إيران تحاول إنهاء مهمة فريق أممي يراقب انتهاكاتها لحقوق الإنسان

عبداللهيان يحتج على تشكيل لجنة تقصي حقائق

عبداللهيان يلقي خطاباً أمام
عبداللهيان يلقي خطاباً أمام
TT

إيران تحاول إنهاء مهمة فريق أممي يراقب انتهاكاتها لحقوق الإنسان

عبداللهيان يلقي خطاباً أمام
عبداللهيان يلقي خطاباً أمام

أطلق مسؤولون إيرانيون حملة دبلوماسية على هامش اجتماعات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف؛ لوقف مهمة المسؤول الأممي تفويض مراقبين يحققون في حالة حقوق الإنسان بإيران، وسط مساعٍ أوروبية لتمديد التفويض.

ويسعى وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، وراء تحقيق هدفين أساسيين فيما يخص الملف الإيراني، إلى جانب مشاوراته مع نظرائه من الدول الأخرى بشأن الوضع في غزة، في ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية وتفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع.

وعلى رأس أهداف عبداللهيان، محاولة التصدي لمحاولات تسمية مقرر أممي جديد، مع انتهاء مهمة المقرر الحالي، جاويد رحمان الشهر المقبل.

والمهمة الأخرى التي يسعى وراءها عبداللهيان، إنهاء مهمة لجنة تقضي الحقائق التي أقرّها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في التحقيق بشأن حملة القمع التي أطلقتها السلطات الإيرانية لإخماد الاحتجاجات الشعبية الحاشدة التي هزّت أنحاء إيران بعد وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق بدعوى سوء الحجاب.

وكانت ألمانيا نجحت خلال نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 في تمرير قرار بإجراء تحقيق من جانب خبراء تابعين للأمم المتحدة بشأن الحملة المميتة التي أسفرت عن مقتل 500 متظاهر، واعتقال أكثر من 20 ألفاً، وفقاً لمنظمات حقوق الإنسان.

وطالبت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، بشكل ملح بتمديد تفويض مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لفريق الخبراء الأمميين المكلفين التحقيق في وضع حقوق الإنسان في إيران.

وخلال مشاركتها في جلسة الربيع لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف الاثنين، وجهت بيربوك حديثها إلى الحكومة في طهران قائلة إنها تريد أن تقول بوضوح لأولئك الذين يدعون أن تسليط الضوء على الانتهاكات هو تدخل في الشؤون الداخلية، إن «حقوق الإنسان ليست شيئاً غربياً أو شمالياً أو شرقياً أو جنوبياً... إنها عالمية، وليست محدودة بالاتجاهات الجغرافية. إنها غير قابلة للتجزئة» وفق ما أوردت «وكالة الأنباء الألمانية». وأوضحت بيربوك أن مهمة التحقيق تتمحور حول جمع وحفظ أدلة بهدف «إعطاء صوت للضحايا»، وقالت إن الحكومة الألمانية تطلب لهذا السبب دعم تمديد التفويض حتى تتمكن البعثة من تنفيذ مهمتها، مشيرة إلى أن هذا هو هدف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة «وهو أن يُظْهِر المجتمع الدولي أن الحياة هي حياة».

ومن المتوقع أن تعرض مجموعة الخبراء الآن تقريرها والمحتمل أن تجري مناقشته في 15 مارس (آذار) المقبل. وتسعى بيربوك إلى تمديد التفويض الممنوح لمجموعة الخبراء. وفي المقابل، رفضت إيران التعاون مع الخبراء الذين جرى تعيينهم.

وترى الدول الغربية أن من الصعب حالياً مناقشة هذا الموضوع داخل مجلس حقوق الإنسان الذي يضم 47 دولة؛ إذ ينصبّ التركيز على الوضع في قطاع غزة.

وقاد وزير الخارجية الإيرانية، حسين أمير عبداللهيان، حملة اتهامات للدول الغربية بأنها تطبق «معايير مزدوجة»، حيث تدين الدول الغربية القمع من قِبل الحكومة في إيران، لكنها لا تكترث بما يكفي بانتهاكات حقوق الإنسان ضد السكان المسلمين في قطاع غزة؛ وهو الاتهام الذي تنفيه الدول الغربية.

عبداللهيان يلتقي أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في جنيف (الخارجية الإيرانية)

لجنة تقصي حقائق

وأدان عبداللهيان في كلمته أمام مجلس حقوق الإنسان اليوم تشكيل لجنة تقصي حقائق بعد وفاة مهسا أميني.

وقال عبداللهيان: «لن ننسى كم من صرخات ارتفعت في هذا المكان العام الماضي بسبب فاجعة وفاة فتاة إيرانية عزيزة أثّرت علينا جميعاً في إيران وتم تشكيل لجنة لتقصي الحقيقة، لكننا اليوم نواجه مقتل الآلاف النساء والأطفال أبرياء في غزة، ولا يوجد تحرك جدي على مستوى الأمم المتحدة».

وانتقد عبداللهيان «إنشاء آليات فُرضت ضد بلدي بذرائع مثل تقصي الحقائق»، ومضيفاً أن هذه اللجنة «ليس لها أساس منطقي ولا شرعية قانونية دولية، وهي مجرد ذريعة لانتهاك حقوق الإنسان كأداة لممارسة الضغط السياسي»، حسبما أوردت وزارة الخارجية الإيرانية.

وزاد: «ومن الضروري أن أكرر هذه النقطة مرة أخرى، وهي أن إنشاء آليات فُرضت ضد بلدي بحجة معرفة الحقيقة، في ظل الظروف التي تنشط فيها هذه الآليات في جمهورية إيران الإسلامية؛ فهو ليس له أساس منطقي ولا شرعية قانونية دولية، ويُعدّ ذريعة لانتهاكات حقوق الإنسان كأداة لممارسة الضغط السياسي».

وتنتخب الدول الأعضاء الـ47 من قِبل الجمعية العامة للأمم المتحدة لفترة ثلاث سنوات في مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية، وتشغل ألمانيا حالياً مقعداً في المجلس.

ويجري التصويت على قرارات مثل تمديد التفويض الممنوح لمجموعة الخبراء قبيل نهاية الجلسة التي ستستمر حتى الخامس من أبريل (نيسان) المقبل.

وكانت نائبة المفوض السامي لحقوق الإنسان، ندى الناشف، قد زارت طهران لأيام، وأجرت مباحثات خلف الأبواب المغلقة مع مسؤولين إيرانيين، ولم تعرف بعد ما دار في اجتماعات المسؤولة الأممية. وانتقد ناشطون وجماعات معنية بحقوق الإنسان في إيران زيارة المسؤولة إلى طهران.

وكانت الناشطة الإيرانية في مجال حقوق الإنسان، لادن برومند، قد دعت سفراء الدول الديمقراطية الحرة إلى مقاطعة كلمة عبداللهيان. وقالت: «لا يمكنك الوقوف ساكناً والاستماع إلى سيل الأكاذيب التي سيطلقها لملء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بواقع مزيف مقيت».

حرب غزة

وأبدى ناشطون مخاوف من محاولات المسؤولين توظيف حرب غزة لإنهاء مهمة المقرر الأممي التي بدأت في عام 2011. وشكلت التقارير الفصلية التي يصدرها المقرر الأممي مصدر حرج للمسؤولين الإيرانيين.

ومنذ إعادة تسمية مقرر خاص بحالة حقوق الإنسان، رفضت السلطات الإيرانية السماح له بزيارة طهران. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال مقرّر الأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان في إيران جاويد رحمان، في حديث لقناة «صوت أميركا» الفارسية، إن «السلطات في الجمهورية الإسلامية تخشى أن أذهب إلى إيران وأفضحهم».

مطلع الشهر الحالي، قال جاويد رحمن: إنّ الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس شجّعت «القمع» في إيران، مشيراً إلى أن ما تقوم به الجمهورية الإسلامية «هو رد فعل على فقدان المصداقية بعد الاحتجاجات الحاشدة».

وقبل كلمته، أجرى عبداللهيان مشاورات مع رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولياريتش. ونقلت وكالات إيرانية قوله خلال الاجتماع: إن «قادة المجموعات الفلسطينية، يريدون الأساليب الديمقراطية والتوصل إلى اتفاق سياسي، بين الفصائل والتيارات الفلسطينية كافة لإدارة غزة ما بعد الحرب».

كما أجرى عبداللهيان مشاورات مع نظيره الأردني أيمن الصفدي. وأفادت الخارجية الأردنية على منصة «إكس» بأن اللقاء «ركّز على جهود وقف العدوان الإسرائيلي على غزة والحؤول دون المزيد من التصعيد في المنطقة».

كما بحث الوزيران الأوضاع في سوريا وخصوصاً خطر تهريب المخدرات من سوريا للأردن، وضرورة وقف هذا الخطر. وأكد الصفدي أن بلاده عازمة على التصدي لهذا الخطر واتخاذ كل ما يلزم من خطوات لدحره.


مقالات ذات صلة

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

شؤون إقليمية صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل».

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)

إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

أفاد التلفزيون الإيراني الرسمي بأن إيران أطلقت صواريخ ضخمة في بحر عمان وبالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي خلال اليوم الثاني من مناورات بحرية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية مركز كيندي سيكون مقراً لسحب قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن (رويترز)

إيران ستحضر قرعة كأس العالم بعد التلويح بالمقاطعة بسبب التأشيرات

ذكرت تقارير إعلامية، اليوم (الخميس)، أن وفداً إيرانيّاً سيحضر قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 غداً (الجمعة) رغم إعلان إيران سابقاً مقاطعة الحفل المقرر بواشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أ.ب)

إيران تدعو وزير خارجية لبنان لزيارتها ومناقشة العلاقات الثنائية

قالت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الخميس، إن الوزير عباس عراقجي دعا نظيره اللبناني يوسف رجي لزيارة طهران قريباً لمناقشة العلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (طهران)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.