جدل في إسرائيل حول مشروع قانون يهدف إلى تغييرات كبيرة في الجيش

أثار صداماً مع الأحزاب الدينية وخلافاً داخل الحكومة وانقساماً في الرأي العام  

جنود إسرائيليون خلال العملية البرية في قطاع غزة (رويترز)
جنود إسرائيليون خلال العملية البرية في قطاع غزة (رويترز)
TT

جدل في إسرائيل حول مشروع قانون يهدف إلى تغييرات كبيرة في الجيش

جنود إسرائيليون خلال العملية البرية في قطاع غزة (رويترز)
جنود إسرائيليون خلال العملية البرية في قطاع غزة (رويترز)

بناءً على تجارب الجيش في الحرب على غزة، وما ظهر من خلل وتذمر، قررت الحكومة الإسرائيلية طرح قانون عاجل لتغيير تركيبة جيش الاحتياط وسُلَّم أولوياته، ينطوي على تكبير حجم هذا الجيش، وأيضاً إطالة مدة الخدمة في الجيش النظامي، ورفع قيمة الرواتب. وسيجري طرح المشروع، الأسبوع المقبل، وسط خلافات داخل الحكومة نفسها مع الأحزاب الدينية، وكذلك في الشارع الإسرائيلي.

ويعود هذا التغيير إلى ما حصل في الحرب على غزة، حيث جرى فيها تجنيد أكبر عدد من جنود الخدمة الاحتياطية في تاريخ إسرائيل بلغ 337 ألف جندي (منهم 50 ألفاً متطوعون تجنّدوا دون أن يجري استدعاؤهم، و40 ألف جندية). وبلغ عدد الشبان المتدينين الذين انضمّوا إلى الخدمة 500 شاب متطوع. ووفق تفسيرات هذا القانون، فإن الحرب على غزة أحدثت نقصاً ملحوظاً بعدد الضباط والجنود المقاتلين من جيش الاحتياط، إذ قُتل فيها 563 جندياً وضابطاً، نحو 55 في المائة منهم جاؤوا من جيش الاحتياط. ويوجد في المستشفيات 2830 جندياً وضابطاً جريحاً، وفي البيوت هناك أكثر من 9 آلاف جندي وضابط من الجرحى، الذين لا يزالون يترددون على العيادات الطبية للعلاج.

جنود إسرائيليون في خان يونس جنوب غزة (أ.ف.ب)

تمديد الخدمة الإلزامية

ويأخذ الجيش في الاعتبار احتمال أن تتواصل الحرب، عدة شهور أخرى، أو حتى أن يتسع نطاقها إلى الجبهة الشمالية مع لبنان، لذلك طلب الإسراع في سَن القانون الجديد، وباشر إبرام اتفاقيات وعقود ارتباط خصوصية مع عدد من جنود وضباط الاحتياط الحاليين.

وبموجب هذا القانون، سيجري تمديد الخدمة الإلزامية في الجيش للرجال أربعة شهور على الأقل، من 32 إلى 36 شهراً، وزيادة السقف الأعلى لعمر جندي الاحتياط من 40 إلى 45 عاماً، والضباط من 45 إلى 50 عاماً، وجنود المهامات الخاصة من 49 إلى 55 عاماً، كما تجري مضاعفة أيام الخدمة للجنود في جيش الاحتياط من 54 يوماً في كل ثلاث سنوات إلى 144 يوماً (أي 42 يوماً في السنة)، وللضباط من 28 يوماً إلى 55 يوماً في السنة، والجنود القادة الذين لا يحملون رتبة ضابط من 24 إلى 48 يوماً في السنة.

وسيجري تمديد الخدمة للنساء لتصبح مساوية للرجال (36 شهراً)، لكن سيعطى المجال لمن يرغبن في خدمة قصيرة من النساء أن تكون مدة الخدمة 24 شهراً فقط. وفي المناصب الخاصة التي تتطلب خدمة أطول، ستنطبق عليهن قاعدة «قانون المرأة هو قانون الرجل»؛ بمعنى أن المرأة التي تخدم في منصب يخدم فيه الرجال 36 شهراً، ستخدم هي أيضاً المدة نفسها.

جنود إسرائيليون يحملون نعش زميلهم قُتل في غزة (إ.ب.أ)

خلافات مع وزارة المالية

ويتضمن القانون زيادات لم تحدَّد بشكل نهائي في رواتب جنود الاحتياط؛ بسبب الخلافات مع وزارة المالية، لكن بموجب اقتراح الجيش الأولي، فإن الحد الأدنى لرواتب الخدمة الاحتياطية سيكون بقيمة متوسط الأجور العام في البلاد؛ أي نحو 11 ألف شيكل (أكثر من 3 آلاف دولار).

وتُواجه وزارة الدفاع، التي تقف وراء الجيش في مطالبه، معارضة شديدة من جهات علمانية ترى في القانون تكريساً للتمييز ضد جمهور العلمانيين. ويطالبون بأن يتضمن القانون بنوداً تُجبر الشبان اليهود المتدينين على أداء الخدمة الإجبارية، وتُجبر الشبان العرب على أداء خدمة مدنية، في حين ترفض الأحزاب الدينية أي إلزام لشبانهم بالخدمة العسكرية، إذ يَعدّون تكريس هؤلاء الشباب لدراسة التوراة في المدارس الدينية بمثابة مهمة يهودية مقدسة لا تقل أهمية عن القتال في الحرب.

وأصدرت حركة «جودة بيئة الحكم» بياناً هاجمت فيه الحكومة على القانون الجديد، واعتبرته «جباناً لأنه لا يتضمن التعامل بمساواة بين المواطنين ويميز لصالح المتدينين ويُعفيهم، دون وجه حق، من الخدمة». وأضافت أن هذا القانون «يعكس انعدام الأخلاق وفقدان العدالة والقيم». وطالبت حركة الاحتجاج بأن تضعه في صلب شعاراتها خلال المظاهرات، المقرَّر إطلاقها في الأسبوع المقبل، للمطالبة بإسقاط الحكومة.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تدرس خيارات الرد على الحوثيين

شؤون إقليمية خدمات الطوارئ الإسرائيلية جنوب تل أبيب في موقع سقوط صاروخ حوثي أطلق على إسرائيل فجر السبت (رويترز)

إسرائيل تدرس خيارات الرد على الحوثيين

تجاوز صاروخ أطلقه الحوثيون الدفاعات الإسرائيلية التي فشلت في اعتراضه وسقط في تل أبيب أمس. وقال مسعفون إنَّ 16 شخصاً أصيبوا بجروح طفيفة نتيجة شظايا الزجاج،

علي ربيع (عدن) كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي إسماعيل هنية ويحيى السنوار (لقطة من فيديو لـ«كتائب القسام»)

لأول مرة... «القسام» تنشر فيديو يجمع هنية والسنوار والعاروري

نشرت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، (السبت)، فيديو يُظهِر عدداً من قادتها الراحلين لمصانع ومخارط تصنيع الصواريخ.

أحمد سمير يوسف (القاهرة)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلاً في موقع غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مقتل 5 في غارة جوية على منزل بمخيم النصيرات وسط غزة

قال مسعفون لـ«رويترز»، اليوم السبت، إن خمسة أشخاص، بينهم طفلان، قتلوا في غارة جوية إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطيني يبكي طفله الذي قتل في غارة إسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

فصائل فلسطينية: وقف إطلاق النار في غزة بات «أقرب من أي وقت مضى»

أعلنت ثلاثة فصائل فلسطينية أنّ التوصّل لاتفاق مع إسرائيل على وقف لإطلاق النار في قطاع غزة بات «أقرب من أيّ وقت مضى».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية فلسطينيون يفرون من مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة (أرشيفية)

«هدنة غزة»... مساعٍ إلى «حل وسط» لإبرام الاتفاق

جهود مكثفة للوسطاء لتقريب وجهات النظر خلال مفاوضات الهدنة بقطاع غزة، في ظل حديث إعلامي عن «شروط جديدة» أخرت إعلان الاتفاق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

تركيا: انطلاق لقاءات مع أوجلان في سجنه خلال أيام بموافقة إردوغان

مظاهرة لأنصار أوجلان في تركيا للمطالبة بالإفراج عنه (أرشيفية - رويترز)
مظاهرة لأنصار أوجلان في تركيا للمطالبة بالإفراج عنه (أرشيفية - رويترز)
TT

تركيا: انطلاق لقاءات مع أوجلان في سجنه خلال أيام بموافقة إردوغان

مظاهرة لأنصار أوجلان في تركيا للمطالبة بالإفراج عنه (أرشيفية - رويترز)
مظاهرة لأنصار أوجلان في تركيا للمطالبة بالإفراج عنه (أرشيفية - رويترز)

أعلن حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد في تركيا أن لقاءات مع زعيم حزب العمال الكردستاني السجين مدى الحياة عبد الله أوجلان ستنطلق هذا الأسبوع.

وتأتي اللقاءات المرتقبة في إطار مبادرة اقترحها رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهشلي، شريك حزب العدالة والتنمية الحاكم في «تحالف الشعب»، لإطلاق حوار مع أوجلان ودعوته للحديث بالبرلمان لإعلان حل الحزب، المصنف منظمة إرهابية، وإنهاء مشكلة الإرهاب في تركيا، مقابل النظر في إصلاحات قانونية تمهد لإطلاق سراحه.

وقدم حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، قبل 3 أسابيع، طلباً إلى وزارة العدل للسماح لنواب من الحزب بلقاء أوجلان في محبسه بسجن إيمرالي المنعزل في جزيرة ببحر مرمرة غرب تركيا.

عملية جديدة

وقال الحزب، في بيان السبت، إن اللقاء مع أوجلان سيعد هذا الأسبوع، وقد يكون هناك أكثر من لقاء وقد تمتد اللقاءات على مدى شهر أو شهرين، وستكون مقترحات الحلول المطروحة في هذه العملية حاسمة.

عبد الله أوجلان (أرشيفية)

وتعتقد الأوساط السياسية في تركيا أن لقاءات أوجلان هدفها إطلاق عملية جديدة لحل «المشكلة الكردية» في تركيا، التي انطلقت في عام 2013 وحتى إعلان الرئيس رجب طيب إردوغان انتهاءها عام 2015، مؤكداً أن تركيا «ليست بها مشكلة كردية». وفيما يتعلق بطلب الحزب مقابلة أوجلان، قال وزير العدل، يلماط تونتش: «هذه العملية مستمرة، وسنعمل على تحديد يوم مناسب».

وقالت مصادر الحزب إنه تم تحديد من سيلتقون أوجلان في إيمرالي، وهما النائب البرلماني سري ثريا أوندر، الذي سبق أن شارك في مفاوضات حل المشكلة الكردية السابقة، والسياسية الكردية، بروين بولدان، الرئيس المشارك السابق لحزب «اليسار الأخضر».

وأشارت المصادر إلى أن أحزاباً أخرى من البرلمان قد تشارك أيضاً في المفاوضات، بما في ذلك حزب «الحركة القومية»، وأن اللجان الحزبية هي التي ستقرر بنفسها من سيشارك فيها.

موافقة من إردوغان

ونقلت وسائل إعلام عن مصادر بحزب العدالة والتنمية الحاكم أن موعد اللقاء مع أوجلان سيكون قريباً جداً وسيعقد في غضون 10 أيام، وأن الرئيس رجب طيب إردوغان وافق على الاجتماع والاسمين المرشحين لمقابلته.

إردوغان خلال مؤتمر لحزب العدالة والتنمية في موغلا جنوب غربي تركيا السبت (الرئاسة التركية)

وقال إردوغان، خلال مؤتمر إقليمي لحزب العدالة والتنمية في موغلا جنوب غربي البلاد، السبت، إن «حزبه لم يفرق، طوال وجوده بالسلطة، بين مواطن تركي وآخر، وكلهم إخواننا وأعزاء علينا».

مبادرة بهشلي

بدوره، قال رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي، في كلمة خلال مناقشة البرلمان التركي لموازنة العام الجديد ليل الجمعة - السبت: «سنكون سعداء باجتماعهم (نواب حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب وأوجلان)». وأضاف بهشلي: «لا يوجد أي تغيير في وجهات نظره، سيكون من المفيد عقد هذا اللقاء، نحن ندخل عام 2025، وستكون هذه بداية ميمونة، نحن سعداء بلقائهم، وأعتقد أن ذلك سيكون مفيداً لتركيا ولشعبنا».

مصافحة بين بهشلي ونواب حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب في افتتاح دورة البرلمان في أكتوبر الماضي (إعلام تركي)

وأثار بهشلي الجدل في افتتاح الدورة الجيدة للبرلمان التركي في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بمصافحته المفاجئة لنواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، الذي كان يصفه بأنه يدعم الإرهاب وحزب العمال الكردستاني. وزادت حدة الجدل مع إطلاقه دعوة في 15 من الشهر ذاته لحضور أوجلان إلى البرلمان، وإعلان حل حزب العمال الكردستاني، وإلقاء سلاحه، وانتهاء الإرهاب في تركيا، مقابل ما يعرف بـ«الحق في الأمل» الذي يتطلب تعديلات قانونية تساعد في العفو عن أوغلان.

ولم تلق تلك الدعوة تأييداً من إردوغان كتأييده مصافحة حليفه للنواب الأكراد. وعاد بهشلي في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ليعدل من مقترحه، مطالباً بأن يتم فتح الباب لزيارة نواب الحزب الكردي لأوجلان في محبسه، قبل أن يأتي إلى البرلمان ويتحدث أمام المجموعة البرلمانية للحزب.

وأعطى إردوغان موافقة على هذا الطرح، الذي لم يذكر فيه بهشلي مسألة الإفراج عن أغلان أو العفو عنه.

ويسود اعتقاد في الأوساط السياسية في تركيا بأن دعوة بهشلي، الذي يعد حزبه أكبر شركاء حزب العدالة والتنمية الحاكم في «تحالف الشعب»، إنما هي محاولة لفتح الطريق أمام الرئيس رجب طيب إردوغان للترشح للرئاسة للمرة الرابعة بالمخالفة للدستور، اعتماداً على دعم نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» للتصويت على إجراء انتخابات مبكرة قبل موعدها المقرر في 2028.