«العفو الدولية»: تعرض متظاهرين معتقلين في إيران للاغتصاب

عشرات يحتجون في طهران على موت الشابة مهسا أميني في 19 سبتمبر 2022 (رويترز)
عشرات يحتجون في طهران على موت الشابة مهسا أميني في 19 سبتمبر 2022 (رويترز)
TT

«العفو الدولية»: تعرض متظاهرين معتقلين في إيران للاغتصاب

عشرات يحتجون في طهران على موت الشابة مهسا أميني في 19 سبتمبر 2022 (رويترز)
عشرات يحتجون في طهران على موت الشابة مهسا أميني في 19 سبتمبر 2022 (رويترز)

اتهم تقرير دولي عناصر الأمن الإيراني باللجوء إلى الاغتصاب وغيره من أعمال العنف الجنسي ضد نساء ورجال اعتُقلوا في إطار الحملة الأمنية ضد الاحتجاجات التي اندلعت في سبتمبر (أيلول) 2022.

وأكدت «منظمة العفو الدولية»، الأربعاء، في تقرير أنها وثّقت 45 حالة اغتصاب أو اغتصاب جماعي أو عنف جنسي ضد المتظاهرين. ونظراً إلى أن الحالات مسجّلة في أكثر من نصف المحافظات الإيرانية، فقد أعربت عن خشيتها من أن هذه الانتهاكات الموثّقة تبدو جزءاً من «نمط أوسع»؛ وفق ما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنييس كالامار، إن «بحوثنا تكشف عن كيفية استخدام عناصر المخابرات والأمن في إيران الاغتصاب وغيره من ضروب العنف الجنسي لتعذيب المحتجين؛ بمن فيهم أطفال لا تتجاوز أعمارهم 12 عاماً».

وأشارت المنظمة، التي تتخذ في لندن مقراً، إلى أنها أطلعت السلطات الإيرانية على النتائج التي توصلت إليها في 24 نوفمبر (تشرين الثاني)، «لكنها لم تتلقَّ أي رد حتى الآن».

اندلعت الاحتجاجات في إيران في سبتمبر (أيلول) 2022 بعد وفاة مهسا أميني (22 عاماً) بينما كانت محتجزة لدى الشرطة. تقول عائلتها إنها قتلت بضربة على الرأس.

وبعدما أحدث هزّة في أوساط السلطة الإيرانية، تراجع زخم الحراك بحلول أواخر العام ذاته في مواجهة حملة أمنية عنيفة أودت بحياة المئات؛ وفق ناشطين حقوقيين، وجرى في إطارها توقيف الآلاف؛ وفق الأمم المتحدة.

«شهادات مرعبة»

أفادت منظمة العفو بأن 16 من الحالات الـ45 الموثّقة في التقرير كانت لاغتصاب أشخاص؛ 6 نساء و7 رجال وفتاة عمرها 14 عاماً، وفَتَيان في سن 16 و17 عاماً. وتعرّض 6 منهم (4 نساء ورجلان) للاغتصاب الجماعي من جانب عدد من العناصر الذكور، وفق المنظمة.

ولفتت إلى أن الاعتداءات الجنسية ارتُكبت من قبل عناصر من «الحرس الثوري» وقوة «الباسيج» وعناصر من وزارة المخابرات، فضلاً عن فروع مختلفة من قوات الشرطة.

وأوضحت أن اغتصاب النساء والرجال جرى «بواسطة هراوات خشبية ومعدنية، وقنانٍ زجاجية، و خراطيم مياه، و(...)».

وإضافة إلى ضحايا الاغتصاب الـ16، أفادت المنظمة بأنها وثّقت 29 حالة لأشخاص تعرضوا لأشكال أخرى من العنف الجنسي مثل «الإمساك بثُدي وأعضاء الناجيات والناجين التناسلية وأردافهم وتَحسُّسها، وضربهم ولكمهم وركلهم عليها؛ وإرغامهم على التعري، أحياناً أمام كاميرات الفيديو؛ وصعق خُصى الرجال بالصدمات الكهربائية (..) أو وضع ثلج عليها».

وذكرت منظمة العفو أنها جمعت الشهادات عبر مقابلات أجرتها مع الضحايا وغيرهم من الشهود عن بعد وعبر منصات اتصال آمنة.

وقالت كالامار: «تشير الشهادات المرعبة التي جمعناها إلى وجود نمط أوسع في ما يخص استخدام العنف الجنسي سلاحاً مهماً في ترسانة قمع الاحتجاجات وإسكات أصوات المعارضة، المتوفرة لدى السلطات الإيرانية؛ للتمسك بالسلطة مهما كان الثمن».

«حتى الحيوانات لا تفعل ذلك»

أفادت امرأة عرّفت عن نفسها باسم «مريم» فحسب، أُوقفت واحتُجزت لمدة شهرين بعدما نزعت حجابها خلال مظاهرة، منظمة العفو بأنها تعرّضت للاغتصاب من قبل عنصرين خلال التحقيق.

وقالت إن المحقق «نادى شخصين آخرين للدخول وقال لهما (حان الوقت). بدأوا تمزيق ملابسي. كنت أصرخ وأترجاهم بأن يتوقفوا».

وأضافت؛ وفق ما نقلت عنها منظمة العفو: «اغتصبوني بشكل عنيف (...) حتى الحيوانات لا تفعل ذلك».

بدوره، أفاد رجل يدعى «فرزاد» المنظمة بأن عناصر بلباس مدني اغتصبوه جماعياً داخل مركبة تابعة للقوات الخاصة إلى جانب متظاهر آخر يدعى «شاهد». علماً بأنه تم إطلاق سراحه بعد أيام عدة من دون توجيه أي اتهامات له.

تفيد منظمة العفو بأن معظم الضحايا لم يتقدموا بشكاوى عن تعرّضهم للاعتداءات خشية تعرضهم لعواقب أخرى، بينما تم تجاهل أولئك الذين أبلغوا النيابة.

وفي هذا الصدد، أكدت كالامار أنه «من دون وجود إمكانية لإقامة العدل محلياً، فإنه يترتب على المجتمع الدولي واجب الوقوف إلى جانب الناجيات والناجين والسعي لتحقيق العدالة».


مقالات ذات صلة

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

المشرق العربي السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

أعلنت وزارة الكهرباء العراقية الأحد عن فقدان منظومة الكهرباء لـ5500 ميغاواط بسبب توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل.

فاضل النشمي (بغداد)
شؤون إقليمية صورة نشرتها وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» لعلي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني

علي لاريجاني: إيران تجهز الرد على إسرائيل

قال علي لاريجاني، أحد كبار مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، اليوم (الأحد)، إن طهران تجهز لـ«الرد» على إسرائيل.

شؤون إقليمية صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي

إيران وأوروبا تجتمعان لمحادثات نووية في جنيف الجمعة

تعتزم إيران إجراء محادثات نووية مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي يوم 29 نوفمبر (تشرين الثاني) في جنيف.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية رجل شرطة روسي يقف حارساً عند قبر الجندي المجهول في حديقة ألكسندر خارج الكرملين بموسكو (إ.ب.أ)

طهران تحتج بعد توقيف «عنيف» لطالبَين إيرانيَين في روسيا

احتجت إيران، الحليف الوثيق لموسكو، لدى السلطات الروسية بعد عملية توقيف «عنيفة» لطالبَين إيرانيين في مدينة قازان الروسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

توقع مسؤول إيراني بارز تغيّر المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)

نتنياهو «ينتقم» من ماكرون في لبنان

صورة لنتنياهو وماكرون خلال اجتماعهما بالقدس في أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
صورة لنتنياهو وماكرون خلال اجتماعهما بالقدس في أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو «ينتقم» من ماكرون في لبنان

صورة لنتنياهو وماكرون خلال اجتماعهما بالقدس في أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
صورة لنتنياهو وماكرون خلال اجتماعهما بالقدس في أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن الموقف الإسرائيلي الرافض لمشاركة فرنسا في لجنة المراقبة على تنفيذ اتفاق الهدنة المتبلور مع لبنان، يعود إلى سلسلة ممارسات فرنسية أزعجت إسرائيل في الآونة الأخيرة، وفي مقدمتها انضمام القاضي الفرنسي في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي إلى بقية القضاة ليصدروا بالإجماع قرارهم إصدار مذكرة اعتقال ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.

وقالت هذه المصادر إن الحكومة الإسرائيلية تتابع بقلق الدور الفرنسي في محكمة لاهاي. وتشير إلى قيام المحامي الفرنسي المخضرم جيل ديفرز بقيادة فريق من 300 محامٍ دولي من مختلف الجنسيات تطوعوا لتقديم التماس إلى المحكمة الجنائية الدولية يتهم إسرائيل بـ«ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية»، ثم جاء قرار المحكمة قبول طلب المدعي العام بإصدار مذكرة الاعتقال.

وبحسب صحيفة «معاريف»، فإنهم «في إسرائيل يقدرون أن القاضي الفرنسي في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي الذي وقّع على أمر الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت، ما كان ليتجرأ على فعل ذلك دون أن يكون تلقى ضوءاً أخضر وإسناداً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنفسه».

وتضيف المصادر الإسرائيلية أسباباً أخرى للغضب على فرنسا، مثل قرار الحكومة الفرنسية إقصاء الصناعات الأمنية الإسرائيلية عن المشاركة في معارض السلاح الفرنسية، في مطلع الشهر الجاري.

نتنياهو وماكرون (رويترز)

ومع أن فرنسا كانت قد وقفت إلى جانب إسرائيل في مواجهة هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وساندتها بقوة في الحرب الانتقامية على قطاع غزة، واستجابت لطلب إسرائيل وامتنعت حتى الآن عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية؛ فإن الحكومة الإسرائيلية لا تكتفي. وتريد لفرنسا أن تسلك طريق الولايات المتحدة وتقدم دعماً أعمى لها في حربها. وهي تشعر بثقة غير عادية بالنفس، أن «تعاقب» فرنسا، فتقرر ألا تسمح لها بالمشاركة في التسوية في لبنان، مع العلم أن الحكومة الإسرائيلية نفسها كانت قد توجهت عدة مرات إلى باريس تتوسل تدخلها، خصوصاً خلال الحرب على لبنان.

حوار هامس بين ماكرون وميقاتي اللذين تجمعهما علاقة قوية (إ.ب.أ)

يُذكر أن الإسرائيليين ما زالوا ينظرون بتفاؤل إلى جهود المبعوث الأميركي عاموس هوكستين، لوقف النار في لبنان. وينتظرون قراراً من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يحسم فيه موقفه النهائي. فهو ما زال يدير محادثات مع رفاقه وحلفائه في اليمين المتطرف الرافضين للاتفاق والذين يطالبون بألا يسمح بعودة المواطنين اللبنانيين إلى قراهم على الحدود مع إسرائيل، وتحويل الحزام الأمني إلى منطقة خالية من السكان إلى الأبد وزرعها بالألغام.

محادثات هوكستين

ومع ذلك، فإن مصادر سياسية ادعت أن ما يعوق الاتفاق حتى الآن هو لبنان. ووفقاً لما نقلته «القناة 12» الإسرائيلية، فإن هوكستين أبدى «موقفاً حازماً وغير متهاون» خلال محادثاته مع الجانب اللبناني؛ إذ قدّم شروطاً واضحة نُقلت إلى «حزب الله»، وهو ما قالت القناة إنه «أدى إلى إحراز تقدم ملحوظ» في المحادثات.

وتوقعت جهات إسرائيلية أن يتم التوصل إلى اتفاق خلال أيام. وأفادت القناة بأن هوكستين قال في محادثات مغلقة مع مسؤولين إسرائيليين، خلال زيارته الأخيرة إلى تل أبيب التي وصل إليها قادماً من بيروت بعد محادثات مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي: «وضعت أمامهم (في إشارة إلى المسؤولين اللبنانيين) إنذاراً نهائياً، ويبدو أنه كان فعّالاً».

عقبة إيران

لكن القناة أكدت أنه على الرغم من «الأجواء الإيجابية»، فإن مصادر دبلوماسية وصفتها بـ«المطلعة»، تشير إلى «عقبة رئيسة ما زالت قائمة»، وهي أن «لبنان لم يحصل بعدُ على الموافقة النهائية المطلوبة من إيران التي تملك نفوذاً كبيراً على (حزب الله)».

وضمن التطورات الأخيرة، زار قائد القيادة الوسطى الأميركية (سنتكوم) الجنرال مايكل كوريلا، إسرائيل، الجمعة، وعقد اجتماعاً مع رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هليفي. وناقش الطرفان تفاصيل آلية رقابة أميركية على أنشطة الجيش اللبناني.

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي من لقاء كوريلا وهليفي في تل أبيب

ووفقاً لمسودة الاتفاق الجاري إعدادها، سيتعين على الجيش اللبناني تنفيذ عملية شاملة لإزالة الأسلحة من قرى جنوب لبنان، على أن تتولى قوات تابعة للقيادة الوسطى الأميركية (سنتكوم)، مهمة «الإشراف على تنفيذ العملية ومراقبتها». وفي الوقت الذي تسير فيه المحادثات الدبلوماسية، يستمر الجيش الإسرائيلي في ممارسة ضغوط عسكرية عبر تكثيف الغارات الجوية ومحاولة توسيع عملياته البرية في إطار توغل قواته جنوب لبنان، كما أصدر هليفي تعليماته بمواصلة إعداد خطط عملياتية شاملة.

سيناريوهات

وقالت «القناة 12» إن ذلك يأتي في ظل الاستعدادات الإسرائيلية لإمكانية «انهيار المفاوضات أو خرق الاتفاق من جانب (حزب الله)». وأفادت بأن الجانب الإسرائيلي يرى أن «هذه السيناريوهات قد تستدعي تنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي اللبنانية». وذكرت القناة أن «إحدى القضايا التي لا تزال بحاجة إلى حلّ، هي تشكيل اللجنة التي تشرف على تنفيذ الاتفاق بين إسرائيل ولبنان»، مشيرة إلى أن تل أبيب «تصرّ على ألّا تكون فرنسا جزءاً من الاتفاق، ولا جزءاً من اللجنة التي ستشرف على تنفيذه».