستحقاتٍ مالية في مصارفَ عراقية لا تستطيع سحبَها بالكامل بسبب قيود العقوبات الأميركية، وفق كلام السفير الذي أكَّد أنَّ طهران تمكَّنت خلال حكومة محمد شياع السوداني من الحصول على «أكبر كمية» من أموالها مقارنة بالحكومات السابقة.

وانتقد آل صادق الدور الأميركي في العراق، مؤكّداً دعمَ بلاده لاستقرار العراق وتعزيز علاقاته الإقليمية.


تركيا: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعطي أولوية لنظر احتجاز إمام أوغلو

متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
TT

تركيا: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعطي أولوية لنظر احتجاز إمام أوغلو

متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إعطاء أولوية لمراجعة قضية احتجاز رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو. كما قرّرت عقد جلسة الاستماع بشأن طلب رجل الأعمال البارز، عثمان كافالا، المسجون منذ 8 سنوات، للإفراج عنه.

وقال محمد بهلون، محامي إمام أوغلو: «تلقينا إخطاراً رسمياً بأن طلبنا المقدم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن الاحتجاز غير المبرر لموكلنا، أكرم إمام أوغلو، سيُنظر فيه على وجه السرعة».

وأضاف بهلون عبر حسابه في «إكس»، الجمعة: «يُعد قرار المحكمة الأوروبية بإعطاء الأولوية للنظر في الطلب، المتعلق بإمام أوغلو، أمراً نادراً في الطلبات المقدمة من تركيا حتى الآن».

«حالة نادرة»

واعتُقل إمام أوغلو، الذي ينظر إليه على أنه أقوى منافس للرئيس التركي رجب طيب إردوغان على الرئاسة والمرشح عن حزب «الشعب الجمهوري» أكبر أحزاب المعارضة، في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2028، في 19 مارس (آذار) الماضي لاتهامات تتعلق بشبهات فساد في بلدية إسطنبول.

وأودع إمام أوغلو، الذي فجّر اعتقاله احتجاجات شعبية غير مسبوقة في تركيا منذ احتجاجات «غيزي بارك» عام 2013، إلى سجن سيليفري منذ 23 مارس، في إطار تحقيقات تتعلق بشبهات الفساد والرشوة والمخالفات في المناقصات.

اشتباكات بين الشرطة ومحتجين على اعتقال أكرم إمام أوغلو في إسطنبول في مارس الماضي (رويترز)

ويشمل التحقيق، الذي بدأ مع اعتقاله في 19 مارس، التي تصفها المعارضة بأنها عملية سياسية تستهدف منع إمام أوغلو من منافسة إردوغان، 122 مشتبهاً به. كما تضُمّ لائحة الاتهام، التي صدرت بعد 237 يوماً من الاعتقالات في 3900 صفحة، 402 شخص كمشتبه بهم، وشملت العديد من التهم المالية، بالإضافة إلى 17 تهمة بينها «التلوث البيئي المتعمد».

ويطالب الادعاء العام بسجن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى لمدة تتراوح بين 828 و2352 عاماً، بوصفه «مؤسس وزعيم منظمة إمام أوغلو الإجرامية». وستبدأ المحاكمة نظر القضية في 9 مارس المقبل، أمام الدائرة الـ40 لمحكمة إسطنبول الجنائية العليا.

قضية عثمان كافالا

بالتوازي، أعلنت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن جلسة الاستماع بشأن الطلب الثاني لرجل الأعمال الناشط البارز في مجال المجتمع المدني، عثمان كافالا، المسجون منذ عام 2017، ستُعقد في 25 مارس المقبل.

وأحالت المحكمة طلب كافالا، المتعلق باحتجازه والسجن المؤبد المشدد، إلى الدائرة الكبرى في 16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. ودعت الدائرة الأطراف إلى تقديم آرائهم الخطية بحلول 26 يناير (كانون الثاني) المقبل.

متظاهر يرفع صورة للناشط عثمان كافالا خلال مسيرة في إسطنبول في الذكرى الثامنة لاعتقاله (أ.ف.ب)

ولكي تتمكن حكومة تركيا أو أي أطراف ثالثة من المشاركة في جلسة الاستماع، يجب عليها تقديم طلب للحصول على إذن بحلول 29 يناير. وفي حال الموافقة على هذا الإذن، يجب تقديم الآراء الخطية إلى المحكمة في موعد أقصاه 12 فبراير (شباط).

وتنظر الدائرة الكبرى في الطلبات التي تتضمن مسائل جوهرية تتعلق بتطبيق وتفسير الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

ويتعلق الطلب الثاني، المُقدم في 18 يناير 2024، باستمرار احتجاز عثمان كافالا رغم قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بوقوع انتهاك لحقوقه، والمحاكمة التي أسفرت عن الحكم عليه بالسجن المؤبد المشدد.

وذكرت المحكمة الأوروبية في قرارها الصادر في 10 ديسمبر 2019 أن اعتقال كافالا واحتجازه كانا يهدفان إلى إسكاته وتثبيط عزيمة المدافعين الآخرين عن حقوق الإنسان.

إجراءات ضد تركيا

دعت المفوضية الأوروبية الحكومة التركية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للإفراج الفوري عن كافالا، وباشرت في عام 2021 إجراءات قانونية ضد أنقرة لعدم تنفيذها قرار الإفراج عنه.

الشرطة التركية تفرق متظاهرين خلال احتجاجات «غيزي بارك» في عام 2013 بخراطيم المياه (أرشيفية)

واحتجز كافالا في 18 أكتوبر (تشرين الأول) 2017، وتم توقيفه في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، بتهمة تنظيم أو تمويل احتجاجات حديقة «غيزي بارك» في إسطنبول عام 2013، ومحاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016.

ومنذ ذلك الحين، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أحكاماً تنص على أن احتجازه يُعد انتهاكاً لحقوقه، وأنه يجب الإفراج عنه فوراً. وفي أبريل (نيسان) 2022، حُكم على كافالا بالسجن المؤبد المشدد بتهمة «محاولة قلب نظام الحكم» في قضية «غيزي بارك»، وأيّدت محكمة النقض الحكم في سبتمبر (أيلول) 2023.