قلق في الأحزاب الإسرائيلية من رسائل الجمهور في الانتخابات البلدية

مشاركة ضعيفة في التصويت لدى الليبراليين وتدفق هائل لليمين

إسرائيلية تدلي بصوتها في الانتخابات البلدية قي القدس (أ.ف.ب)
إسرائيلية تدلي بصوتها في الانتخابات البلدية قي القدس (أ.ف.ب)
TT

قلق في الأحزاب الإسرائيلية من رسائل الجمهور في الانتخابات البلدية

إسرائيلية تدلي بصوتها في الانتخابات البلدية قي القدس (أ.ف.ب)
إسرائيلية تدلي بصوتها في الانتخابات البلدية قي القدس (أ.ف.ب)

بعد الانتهاء من فرز غالبية الأصوات، يوم الخميس، في الانتخابات البلدية التي جرت في إسرائيل، أشار الخبراء السياسيون إلى وجود قلق شديد لدى قادة الأحزاب الذين أعربوا عن خشيتهم من أن تكون النتائج بمثابة مؤشر لما يتوقع أن يحصل في الانتخابات العامة للكنيست (البرلمان)، التي يفترض أن يتم تبكيرها لتقام في موعد ما خلال السنة الحالية. ومن أهم المعطيات، التي يمكن أن تكون مخيفة للأحزاب الطامحة لتغيير حكومة بنيامين نتنياهو، هي نوعية ونسبة المشاركة من جهة، والضربات التي وجهها الجمهور لهذه الأحزاب من جهة ثانية.

فقد جاءت نسبة التصويت أدنى من نسبة التصويت في الانتخابات المحلية السابقة (من 56 في المائة في سنة 2018 إلى نسبة 49 في المائة هذه المرة)، مع العلم أنه بحسب القانون يعد يوم الانتخابات البلدية يوم عطلة رسمية مدفوعة الأجر. وحتى في الجيش حرصوا على وضع صناديق اقتراع للجنود، حتى في قطاع غزة. ومن مجموع 400 ألف جندي في الخدمة، شارك في التصويت 120 ألفاً.

انخفاض نسبة التصويت في الانتخابات البلدية في القدس (أ.ف.ب)

انخفاض نسبة التصويت

والمشكلة هي أن هذا الانخفاض في نسبة التصويت لا يوضح كل الحقيقة، فعندما يقال 49 في المائة فالمقصود هو حساب المعدل، لكن في البلدات التي يعيش فيها اليهود المتدينون (الحريديم)، بلغت نسبة التصويت 80 – 85 في المائة. وفي المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وكذلك البلدات التي يعيش فيها تيار الصهيونية الدينية الذي يقوده الوزيران المتطرفان بتسلئيل سموتريتش، وإيتمار بن غفير، بلغت النسبة 75 في المائة بالمعدل. وفي البلدات العربية جاءت النسبة عالية كالعادة في الانتخابات البلدية إذ تعدت 80 في المائة، لكن في الناصرة وأم الفحم هبطت إلى 52 في المائة.

وقد جاءت نسبة التصويت المنخفضة، بالأساس في البلدات الليبرالية، مثل تل أبيب 42 في المائة، وحيفا 32 في المائة، وأحد الأسباب يعود إلى الحرب. لكن السبب الأساسي يعود لشيء آخر، فاليسار ما زال متقاعساً ويميل إلى الجلوس في البيت أو الخروج للاستجمام وعدم المشاركة. ولذلك فإن المشاركة المتدنية تقلق الأحزاب الليبرالية، خصوصاً «ييش عتيد»، بقيادة يائير لبيد، و «المعسكر الرسمي» برئاسة بيني غانتس، وحزبي العمل وميرتس اليساريين، وتحالف الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة مع الحركة العربية للتغيير (أيمن عودة وأحمد الطيبي).

فهذه الأحزاب لم تنجح في تجنيد غير عادي للمعركة، يتلاءم ومقتضيات المرحلة، التي تحتاج لانتفاضة في التفكير والعمل والنشاط، خصوصاً أن الأحزاب الإسرائيلية اليمينية تعد فوز مرشحيها برئاسة أو عضوية بلديات ومجالس محلية في الانتخابات، سيشكل قاعدة ميدانية للانتخابات العامة المقبلة، لأن البلديات ذات صلاحيات كبيرة وتعد أحد أكبر مواقع التشغيل والوظائف وفيها مجال هائل للمحسوبيات والفساد.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)

حزب الليكود

ويتبين أن الليكود برئاسة نتنياهو، كان أكثر حزب فعال في الانتخابات المحلية، وحيثما لم يكن له تمثيل قام بدعم قوائم أخرى وحرص على دعم أكثر من قائمة في بعض البلدات، وفاز مرشحوه برئاسة ست بلديات وبعضوية 33 مجلساً بلدياً ومحلياً. وخسر رئاسة خمس بلديات.

ونظر حزب «ييش عتيد» إلى الانتخابات في تل أبيب على أنها معركته المركزية، لكن مرشحته لرئاسة البلدية، الوزيرة السابقة أورنا بربيباي، وهي جنرال برتبة لواء في جيش الاحتياط، خسرت هذه المعركة لصالح رئيس البلدية، رون خولدائي، وهو عميد في جيش الاحتياط، الذي يتولى المنصب منذ أكثر من 25 عاماً ويشارك في المعارك الشعبية لإسقاط حكومة نتنياهو. ورغم ذلك ارتفع تمثيل هذا الحزب في المجلس البلدي من عضو إلى 3 أعضاء، وخسر مرشح «ييش عتيد» رئاسة بلدية عراد، لكن تمثيل هذا الحزب ارتفع في عشرة مجالس بلدية ومحلية.

وخاضت كتلة غانتس الانتخابات البلدية لأول مرة هذه السنة، وتركز ذلك بالأساس في عضوية مجالس بلدية، وفي بعض المدن كان ذلك من خلال تحالفات مع «ييش عتيد». وينتظر مرشحا الكتلة لرئاسة بلديتي هرتسيليا وكفار سابا النتائج النهائية بعد فرز المغلفات المزدوجة لتصويت الجنود، فيما فازت مرشحة الكتلة برئاسة المجلس الإقليمي «عيمق يزراعيل». وحصلت الكتلة على أكبر عدد من أعضاء المجالس البلدية في مدن رعنانا والخضيرة وحولون.

أقارب الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى «حماس» أثناء مسيرة للمطالبة بإطلاق سراحهم (أ.ف.ب)

حركة الاحتجاج ضد نتنياهو

ومن أهم نتائج هذه الانتخابات، هو أن حركة الاحتجاج ضد خطة حكومة نتنياهو لإضعاف جهاز القضاء والانقلاب على منظومة الحكم، خاضت هذه الانتخابات بقوائم خاصة بها وتحمل اسمها وتمكنت من إدخال مرشحيها إلى 26 مجلساً بلدياً ومحلياً، ومن فوز مرشحيها برئاسة ثلاث بلديات، هي بنيامينا وزِخرون يعقوب ورعنانا.

ولكن بالمقابل فإن حزب «عوتسما يهوديت» اليميني المتطرف برئاسة بن غفير الذي خاض الانتخابات المحلية لأول مرة، تمكن من انتخاب مرشحين عنه لعضوية 14 سلطة محلية، بينهم عضوان في مجلس بلدية القدس و3 أعضاء في مجلس بلدية العفولة، كما دعم هذا الحزب الفائزين برئاسة 6 بلديات ومستوطنات.

وأظهرت نتائج الانتخابات أن الأحزاب الحريدية سيطرت على العديد من المدن والبلدات، من خلال الفوز برئاسة البلدية أو العضوية في المجلس البلدي، وبينها مدن أو بلدات لا تسكنها أغلبية حريدية. وفي القدس، حصلت الأحزاب الحريدية – «ديغل هتوراة، شاس، أغودات يسرائيل، الجناح الأورشاليمي» – على 16 مقعداً من بين 30 مقعداً في المجلس البلدي. كذلك حصلت قائمة «موحدون» الحريدية – القومية المتطرفة على مقعدين، وحزب «نوعام» العنصري على مقعد واحد، ما يعني فوز هذه الأحزاب بأغلبية مطلقة. وقد تتغير هذه النتائج قليلاً بعد انتهاء عملية فرز المغلفات المزدوجة التي يصوت من خلالها الجنود. لكنها كانت كافية لإثارة القلق لدى بقايا الليبراليين واليساريين في المدينة.

وفاز المرشح المدعوم من الأحزاب الحريدية الثلاثة برئاسة بلدية أشدود، وحصلت هذه الأحزاب على تأييد 38 في المائة من الناخبين. كذلك فاز المرشح الذي دعمته هذه الأحزاب الحريدية برئاسة بلدية طبرية، كما فاز مرشح حزب شاس برئاسة بلدية صفد، وكذلك في عراد. وسيستمر حكم الحريديين في المدن الحريدية، مثل بني براك وإلعاد وربما في بيت شيمش التي ستعاد فيها انتخابات الرئاسة.

الخلاصة أن نسبة التصويت كانت منخفضة والأحزاب كلها ربحت في بعض الأماكن وخسرت في أماكن أخرى، لكن نسبة الربح الأكبر جاءت لدى المتدينين ولدى اليمين المتطرف.


مقالات ذات صلة

«حماس» تستعد لتسليم 3 رهائن إسرائيليين في دير البلح

المشرق العربي مسلحون من حركة «حماس» يظهرون قبل إطلاق سراح رهائن محتجزين في غزة (رويترز) play-circle

«حماس» تستعد لتسليم 3 رهائن إسرائيليين في دير البلح

تستعد حركة «حماس» لتسليم ثلاثة من الرهائن الإسرائيليين اليوم (السبت) مقابل الإفراج عن سجناء فلسطينيين في أحدث مرحلة من اتفاق وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يزور الإمارات والسعودية وقطر وإسرائيل في النصف الثاني من شهر فبراير (أ.ف.ب)

«قمة عربية» ضد التهجير... وترمب يتروى

ما زالت «قنبلة ترمب» تتفاعل في معظم العواصم العربية، التي تشهد مشاورات لتحديد موعد لـ«قمة طارئة» تستضيفها القاهرة، بهدف تنسيق المواقف العربية ضد «مخطط التهجير»

فتحية الدخاخني (القاهرة ) هبة القدسي (واشنطن)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي في واشنطن (د.ب.أ) play-circle

نتنياهو: يجب السماح لسكان غزة بالمغادرة إذا أرادوا

نقلت صحيفة «هآرتس» عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قوله، يوم الجمعة، إنه إذا أراد سكان غزة المغادرة فيجب السماح لهم بذلك.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فقَدَ أوران ألموغ بصره بعد تفجير انتحاري بإسرائيل عندما كان في العاشرة من عمره (رويترز) play-circle

إسرائيليون يشعرون بالألم للإفراج عن سجناء فلسطينيين

فقَدَ أوران ألموغ بصره بعد تفجير انتحاري بإسرائيل عندما كان في العاشرة من عمره، وأسفر الهجوم عن مقتل 21 شخصاً؛ بينهم شقيقه ووالده وجداه.

المشرق العربي وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس مع ضابط إسرائيلي في غلاف غزة (حساب كاتس عبر منصة «إكس») play-circle

وزير الدفاع الإسرائيلي يحذر الضباط من انتقاد مقترح ترمب حول غزة

حذّر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ضباط الجيش من انتقاد اقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترمب السيطرة على قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

خامنئي يغلق باب التفاوض مع واشنطن

المرشد الإيراني علي خامنئي يرى أن التفاوض مع ترمب «غير مشرِّف» (رويترز)
المرشد الإيراني علي خامنئي يرى أن التفاوض مع ترمب «غير مشرِّف» (رويترز)
TT

خامنئي يغلق باب التفاوض مع واشنطن

المرشد الإيراني علي خامنئي يرى أن التفاوض مع ترمب «غير مشرِّف» (رويترز)
المرشد الإيراني علي خامنئي يرى أن التفاوض مع ترمب «غير مشرِّف» (رويترز)

قطع المرشد علي خامنئي، على الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أي سبيل للتفاوض مع الإدارة الأميركية، مهدداً واشنطن بالرد على «أي تصرف عدواني» ضد بلاده.

وأكد خامنئي رفضه التفاوض مع الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن تجربة الاتفاق النووي في 2015 كانت «فاشلة». وأوضح أن المفاوضات مع واشنطن لم تحل مشكلات إيران بل زادت من تعقيد الأمور، قائلاً: «التجربة أثبتت أن التفاوض مع أميركا غير مجدٍ».

وأشار المرشد إلى أن الولايات المتحدة لم تلتزم بالاتفاق الذي أبرمته مع إيران في 2015؛ بل مزقته بعد تولي دونالد ترمب الرئاسة الأميركية. وأضاف خامنئي أن أي محاولة للتفاوض مع ترمب «غير عقلانية وليست مشرِّفة».