طالب وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، الولايات المتحدة بوقف «النفاق»، وتحدى وزير الدفاع محمد رضا أشتياني إسرائيل في بلوغ أهدافها بقطاع غزة، على خلفية الحرب المتصاعدة بين الدولة العبرية وحركة «حماس».
وقال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان في منشور على منصة «إكس» إن البيت الأبيض «يفضل الاستمرار في كونه شريكاً في الجريمة، ومرافقة الكيان الإسرائيلي المنهار حتى لو كان الثمن مواجهة الرأي العام العالمي». وأضاف: «أكثر من 120 دولة طلبت وقف الحرب، الملايين في مختلف المدن بما في ذلك واشنطن، وفي الشارع دعماً لفلسطين، وإدانة جرائم الحرب».
وكتب في منشور آخر على منصة «إكس» أن أميركا تسعى إلى هدنة إنسانية منذ الأسبوع الماضي، وأضاف: «لقد تلقينا رسالتهم. ما يقولونه غير صحيح على الإطلاق»، دون أن يقدم تفاصيل.
آمریکا از هفته گذشته در صدد آتش بس انسانی بود. ما پیام آنها را دریافت کردیم، آنها «کاملا نادرست» می گویند. البته هم زمان بازی جنگ را علیه غزه و کرانه باختری فلسطین مدیریت میکنند. ریاکاری و نسلکشی علیه غزه را متوقف کنید.
— H.Amirabdollahian امیرعبداللهیان (@Amirabdolahian) November 6, 2023
وقال عبداللهيان إن الأميركيين «يديرون لعبة الحرب ضد غزة والضفة الغربية بالوقت نفسه»، وتابع: «أوقفوا النفاق والإبادة ضد سكان غزة».
وجاء منشور عبداللهيان بعد ساعات من لقاء رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، بالمرشد علي خامنئي والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وذلك غداة زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى بغداد.
وانتقد خامنئي ورئيسي المواقف الأميركية، خلال لقائهما برئيس الوزراء العراقي الذي حمل رسالة أميركية إلى طهران على ما يبدو.
وجهاً لوجه
ومع تصاعد الحرب الكلامية بين إيران وإسرائيل، تعرضت القوات الأميركية في العراق وسوريا لهجمات شبه يومية منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) من جماعات مسلحة يرعاها «الحرس الثوري» الإيراني، ما أدى إلى شن ضربات جوية أميركية الأسبوع الماضي على منشأتين غير مأهولتين لتخزين الأسلحة في سوريا.
وعلى وقع احتدام المعركة في قطاع غزة، تبادلت الولايات المتحدة وإيران، التحذيرات والرسائل عبر قنوات الاتصال بين الجانبين، ووصل الوضع بين الجانبين إلى حافة المواجهة العسكرية.
وبعث الرئيس جو بايدن «رسالة مباشرة» إلى المرشد الإيراني علي خامنئي يحذره فيها من أن أي هجوم على القوات الأميركية يهدد بتوسيع نطاق الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حماس».
وصرح بايدن في 26 أكتوبر خلال مؤتمر صحافي قائلاً: «تحذيري إلى آية الله هو أنه إذا واصلوا التحرك ضد تلك القوات، فسنرد، وعليه أن يستعد. ليس للأمر علاقة بإسرائيل».
وكان عبداللهيان قد أعلن، في 23 أكتوبر، عن تلقي رسالتين أميركيتين، من «محورين أساسيين، وأكدا أنهما لا يرغبان بتوسع الحرب، ويطالبان إيران بضبط النفس». وأضاف: «طلبا في بعض هذه الرسائل من إيران أن تدعو بعض الدول والمجاميع إلى ضبط النفس».
وفي كلمته أمام الجمعية العامة في نيويورك، في 26 أكتوبر، قال عبداللهيان إن الولايات المتحدة «لن تسلم من النار» إذا استمرت حرب غزة. وخلال الأيام الماضية، أغلق عبداللهيان الباب على الدعوات الأميركية لإيران بـ«ضبط النفس». وقال إنها «ليست في موضع لتوجيه تلك التوصيات».
وقال المسؤولون الأميركيون إن الولايات المتحدة سترد على أي هجمات «غير مقبولة» من جانب وكلاء إيران، وطالبت بوقفها. وركزت زيارة وزير الخارجية الأميركي إلى المنطقة هذا الأسبوع، على سبل منع توسع نطاق الحرب، في وقت نشرت فيه الولايات المتحدة حاملات طائرات وسفناً حربية وطائرات مقاتلة، وغواصة نووية وقوات إضافية بالآلاف في محاولة لردع إيران والجماعات التي تدعمها.
وفي المقابل، قال المسؤولون الإيرانيون، إن توسع الحرب «أمر لا مفر منه» إذا وسعت إسرائيل عملياتها البرية في قطاع غزة، وإن المنطقة ستصل إلى نقطة الغليان والانفجار في أي لحظة. ونأى المسؤولون بطهران عن اتخاذ القرار للجماعات المسلحة التابعة لها.
معادلات إقليمية
وفي سياق التصريحات النارية، قال وزير الدفاع، محمد رضا أشتياني، الثلاثاء، إن «إسرائيل لن تبلغ أياً من أهدافها في غزة». وأضاف: «دعم أميركا والغربيين لجرائم الكيان الصهيوني ستزيد من تعقيدات الوضع الأمني الإقليمي»، وفق ما أوردت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري».
ودعا أشتياني لدى استقباله السفير التركي حجابي كرلانغيج إلى اتخاذ «إجراءات عملية» بما في ذلك العقوبات الاقتصادية، ووقف تصدير الطاقة والوقود، والعقوبات الجوية من قبل الدول الإسلامية. وقال: «يجب على هذه الدول خصوصاً دول المنطقة، العمل بواجبها الشرعي والإنساني في هذا الخصوص، لاتخاذ مواقف حازمة ومنسقة».
وتربط تركيا وإسرائيل علاقات دبلوماسية وتجارية منذ سنوات، لكن أنقرة، استدعت سفيرها للتشاور السبت الماضي. وذلك بعدما أعلنت إسرائيل في وقت سابق من الشهر الماضي سحب كل طاقمها الدبلوماسي من تركيا في إجراء احترازي أمني.
تحول قطع العلاقات الاقتصادية بين دول المنطقة وإسرائيل إلى محور مواقف المسؤولين الإيرانيين بشأن غزة، بعدما أطلق المرشد الإيراني علي خامنئي الطلب في تصريحاته الأسبوع الماضي. وكرر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية على مدى الأيام الماضية هذا الطلب بأشكال مختلفة.
ولم يتأخر أمين عام «حزب الله» اللبناني، حسن نصر الله، في تكرار الطلب الإيراني حرفياً في خطابه الذي ألقاه الجمعة الماضي.
وبدوره، قال وزير الداخلية الإيراني، أحمد وحيدي، الثلاثاء، إن «أحداث غزة مؤشر على تغيير جذري في المعادلات الإقليمية». ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية قوله إن «أحداث (قطاع غزة) تدور في مساحة 350 كيلومتراً، لكنها أحدثت تغييرات ثقافية عميقة».
وأضاف وحيدي، وهو قيادي بارز في «الحرس الثوري» أن هذا التطور العميق في طور الإنشاء، ولا يقتصر على فلسطين، مؤكداً أن «التظاهرات في جامعات مثل هارفارد وأكسفورد تعد من تجليات هذا التطور».
ويعد وحيدي أحد أبرز المسؤولين الإيرانيين المتهمين في تدبير تفجير آميا، مركز الجالية اليهودية في الأرجنتين، في 1994. وكان وحيدي قائداً لـ«فيلق القدس» الذراع الخارجية في «الحرس الثوري».
فوضى مدمرة
وحذر السفير الإيراني لدى فيينا، عباس باقر بور، من أن أوروبا «لن تكون بمأمن مما يجري في قطاع غزة». وكتب على منصة «إكس» أن «ما نشهده في فلسطين، هو نظام دولي فاشل والأمم المتحدة المعطلة، وقانون دولي معيب». وقال: «هذا الوضع سيؤدي إلى فوضى مدمرة للنظام الأمني الجماعي».
في هذه الأثناء، قال عضو البرلمان الإيراني من محافظة همدان، النائب المتشدد أحمد حسين فلاحي لوكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» إن 142 مشرعاً إيرانياً «تطوعوا لإرسالهم إلى حرب غزة»، مضيفاً أن «نواباً آخرين لم يعلموا بالتسجيل، أعلنوا استعدادهم للتعاون والتطوع (للقتال)».
ونقل موقع «ديدبان إيران» الإخباري عن فلاحي، أحد رجال الدين في البرلمان، الأحد الماضي قوله إن «أغلب نواب البرلمان سبق أن تلقوا تدريبات عسكرية، وشاركوا في القتال بسوريا».
ونقلت وكالة «مهر» الحكومية، الثلاثاء، عن النائب جواد نيكبين وهو رجل دين أيضاً، أن «150 نائباً قدموا طلباً للقتال في غزة». ويضم البرلمان الإيراني 290 نائباً غالبيتهم من التيار المحافظ المتشدد.
وقبل يومين، قال النائب حسين جلالي، ممثل محافظة كرمان وهو من رجال الدين أيضاً إن خطوة النواب «رمزية وليس من المقرر أن تصبح عملية».
از تهران تا غزه فقط ۲۶۵۷ کیلومتر فاصله است. چمدانهایتان را ببندید، ما هزینه بلیط اتوبوس شما را پرداخت خواهیم کرد.It is only 2657 km from Tehran to Gaza. So start packing, we'll pay for your bus tickets. #IRGCterrorists pic.twitter.com/Bkde3wyOMj
— Alireza Akhondi (@AlirezaAkhondi) November 7, 2023
ومع ذلك، تهكم عضو البرلمان الأوروبي، النائب السويدي من أصل إيراني، علي رضا آخوندي من إعلان النائب الإيراني، وكتب على منصة «إكس»: «إيران تبتعد عن غزة 2657 كليومتراً فقط، احزموا حقائبكم، وسندفع ثمن تذكرة الحافلة التي تنقلكم».
«نار التشدد»
وقال وزير الخارجية الإيراني السابق، محمد جواد ظريف إن الشعب الإيراني «سئموا من دفع الثمن». وقال: «ليس هناك حاجة لدفع الثمن، يمكننا الدفاع عن الحق وفقاً للحل الذي ينص عليه الدستور الإيراني».
ونقل موقع «انتخاب» الإخباري عن ظريف قوله في ملتقى استضافته رابطة المحامين الإيرانيين، حول قطاع غزة، قوله: «إذا كان لدينا احتجاج على سياسة ما، فليس الحل أن نستبدل مكان الظالم والمظلوم». وقال: «الآن البلاد لديها سياسة معقولة، يجب ألا نصب الزيت على نار المتشددين باتخاذ مواقف متشددة». وقال: «المتشددون بحاجة إلى تشدد للاستمرار في الحياة».