في وقت زادت فيه الأقاويل في تل أبيب بأن الجيش الإسرائيلي سيبقى في الجنوب اللبناني بعد مضي 60 يوماً، أكدت مصادر سياسية أن مبعوث الرئيس الأميركي آموس هوكستين، سيصل إلى المنطقة بعد أسبوع ليطمئن إلى «تطبيق اتفاق وقف النار بين البلدين وفق النص». وقالت إن «هناك اتجاهاً في إسرائيل لتأجيل انسحاب قواتها بدعوى أن انتشار الجيش اللبناني في الجنوب اللبناني بطيء للغاية».
وربطت مصادر سياسية في تل أبيب ما بين هذا الانسحاب وبين انتخاب رئيس لبناني جديد، علماً بأن اللبنانيين سيباشرون الإجراءات لانتخاب رئيس في التاسع من الشهر المقبل. لكن الحجة «الأقوى» التي تستخدمها إسرائيل لتبرير عدم الانسحاب، هي جهود «حزب الله» لإعادة بناء نفسه.
وعد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس محاولات جمع تبرعات لتعويض العائلات التي أصيب منها أناس من جراء تفجير أجهزة «البيجر»، محاولة من «حزب الله» لإعادة ترميم قدراته التنظيمية. وقال كاتس، في بيان الاثنين: «سوف نقطع كل محاولاتهم لإعادة التأهيل، وستعمل يد إسرائيل الطويلة بكل الطرق لضمان سلامة مواطنينا»، معلناً فرض عقوبات.
وجاء القرار بعد توصية من سلطة «الحرب الاقتصادية ضد الإرهاب» (متال) التابعة للحكومة الإسرائيلية، وفي إطار الحملة الاقتصادية التي تقودها المؤسسة الأمنية في تل أبيب ضد «حزب الله».
ووفق البيان الإسرائيلي، أتاحت الحملة، التي أجريت على منصات تجنيد التمويل الجماعي المختلفة، إمكانية التبرع عن طريق بطاقات الائتمان، وبطاقات التحويلات المصرفية، وPayPal، التي تم في إطارها التبرع لـ«حزب الله» حتى الآن بعشرات آلاف الدولارات. وذكر البيان الإسرائيلي أن هذا التمويل استخدم فعلياً لتعزيز عناصر التنظيم، واستعادة قدراته العملياتية.
وذكر البيان الصادر عن وزير المالية أن «فرض العقوبات يشكل خطوة مهمة أخرى في الحرب الاقتصادية ضد (حزب الله) وغيره من المنظمات المسلحة، بهدف ثني الجمهور عن المشاركة في تمويل عملياتها. إن مثل هذه التصرفات تضر بمصادر تمويل المنظمة، التي توسعت بشكل كبير في السنوات الأخيرة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، ومنصات التمويل الجماعي».
وقد كشفت المصادر السياسية أن القيادات السياسية والأمنية الإسرائيلية أجرت في الأيام الأخيرة عدة مداولات حول إمكانية إبقاء وجود إسرائيلي في جنوب لبنان، حتى بعد انقضاء موعد اتفاق وقف النار. ووفق صحيفة «معاريف» فإن هذا التوجه ينبع من سببين أساسيين: الأول، الانتشار البطيء للجيش اللبناني في جنوب الدولة، والثاني كثرة ذخيرة «حزب الله» التي لا تزال تنكشف في المنطقة، مثلما هي أيضاً جهود المنظمة حتى الآن لإعادة تعاظم القوة بمساعدة إيرانية.
وادعت الصحيفة أن إسرائيل تلاحظ قيام «حزب الله» بممارسة ضغوط على الجيش اللبناني للامتناع عن «تسلم مواقع في جنوب لبنان لأجل ترك فراغ يملأ من قبل قوات المنظمة في المستقبل».
يُذكر أنه لم يصدر بعد قرار رسمي في إسرائيل بإبقاء قوات في جنوب لبنان، ولم يتوصل المسؤولون بعدُ لقرار مثل هذا. لكن النشر عن التوجه كان مقصوداً، حتى يسمعه اللبنانيون جيداً. وسيتواصل بحث الموضوع في الأسابيع القريبة المقبلة حتى انتهاء الموعد المقرر للاتفاق. وقد سمع بعض المسؤولين الإسرائيليين يتحدثون عن أن الانسحاب الإسرائيلي لن يتيح للجيش توفير الأمن والأمان لسكان بلدات الشمال الإسرائيلي، لأنه لم يستكمل حولها بعد بناء البنى التحتية، ومجالات الدفاع الجديدة التي تقررت.
يُذكر أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي دخل الأراضي اللبنانية المحتلة في نهاية الأسبوع، وصرّح من هناك بأن جيشه هزم «حزب الله» عسكرياً «بشكل واضح، ولكن لكي يكون النصر دائماً على المدى الطويل، يجب أن يكون كثير من السكان الإسرائيليين في شمال البلاد قد عادوا بأمان تام إلى بيوتهم وعادت السياحة والأشغال».
وقال بيان صدر عن الجيش الإسرائيليّ، مساء الأحد، إن هليفي قد أجرى «تقييماً للوضع في جنوب لبنان، مع قائد القيادة الشمالية، أوري غوردين، وقائد الفرقة 146 يفتاح نوركين، وقائد اللواء 300، وقادة آخرين».
وأشار مسؤول إسرائيلي إلى أن إمكانية إبقاء قوات الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان ستفحص مع الإدارتين الأميركيتين، الذاهبة والوافدة، لأن الموعد النهائي للانسحاب سيكون بعد تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب. وفي حالة موافقة واشنطن، فسيكون هناك احتمال لأن يؤدي خرق القرار الإسرائيلي محفزاً لخرق موازٍ للاتفاق من جانب «حزب الله» أيضاً، واستئناف الحرب على نطاق ضيق أو واسع.