إدارة بايدن تحت «نيران إيران»... والجمهوريين

دعوات جمهورية للرد «مباشرةً» على طهران

صورة التقطها قمر «بلانت لابس» الاصطناعي من قاعدة عسكرية تُعرف باسم «البرج 22» شمال شرقي الأردن 12 أكتوبر 2023 (أ.ب)
صورة التقطها قمر «بلانت لابس» الاصطناعي من قاعدة عسكرية تُعرف باسم «البرج 22» شمال شرقي الأردن 12 أكتوبر 2023 (أ.ب)
TT

إدارة بايدن تحت «نيران إيران»... والجمهوريين

صورة التقطها قمر «بلانت لابس» الاصطناعي من قاعدة عسكرية تُعرف باسم «البرج 22» شمال شرقي الأردن 12 أكتوبر 2023 (أ.ب)
صورة التقطها قمر «بلانت لابس» الاصطناعي من قاعدة عسكرية تُعرف باسم «البرج 22» شمال شرقي الأردن 12 أكتوبر 2023 (أ.ب)

سلَّط الهجوم على القوات الأميركية على الحدود الأردنية - السورية الضوء على الشرخ الكبير في الولايات المتحدة بين إدارة جو بايدن والجمهوريين الذين سارعوا إلى الإعراب عن سخطهم الشديد من سقوط ضحايا أميركيين جراء الهجمات المتتالية من وكلاء إيران في المنطقة.

وبعد تأكيد القيادة الوسطى الأميركية سقوط 3 قتلى في صفوف الجيش الأميركي، وإصابة 34 آخرين إثر هجمات بالمُسيرات على قاعدة أميركية في الأردن على الحدود مع سوريا، تهافت المشرعون الجمهوريون في مجلسَي الشيوخ والنواب على انتقاد سياسة بايدن «اللينة» تجاه طهران واتهمه بعضهم بالتسبب في زيادة الهجمات من هذا النوع بسبب عدم اتخاذه قراراً صارماً للرد بحزم وبشكل مباشر على إيران، وهي خطوة يتردد في اتخاذها خوفاً من إشعال فتيل حرب أوسع نطاقاً.

ودعا رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون، الإدارة الأميركية عبر منصة «إكس»، (تويتر سابقاً)، إلى «إرسال رسالة واضحة حول العالم مفادها أن الاعتداءات على قواتنا لن يجري التساهل معها».

وأشار رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب مايك مكول، في بيان شديد اللهجة، إلى أن «وكلاء إيران شنوا أكثر من 150 اعتداءً على القوات الأميركية منذ أكتوبر (تشرين الأول)».

لكن حتى هجوم الأحد على موقع ناءٍ يُعرف باسم «البرج 22» قرب الحدود الشمالية الشرقية للأردن مع سوريا، لم تكن الضربات قد تسببت في مقتل جنود أميركيين أو إصابة كثيرين. وأتاح ذلك لبايدن مساحة سياسية لتوزيع وطأة الرد الأميركي بإلحاق خسائر بقوات مدعومة من إيران دون المخاطرة بحرب مباشرة مع طهران.

وقال مكول: «إن سياسة إدارة بايدن الفاشلة في الشرق الأوسط دمَّرت سياسة الردع الأميركية ضد خصومنا في الشرق الأوسط». وقال بنبرة حازمة: «نحتاج إلى إعادة نظر جذرية في سياستنا في الشرق الأوسط لحماية مصالحنا المتعلقة بالأمن القومي واستعادة الردع».

بين الرد المباشر و«استعادة الردع»

واستعرض المشرعون الخيارات الواردة أمام الإدارة للرد على إيران، وأتى الطرح الأكثر «جرأة» على لسان السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الذي دعا البنتاغون إلى «استهداف إيران بشكل مباشر».

وقال غراهام في بيان: «يمكن لإدارة بايدن استهداف كل وكلاء إيران لكنّ هذا لن يوقف الاعتداءات الإيرانية». وتابع: «أنا أدعو إدارة بايدن إلى ضرب أهداف مهمة داخل إيران، ليس فقط للرد على قتل قواتنا بل للردع ضد أي اعتداءات مستقبلية».

ولم يتوقف غراهام عند هذا الحد بل تابع قائلاً: «إن الشيء الوحيد الذي يفهمه النظام الإيراني هي القوة. وإلى أن يدفع النظام الثمن من خلال بناه التحتية وعناصره، فسوف تستمر الاعتداءات على القوات الأميركية».

وقال السيناتور الجمهوري توم كوتون: «لقد ترك قواتنا أهدافاً سهلة... الرد الوحيد على هذه الهجمات يجب أن يكون انتقاماً عسكرياً مدمراً ضد القوات الإرهابية الإيرانية في إيران وفي أنحاء الشرق الأوسط».

كما دعا النائب الجمهوري مايك روجرز، الذي يرأس لجنة الرقابة العسكرية الأميركية في مجلس النواب، إلى اتخاذ إجراء ضد طهران.

وقال روجرز: «مر وقت طويل بالفعل، فليقم الرئيس بايدن أخيراً بمحاسبة النظام الإيراني الإرهابي وحلفائه المتطرفين على الهجمات التي نفّذوها».

وحذّر البعض من أن اعتماد هذه المواقف الحادة من شأنه أن يخلق أزمة متعددة الأطراف تجر الولايات المتحدة إلى صراع شرس في المنطقة، وهذا ما تتخوف منه الإدارة الأميركية التي توعدت على لسان رئيسها جو بايدن، ومستشار الأمن القومي فيها جون كيربي، بالرد في «المكان والزمان المناسبين».

وقال كيربي في حديث لشبكة «سي إن إن»: «الرئيس بايدن سيردّ على الهجوم بالطريقة الملائمة، لكننا لا نسعى إلى حرب مع إيران. لا نريد نزاعاً أوسع في الشرق الأوسط».

وعبَّر وزير الدفاع لويد أوستن، عن أسفه وغضبه لمقتل عسكريين أميركيين في الهجوم، مؤكداً أنه وبايدن لن يتسامحا إزاء الهجمات على القوات الأميركية وسيتخذان «كل التحركات الضرورية» للدفاع عنها.

لكن يبدو أن الجمهوريين اصطفّوا بأغلبيتهم هذه المرة حول أهمية الرد الحاسم والمباشر، فقال زعيمهم في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل: «لقد انعكس الفشل في ردع خصوم أميركا مجدداً على خسارة حياة الأميركيين. لا يمكننا تحمل تكلفة الرد على الاعتداء العنيف هذا من خلال التردد والتدابير الناقصة».

ووصف الرئيس السابق دونالد ترمب، الذي يأمل في مواجهة بايدن في الانتخابات الرئاسية هذا العام، الهجوم بأنه «نتيجة لضعف جو بايدن واستسلامه».

تحفُّظ ديمقراطي

من ناحيتهم تحفَّظ الديمقراطيون على انتقاد سياسة بايدن ودعم أي رد مباشر بشكل علني فاكتفى زعيمهم في مجلس النواب حكيم جيفريز، بالقول: «يجب أن يُحمّل المسؤولية كل عنصر مسؤول (عن الاعتداءات)».

وعبّرت سياسية ديمقراطية علانيةً عن قلقها من فشل استراتيجية بايدن لاحتواء الصراع بين إسرائيل و«حماس» ضمن نطاق قطاع غزة.

وقالت النائبة الديمقراطية باربرا لي: «كما نرى الآن، الأمر يخرج عن نطاق السيطرة. وبدأ يظهر مثل حرب إقليمية ولسوء الحظ فإن هذا يجعل الولايات المتحدة وقواتنا عرضة للأذى»، وجددت الدعوات لوقف إطلاق النار في الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس».

وعارض النائب الديمقراطي سيث مولتون، الذي خدم أربع فترات في العراق جندياً في مشاة البحرية، دعوات الجمهوريين للحرب قائلاً: «الردع صعب والحرب أسوأ».

وقال مولتون: «إلى الصقور الجبناء الذين يدعون إلى الحرب مع إيران، أفعالكم تصبّ في صالح العدو، وأودّ أن أراكم ترسلون أبناءكم وبناتكم للقتال... يجب أن يكون لدينا رد فعل استراتيجي فعّال وفقاً لشروطنا وجدولنا الزمني».

خيارات الرد

يقول الخبراء إن خيارات الرد أمام بايدن يمكن أن تتراوح ما بين استهداف قوات إيرانية في الخارج، وحتى داخل إيران، واختيار تنفيذ هجوم انتقامي أكثر حذراً ليقتصر على استهداف مسلحين مسؤولين عن الهجوم مدعومين من إيران حسب «رويترز».

وقال قائد القيادة الوسطى السابق الجنرال جوزيف فوتيل لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن أي رد يجب أن يكون خالياً من الغموض وأن يُظهر أننا نُحمّل إيران مباشرةً مسؤولية هذا الاعتداء. هذا يعني أن الضربة يجب أن تكون ضد شيء تقدِّره طهران وأن تؤدي خسارته إلى شعورهم بنتيجة هذه الخسارة. قادة (الحرس الثوري) الإيراني هم مثال جيد، لكن هناك أيضاً أمثلة أخرى».

وعارض فوتيل النظرية القائلة بأن رداً أميركياً من هذا النوع من شأنه أن يوسّع رقعة الصراع فقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعتقد أن ردنا يعني اتساع رقعة الصراع أو البدء بحرب ضد إيران».

وأضاف: «هذا الاعتداء على البرج 22 حصل من دون استفزاز، فالقوات كانت هناك بطلب من بلد ذي سيادة بهدف مكافحة تنظيم (داعش)، لكننا لا يمكننا السماح لهذا الاعتداء بالمرور من دون عقاب وعلى ردنا أن يرسل رسالة واضحة ومباشرة لإيران بأننا نُحمّلهم المسؤولية كاملةً عن هذا الاعتداء وغيره من الاعتداءات التي يشنها وكلاؤهم في المنطقة في العراق ولبنان وسوريا والبحر».

ويُحذّر خبراء من أن أي ضربات ضد القوات الإيرانية داخل إيران قد تُجبر طهران على الرد بقوة، بما يصعّد الموقف بطريقة قد تجرّ الولايات المتحدة إلى حرب كبرى في الشرق الأوسط.

وقال جوناثان لورد، مدير برنامج أمن الشرق الأوسط في مركز الأمن الأميركي الجديد، إن الضرب مباشرةً داخل إيران من شأنه أن يثير تساؤلات لدى طهران بشأن بقاء النظام. وقال: «عندما تفعل الأمور علناً فإن ذلك يشكل تصعيداً كبيراً بالنسبة للإيرانيين».

وقال تشارلز ليستر، من معهد الشرق الأوسط، ومقره واشنطن، إن الرد المحتمل سيكون استهداف موقعاً مهماً أو قيادياً بارزاً في جماعات مدعومة من إيران في العراق أو سوريا.

وأضاف: «ما حدث هذا الصباح كان على مستوى مختلف تماماً عن أي شيء فعله هؤلاء الوكلاء في الشهرين أو الثلاثة أشهر الماضية... (لكن) على الرغم من كل الدعوات لفعل شيء ما داخل إيران، لا أرى أن هذه الإدارة ستبتلع هذا الطعم».

وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية، طلب عدم ذكر اسمه، لوكالة «رويترز» إنه من غير الواضح ما قد تكون عليه التأثيرات الثانية والثالثة التي ستترتب على ملاحقة إيران.

وقال المسؤول: «إذا لم تكن الولايات المتحدة مستعدة لحرب شاملة، فما الذي ستحققه لنا مهاجمة إيران؟».

ويقول الخبراء إن إسرائيل ضربت أهدافاً إيرانية في سوريا على مدى سنوات دون أن يوقِف ذلك إيران، بما في ذلك مقتل أربعة مسؤولين من «الحرس الثوري» في دمشق في 20 يناير (كانون الثاني).

وضربت الولايات المتحدة أهدافاً مرتبطة بإيران خارجها في الأشهر القليلة الماضية. وقال الجيش الأميركي في نوفمبر (تشرين الثاني)، إنه ضرب منشأة لا تستخدمها جماعة مدعومة من إيران فحسب بل (الحرس الثوري) الإيراني نفسه أيضاً.

لكنّ ليستر يقول إن الولايات المتحدة استهدفت إيرانيين خارج إيران من قبل، مثل عملية في 2020 استهدفت مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني، ولم تردّ طهران إلا خلال فترة زمنية محدودة.

وقال ليستر: «لذا إلى حدٍّ ما، إذا وُجِّهت ضربة قوية وعلى مستوى عالٍ بما يكفي، فلدينا سجلّ سابق يُظهر أن إيران يمكنها أن تتراجع أولاً».


مقالات ذات صلة

ترمب يعتزم تشديد الضغط على الأوروبيين

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونائبه جيه دي فانس في المكتب البيضاوي (إ.ب.أ) play-circle

ترمب يعتزم تشديد الضغط على الأوروبيين

بعد إبقاء نياته غامضة حيال أوروبا منذ عودته إلى البيت الأبيض، من المتوقع أن يشدد ترمب الضغط مع إرسال ثلاثة من كبار مسؤولي إدارته إلى القارة العجوز.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوقع إعلاناً على متن الطائرة الرئاسية (أ.ف.ب) play-circle 00:40

ترمب: ملتزم بشراء غزة وربما إعطاء أجزاء منها لدول أخرى

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأحد، إنه «ملتزم بشراء غزة وامتلاكها، وربما إعطاء أجزاء منها لدول أخرى في الشرق الأوسط لبنائها».

«الشرق الأوسط» (بالم بيتش)
تحليل إخباري ترمب في مؤتمر صحافي مع نتنياهو بالبيت الأبيض 4 فبراير 2025 (د.ب.أ)

تحليل إخباري ترمب وفريقه... والعلاقة مع إسرائيل

يستعرض «تقرير واشنطن»، وهو ثمرة تعاون بين «الشرق الأوسط» و«الشرق»، خلفية تصريحات ترمب المثيرة للجدل حول غزة ودور فريق الرئيس الأميركي في هذا الملف.

رنا أبتر (واشنطن)
شؤون إقليمية المرشد الإيراني علي خامنئي خلال لقاء مع ضباط القوات الجوية في طهران... 7 فبراير 2025 (أ.ب)

خامنئي يحض الحكومة الإيرانية على «عدم التفاوض» مع أميركا

حضَّ المرشد الإيراني علي خامنئي حكومة بلاده، اليوم (الجمعة)، على عدم التفاوض مع الولايات المتحدة، محذِّراً من أن ذلك سيكون «غير حكيم».

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكابيتول (رويترز) play-circle

إعلام: نتنياهو قدم في واشنطن خطة لإنهاء حرب غزة... ومتحدث باسمه ينفي

أفادت صحيفة بأن بنيامين نتنياهو قدم خطة في واشنطن لإنهاء الحرب في غزة، وإطلاق سراح كبار السجناء الفلسطينيين مقابل إبعاد كبار قادة حركة «حماس» خارج غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«حماس» تعلق تسليم الأسرى وإسرائيل ترفع التأهب لأعلى مستوى

سيارات تابعة للصليب الأحمر أثناء عملية  3 محتجزين إسرائيليين بدير البلح في 8 فبراير 2025 (د.ب.أ)
سيارات تابعة للصليب الأحمر أثناء عملية 3 محتجزين إسرائيليين بدير البلح في 8 فبراير 2025 (د.ب.أ)
TT

«حماس» تعلق تسليم الأسرى وإسرائيل ترفع التأهب لأعلى مستوى

سيارات تابعة للصليب الأحمر أثناء عملية  3 محتجزين إسرائيليين بدير البلح في 8 فبراير 2025 (د.ب.أ)
سيارات تابعة للصليب الأحمر أثناء عملية 3 محتجزين إسرائيليين بدير البلح في 8 فبراير 2025 (د.ب.أ)

علقت «حماس» عملية تسليم المحتجزين الإسرائيليين، التي كانت مقررة السبت المقبل، حتى إشعار آخر، في خطوة قالت إنها رد على انتهاكات وقف النار من قبل إسرائيل، التي ردت برفع مستوى التأهب في غزة، متوعدة بأنها «لن تسمح للعودة إلى واقع 7 أكتوبر (تشرين الأول)».

وأعلن أبو عبيدة، الناطق باسم «كتائب القسام» (الجناح العسكري لحماس)، مساء الاثنين، تأجيل تسليم الأسرى الإسرائيليين في الدفعة السادسة حتى إشعار آخر.

قافلة مساعدات تعبر نقطة تفتيش يديروها مصريون وأميركيون عند شارع صلاح الدين بوسط غزة الاثنين (أ.ف.ب)

وقال أبو عبيدة في تغريدة: «راقبت قيادة المقاومة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية انتهاكات العدو وعدم التزامه ببنود الاتفاق؛ من تأخير عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة، واستهدافهم بالقصف وإطلاق النار في مختلف مناطق القطاع، وعدم إدخال المواد الإغاثية بكل أشكالها بحسب ما اتفق عليه، في حين نفذت المقاومة كل ما عليها من التزامات، وعليه سيتم تأجيل تسليم الأسرى الصهاينة الذين كان من المقرر الإفراج عنهم يوم السبت القادم الموافق 15 - 02 - 2025 حتى إشعار آخر، ولحين التزام الاحتلال وتعويض استحقاق الأسابيع الماضية وبأثر رجعي، ونؤكد على التزامنا ببنود الاتفاق ما التزم بها الاحتلال».

وجاء إعلان أبو عبيدة بعد وقت قصير من خطاب لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في الكنيست، تعهد فيه «بتحقيق جميع أهداف الحرب، بما في ذلك القضاء على (حماس) وإعادة جميع الرهائن إلى الوطن».

مراقب مصري عند نقطة تفتيش للفلسطينيين المتجهين من جنوب غزة إلى شمالها الاثنين (إ.ب.أ)

وقال نتنياهو في جلسة صاخبة في الكنيست: «بعد فترة صعبة، ويجب أن أقول بصراحة، نحن نتفق مع الإدارة الأميركية بشأن القضايا الأساسية في الشرق الأوسط: تحقيق جميع أهداف حربنا، بما في ذلك القضاء على (حماس)، وإعادة جميع الرهائن، والوعد بأن غزة لن تشكل تهديداً لإسرائيل».

وأضاف: «يجب أن نستكمل هزيمة (حماس)».

وأكد نتنياهو أن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، مصرّ على تنفيذ رؤياه فيما يخص قطاع غزة، واصفاً إياها بأنها رؤية جديدة ومبدعة وثورية «وهو مصمم على تنفيذها».

وربط نتنياهو بين رؤية ترمب واليوم التالي، وخاطب المعارضة قائلاً: «لطالما تحدثتم عن اليوم التالي، والآن لديكم رؤية واضحة، ترمب قدم فكرة ثورية لما بعد (حماس)، حتى لا تعود غزة دولة إرهاب... لقد عدت من الولايات المتحدة برؤية مختلفة من دون (حماس) ودون السلطة الفلسطينية».

وشكل قرار«حماس» تعليق التبادل مفاجأة للجمهور الفلسطيني والإسرائيلي، ولكن ليس للمستوى السياسي في إسرائيل الذي كان كما يبدو يتوقع شيئاً مماثلاً.

مراقبون مصريون يتابعون تحرك فلسطينيين من جنوب غزة إلى الشمال الاثنين (رويترز)

وفي حين قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن إعلان الحركة «يعد انتهاكاً كاملاً لاتفاق وقف إطلاق النار»، فإنه أصدر تعليماته للجيش «بالاستعداد لأعلى مستوى من التأهب لأي سيناريو محتمل في غزة وحماية التجمعات السكانية، ولن نسمح بالعودة إلى واقع السابع من أكتوبر». وقال مصدر سياسي إن «ادعاءات» «حماس» ليست مفاجئة.

ورفض مسؤولون إسرائيليون تحدثوا إلى «القناة 12» الإسرائيلية وهيئة البث الرسمية (كان) اتهامات «حماس» بخرق الاتفاق، وقالوا إن الوفد الذي كان في الدوحة كان يهدف إلى سد الفجوات.

وبحسب «يديعوت أحرنوت»: «أوضح الوفد الإسرائيلي المفاوض الذي عاد من قطر، للوسطاء في الدوحة، أن سلوك (حماس)، سواء في انتهاك الاتفاق أو في لغتها العدوانية واتهامات كاذبة لإسرائيل بانتهاك الاتفاق، من شأنه أن يؤدي إلى التصعيد ويعرض استمرار الاتفاق للخطر».

وبالإضافة إلى ذلك، أوضحت إسرائيل في المحادثات في الدوحة أنها ملتزمة بشروط الاتفاق وانسحبت من محور نتساريم، وفتحت معبر رفح، وانسحبت إلى محيطه.

وتناولت المناقشات في قطر مختلف القضايا المتعلقة بتنفيذ المرحلة (أ) التي أصبحت الآن معرضة للخطر. وتطرق النقاش أيضاً إلى وضع المحتجزين، وكيفية سير المفاوضات والاتهامات الفلسطينية بأن إسرائيل تمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.

وكان وفد إسرائيلي عاد إلى إسرائيل من الدوحة في ساعة مبكرة الاثنين، وتعامل فقط مع المرحلة (أ)، ولم يناقش المرحلة الثانية، في خرق واضح للاتفاق.

مقاتلون من «حماس» قبل تسليم 3 محتجزين إسرائيليين بدير البلح في 8 فبراير 2025 (د.ب.أ)

ويبدو أن توجه الوفد في قطر التي كانت حذرت إسرائيل والولايات المتحدة من أن المرحلة الأولى من الاتفاق في خطر، بسبب تصرفات وتصريحات نتنياهو، هو الذي قاد إلى موقف «حماس».

وكانت إسرائيل تسعى لتمديد المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مستغلة دخول شهر رمضان بعد أيام قليلة فقط على انتهاء هذه المرحلة، متجنبة الدخول إلى المرحلة الثانية.

وأرادت تمديد هذه المرحلة عبر وسيلتين: الأولى تأخير إطلاق مفاوضات المرحلة الثانية، التي عملياً لم تبدأ بعد بقرار نتنياهو؛ أو التوصل إلى صيغة تسمح بفترة انتقالية بين المرحلتين.

وشكل موقف «حماس» ضربة لمحاولة إسرائيل تجاهل المرحلة الثانية، وسيفرض نفسه بقوة على طاولة اجتماع الثلاثاء الذي سيعقده نتنياهو للمجلس الأمني حول المرحلة الثانية.

وكان يفترض أن يناقش الاجتماع شروط التقدم نحو المرحلة الثانية، التي تشمل طرد قيادة «حماس» من غزة، ونزع سلاح الجناح العسكري للحركة، وإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين.

وأرجأ نتنياهو هذه المناقشة حول مفاوضات المرحلة الثانية التي كان يفترض أن تنطلق الأسبوع الماضي لحين لقائه بالرئيس الأميركي دونالد ترمب ومبعوثه ستيف ويتكوف في واشنطن، وهناك توصل نتنياهو إلى اتفاقات على مبادئ المرحلة الثانية، وهي المبادئ التي تقدر إسرائيل أن «حماس» سترفضها.

وحتى الآن أنجحت «حماس» وإسرائيل 5 جولات من التبادل، وصمد وقف النار رغم الخروق، في المرحلة الأولى التي تبقى لها نحو 18 يوماً.

وأفرجت «حماس» عن 16 محتجزاً إسرائيلياً، وخمسة تايلانديين لم يشملهم الاتفاق الأصلي وبقي لديها 76 محتجزاً.

وخلال المرحلة المتبقية كان يجب إطلاق سراح 17 محتجزاً آخر، يعتقد أن 9 منهم فقط ما زالوا على قيد الحياة.

طفل ينظر إلى صور وتذكارات مرتبطة بالإسرائيليين الأسرى لدى «حماس» بتل أبيب الاثنين (رويترز)

وليس معروفاً بعد كيف سترد إسرائيل، وهو ما سيقرر مصير الاتفاق على الأغلب.

ودعا رئيس حزب «عوتسما يهوديت» الوزير المتطرف المستقيل، إيتمار بن غفير، إلى تصعيد عسكري واسع النطاق ضد قطاع غزة، رداً على إعلان «حماس». وقال: «يجب أن يكون هناك رد واحد على إعلان (حماس): هجوم ناري هائل على غزة، جواً وبراً، مع وقف كامل للمساعدات الإنسانية، بما في ذلك الكهرباء والوقود والمياه».

لكن مقرّ عائلات الأسرى الإسرائيليين، أصدر بياناً دعا فيه الوسطاء الدوليين، إلى التحرك الفوري والفعّال، لضمان تنفيذ الصفقة، واستئناف الإفراج عن المحتجزين.

وقال: «نطالب حكومة إسرائيل بعدم اتخاذ خطوات تعرض تنفيذ الاتفاق للخطر».