أصوات إسرائيلية تشكك في جدوى حرب هدفها الانتقام والثأر

طالبت الحكومة بالنزول عن سقف أهدافها العالي والعودة للأسرى

جنود إسرائيليون يتجمعون قرب دباباتهم في موقع مُحاذ للحدود مع قطاع غزة جنوباً السبت (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يتجمعون قرب دباباتهم في موقع مُحاذ للحدود مع قطاع غزة جنوباً السبت (إ.ب.أ)
TT

أصوات إسرائيلية تشكك في جدوى حرب هدفها الانتقام والثأر

جنود إسرائيليون يتجمعون قرب دباباتهم في موقع مُحاذ للحدود مع قطاع غزة جنوباً السبت (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يتجمعون قرب دباباتهم في موقع مُحاذ للحدود مع قطاع غزة جنوباً السبت (إ.ب.أ)

في الوقت الذي تُسابق فيه الحكومة الإسرائيلية وأجهزتها الأمنية المختلفة الزمن لإحداث أكبر تدمير في قطاع غزة، للضغط على قيادة «حماس» حتى تستسلم، تتصاعد المطالب في الساحتين السياسية والإعلامية، بوقف الحرب والتفتيش عن طريقة تنزل فيها عن سقف أهدافها العالي وتضع قضية الأسرى في رأس سُلّم الاهتمام وتعود إلى طاولة المفاوضات.

ولم يتردد أحد كُتاب المقال الافتتاحي بصحيفة «يديعوت أحرونوت»، ناحوم بارنياع، في التلميح بأن ما يحكم خطط الجيش الإسرائيلي في استئناف الحرب، ووضع هدف باجتياح خان يونس دون خطة لليوم التالي، هو استمرار عملية الانتقام والثأر، وليس ضمن خطوة تستهدف خدمة استراتيجية.

وأشار، في مقاله، الأحد، إلى قرب نفاد دعم دول الغرب، بما فيها الولايات المتحدة، فقال: «من المشكوك فيه أن يكون لإسرائيل أكثر من أسبوعين للقتال، وأن يكون ممكناً خلالهما تحقيق الأهداف الواسعة التي أعلنت عنها القيادة السياسية في بداية الحرب. فحماس يجب أن تتلقى ضربة تنزع عنها قدراتها، لا جدال على هذا، والجيش الإسرائيلي لا يمكنه أن يقفز عن معقل الإرهاب في خان يونس. لكن لن يكون هناك نصر، ومن الأفضل تخفيض مستوى التوقعات، والتوجه بأسرع ما يمكن إلى مسيرة التعافي والترميم، أولاً وقبل كل شيء لإعادة المخطوفين».

وكتب بن درور يميني، وهو أيضاً أحد كُتاب الافتتاحية بهذه الصحيفة، يؤيد تصفية قدرات «حماس»، ويقول إن الجيش الإسرائيلي يلجأ الآن إلى الطريقة السوفياتية في حرب الشيشان الأولى، التي تُعرَف باسم «استراتيجية الشاكوش»، التي تدكُّ فيها بلاد العدو بالقصف من بعيد.

ويضيف: «هذه الاستراتيجية حققت دماراً مَهولاً في الشيشان، لكنها لم تحقق النصر لروسيا، لذلك يجب عدم الوقوع في الأوهام، ويجب الاعتراف بأن إسرائيل لم تحقق كثيراً من الإنجازات، ولم تُحدث الانعطاف المنشود، ربما تمكّنّا من قتل 5 آلاف عنصر من حماس، ومن كشف قسم من الأنفاق وتدميرها، وتدمير 10 في المائة على الأقل من بيوت غزة. لكن من المشكوك فيه أن يُحسب هذا إنجازاً، وها هما حماس والجهاد يثبتان حضوراً قوياً في شمال غزة، ومن آنٍ لآخر نسمع عن مقاومة، لذلك علينا الاستيقاظ».

تحذير يميني

وحتى في صحيفة اليمين الإسرائيلي، المناصرة لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، «يسرائيل هيوم»، دعوة للحذر من السقف العالي للأهداف. ويكتب البروفسور أيال زيسر أنه «من الأفضل أن تقول القيادة للجمهور الحقيقة، ما هو الممكن وما هو غير الممكن أن تحققه في عملية عسكرية، نظراً للظروف الدولية والأضرار الاقتصادية والأمنية».

ويتابع: «إذا كنا سنصدّق تصريحات القادة في الحكومة وفي قيادة الجيش، فإن حرباً طويلة لا تزال أمامنا، وستتواصل بكل التصميم حتى حسم تصفية القدرات العسكرية لحماس، وقدرتها على الحكم في القطاع. بَيْد أن التصريحات العالية في جهة، والواقع على الأرض في جهة أخرى، وهذا ليس مجرد شك، بل هو انطباع آخذٌ في التعزيز، في أن جولة المواجهة الحالية بين إسرائيل وحماس التي بدأت في أعقاب حملة القتل التي قام بها مُخرّبو المنظمة في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، تقترب من نهايتها، ورغم استئناف الحرب في نهاية الهدنة، يدور الحديث عن نهاية رمزية ومحدودة، وليس خطوة تستهدف الوصول إلى الحسم».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اجتماعه الخميس مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في القدس (إ.ب.أ)

ويشكك زيسر حتى في الموقف الأميركي المساند لإسرائيل، فيقول: «تُعانقنا الولايات المتحدة عناقاً حارّاً، لكنها تلعب وتقيد أيضاً، كتلك المطالب التي تأتي من الرئيس بايدن لإسرائيل بأن (تمتنع عن اقتلاع السكان من بيوتهم في المعركة التي تخطط لها في القطاع). معنى الطلب هو الامتناع عن عملية برية ذات مغزى في جنوب القطاع، حيث لا تزال تسيطر حماس، كما أن الأميركيين يريدون أن نخرج من شمال القطاع ونكتفي بعمليات خاصة موضعية ومحدودة ضد أهداف حماس، لكن الأميركيين أيضاً يعرفون، ولسببٍ ما يفضلون أن يَنسوا ويُنسوا الآخرين، أن القتال البري فقط، واحتلال أهداف العدو فقط، أديا إلى تصفية داعش وليس إلى أي شيء آخر. إن الرسائل التي تصل من الولايات المتحدة تقع على آذان منصتة، وأساساً لدى الذين يعتقدون أنه من الأفضل أن نتوقف قبل أن نغرق في الوحل الغزّي مع حلول الأمطار وفي ضوء القتال المتوقع في الأزقة وفي مخيمات اللاجئين ضد مُخرّبي حماس. وإذا وصلت الأمور إلى هذا، فبانتظارنا حالة أليمة. لماذا غرست القيادة الإسرائيلية في الجمهور أوهاماً عابثة عن أهداف المعركة، والآن تهدئه وتُنيمه قبل النهاية. من الأفضل أن تقول للجمهور الحقيقة، ما هو الممكن وما هو غير الممكن، برأيها، أن تحققه في عملية عسكرية».

فلسطينيون يتفقدون مبنى متضرراً في أعقاب الغارات الجوية الإسرائيلية على خان يونس جنوب غزة، الأحد (أ.ب)

تحديات المدنيين

وفي صحيفة «معاريف»، يكتب المراسل العسكري، طال ليف رام، أن «الجداول الزمنية الضيقة لا تغير التقديرات بأنه من أجل هزيمة حماس وتفكيك قدراتها العسكرية تماماً، يحتاج الجيش الإسرائيلي إلى أشهر طويلة أخرى، ففضلاً عن إنهاء المهامّ في شمال القطاع، فإن خان يونس، مخيمات اللاجئين في وسط القطاع، وبالطبع مدينة رفح، هي التحديات التالية التي لا تزال بانتظار الجيش الإسرائيلي. فالمعركة على خان يونس كفيلة هي فقط بأن تتواصل لأسابيع طويلة أخرى، بحيث يحتمل أن تجد إسرائيل نفسها في وضع يكون فيه استمرار المعركة في قطاع غزة ظاهراً؛ ليس ضمن تعريف الحرب، بل سيجري في نموذج مُشابه لحملة السور الواقي (التي استغرقت سنتين ونصف السنة)».

ويضيف: «في جنوب القطاع سيعمل الجيش في نموذج آخر لتحريك السكان لا يوجد له مثيل تاريخي مُشابه في العالم، حين قسم قطاع غزة إلى مئات المناطق والمربعات، ومواطنوه يتلقّون تعليمات إلى أين يتعين عليهم أن يتوجهوا، من خلال خرائط رقمية تصل إلى الهاتف النقال.

مدنيون يفرّون من خان يونس في جنوب قطاع غزة بعد أن دعا الجيش الإسرائيلي الناس إلى مغادرة مناطق معينة في المدينة الأحد (أ.ف.ب)

إن تحديث إخلاء السكان في الضواحي الشرقية لخان يونس، وفي خربة خزاعة وعبسان الصغيرة والكبيرة وبني سهيلة، هي أكثر من تلميح بالمعارك المتوقعة في هذه المناطق خلال الأيام المقبلة، وسيتبقى فيها، أغلب الظن، كثير من المدنيين، وهو بمثابة تحدٍّ كبير للجيش، حين ستحاول حماس جرّ إسرائيل إلى فخاخ المس الجماعي بالمدنيين، إذ إنها واعية جداً للضغط الدولي المتزايد على إسرائيل، وخصوصاً من الجانب الأميركي».


مقالات ذات صلة

حرب غزة: أكثر من 7 آلاف مجزرة إسرائيلية... و1400 عائلة مُحيت من السجلات

المشرق العربي صبي جريح يجلس في مستشفى شهداء الأقصى عقب تعرضه للإصابة في غارة جوية إسرائيلية في مخيم البريج وسط غزة (إ.ب.أ)

حرب غزة: أكثر من 7 آلاف مجزرة إسرائيلية... و1400 عائلة مُحيت من السجلات

أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن «قوات الاحتلال ارتكبت 7160 مجزرة بحق العائلات الفلسطينية في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر».

«الشرق الأوسط» (غزة)
أوروبا فلسطينية نازحة تحمل أمتعتها أثناء فرارها من بيت لاهيا في شمال قطاع غزة سيراً على الأقدام بطريق صلاح الدين (أ.ف.ب)

وزراء خارجية «الأوروبي» يناقشون خطة وقف المباحثات السياسية مع إسرائيل

من المقرر أن يقترح مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل تعليق الحوار السياسي مع إسرائيل بسبب حربها في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الخليج جددت السعودية رفضها القاطع لمواصلة الاحتلال الإسرائيلي استهداف المدنيين والوكالات الإغاثية والإنسانية (د.ب.أ)

السعودية تدين وتستنكر الاستهداف الإسرائيلي لمدرسة أبو عاصي في غزة

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن إدانة السعودية بأشد العبارات مواصلة قوات الاحتلال الإسرائيلية استهدافها الممنهج لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
سينما الممثلة التونسية درة وعلى يمينها حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي مع أبطال فيلم «وين صرنا؟» خلال عرضه الأول في المهرجان أمس (إكس)

«وين صرنا؟»... التجربة الإخراجية الأولى للتونسية درة تلفت الأنظار

لفتت الأنظار التجربة الإخراجية والإنتاجية الأولى للممثلة التونسية درة زروق، بفيلم عن عائلة غزوية نزحت بسبب الحرب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي يقف رجلان بجانب شاحنة مساعدات تابعة لبرنامج الغذاء العالمي تمر عبر معبر إيريز 11 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

هل التزمت إسرائيل بالمطالب الأميركية بشأن مساعدات غزة؟

المطالب الأميركية وردود تل أبيب وملاحظات منظمات الإغاثة والأمم المتحدة حول وصول المساعدات لغزة

«الشرق الأوسط» (الأمم المتحدة)

إيران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي (أرشيفية - وكالة مهر الإيرانية)
المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي (أرشيفية - وكالة مهر الإيرانية)
TT

إيران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي (أرشيفية - وكالة مهر الإيرانية)
المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي (أرشيفية - وكالة مهر الإيرانية)

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي في بيان اليوم (الأربعاء)، إن بلاده ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان.

جاء ذلك بعد دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران حيز التنفيذ صباح اليوم.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن، أعلن مساء الثلاثاء عن التوصل لهذه الهدنة ومدّتها 60 يوماً، مشيراً إلى أنّها تهدف «لأن تكون دائمة»، ومحذّراً من أنّه لن يُسمح «لما تبقّى من حزب الله (...) بتهديد أمن إسرائيل مرة أخرى».

وأتى إعلان الرئيس الأميركي بعيد تشديد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، على أنّ الاتفاق يتيح لجيشه «حرية التحرّك» في لبنان ويؤدي إلى «عزل حركة حماس» في قطاع غزة ويسمح للدولة العبرية بـ«التركيز على التهديد الإيراني».