تقرير: سياسات خاصة تحافظ على تزويد الولايات المتحدة لإسرائيل بالأسلحة

مرضى ونازحون في مستشفى «الشفاء» بمدينة غزة (أ.ف.ب)
مرضى ونازحون في مستشفى «الشفاء» بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

تقرير: سياسات خاصة تحافظ على تزويد الولايات المتحدة لإسرائيل بالأسلحة

مرضى ونازحون في مستشفى «الشفاء» بمدينة غزة (أ.ف.ب)
مرضى ونازحون في مستشفى «الشفاء» بمدينة غزة (أ.ف.ب)

كشفت وثائق داخلية لوزارة الخارجية الأميركية استخدام آليات خاصة للحفاظ على تزويد إسرائيل بالأسلحة رغم الانتقادات المتزايدة لانتهاكات حقوق الإنسان، حسبما أفادت صحيفة «الغارديان».

وتستعرض الوثائق أكثر من اثنتي عشرة حادثة منذ عام 2020 تتعلق بانتهاكات قوات الأمن الإسرائيلية لحقوق الإنسان، وتوضح جهود السلطات الأميركية في الحفاظ على تدفق الأسلحة إلى الوحدات المسؤولة عن هذه الانتهاكات.

نشطاء يتظاهرون ومعهم لافتة كُتب عليها «مخطوف» بمناسبة عيد الميلاد الأول للطفل الإسرائيلي كفير بيباس (عمره سنة) المحتجز لدى «حماس» في غزة أمام بوابة براندنبورغ في برلين (إ.ب.أ)

وتسلط الضوء على قضايا مثل مقتل الصحافية الفلسطينية - الأميركية شيرين أبو عقلة ووفاة المواطن الأميركي - الفلسطيني عمر أسعد في السجون الإسرائيلية. ويظهر التحقيق أيضاً كيف تجاوزت الحكومة الأميركية قوانين حقوق الإنسان الأميركية لضمان استمرار التعاون العسكري مع إسرائيل، حتى في ظل فرض عقوبات على وحدات عسكرية أجنبية أخرى.

وفي ما يتعلق بالحالات المحددة، يظهر التحقيق الصعوبات في تحقيق العدالة في حالات مقتل واعتقال الأفراد، إذ لا تتسم القوانين الأميركية بتنفيذ قوي لمعاقبة وحدات قوات الأمن الإسرائيلية عند ارتكابها لانتهاكات.

وفي هذا السياق، تظهِر الوثائق، أن وزارة الخارجية تجاوزت القانون الأميركي الذي يمنع تواطؤ الولايات المتحدة بالتعاون مع جيش دولة حليفة أو مع وحدات عسكرية أجنبية ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان، وهو ما يعرف بقانون «ليهي»، الذي يعود إلى حقبة التسعينات، والذي سُمي على اسم عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فيرمونت المتقاعد باتريك ليهي.

لكن وفقاً للوثائق، وضعت الإدارة سياسات خاصة للتحايل على هذه القوانين لضمان توريد الأسلحة لإسرائيل.

وتم وضع سياسات داخلية غير عادية في وزارة الخارجية تظهر احتراماً شديداً للحكومة الإسرائيلية. ولا توجد مثل هذه الترتيبات الخاصة لأي حليف آخر للولايات المتحدة.

ويبدو أن عدم تطبيق قانون «ليهي» في إسرائيل يثير القلق بشكل خاص. وفي تصريح لصحيفة «الغارديان»، قال السيناتور السابق عن ولاية فيرمونت: «إن الغرض من قانون (ليهي) هو حماية الولايات المتحدة من المسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من قِبل قوات الأمن الأجنبية التي تتلقى مساعدات أميركية، وردع الانتهاكات المستقبلية».

لكن القانون لم يطبّق بشكل متسق، وما حصل في الضفة الغربية وغزة هو مثال صارخ على ذلك. وأضاف ليهي: «على مدى سنوات عدة حضضتُ الإدارات الأمريكية المتعاقبة على تطبيق القانون هناك، لكن ذلك لم يحدث».

تثير هذه الوثائق تساؤلات حول فاعلية الآليات القائمة لضمان احترام حقوق الإنسان، وتبرز التحديات التي تواجه الولايات المتحدة في التوفيق بين مصالحها الاستراتيجية والالتزام بقيم حقوق الإنسان.


مقالات ذات صلة

فرت وعائلتها هرباً من «طالبان»... أفغانية تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال

آسيا نيلا إبراهيمي ناشطة في مجال حقوق الفتيات الأفغانيات تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال (أ.ف.ب)

فرت وعائلتها هرباً من «طالبان»... أفغانية تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال

فازت فتاة مراهقة فرت مع عائلتها من أفغانستان بعد عودة «طالبان» إلى السلطة قبل ثلاث سنوات، بجائزة «كيدز رايتس» المرموقة لنضالها من أجل حقوق المرأة.

«الشرق الأوسط» (كابل - أمستردام)
شمال افريقيا أوزرا زييا (الثانية على اليسار) بجانب السفير الجزائري في واشنطن (السفارة الأميركية في الجزائر)

مسؤولة أميركية تبحث بالجزائر الحرية الدينية وإدارة الهجرة

عطاف اتصل هاتفياً بنظيره الأميركي، وأبلغه بأن «معلوماته بشأن الحرية الدينية في الجزائر، خاطئة وغير دقيقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
المشرق العربي البروفسور نظام محمود

جرّاح بريطاني يصف استهداف الطائرات المُسيّرة للأطفال في غزة

روى جراح متقاعد من لندن ما شاهده خلال عمله التطوعي في مستشفى بغزة، وتحدث عن استهداف الطائرات المُسيّرة للأطفال بعد القصف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية امرأتان تشربان الشاي في الهواء الطلق بمقهى شمال طهران (أ.ب)

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

ستتلقى النساء الإيرانيات اللاتي يقاومن ارتداء الحجاب، العلاجَ في عيادة متخصصة للصحة العقلية في طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا صورة جرى توزيعها في يناير 2024 لنساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

شهادات «مروعة» لناجيات فررن من الحرب في السودان

نشرت «الأمم المتحدة»، الثلاثاء، سلسلة من شهادات «مروعة» لنساء وفتيات فررن من عمليات القتال بالسودان الذي يشهد حرباً منذ أكثر من عام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

هوكستين «المتفائل» في تل أبيب يحتاج إلى جولات إضافية لإحكام الاتفاق مع لبنان

هوكستين خلال اجتماعه مع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي (وزارة الدفاع)
هوكستين خلال اجتماعه مع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي (وزارة الدفاع)
TT

هوكستين «المتفائل» في تل أبيب يحتاج إلى جولات إضافية لإحكام الاتفاق مع لبنان

هوكستين خلال اجتماعه مع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي (وزارة الدفاع)
هوكستين خلال اجتماعه مع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي (وزارة الدفاع)

على الرغم من اللقاءات الكثيرة التي أجراها، آموس هوكستين، مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، في تل أبيب يومي الأربعاء والخميس، والأجواء الإيجابية المتفائلة التي يبثها فريقه، يشير الضالعون بأسرار هذه المحادثات إلى أن المفاوضات الحقيقية يجريها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في قناتين أخريين؛ الأولى مع رفاقه في اليمين الحاكم، والثانية مع فريق الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب.

وأجرى هوكستين في تل أبيب محادثات لأربع ساعات مع نتنياهو، ثم مع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي في وزارة الدفاع، وذلك غداة وصوله من لبنان، إذ ناقش مع المسؤولين اللبنانيين بنوداً معدلة في الورقة الأميركية لوقف إطلاق النار.

وواكبت تل أبيب التعديلات اللبنانية، بتأكيد مسؤول إسرائيلي في إحاطة صحافية، أن «حرية عمل الجيش الإسرائيلي لمهاجمة وجود (حزب الله) جنوب الليطاني، سيتم الحفاظ عليها إذا جرى رصد تهديد ضد إسرائيل». وذكرت تقارير إسرائيلية أن «هناك مخالفات أخرى، مثل إعادة تأسيس تشمل إنشاء مستودعات أسلحة»، مشيرة إلى أنه «سيتم عرض المواقع القتالية والمخابئ تحت الأرض على اللجنة الدولية التي سيتم تشكيلها لتنفيذ الاتفاق».

وعلى مستوى القناتين اللتين يعتمدهما نتنياهو، ذكرت تقارير صحافية إسرائيلية أن المبعوثين الذين يصلون من مقر ترمب تباعاً إلى إسرائيل، يؤكدون تأييدهم لجهود هوكستين، ويطلبون من نتنياهو إنجاز الاتفاق مع لبنان في أقرب وقت، وهناك من يقول إنهم حددوا له مدة أسبوعين. وهو غير معني بخلاف أو صدام مع ترمب من بداية الطريق.

أما المقربون منه فيؤكدون أنه معني بإرضاء الرئيس الجديد، حتى يكسب تأييده في الجبهات الأخرى، أي فرض السيادة على مستوطنات الضفة الغربية، وتخفيف الضغط عليه لوقف الحرب في غزة والجبهة الرئيسة مع إيران.

وحتى لو اقتنع نتنياهو ووافق على الاتفاق مع لبنان، فإنه يحتاج إلى موافقة حلفائه في اليمين المتطرف. ووفق آخر الاستطلاعات، الذي نشرته «القناة 12»، فإن 51 في المائة من الجمهور بات يؤيد وقف إطلاق النار مع لبنان، ولكن هذه النسبة تنقلب عندما يجري الحديث عن جمهور مصوتي نتنياهو وائتلافه الحاكم. فهناك 25 في المائة فقط يؤيدون الاتفاق مع لبنان، ويعارضه 55 في المائة. ويحتاج نتنياهو للتظاهر أمامهم بأنه قاوم الإدارة الأميركية وقيادة الجيش الإسرائيلي ولم يوافق على الاتفاق إلا بعد معارك شديدة، وأنه أخضع «حزب الله»، وفرض عليه شروطاً قاسية.

وهو يقول إن الاتفاق المقترح يتحدث عن تجربة 60 يوماً، فإذا لم تنجح هذه التجربة في وقف عمليات «حزب الله» تماماً وفي إبعاده عن الجنوب إلى شمال الليطاني، فإن الجيش الإسرائيلي سيعود إلى القتال. وستكون الظروف عندها أفضل لإسرائيل، إذ يكون الرئيس جو بايدن قد أخلى البيت الأبيض، وحل محله الصديق ترمب، الذي أعلن أنه سيقف مع إسرائيل في السراء والضراء.

وفي هذه الأثناء، يواصل هوكستين بث روح التفاؤل، بعد لقاءاته مع نتنياهو التي سبقها بلقاءين مع وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، الذي يُعدّ أقرب الناس إلى نتنياهو. وحصل تقدم آخر في المحادثات، وفق هوكستين، وأنه يحتاج إلى بضع جولات أخرى لإحكام بنود الاتفاق.

ووفق مصادر إسرائيلية، فإن نقاط الاختلاف المركزية التي بقيت عالقة، هي موضوع تحديد حق إسرائيل في العمل في أعقاب خرق الاتفاق، والتدخل الأميركي في الإشراف على تنفيذه. فإسرائيل تصر على هذا الحق وممارسته بشكل فوري حال اكتشاف خلية لـ«حزب الله»، أو غيره، تنوي اجتياز الليطاني لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل، واللبنانيون يرفضون. فوجد هوكستين صياغة مرضية يستطيع كل طرف منهما ابتلاعها، تقول: «إن إسرائيل تتريث وتبلغ لجنة المراقبة، فإذا تمكن الجيش اللبناني من معالجة الأمر تنتهي القضية، وإذا لم ينجح، تتدخل إسرائيل ساعتئذ. ولكي يقبل (حزب الله) بهذه الصيغة، تحدثوا ليس عن حق تدخل، بل عن (حق الدفاع عن النفس لكل طرف من الطرفين)».

وقال مصدر سياسي في تل أبيب، الخميس، إن هذا الاتفاق محفوف بكثير من المخاطر، ويُشبه الدخول إلى حقل ألغام. لكن، لا بد مما ليس منه بد، فهو ضروري وحيوي، ويحتوي أيضاً على مؤشرات إيجابية كثيرة، ومن شأنه أن يسهم في حل عقد السياسة اللبنانية برمتها، فهو يحوي في طياته آمالاً حقيقية بعودة سكان الشمال الإسرائيلي النازحين إلى بيوتهم آمنين. فإذا أضيف هذا كله إلى حقيقة أن الجيش الإسرائيلي حقق مكاسب كبيرة في الحرب، فهو قام بتصفية معظم القيادة العليا السياسية والعسكرية في الحزب في الأشهر الأخيرة، وفي مقدمتهم حسن نصر الله، وتم تدمير جزء كبير (70 – 80 في المائة) من قوة نيرانه وقياداته الميدانية. (عدد الإصابات في صفوفه تجاوز حسب تقدير الجيش الإسرائيلي الـ3 آلاف قتيل و11 ألف جريح).

ولكن الجبهة الإيرانية تبقى أمراً مبهماً يُثير قلق الإسرائيليين، فإيران تُعد اللاعب الأكثر أهمية من وراء الكواليس. فلم يكن صدفة أنها -حتى قبل وصول هوكستين- أرسلت إلى بيروت مبعوثاً آخر؛ الشخصية الإيرانية الرفيعة علي لاريجاني، مبعوث الزعيم الأعلى علي خامنئي. ووفق الإسرائيليين، فإيران قامت بحساب أوسع، وبالنظر إلى الإمام، قبل عودة ترمب إلى البيت الأبيض. فهي تخشى من خط أميركي متصلب أكثر في عهده. وتريد التوصل إلى اتفاق يقلص العقوبات على اقتصادها المتعثر، ويرفع تهديد هجوم عسكري مقابل وقف تقدم المشروع النووي. في إطار ذلك، جرى جس نبض من جانبهم تجاه الإدارة الجديدة، وهكذا تزداد الإشارات إلى أنه في هذا الإطار تبدو إيران مستعدة لكبح «حزب الله» كي تنقذ ما تبقّى من قوتها العسكرية، وفي محاولة لحل المواجهة حول المشروع النووي.