إيران تحاول إنهاء مهمة فريق أممي يراقب انتهاكاتها لحقوق الإنسان

عبداللهيان يحتج على تشكيل لجنة تقصي حقائق

عبداللهيان يلقي خطاباً أمام
عبداللهيان يلقي خطاباً أمام
TT

إيران تحاول إنهاء مهمة فريق أممي يراقب انتهاكاتها لحقوق الإنسان

عبداللهيان يلقي خطاباً أمام
عبداللهيان يلقي خطاباً أمام

أطلق مسؤولون إيرانيون حملة دبلوماسية على هامش اجتماعات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف؛ لوقف مهمة المسؤول الأممي تفويض مراقبين يحققون في حالة حقوق الإنسان بإيران، وسط مساعٍ أوروبية لتمديد التفويض.

ويسعى وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، وراء تحقيق هدفين أساسيين فيما يخص الملف الإيراني، إلى جانب مشاوراته مع نظرائه من الدول الأخرى بشأن الوضع في غزة، في ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية وتفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع.

وعلى رأس أهداف عبداللهيان، محاولة التصدي لمحاولات تسمية مقرر أممي جديد، مع انتهاء مهمة المقرر الحالي، جاويد رحمان الشهر المقبل.

والمهمة الأخرى التي يسعى وراءها عبداللهيان، إنهاء مهمة لجنة تقضي الحقائق التي أقرّها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في التحقيق بشأن حملة القمع التي أطلقتها السلطات الإيرانية لإخماد الاحتجاجات الشعبية الحاشدة التي هزّت أنحاء إيران بعد وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق بدعوى سوء الحجاب.

وكانت ألمانيا نجحت خلال نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 في تمرير قرار بإجراء تحقيق من جانب خبراء تابعين للأمم المتحدة بشأن الحملة المميتة التي أسفرت عن مقتل 500 متظاهر، واعتقال أكثر من 20 ألفاً، وفقاً لمنظمات حقوق الإنسان.

وطالبت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، بشكل ملح بتمديد تفويض مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لفريق الخبراء الأمميين المكلفين التحقيق في وضع حقوق الإنسان في إيران.

وخلال مشاركتها في جلسة الربيع لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف الاثنين، وجهت بيربوك حديثها إلى الحكومة في طهران قائلة إنها تريد أن تقول بوضوح لأولئك الذين يدعون أن تسليط الضوء على الانتهاكات هو تدخل في الشؤون الداخلية، إن «حقوق الإنسان ليست شيئاً غربياً أو شمالياً أو شرقياً أو جنوبياً... إنها عالمية، وليست محدودة بالاتجاهات الجغرافية. إنها غير قابلة للتجزئة» وفق ما أوردت «وكالة الأنباء الألمانية». وأوضحت بيربوك أن مهمة التحقيق تتمحور حول جمع وحفظ أدلة بهدف «إعطاء صوت للضحايا»، وقالت إن الحكومة الألمانية تطلب لهذا السبب دعم تمديد التفويض حتى تتمكن البعثة من تنفيذ مهمتها، مشيرة إلى أن هذا هو هدف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة «وهو أن يُظْهِر المجتمع الدولي أن الحياة هي حياة».

ومن المتوقع أن تعرض مجموعة الخبراء الآن تقريرها والمحتمل أن تجري مناقشته في 15 مارس (آذار) المقبل. وتسعى بيربوك إلى تمديد التفويض الممنوح لمجموعة الخبراء. وفي المقابل، رفضت إيران التعاون مع الخبراء الذين جرى تعيينهم.

وترى الدول الغربية أن من الصعب حالياً مناقشة هذا الموضوع داخل مجلس حقوق الإنسان الذي يضم 47 دولة؛ إذ ينصبّ التركيز على الوضع في قطاع غزة.

وقاد وزير الخارجية الإيرانية، حسين أمير عبداللهيان، حملة اتهامات للدول الغربية بأنها تطبق «معايير مزدوجة»، حيث تدين الدول الغربية القمع من قِبل الحكومة في إيران، لكنها لا تكترث بما يكفي بانتهاكات حقوق الإنسان ضد السكان المسلمين في قطاع غزة؛ وهو الاتهام الذي تنفيه الدول الغربية.

عبداللهيان يلتقي أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في جنيف (الخارجية الإيرانية)

لجنة تقصي حقائق

وأدان عبداللهيان في كلمته أمام مجلس حقوق الإنسان اليوم تشكيل لجنة تقصي حقائق بعد وفاة مهسا أميني.

وقال عبداللهيان: «لن ننسى كم من صرخات ارتفعت في هذا المكان العام الماضي بسبب فاجعة وفاة فتاة إيرانية عزيزة أثّرت علينا جميعاً في إيران وتم تشكيل لجنة لتقصي الحقيقة، لكننا اليوم نواجه مقتل الآلاف النساء والأطفال أبرياء في غزة، ولا يوجد تحرك جدي على مستوى الأمم المتحدة».

وانتقد عبداللهيان «إنشاء آليات فُرضت ضد بلدي بذرائع مثل تقصي الحقائق»، ومضيفاً أن هذه اللجنة «ليس لها أساس منطقي ولا شرعية قانونية دولية، وهي مجرد ذريعة لانتهاك حقوق الإنسان كأداة لممارسة الضغط السياسي»، حسبما أوردت وزارة الخارجية الإيرانية.

وزاد: «ومن الضروري أن أكرر هذه النقطة مرة أخرى، وهي أن إنشاء آليات فُرضت ضد بلدي بحجة معرفة الحقيقة، في ظل الظروف التي تنشط فيها هذه الآليات في جمهورية إيران الإسلامية؛ فهو ليس له أساس منطقي ولا شرعية قانونية دولية، ويُعدّ ذريعة لانتهاكات حقوق الإنسان كأداة لممارسة الضغط السياسي».

وتنتخب الدول الأعضاء الـ47 من قِبل الجمعية العامة للأمم المتحدة لفترة ثلاث سنوات في مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية، وتشغل ألمانيا حالياً مقعداً في المجلس.

ويجري التصويت على قرارات مثل تمديد التفويض الممنوح لمجموعة الخبراء قبيل نهاية الجلسة التي ستستمر حتى الخامس من أبريل (نيسان) المقبل.

وكانت نائبة المفوض السامي لحقوق الإنسان، ندى الناشف، قد زارت طهران لأيام، وأجرت مباحثات خلف الأبواب المغلقة مع مسؤولين إيرانيين، ولم تعرف بعد ما دار في اجتماعات المسؤولة الأممية. وانتقد ناشطون وجماعات معنية بحقوق الإنسان في إيران زيارة المسؤولة إلى طهران.

وكانت الناشطة الإيرانية في مجال حقوق الإنسان، لادن برومند، قد دعت سفراء الدول الديمقراطية الحرة إلى مقاطعة كلمة عبداللهيان. وقالت: «لا يمكنك الوقوف ساكناً والاستماع إلى سيل الأكاذيب التي سيطلقها لملء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بواقع مزيف مقيت».

حرب غزة

وأبدى ناشطون مخاوف من محاولات المسؤولين توظيف حرب غزة لإنهاء مهمة المقرر الأممي التي بدأت في عام 2011. وشكلت التقارير الفصلية التي يصدرها المقرر الأممي مصدر حرج للمسؤولين الإيرانيين.

ومنذ إعادة تسمية مقرر خاص بحالة حقوق الإنسان، رفضت السلطات الإيرانية السماح له بزيارة طهران. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال مقرّر الأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان في إيران جاويد رحمان، في حديث لقناة «صوت أميركا» الفارسية، إن «السلطات في الجمهورية الإسلامية تخشى أن أذهب إلى إيران وأفضحهم».

مطلع الشهر الحالي، قال جاويد رحمن: إنّ الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس شجّعت «القمع» في إيران، مشيراً إلى أن ما تقوم به الجمهورية الإسلامية «هو رد فعل على فقدان المصداقية بعد الاحتجاجات الحاشدة».

وقبل كلمته، أجرى عبداللهيان مشاورات مع رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولياريتش. ونقلت وكالات إيرانية قوله خلال الاجتماع: إن «قادة المجموعات الفلسطينية، يريدون الأساليب الديمقراطية والتوصل إلى اتفاق سياسي، بين الفصائل والتيارات الفلسطينية كافة لإدارة غزة ما بعد الحرب».

كما أجرى عبداللهيان مشاورات مع نظيره الأردني أيمن الصفدي. وأفادت الخارجية الأردنية على منصة «إكس» بأن اللقاء «ركّز على جهود وقف العدوان الإسرائيلي على غزة والحؤول دون المزيد من التصعيد في المنطقة».

كما بحث الوزيران الأوضاع في سوريا وخصوصاً خطر تهريب المخدرات من سوريا للأردن، وضرورة وقف هذا الخطر. وأكد الصفدي أن بلاده عازمة على التصدي لهذا الخطر واتخاذ كل ما يلزم من خطوات لدحره.


مقالات ذات صلة

نتنياهو: الضربات الإسرائيلية أثارت «ردود فعل متسلسلة» ستغير وجه المنطقة

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

نتنياهو: الضربات الإسرائيلية أثارت «ردود فعل متسلسلة» ستغير وجه المنطقة

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، الخميس، أن الضربات التي وجهتها بلاده إلى إيران وحلفائها في الشرق الأوسط أثارت «ردود فعل متسلسلة» ستغير وجه المنطقة برمتها مستقبلا.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)

إيران قبلت تعزيز إجراءات التفتيش في منشأة فوردو

وافقت إيران على تشديد الرقابة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية على منشأة فوردو الواقعة تحت الجبال، بعدما سرعت على نحو كبير تخصيب اليورانيوم.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال فعالية شخصية العام لمجلة تايم في بورصة نيويورك، 12 ديسمبر 2024 (أ.ب)

ترمب رداً على سؤال عن احتمالات الحرب مع إيران: «أي شيء يمكن أن يحدث»

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ردا على سؤال في مقابلة مع مجلة «تايم» حول احتمالات الحرب مع إيران، إن «أي شيء يمكن أن يحدث».rnrn

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية قائد «الحرس الثوري» يتحدث أمام مؤتمر لقادة قواته اليوم (إرنا)

قائد «الحرس الثوري»: لم نفقد أذرعنا الإقليمية

دافع قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي عن انسحاب قواته من سوريا، وتحدث عن «تغيير الاستراتيجيات بما يتناسب مع الظروف»، نافياً أن تكون طهران قد فقدت أذرعها الإقليمية

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي يقدم شرحاً لنائب الرئيس محمد رضا عارف حول عمل أجهزة الطرد المركزي الأسبوع الماضي (الذرية الإيرانية)

الأوروبيون للأمم المتحدة: مستعدون لتفعيل «سناب باك» مع إيران

أبلغت بريطانيا وفرنسا وألمانيا مجلس الأمن بأنها مستعدة، إذا تطلب الأمر، لتفعيل آلية «سناب باك» وإعادة فرض جميع العقوبات الدولية على إيران.

«الشرق الأوسط» (الأمم المتحدة)

تقرير: الإسرائيليون استطاعوا مشاهدة فيلم وثائقي تحجبه السلطات عن قضية فساد نتنياهو

نتنياهو قبل الإدلاء بشهادته في محاكمته بتهمة الفساد في المحكمة المركزية في تل أبيب الثلاثاء (إ.ب.أ)
نتنياهو قبل الإدلاء بشهادته في محاكمته بتهمة الفساد في المحكمة المركزية في تل أبيب الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT

تقرير: الإسرائيليون استطاعوا مشاهدة فيلم وثائقي تحجبه السلطات عن قضية فساد نتنياهو

نتنياهو قبل الإدلاء بشهادته في محاكمته بتهمة الفساد في المحكمة المركزية في تل أبيب الثلاثاء (إ.ب.أ)
نتنياهو قبل الإدلاء بشهادته في محاكمته بتهمة الفساد في المحكمة المركزية في تل أبيب الثلاثاء (إ.ب.أ)

قالت وكالة «أسوشييتد برس» للأنباء إن هناك إسرائيليين تمكنوا من مشاهدة الفيلم الوثائقي «ملفات بيبي» الذي يدور حول قضية الفساد التي يحاكم بسببها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وذلك باستخدام شبكة VPN لتجاوز قيود البث، أو من خلال مشاهدة نسخ مسربة شقت طريقها إلى وسائل التواصل الاجتماعي.

معارض لنتنياهو خارج مقرّ المحكمة بتل أبيب الثلاثاء (أ.ب)

وكانت السلطات الإسرائيلية قد منعت عرض الفيلم بسبب قوانين الخصوصية التي تنظم مثل هذه الإجراءات.

وأضافت الوكالة أن نتنياهو أصبح أول رئيس حكومة إسرائيلي في السلطة يقف متهماً ووعد بإسقاط مزاعم الفساد «السخيفة» ضده.

المنتج والمخرج الأميركي الإسرائيلي أليكس جيبني

وقالت إن مخرج الفيلم الوثائقي أليكس جيبني تناول خلال مسيرته المهنية التي استمرت عقوداً العديد من القضايا الشائكة، ولم يكن يخطط لفيلم عن إسرائيل - حتى يوم واحد من العام الماضي، عندما وقع تسريب مذهل بين يديه واتضح أن التسريب كان أشبه بالطوفان، حيث عُرض عليه من خلال مصدر تسجيلات فيديو لمقابلات الشرطة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي وزوجته سارة وابنه يائير ومجموعة من رجال الأعمال، وكلها أجريت بوصفها جزءاً من قضية الفساد وبلغ مجموعها أكثر من 1000 ساعة من الفيديوهات.

ولم يكن المخرج الحائز على جائزة الأوسكار يتحدث العبرية، لكنه شعر بأن هذا كان شيئاً كبيراً ولجأ إلى مراسل التحقيقات الإسرائيلي المخضرم رفيف دراكر، الذي قام بفحص عميق للفيديوهات، وقال له إن «لدينا شيئاً مثيراً للغاية» ثم ضم جيبني زميلته أليكسيس بلوم، التي عملت في إسرائيل، لإخراج الفيلم.

وكانت النتيجة: فيلم «ملفات بيبي» الذي خدمه أن توقيت إصداره هذا الأسبوع، تزامن مع محاكمة نتنياهو.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة خلال نزهة برفقة ابنيهما يائير وأفنير (جيروزاليم بوست - المكتب الصحافي الحكومي الإسرائيلي)

ولفتت الوكالة إلى أن الفيلم واجه عقبات أخرى، من ناحية، كان على جيبني وبلوم جمع الأموال لإنتاجه دون الكشف عنه، نظراً لمحتواه، وكان العديد من الداعمين والموزعين متوترين بشأن المشاركة، خاصة بعد اندلاع الحرب بعد الهجوم الذي قادته «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 ثم كانت هناك أكبر عقبة على الإطلاق: حيث لا يمكن عرض الفيلم في إسرائيل، بسبب قوانين الخصوصية.

وكانت المراجعات في وسائل الإعلام الإسرائيلية لفيلم «ملفات بيبي» إيجابية في الغالب، وليس من المستغرب أن يعكس رد الفعل العام الانقسامات حول نتنياهو المثير للجدل، حيث يقول هو وأنصاره إنه مطارد من وسائل الإعلام المعادية والقضاء المتحيز ضده.

مخرجة فيلم «ملفات بيبي» الأميركية أليكسيس بلوم

وكتب نير وولف، الناقد التلفزيوني لصحيفة إسرائيل اليوم المؤيدة لنتنياهو: «سوف يقسم معارضو نتنياهو بالفيلم وسيصبحون أكثر اقتناعاً بأنه فاسد، ويقودنا إلى الدمار وسوف يرغب أنصاره في احتضانه أكثر».

وهاجم نتنياهو الفيلم في سبتمبر (أيلول)، وطلب محاميه من المدعي العام للبلاد التحقيق مع دروكر، وهو منتج مشارك مع جيبني، متهماً إياه بمحاولة التأثير على الإجراءات القانونية ولكن لم يتم فتح أي تحقيق.