تركيا تشن حملات على «العمال الكردستاني» وداعميه غداة «هجوم أنقرة»

ثغرات أمنية حالت دون منع وصول سيارة محملة بالمتفجرات إلى العاصمة

تعزيزات أمنية حول وزارة الداخلية في أنقرة الأحد (أ.ف.ب)
تعزيزات أمنية حول وزارة الداخلية في أنقرة الأحد (أ.ف.ب)
TT

تركيا تشن حملات على «العمال الكردستاني» وداعميه غداة «هجوم أنقرة»

تعزيزات أمنية حول وزارة الداخلية في أنقرة الأحد (أ.ف.ب)
تعزيزات أمنية حول وزارة الداخلية في أنقرة الأحد (أ.ف.ب)

كشفت السلطات التركية عن هوية أحد منفذي الهجوم الذي استهدف، الأحد، المديرية العامة للأمن ووزارة الداخلية بأنقرة، مؤكدة انتسابه إلى «حزب العمال الكردستاني» الذي أعلن مسؤوليته عن الاعتداء الذي وقع في شارع «أتاتورك بوليفاري» بمنطقة كيزلاي وسط العاصمة.

وقالت وزارة الداخلية التركية، في بيان، الاثنين، إن الإرهابي حسن أوغوز وشهرته «كنيفار أردال» العضو في حزب العمال الكردستاني، هو من نفّذ الهجوم بقنبلة على مقر المديرية العامة للأمن، مضيفة أن التحقيقات مستمرة للكشف عن هوية الإرهابي الثاني.

وهاجم إرهابيان كانا يستقلان سيارة تجارية صغيرة، تبين أنها مسروقة من ولاية قيصري في وسط البلاد، المديرية العامة للأمن التابعة لوزارة الداخلية بالعاصمة أنقرة، صباح الأحد، حيث قُتل أحدهما على الفور بسبب انفجار القنبلة، بينما تمكنت عناصر الشرطة من القضاء على الثاني، وأصيب شرطيان بجروح طفيفة.

تبني الهجوم

أعلن حزب العمال الكردستاني، الذي تصنّفه تركيا وحلفاؤها الغربيون منظمة إرهابية، مسؤوليته عن الهجوم الإرهابي. ووصف «العمال الكردستاني» الهجوم بأنه «عمل فدائي نُفّذ ضد وزارة الداخلية التركية من جانب فريق تابع للواء الخالدين».

وهذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها اسم «لواء الخالدين» في عملية يتبناها «العمال الكردستاني» في تركيا. وجاء هجوم الأحد بعد أكثر من 7 سنوات من هجوم وقع في موقف لحافلات النقل العام بجوار ميدان كيزلاي، خلف 37 قتيلاً و125 مصاباً.

كما يُعدّ الأول بعد نحو عام من مقتل 6 أتراك وإصابة 81 آخرين في التفجير الذي وقع بشارع الاستقلال بمنطقة تقسيم في وسط إسطنبول في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، والذي تم التخطيط له من جانب قيادات في «وحدات حماية الشعب الكردية»، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ونفذه أحد عناصرها بعد تسلله من شمال سوريا.

وتعد أنقرة «الوحدات الكردية» امتداداً لحزب العمال الكردستاني في شمال سوريا، وتخوض حرباً ضدها لإبعادها عن حدودها الجنوبية.

سيارة محملة بالأسلحة

أعلنت الوزارة أن السيارة المستخدمة في الهجوم أمام بوابة مدخل المديرية العامة للأمن في أنقرة تمت سرقتها من قرية «ديفيلي» في قيصري، بعدما قُتل صاحبها، وهو طبيب بيطري في منطقة تشاتالولوك التابعة للولاية الواقعة في وسط تركيا على بُعد نحو 500 كيلومتر من أنقرة، عشية الهجوم.

وحضر يرلي كايا، الاثنين، تشييع جنازة الطبيب في مسقط رأسه، وقدم التعازي لأسرته، كما سبق وزار الشرطيين المصابين، عليم رئيس ديميريل وأركان كاراطاش.

وأفادت وزارة الداخلية بأنه تم العثور داخل السيارة التي استخدمها منفذا هجوم أنقرة على كمية من مادة «سي 4» شديدة الانفجار، و9700 غرام من مادة «آر دي إكس» المتفجرة، و3 قنابل يدوية، وقاذفة صواريخ، ومدفع طويل الماسورة ماركة «إم – 4» وبندقية كلاشينكوف من طراز «إيه كي – 47»، ومسدس هوائي ماركة «بلو»، ومسدس «غلوك» مزود بكاتم صوت.

حملات أمنية

أطلقت السلطات التركية حملة أمنية تستهدف عناصر حزب العمال الكردستاني وداعميه على أثر هجوم أنقرة. وألقت قوات مكافحة الإرهاب، الاثنين، القبض على 20 شخصاً للاشتباه في انتمائهم إلى «العمال الكردستاني» وتنظيم «مؤتمر الشعب الكردستاني» في ولايتي إسطنبول وكيركلاريلي، من بين 26 مشتبهاً أصدر مكتب المدعي العام في أنقرة مذكرة توقيف بحقهم، لـ«تورطهم في إيواء أعضاء المنظمة الإرهابية (العمال الكردستاني) ومساعدة آخرين في الخروج من البلاد».

وذكر وزير الداخلية، علي يرلي كايا، أن المتحدث الإقليمي لحزب الشعوب الديمقراطية (حزب معارض مؤيد للأكراد يواجه قضية لحله) ورؤساء المناطق كانوا من بين المعتقلين.

وقالت «الداخلية التركية» إن شعبة مكافحة الإرهاب في مديرية أمن إسطنبول، حدّدت أشخاصاً عقدوا العزم على جمع المساعدات لأعضاء المنظمة الإرهابية (العمال الكردستاني) المحتجزين أو المدانين، والذين أنشأوا منازل آمنة لإيواء المشتبه بهم الذين يطلق عليهم «الكوادر».

جاء ذلك بعد سلسلة غارات جوية شنّتها تركيا، ليل الأحد إلى الاثنين، على 20 هدفاً لـ«العمال الكردستاني» في متينا وهاكورك وجبل قنديل وكارا في شمال العراق. وقالت الوزارة، في بيان: «تم ضربهم (عناصر العمال الكردستاني) ذات ليلة على حين غرة... النضال سيستمر حتى تحييد آخر إرهابي».

وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد تعهد، في كلمة خلال افتتاح السنة التشريعية الجديدة للبرلمان التركي، الأحد، بالقضاء على «الأشرار» الذين يستهدفون تركيا وشعبها، مؤكداً أن الإرهابيين لن يحققوا أهدافهم. وقال: «يجب أن يتذكر الإرهابيون ما نقوله دائماً بأننا سنأتيهم ذات ليلة على حين غرة».

انتقادات لأجهزة الأمن

في الوقت ذاته، وجّهت صحف ووسائل إعلام تركية مستقلة ومعارضة للحكومة انتقادات لأجهزة الأمن لإخفاقها في منع هجوم أنقرة، وعدم قدرتها على التحرك مبكراً، فضلاً عن توقيت الاعتداء الذي سبق انعقاد جلسة افتتاح البرلمان بساعات قليلة، ووقوعه في هذه المنطقة التي كان من المفترض أنها تشهد إجراءات أمنية مشددة استعداداً لهذا الحدث الذي يشارك فيه رئيس الجمهورية والوزراء وكبار المسؤولين ونواب البرلمان، فضلاً عن شخصيات أجنبية. وتساءلت: «كيف تمكّن الإرهابيون من التحرك بسيارة مسروقة بعد قتل صاحبها والسير بها مسافة 500 كيلومتر من قيصري وهي محملة بالأسلحة والمتفجرات والوصول بها إلى وسط العاصمة أنقرة دون أن يتم ضبطها؟».


مقالات ذات صلة

صدام أميركي تركي حول دعم «الوحدات الكردية»... وإردوغان يتعهد بتصفيتها

المشرق العربي مظاهرة دعم لـ«قسد» في القامشلي بمحافظة الحسكة ضد التصعيد التركي (أ.ف.ب)

صدام أميركي تركي حول دعم «الوحدات الكردية»... وإردوغان يتعهد بتصفيتها

تصاعدت الخلافات التركية الأميركية حول التعامل مع «وحدات حماية الشعب الكردية»، في حين أكد الرئيس إردوغان أن التنظيمات الإرهابية لن تجد من يدعمها في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال حضوره قمة الدول الثماني النامية بالقاهرة (المكتب الإعلامي للرئاسة التركية-إ.ب.أ)

إردوغان يدعو إلى القضاء على «داعش» وحزب العمال الكردستاني في سوريا

دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم الجمعة، إلى «القضاء» على «المنظمات الإرهابية» في سوريا، مشيراً إلى تنظيم «داعش»، وأيضاً حزب العمال الكردستاني.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية على إكس)

إردوغان يدعو إلى «القضاء على المنظمات الإرهابية» في سوريا

دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الجمعة، إلى «القضاء على المنظمات الإرهابية في سوريا»، مشيراً إلى تنظيم «داعش» وأيضاً حزب العمال الكردستاني.

«الشرق الأوسط»
شؤون إقليمية جانب من اجتماع لمجلس الأمن القومي برئاسة إردوغان في 5 ديسمبر (الرئاسة التركية على «إكس»)

تركيا تحدث وثيقة «الأمن القومي» للمرة السادسة في عهد إردوغان

انتهت تركيا من تحديث وثيقة الأمن القومي التي توصف بأنها «الدستور السري» للدولة، والمعروفة علناً بـ«الكتاب الأحمر».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا ماكرون وإردوغان خلال لقائهما عام 2022 (أرشيفية-رويترز)

ماكرون وإردوغان يناقشان عملية الانتقال السياسي في سوريا

قالت الرئاسة الفرنسية، اليوم (الأربعاء)، إن الرئيس الفرنسي ونظيره التركي اتفقا على أن عملية الانتقال السياسي في سوريا يجب أن تحترم حقوق كل الطوائف في البلاد.

«الشرق الأوسط» (باريس )

تحقيق تلفزيوني يتهم عائلة نتنياهو بممارسات مافياوية يثير غضب الإسرائيليين

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة (رويترز)
TT

تحقيق تلفزيوني يتهم عائلة نتنياهو بممارسات مافياوية يثير غضب الإسرائيليين

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة (رويترز)

تضج الحلبة السياسية في إسرائيل وتغلي كالمرجل على أثر بث «القناة 12» للتلفزيون العبري، الليلة الماضية، تحقيقاً أجرته د. إيلانا ديان، في برنامجها «عوفدا»، حول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وعائلته، وفريق مساعديه، وكيف يديرون شؤون الدولة. وقدمت فيه أمثلة عديدة تدل على أن الأسلوب السائد هناك هو أسلوب المافيا التي تقود مجموعة ميليشيات وبلطجيين.

وجاء في التحقيق أن سارة، زوجة نتنياهو، تتدخل في كل صغيرة وكبيرة في شؤون الدولة والتعيينات للمسؤولين، بما في ذلك جنرالات في الجيش، وأن كبار المسؤولين في المكتب يتعاملون معها على أنها الرئيسة العليا (The Boss)، ولديها فريق عمل من نشطاء «الليكود» الذين يخدمونها ويؤدون أي مهمة تكلفهم بها مهما كانت «وسخة». وعندما تريد أن تحثهم على عمل ما تقول لهم: «بيبي سيموت إذا نجح مندلبليت (القصد هو إبيحاي مندلبليت، سكرتير الحكومة الذي عينه نتنياهو مستشاراً قضائياً للحكومة، وهو الذي قرر توجيه لائحة اتهام لنتنياهو في حينه)، فيفهمون الرمز ويقومون بمظاهرات أمام بيته ليل نهار. وإن لم يفهموا لوحدهم كانت تقول لهم: يجب أن نصعقه ويجب أن نجننه».

ترمب يتوسط نتنياهو وزوجته سارة (أرشيفية - د.ب.أ)

وكشف التحقيق كيف نظمت سارة، بمساعدة ابنها يائير، حملة مظاهرات ضد المحامية ليئات بن أري، رئيسة طاقم النيابة في محاكمة نتنياهو بتهم الفساد. وكيف قام نشطاء «الليكود» بإعداد فيلم عن خروق بناء في بيت بن اري، والمطالبة بإقالتها من النيابة ومحاكمتها بتنظيم مظاهرات أمام بيتها.

كما كشف التقرير كيف جند رجال سارة في «الليكود» حملة ضد يسرائيل كاتس، وزير الدفاع الحالي، لأنه كان قد صرح لدى صدور قرار محاكمة نتنياهو بأنه يثق بسلطات القضاء، ويتمنى أن «تؤدي المحاكمة إلى زوال هذه الغمامة عن حياة نتنياهو، ويستطيع أن يكمل مسيرته في قيادة إسرائيل». فلم يعجب سارة أنه قال إنه يثق بالجهاز القضائي. وتم تنظيم حملة ضده اعتبروه فيها خائناً للحزب وغرس طعنة في ظهر رئيس الحكومة. كما نظموا حملة في حينه ضد غدعون ساعر، وزير الخارجية في حكومة نتنياهو الحالية، الذي كان قد انسحب من «الليكود»، وأقام حزباً جديداً، وعدّوه هو أيضاً خائناً. ونظموا ضده حملة إشاعات حول علاقات مع نساء وتحرشات جنسية، بهدف تحطيم زواجه الحديث من الصحفية اليسارية غئولا أيبن.

بنيامين نتنياهو وإلى جانبه نجله يائير (أرشيفية - أ.ب)

وكشف التحقيق أيضاً جملة المضايقات التي طلبت سارة نتنياهو تنظيمها ضد جيرانها في قيسارية، الذين سمحوا للمتظاهرين بدخول فيلتهم والهتاف والصراخ من هناك ضد نتنياهو. وقد اعترضت مديرة مكتب نتنياهو، حنة ليفيس، قائلة: «أرجو أن ألفت نظرك إلى في هذه العائلة يوجد ابن شهيد»، فأجابتها: «بالطبع أعرف. وهل تحسبينني بلهاء. لها ابن قتل في الحرب وهو يقود طائرة. لكنهم يسببون الجنون لبيبي في هذه المظاهرات الحقيرة. يجب أن نجننهم نحن بالمظاهرات».

وبالمناسبة هذه المديرة، ليفيس، كانت تشرف على كل طلبات سارة وتنفيذها. وترسل نشطاء «الليكود» إلى المهمات القذرة. وتم الكشف عن أنها أصبحت مريضة بالسرطان. لكن هذا لم يرحمها من بطش سارة. وذات مرة طلبت منها أن تأتي إليها فوراً حتى تأخذها إلى تل أبيب لتنضم إلى حفلة مع نتنياهو. وكانت ليفيس تعاني آلاماً حادة يومها لكنها حضرت من تل أبيب إلى قيسارية حتى تأخذها لتل أبيب. وظلت تنتظرها أمام الفيلا ساعة كاملة، ولم تنزل. ثم بعثت إليها رسالة بـ«الواتس» تقول لها إن بيبي في طريقه من تل أبيب إلى البيت، لذلك لن تذهب إلى تل أبيب. ولم تعتذر لها. بل طلبتها في اليوم التالي لتأخذها معها إلى القدس. وقد توفيت ليفيس لاحقاً نتيجة المرض.

صورة لسارة نتنياهو خلال اللقاء مع ترمب نشرتها مارغو مارتن على موقع «إكس»

وتكشف ديان في التحقيق عن عدد كبير من الرسائل النصية التي ظهرت على هاتف ليفيس الخاص، وتظهر فيها أساليب عمل سارة وفريقها، وكيف كانت توجه لها التعليمات لمضايقة كل من يقف في طريقها من المسؤولين السياسيين وكبار الموظفين. وقالت إن يائير نتنياهو زار بيت العزاء لدى وفاة ليفيس، وطلب هاتفها، لكي يمحو منه رسائل تتعلق بأسرار عمل رئيس الحكومة. لكن العائلة رفضت. ووصل الهاتف لأيدي طاقم التحقيق التلفزيوني. وفيه خلدت عشرات التعليمات للاعتداء على الناس، والتعرض لحياتهم، وتشويش سمعتهم فقط لأن مواقفهم لم تعجب سارة وزوجها.