طهران: هنية أطلع «المرشد» خامنئي على تطورات غزة

وزير الدفاع الإيراني حذّر أميركا من «ضرر بالغ»، إذا لم تتوقف الحرب

كلام الصورة: هنية يلتقي خامنئي في 21 يونيو الماضي (مكتب المرشد الإيراني)
كلام الصورة: هنية يلتقي خامنئي في 21 يونيو الماضي (مكتب المرشد الإيراني)
TT

طهران: هنية أطلع «المرشد» خامنئي على تطورات غزة

كلام الصورة: هنية يلتقي خامنئي في 21 يونيو الماضي (مكتب المرشد الإيراني)
كلام الصورة: هنية يلتقي خامنئي في 21 يونيو الماضي (مكتب المرشد الإيراني)

أطلع رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، المرشد الإيراني علي خامنئي، على التطورات في قطاع غزة والضفة الغربية، وذلك في وقت حذّرت فيه طهران الولايات المتحدة من تلقّي إضرار بالغة إذا لم تتوقف الحرب في قطاع غزة.

وذكرت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» أن خامنئي «أكد على سياسة طهران الثابتة في دعم قوى المقاومة الفلسطينية في مواجهة المحتلين الصهاينة» دون أن توضح موعد انعقاد الاجتماع.

وقال مكتب خامنئي في بيان رسمي إن «هنية أطلع المرشد آخِر التطورات وجرائم الكيان الصهيوني في غزة، وكذلك تطورات الضفة الغربية».

ونقلت رويترز عن التلفزيون الرسمي الإيراني «أشاد (خامنئي) بثبات سكان غزة وصمودهم، وعبر عن أسفه الشديد بسبب جرائم النظام الصهيوني المدعوم مباشرة من واشنطن وبعض الدول الغربية».

وقال البيان إن خامنئي «شدّد على ضرورة التحرك الجادّ من قِبل الدول الإسلامية والمجاميع الدولية، لتقديم الدعم الشامل والعملي من الحكومات الإسلامية لأهل غزة».

وجاء تأكيد مكتب خامنئي، بعدما نقلت وكالة «أرنا» الرسمية عن عثمان حمدان، ممثل حركة «حماس» في لبنان، قوله إن هنية سافر إلى العاصمة الإيرانية، «منذ بضعة أيام»، لإجراء محادثات.

وكان خامنئي قد دعا، الأسبوع الماضي، إلى وقف صادرات النفط والسلع الغذائية إلى إسرائيل. وتحوَّل هذا المطلب إلى «بيت القصيد» في المواقف التي وردت على لسان المسؤولين الإيرانيين، بمن في ذلك الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.

بدوره، دعا ممثل المرشد الإيراني في «المجلس الأعلى للأمن القومي»، سعيد جليلي، إلى دعم «المقاومة» بـ«القوى الناعمة»، وفق ما أوردت وكالة «إيسنا» الحكومية.

وقال جليلي: «إلى جانب القوة الصلبة للمقاومة، يجب على القوى الناعمة في العالم الإسلامي أن تعد قلوب وعقول شعوب العالم بأنه يمكن التعايش السلمي المقرون بالسلام والحرية دون قوى الغطرسة».

وقال وزير الدفاع الإيراني، محمد رضا أشتياني، الأحد، إن الولايات المتحدة «ستتعرض لضرر بالغ» إذا لم تُوقف الحرب في غزة. وقال أشتياني: «نصيحتنا للأميركيين هي أن يوقفوا الحرب في غزة فوراً، وينفّذوا وقف إطلاق النار، وإلا فسيتعرضون لضرر بالغ»، وفق ما أوردت وكالة «تسنيم»، التابعة لـ«الحرس الثوري».

وفي وقت سابق اليوم، نفى أشتياني، دعم إيران لهجمات جماعات «المقاومة» على القواعد الأميركية في المنطقة، قائلاً إن بلاده «لا تتدخل في قرارات هذه الجماعات».

وقال أشيتاني، لوكالة «إيسنا» الحكومية، إن «كل المجموعات الموجودة في مختلف البلدان الإسلامية تقرر بشكل مستقل؛ لأن أميركا والكيان الصهيوني هما العدو الرئيسي لهم جميعاً».

وأوضح أشتياني: «كل هذه الجماعات تتحيّن الفرصة لمهاجمة أميركا والكيان الصهيوني، سواء في الوقت أم زمن آخر؛ لأنهم معتدون ومحتلّون ويتسببون في حالة من انعداد الأمن في المنطقة».

وعاد مرة أخرى للقول إن «هذه المجموعات لا تتلقى الأوامر من إيران بأي شكل من الأشكال، وبالطبع نحن نرحب وندعم أية حركة ثورية وتطالب بالحرية، لكن لا نتدخل في قرارات هذه المجموعات، وأنهم من يتخذون القرار لأنفسهم ويتصرفون».

وحمّلت الولايات المتحدة فصائل مسلَّحة مدعومة من إيران في المنطقة، مسؤولية ازدياد الهجمات المنفّذة بصواريخ ومسيّرات في سوريا والعراق. وضربت أميركا مواقع في سوريا؛ رداً على ما قالت إنها هجمات غير مبرَّرة، في الأسابيع القليلة الماضية، مما أجَّج المخاوف من أن الصراع في غزة قد يشعل حرباً أوسع نطاقاً.

وأرسلت  الولايات المتحدة حاملة طائرات ثانية إلى شرق البحر المتوسط في إطار «ردع الأعمال العدائية ضد إسرائيل أو أي جهود لتوسيع الحرب»، حسبما أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن السبت الماضي.

وأعلنت قوات القيادة المركزية الأميركية،  أن قاذفات «بي - 1 بي لانسر» الاستراتيجية أجرت تدريباً في المنطقة على التزود بالوقود من «بوينغ كي.سي-135».

وقال المتحدث باسم رئاسة الأركان الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، السبت، إن «أميركا لا يمكنها مواجهة حماس»، مضيفاً أن إسرائيل «تخشى حرباً وجهاً لوجه مع المقاتلين الفلسطينيين». ورأى أن اقتراب حاملات طائرات أميركية من إسرائيل «يهدف إلى رفع معنويات الجنود الإسرائيليين»، وفقاً لوكالة «تسنيم»، التابعة لـ«الحرس الثوري».

ولفت شكارجي إلى أن دول «الناتو» تدعم إسرائيل بعد هجوم «طوفان الأقصى»، الذي شنّته حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقال: «هذه الدول عندما فشلت في مواجهة مجموعة (حماس) الصغيرة، توجّهت لقصف النساء والأطفال والمدارس والبيوت».

وقال وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي، في تصريحات صحافية، الأسبوع الماضي، إن الهجمات التي طالت القوات الأميركية «لا علاقة لها بإيران». وتابع: «على أميركا أن تَعلم أن إجراءاتها لن تبقى دون رد... قد يستهدفونهم في كل مكان باعتبارهم الجاني الرئيسي، ولا علاقة لإيران بذلك».

وكان مجلس «تشخيص مصلحة النظام»، والقيادي في «الحرس الثوري» محسن رضائي، قد قال، في مقابلة تلفزيونية، إن جماعات «المقاومة» قامت بتشكيل غرفة عمليات مشتركة بين «محور المقاومة» لإدارة الحرب مع إسرائيل.

والجمعة، قال عضو «لجنة الأمن القومي» بالبرلمان، النائب محمود عباس زاده مشكيني: «سنردُّ على الهجمات الأميركية على قواعد إيران في سوريا، في كل أنحاء الشرق الأوسط والعالم، سنضرب من مكان لا يمكنهم حتى تخيله»، وفقاً لموقع «ديدبان إيران».

وسُئل النائب عن احتمال دخول إيران على خط الحرب المباشرة، بما في ذلك إرسال قوات إلى جبهات الحرب، إن «قوات الحوثيين في اليمن، و(حزب الله) في لبنان، و(المقاومة الإسلامية) العراقية، والقوات المتعددة الجنسيات في سوريا، مستعدّة لمهاجمة إسرائيل».

وبموازاة ذلك، استمرت التحذيرات من دخول إيران في حرب مباشرة مع الولايات المتحدة. وكتب محسن هاشمي، عضو «مجلس بلدية طهران» ونجل الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، أن «دخول إيران غير المباشر في الحرب الجارية في غزة، أو حتى الحضور الطوعي لـ(حزب الله)، من شأنه أن يجرّ إيران إلى المعركة، ومن المحتمل أن تتعرض إيران لهجوم إسرائيلي بمساعدة أميركية».

 وأضاف هاشمي أنه «نظراً لاستمرار الدعم الغربي لإسرائيل، يجب أن نكون حذِرين من الجهود المتطرفة لإسرائيل لجرّ الحرب والنزاع إلى خارج الأراضي الإسرائيلية، بما في ذلك إيران». وقال، في مقال نشرته صحيفة «اعتماد» الإصلاحية: «كلنا نتذكر أنه في زمن الهجوم الأميركي على العراق تحت عنوان محور الشر، أوفدت إسرائيل مبعوثاً إلى أميركا، للمطالبة بالهجوم على إيران من العراق، باعتباها أصل الشر».

وأعرب هاشمي عن ارتياحه لإشارة أمين عام «حزب الله»، حسن نصر الله، إلى «الردع»، رغم أنه تحدّث عن جميع الخيارات.

وقال حميد رضا جلايي بور، الناشط الإصلاحي، لوكالة «مهر» الحكومية، إن جزءاً من الشعب الإيراني لديهم «مواقف سلبية»، حيال «جرائم الكيان الصهيوني»، داعياً إلى البحث عن الأسباب.

وأكد جلايي بور، الذي يُعدّ أبرز مستشاري الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، أن «البعض يحاول تحويل الجمهورية الإسلامية إلى إمارة إسلامية، وهذه الحركة سبب استياء جزء من الإيرانيين». وقال إن «الاحتجاجات (التي هزّت إيران في 2017، و2019، و2022) لا تأتي من فراغ، إنما هي ناجمة من هذا الاستياء».

وأضاف: «المستاؤون لا يثقون بالأخبار الرسمية وأعمال الحكومة... يواجهون مشكلات إلى درجة أنهم لا يدركون جرائم نتنياهو في غزة وأسبابها الحقيقية، في حال أن غالبية الإيرانيين على مدى ثمانية عقود لا يؤيدون إسرائيل ويعتبروها مزيفة وغاصبة».

وتوقّع جلايي بور أن تنعكس أية هدنة في حرب غزة «إيجاباً» على المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة. وقال: «من الأعمال العقلانية للجمهورية الإسلامية، خلال الـ25 يوماً الماضية، أنها قدّمت دعماً معنوياً، الأمر الذي يجنّب إيران خطر الحرب». وقال: «هذه السياسة مبدئية وقائمة على ملاحظة موازنة القوى».


مقالات ذات صلة

واشنطن: محاكمة موظف «سرب» معلومات تخص إيران

شؤون إقليمية مقاتلة إسرائيلية تغادر للمشاركة في الهجوم على إيران 26 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

واشنطن: محاكمة موظف «سرب» معلومات تخص إيران

أظهرت سجلات محكمة اتحادية، كُشف عنها أمس، أن موظفاً في الحكومة الأميركية وُجهت إليه اتهامات بتسريب معلومات سرية عن الدفاع الوطني.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية عراقجي في لحظة تأمل خلال مشاركة في اجتماع الحكومة اليوم (الرئاسة الإيرانية)

طهران تحذر ترمب من العودة لـ«الضغوط القصوى»

حذّرت إيران الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب من العودة إلى سياسة «الضغوط القصوى»، التي انسحب بموجبها من «الاتفاق النووي» لعام 2015، وفرض عقوبات قاسية.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية مقاتلة إسرائيلية تغادر للمشاركة في الهجوم على إيران 26 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

اتهام مسؤول أميركي بتسريب وثائق عن خطط إسرائيل لمهاجمة إيران

يواجه مسؤول في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) اتهامات بتسريب وثائق سرية تظهر خطط إسرائيل للانتقام من إيران بسبب هجوم صاروخي مطلع الشهر الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية إسرائيل تنفي تسريب صور لمنشأة نووية حساسة (أرشيفية - رويترز)

هاكرز إيرانيون يُسربون «صوراً خاصة» لمسؤولين إسرائيليين

شهدت إسرائيل حادثة تسريب سيبراني جديدة، إذ قامت مجموعة «حنظلة» المرتبطة بإيران بنشر صور خاصة لمسؤولين إسرائيليين بارزين، ضمن ما وصفه المراقبون بالتصعيد الأخير…

«الشرق الأوسط» (لندن)
تحليل إخباري ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

تحليل إخباري إيران أمام تحدي مواصلة سياساتها أو التفاوض مع ترمب

من غير الواضح حتى الآن طبيعة السياسة التي سيعتمدها الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، تجاه إيران، لكن احتمال عودته إلى سياسات عهده الأول قد يكون الأكثر ترجيحاً.

إيلي يوسف (واشنطن)

مباراة رياضية فرنسية - إسرائيلية في أجواء متوترة بين البلدين

رجال أمن الأربعاء  في محيط «ملعب فرنسا الكبير» تحضيراً للمباراة المرتقبة حيث ينتظر تعبئة 4 آلاف رجل شرطة ودرك للمحافظة على الأمن (أ.ف.ب)
رجال أمن الأربعاء في محيط «ملعب فرنسا الكبير» تحضيراً للمباراة المرتقبة حيث ينتظر تعبئة 4 آلاف رجل شرطة ودرك للمحافظة على الأمن (أ.ف.ب)
TT

مباراة رياضية فرنسية - إسرائيلية في أجواء متوترة بين البلدين

رجال أمن الأربعاء  في محيط «ملعب فرنسا الكبير» تحضيراً للمباراة المرتقبة حيث ينتظر تعبئة 4 آلاف رجل شرطة ودرك للمحافظة على الأمن (أ.ف.ب)
رجال أمن الأربعاء في محيط «ملعب فرنسا الكبير» تحضيراً للمباراة المرتقبة حيث ينتظر تعبئة 4 آلاف رجل شرطة ودرك للمحافظة على الأمن (أ.ف.ب)

حضور مميز سيحتشد مساء الخميس، في ملعب باريس الكبير لمشاهدة مباراة كرة القدم بين منتخبي فرنسا وإسرائيل. ونادرا ما أثارت مباراة رياضية جدلا وانقساما كالذي تثيره المباراة المشار إليها، كونها ستحصل وسط تعبئة أمنية وسياسية استثنائية. فالمبارزة الفرنسية - الإسرائيلية الرياضية تحل بعد أسبوع واحد على المباراة التي حصلت بين فريق أياكس الهولندي وفريق ماكابي - تل أبيب الإسرائيلي لكرة القدم في أمستردام، وأثارت لغطا كبيرا بسبب ما سبقها وأعقبها من استفزازات ومناوشات بين مشجعين إسرائيليين وصلوا بقوة وناهز عددهم الـ3 آلاف ومناصرين مؤيدين للفلسطينيين. وذهبت الاتهامات في كل اتجاه، أبرزها معاداة السامية واقتراف أعمال ذكرت بمآسي اليهود القرن الماضي، وفق الإعلام الغربي الذي غطى على استفزازات المشجعين الإسرائيليين في شوارع أمستردام وداخل الملعب. وكانت النتيجة أن موجة مزدوجة من التعاطف والتنديد انطلقت ولم تهدأ: تعاطف مع إسرائيل واليهود بما في ذلك من فرنسا وتنديد بما اقترفه المناصرون والمتعاطفون مع الفلسطينيين بسبب ما تعرفه حرب غزة من مجازر.

الرئيس إيمانويل ماكرون لدى وصوله الأربعاء إلى «كوليج دو فرنس» للمشاركة في طاولة مستديرة حول الاقتصاد (إ.ب.أ)

ولأن السلطات الفرنسية لا تريد تكرار «التجربة الهولندية»، ولأنها رفضت الاستجابة لدعوات إلغاء المباراة أو تأجيلها أو حتى نقلها من «ملعب فرنسا الكبير» الواقع في ضاحية سان دوني، على مدخل باريس الشمالي، إلى مدينة أخرى، فإن وزارة الداخلية عمدت إلى تعبئة أمنية استثنائية قوامها 4 آلاف رجل شرطة ودرك وعناصر أمنية أخرى، منهم 2500 سيعمدون إلى إقامة طوقين أمنيين في محيط الاستاد لتفتيش المشجعين من الطرفين والتأكد من هوياتهم الشخصية. والجديد أن عددا غير محدد من الشرطة والدرك سيكونون داخل الملعب، وهو أمر استثنائي. وفي المقابل، سيتولى 1500 عنصر أمني المحافظة على الأمن في شوارع باريس وفي أماكن التجمع الكبرى فضلا عن وسائل النقل العمومية.

وتفيد التقديرات بأن الحضور، بعكس الجو المتكهرب، سيكون هزيلا قياسا لقدرة استيعاب المكان، إذ ينتظر حضور ما بين 15 و20 ألف مشاهد، فيما سعة الملعب تصل إلى 80 ألف مشاهد، حيث إنه الأكبر في فرنسا. وتجدر الإشارة إلى أن السلطات الإسرائيلية طلبت من الإسرائيليين عدم التوجه إلى باريس فيما الكثير من العائلات منعت أبناءها من حضور المباراة بسبب المخاوف من حصول أحداث أمنية.

وبالتوازي، فإن مظاهرة داعمة للفلسطينيين ستحصل في الوقت نفسه أمام مقر بلدية مدينة سان دوني، بدعوة من جمعيات داعمة للفلسطينيين ومن الحزب اليساري المتشدد «فرنسا الأبية» الذي يتزعمه المرشح الرئاسي السابق، جان لوك ميلونوشون، المتهم باتباع نهج غرضه استمالة أبناء الضواحي من أصول مهاجرة وعلى رأسهم العرب والمسلمون. وطالبت ماتيلد بانو، رئيسة المجموعة النيابية للحزب المذكور في البرلمان، الثلاثاء، بإلغاء المباراة، ولكن من دون طائل.

صدام بين مشجعين إسرائيليين وشباب في وسط أمستردام 8 نوفمبر 2024 (رويترز)

ونبه لوران نونيز، مدير الشرطة في باريس، من احتمال حصول أعمال شغب في باريس وفي وسائل النقل العمومية، الأمر الذي يفسر الانتشار الأمني الكبير المرتقب.

ولاكتمال الصورة، تتعين الإشارة إلى أمرين: الأول، التجمع الذي دعت إليه أحزاب ومنظمات يهودية متطرفة في باريس الأربعاء، عشية المباراة المشار إليها، بينها تنظيم «بيتار» اليهودي الصهيوني الذي له فروع في عدة دول غربية والذي يشبه الميليشيا إلى حد بعيد. والآخر، احتفال تحت شعار «إسرائيل إلى الأبد». ونشر ييغال براند، رئيس منظمة «بيتار» بيانا الأسبوع الماضي جاء فيه: «لقد شعرنا بالفزع مما حدث في أمستردام ومن رد فعل الحكومات... نحن نفخر بأننا صهاينة وليس لدينا أي سبب للاعتذار... سنجتمع يومي الأربعاء في باريس والخميس في مباراة كرة القدم التي يهددها الجهاديون أيضا».

والأمر الثاني، الحفل الذي دعت إليه شخصيات يهودية يمينية متطرفة في باريس تحت شعار «إسرائيل إلى الأبد» وكان من المنتظر أن ينضم إليه لبتسلئيل سموتريتش، وزير المالية وهو زعيم حزب ديني متطرف والذي طالب الاثنين بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية ما يعني ضمها، الأمر الذي «أدانته» الأربعاء وزارة الخارجية الفرنسية قائلة إنه «يناقض منطوق القانون الدولي وينسف الجهود الساعية لخفض التصعيد في المنطقة»، ومكررة أن فرنسا «متمسكة بحل الدولتين... الطريق الوحيدة لتسوية عادلة ودائمة للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي». إلا أن مجيء سموتريتش، بسبب التحفظات الرسمية الفرنسية واستفزازاته المتواصلة، قد طوي واستعيض عنه بكلمة له في الاحتفال «عن بعد».

عناصر مكافحة الشغب حول «ملعب فرنسا الكبير» الذي سيستضيف المبارزة الفرنسية - الإسرائيلية (أ.ف.ب)

توتر بين باريس وتل أبيب

وتأتي المباراة وسط أجواء من التوتر بين فرنسا وإسرائيل بسبب ما حصل إبان الزيارة الأخيرة التي قام بها، الأسبوع الماضي، وزير الخارجية جان نويل بارو إلى إسرائيل والسلطة الفلسطينية، حيث اعتقل الأمن الإسرائيلي عنصرين من الدرك الفرنسي مولجين بحماية القنصلية الفرنسية في القدس، ويتمتعان بالصفة الدبلوماسية، لأنهما منعا الأمن الإسرائيلي من الدخول إلى كنيسة تقع على جبل الهيكل وهي من الممتلكات الفرنسية وتتمتع بحماية فرنسا. وعمدت الخارجية الفرنسية إلى استدعاء السفير الإسرائيلي في باريس، واعتبرت ما حصل «أمرا لا يمكن القبول به».

رغم ما سبق ورغم التشنجات بين الطرفين، فإن كبار الدولة الفرنسية حرصوا على إبراز تعاطفهم مع إسرائيل من خلال حضور مباراة الخميس، وسيكون الرئيس إيمانويل ماكرون على رأس الحضور الرسمي والى جانبه رئيس الحكومة ميشال بارنيه. كذلك وزير الداخلية برونو روتايو ومدير شرطة العاصمة لوران نونيز، إضافة إلى كثير من الوزراء والنواب الآخرين. وكلافتة استثنائية، سيوجد في الملعب، إلى جانب ماكرون، رئيسان سابقان للجمهورية، هما نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند. ومن الحضور اللافت رئيسة منطقة إيل دو فرنس التي تضم باريس والمدن المحيطة بها فاليري بيكريس، وقالت مصادر الإليزيه إن حضور ماكرون غرضه «توجيه رسالة أخوة وتضامن بعد الأعمال المعادية للسامية في أمستردام التي لا يمكن القبول بها». وكشفت مصادر أمنية أن هناك ما يقارب الـ200 مشجع سيرافقون الفريق الإسرائيلي الذي سيحظى بحماية أمنية خاصة.

وكان «مجلس الأمن الوطني الإسرائيلي» قد أصدر توصية موجهة إلى الإسرائيليين في الخارج، داعيا إياهم إلى «الحيطة خصوصا في الأسبوع (الجاري) وتحاشي الوجود في اللقاءات الرياضية والأنشطة الثقافية التي يشارك فيها إسرائيليون تماما، خصوصا المباراة بين الفريقين الإسرائيلي والفرنسي».