تل أبيب ستكتب لأئمة غزة خطبة الجمعة بعد انتهاء الحرب

انتقادات واسعة في الإعلام العبري لخطة نتنياهو لليوم التالي

«مسجد الهدى» في رفح دُمر بقصف إسرائيلي على جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
«مسجد الهدى» في رفح دُمر بقصف إسرائيلي على جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
TT

تل أبيب ستكتب لأئمة غزة خطبة الجمعة بعد انتهاء الحرب

«مسجد الهدى» في رفح دُمر بقصف إسرائيلي على جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
«مسجد الهدى» في رفح دُمر بقصف إسرائيلي على جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

في وقت انتقدت فيه وسائل الإعلام العبرية، بانتقادات شاملة، الخطةَ التي طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لما يُعرف بـ«اليوم التالي» بعد الحرب على قطاع غزة، دافع وزير الخارجية في حكومته، يسرائيل كاتس، عنها، وكشف أنه عند تطبيقها، «ستقوم تل أبيب بكتابة خطبة الجمعة لأئمة المساجد في غزة».

وكان نتنياهو قد أعلن هذه الوثيقة بعد تعرضه لضغوط شديدة من الولايات المتحدة طيلة 4 أشهر، تطلب منه توضيح ما الذي يريده حقاً من هذه الحرب على غزة، كذلك بعد إلحاح قيادة الجيش الإسرائيلي عليه أن يوضّح أهداف حكومته السياسية حتى تبني عليها خططها العسكرية. وقد تعمّد نتنياهو إعلان الوثيقة منتصف ليلة الخميس الجمعة، أي بعد أن تكون الصحف الإسرائيلية قد أُرسلت إلى المطابع، حتى لا يتاح للمعلقين تحليلها وإعطاء رأيهم بها، ويقضي الإسرائيليون عطلة نهاية الأسبوع من دون الاطلاع على تحليلات عميقة حولها.

حدّدت الوثيقة 3 مراحل فورية ومتوسطة المدى وبعيدة المدى، وبدا واضحاً أنها في جوهرها لا تبشر بشيء ولن تجد مَن يتعاطى معها في غزة. لذلك فإن الانطباع السائد حولها أنها وثيقة «تصلح للتفاوض بين نتنياهو وحلفائه في الحكومة» وليس مع أصحاب الشأن في غزة.

متظاهرون وسط الخليل بالضفة الغربية الأحد يحيون ذكرى 30 ​​عاماً على قيام مستوطن إسرائيلي بقتل عشرات المصلين في المسجد الإبراهيمي (أ.ف.ب)

وكما كان متوقعاً، فقد رفضها كل الناطقين الفلسطينيين، وفي غزة، لم يرفضوها فقط، بل سخروا منها ونسجوا النكات حولها، خصوصاً البند الذي يتحدث عن أن إسرائيل لن تسمح بإعمار غزة، قبل استكمال نزع السلاح في القطاع وتنفيذ خطة التربية ضد التطرف، بوضع منهاجَين تعليمي وديني جديدَين. وتحدوا نتنياهو أن يجد أحداً في غزة يمكن أن يقبل بلعب دور العمالة الذي ينشده. وقالوا له إن المشروع الإسرائيلي لتشكيل «روابط القرى»، فشل في الخليل في السبعينات. فهل يعقل أن ينجح في القرن الحادي والعشرين؟!

ولكن وزير الخارجية كاتس، وهو أحد المنافسين على رئاسة حزب «الليكود»، بعد انتهاء عهد نتنياهو، ظهر الليلة الماضية (السبت - الأحد) مع «قناة 14»، التي تعدّ بوقاً لليمين ونصيراً لنتنياهو، وتحدث عن هذه الخطة تحديداً باندافع شديد. وعندما سُئل عن احتمالات تطبيق بند عن تشكيل قيادة محلية ملائمة للمواصفات الإسرائيلية، أجاب: «الذين أوكل لهم تنفيذ خطة نتنياهو يحاولون إنشاء حكومة من القادة المحليين المعتدلين في قطاع غزة، بالتعاون مع إسرائيل»، موضحاً أنه من وجهة نظر مدنية «هناك جهد للعثور على عناصر محلية لا تنتمي إلى (حماس)».

مخيم للنازحين الفلسطينيين في رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)

يذكر أن تحليلات ظهرت في وسائل الإعلام، اليوم (الأحد)، تناولت الخطة بكثير من الاستخفاف. وفي صحيفة «هآرتس»، كتبت المحللة السياسية، نوعا لنداو، مقالاً بعنوان «مع بيبي (نتنياهو)، اليوم التالي هو اليوم السابق». وأنه في ظل الانتقاد المتزايد لعدم وجود أفق سياسي وخطة جيدة لـ«اليوم التالي» للحرب في غزة، وهو الانتقاد الذي كان في خلفية قرار شركة «موديز» لتخفيض تصنيف إسرائيل الائتماني، قام نتنياهو أخيراً بعرض خطته المستقبلية على وزراء الكابنت. ومن الاطلاع على هذه الوثيقة القصيرة، التي تتكون من صفحة ونصف الصفحة في محاكاة ساخرة لواجب منزلي، بعنوان «اليوم التالي لحماس»، يتولد الانطباع بأن «اليوم التالي» يشبه بدرجة مدهشة «اليوم السابق». وكما هو سائد في حكم نتنياهو، فإن هدف الوثيقة «التلاعب بالكلمات لإخفاء حقيقة أنه لا يوجد لها أي معنى».

جنود إسرائيليون بالقرب من الحدود مع غزة (إ.ب.أ)

واختتمت المقالة بقولها، إنه «على المدى البعيد»، خطة نتنياهو لاتفاق سياسي مستقبلي أنه ليس لديه خطة كهذه. «إسرائيل ترفض تماماً» و«إسرائيل ستواصل معارضتها». محاكاة ساخرة. خطة نتنياهو لليوم التالي هي أنه لا توجد لديه خطة لليوم التالي.

وفي صحيفة «يديعوت أحرونوت»، كتب ميخائيل ميلشتاين تحليلاً استنتج فيه أن «وثيقة نتنياهو، تعكس وعياً بضرورة البحث في المسألة»، لكن من الجهة الأخرى تنطوي على غموض ينبع من عدم الرغبة في اتخاذ القرارات ومن محاولة للمناورة. والنتيجة أنها مجرد خطوط عامة للسياسة التي ترغب فيها إسرائيل، «لكنها لا تتضمن التفاصيل التي تضمن الترجمة العملية».

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في دبي ديسمبر الماضي ضمن جهود أميركية لرسم معالم «اليوم التالي» في غزة (أ.ب)

ويقول الكاتب إن «معظم المشكلات تكمن في القسم الثاني من الوثيقة، الذي يبحث في البعدين المدني والسياسي، الذي امتنعت عنه إسرائيل قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول). وإن الغموض كامن في وصف محافل محلية ذات تجربة إدارية غير مشاركة في الإرهاب، التي يفترض أن تقوم بدلاً من إسرائيل بالسيطرة المدنية، مع استبعاد السلطة الفلسطينية. يبدو أن الأمر يفترض به أن يرضي أعضاء الائتلاف الحكومي والأسرة الدولية التي تشدد ضغوطها على إسرائيل». تلك التوصيفات الغامضة تعزز الاشتباه في أن أصحاب القرار يدرسون بجدية إمكانية أن يقام في غزة نظام يقوم على أساس العشائر التي تعدّ الأكثر تأثيراً اليوم في المجتمع الفلسطيني. فضلاً عن عدم تعلم دروس مريرة من الماضي، وعلى رأسها «روابط القرى» التي انهارت قبل نحو 40 سنة. يبدو أن الفكرة هنا لا تنطوي على مراعاة للتغييرات التي طرأت على المجتمع الفلسطيني، وعلى رأسها نمو طبقة وسطى وجيل شاب يصعب عليهم أن يروا في المخاتير والشيوخ «زعماء جذابين».


مقالات ذات صلة

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

تقف يومياً ولساعات طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة خبز» واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

لم يشهد سكان غزة، الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، مع إعلان مقتل 21 شخصاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد جنوده في معارك بشمال غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، مقتل أحد جنوده في معارك في شمال قطاع غزة. وأضاف أن الجندي القتيل يدعى رون إبشتاين (19 عاماً) وكان ينتمي إلى لواء غيفعاتي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ترحّب باعتماد وكالة الطاقة الذرية لقرار ضد إيران

شعار الوكالة الدولية للطاقة الذرية يظهر على مقرها في فيينا بالنمسا (رويترز)
شعار الوكالة الدولية للطاقة الذرية يظهر على مقرها في فيينا بالنمسا (رويترز)
TT

أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ترحّب باعتماد وكالة الطاقة الذرية لقرار ضد إيران

شعار الوكالة الدولية للطاقة الذرية يظهر على مقرها في فيينا بالنمسا (رويترز)
شعار الوكالة الدولية للطاقة الذرية يظهر على مقرها في فيينا بالنمسا (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا في بيان مشترك، اليوم (السبت)، عن ترحيبها باعتماد مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لقرار بتوجيه اللوم إلى إيران لما وصفه بتقاعسها عن التعاون مع الوكالة.

وأوضح بيان للدول الأربع أن القرار يأتي رداً على عدم تزويد إيران الوكالة الدولية بالمعلومات، وعدم التعاون معها بشأن قضايا عالقة منذ فترة طويلة.

وعبّر البيان عن قلق الدول الأربع بشأن رد فعل إيران إزاء قرار الوكالة.

وأعربت البلدان الأربعة عن قلقها إزاء اعتزام إيران تشغيل مجموعة من أجهزة الطرد المركزي الجديدة ضمن برنامجها النووي، وحثّت طهران على توثيق التعاون مع الوكالة الدولية.

وأكدت في البيان المشترك أنها «تشعر بالقلق البالغ من أن إيران، بدلاً من أن تتعاون بعد صدور القرار، فإنها تعتزم زيادة أنشطة برنامجها النووي بطرق ليس لها مبرر سلمي»، وأن حل قضية العثور على مواد نووية في مواقع إيرانية سيساعد الوكالة على تقديم ضمانات بشأن سلمية البرنامج النووي الإيراني.

وأضاف البيان أن أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا تنتظر من إيران أن تعود إلى الحوار والتعاون مع وكالة الطاقة الذرية.

كانت إيران قد قالت إنها ستتخذ إجراءات عدة، من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، وذلك رداً على القرار الذي اتخذته الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مساء الخميس، ضدها.