الكشف عن خلية لاغتيال بن غفير يترافق مع خلافات في الائتلاف والمعارضة

استطلاعات تشير إلى أن الخلافات تصب في صالح نتنياهو

المتهمون الخمسة كما نشرت صورهم الشرطة الاسرائيلية
المتهمون الخمسة كما نشرت صورهم الشرطة الاسرائيلية
TT

الكشف عن خلية لاغتيال بن غفير يترافق مع خلافات في الائتلاف والمعارضة

المتهمون الخمسة كما نشرت صورهم الشرطة الاسرائيلية
المتهمون الخمسة كما نشرت صورهم الشرطة الاسرائيلية

مع إعلان جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) عن إحباط خلية تعمل لصالح إيران استهدفت استغلال الأزمة الداخلية في الحلبة السياسية لاغتيال عدد من الشخصيات العامة والسياسية البارزة، وفي مقدمتهم وزير الأمن القومي المتطرف، إيتمار بن غفير، بدأت الصراعات السياسية تدب في صفوف كل طرف من الفرقاء المتصارعين؛ من الائتلاف اليميني الحاكم وكذلك من المعارضة.

وأشار استطلاع جديد للرأي إلى أن التوجه الراديكالي الذي يقوده بن غفير من جهة وقوى الاحتجاج الميدانية في المعارضة من جهة أخرى، بدأ يخدم رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي بات يبدو معتدلاً قياساً بهم، فتساوت شعبيته مع شعبية رئيس حزب «المعسكر الرسمي» المعارض، بيني غانتس، مما يزيد قوة التيار الذي يطالب بتشكيل حكومة طوارئ بالشراكة بينهما.

وكان «الشاباك» قد أعلن عن اعتقال 5 فلسطينيين من الضفة وإسرائيل، وادعى أنهم عملوا لصالح إيران وخططوا لارتكاب «مخالفات أمنية خطيرة لزعزعة استقرار إسرائيل وأمن مواطنيها، واغتيال بن غفير وغيره».

وقال «الشاباك» إن «التحقيق كشف طريقة عمل إيران في استخدام مواطنين إسرائيليين، من بينهم أصحاب السوابق الجنائية، وتجنيدهم من أجل القيام بعمليات إرهابية، مقابل دفع أموال، كما وضح الجهود الإيرانية المتزايدة لتقويض الاستقرار الأمني والاجتماعي والسياسي في إسرائيل، من خلال تجنيد مواطنين إسرائيليين وفلسطينيين للقيام بعمليات أمنية وجنائية».

وزير الأمن إيتمار بن غفير في جلسة للحكومة 10 سبتمبر الحالي (رويترز)

والفلسطينيون المعتقلون هم: مراد كممجي (47 عاماً) من كفر دان، حسن مجارمة (34 عاماً)، زياد شنطي (45 عاماً) من جنين في الضفة الغربية، وحمد حمادي (23 عاماً) من الناصرة، يوسف حماد (18 عاماً) من مقيبلة، وكلاهما من العرب في إسرائيل.

وبحسب لائحة الاتهام المقدَّمة إلى المحكمة العسكرية والمحكمة المركزية في حيفا، مؤخراً، فإن كممجي ومجارمة عملا، بتوجيه من شخص إيراني يسكن في الأردن ويعمل لصالح عناصر أمن إيرانيين؛ فقد طلب منهما المساعدة في تهريب أسلحة للأراضي الإسرائيلية، وجمع معلومات حول شخصيات تخضع لحراسة وأخرى رفيعة المستوى وسياسية، بينها وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، وعضو الكنيست السابق، يهودا غليك، الذي يقود زيارات المستوطنين الاستفزازية إلى المسجد الأقصى.

وجاء أنه «في ظل ترتيب الحراسة الأمنية حول بن غفير، لم يتمكنوا من تنفيذ المهمة التي طُلِب منهم تنفيذها».

وجاء في لائحة الاتهام أن «كممجي ومجارمة عملا أيضاً بتوجيه عناصر من الأمن الإيراني، من أجل تنفيذ عمليات إرهابية في الأراضي الإسرائيلية، من خلال إضرام النار في مركبات لمواطنين إسرائيليين، وأن الشنطي قام بتجنيد المواطنين الإسرائيليين حمادي وحماد، فأقدما على إضرام النار بمركبة في حيفا يوم 22 يونيو (حزيران) الماضي ووثَّقا ذلك بالفيديو».

وجاء أن الشابين اعترفا بأن هذه المهمة كانت بمثابة امتحان لهما من قبل العناصر الذين قاموا بالتوجيه من إيران، وذلك من أجل القيام بعمليات إرهابية أكثر خطورة، غير أن اعتقال أعضاء الخلية أحبط هذه النيات».

مسيرة ضد خطة الإصلاح القضائي للحكومة الإسرائيلية في تل أبيب (إ.ف.ب)

من جهته، علَّق بن غفير بالقول: «سأواصل العمل بلا خوف وبقوة أكبر من أجل تغيير جذري في ظروف سجن الإرهابيين (الأسرى) في السجون، ومن أجل مواصلة محاربة الإرهاب، وكذلك حقوق الصلاة والسيادة اليهودية في جبل الهيكل (المسجد الأقصى)، وضمان سلامة وأمن مواطني إسرائيل».

وقد جاء هذا النشر ليعزز من موقف بن غفير الذي يواجه معارضة شديدة حتى داخل الائتلاف الحكومي بسبب ممارساته المتطرفة؛ إذ إن أوساطاً يمينية في الحكومة تقول إنه بات عبئاً على نتنياهو، يحرجه أمام الجمهور وأمام المجتمع الدولي.

وبحسب وسائل الإعلام العبرية، فإن مقربين من نتنياهو أعربوا عن قلق كبير في أعقاب إعلان بن غفير عن عزمه تنظيم «صلاة احتجاجية» في ميدان ديزنغوف وسط تل أبيب، الخميس، على خلفية احتجاجات سكان في المدينة، ومنعهم صلاة، من خلال الفصل بين الجنسين في «يوم الغفران»، الثلاثاء.

لافتة عملاقة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو السبت في تل أبيب (إ.ف.ب)

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الأربعاء، عن قيادي في حزب الليكود، قوله: «تصرفات بن غفير صبيانية، تأتي من وزير رفيع ينشغل باستفزازات وعلاقات عامة، ولا يفعل شيئاً للأمن القومي»، مشدداً على أنه بات عبئاً على الحكومة التي لن تصمد معه، ولن تتمكن أي حكومة من البقاء لفترة طويلة «مع مستفز مثله».

بالمقابل، تواجه المعارضة خلافات داخلية، وبدأت تسمع انتقادات موجَّهة إلى قيادة الاحتجاج الميدانية واتهامات بأنها «متطرفة وعنيفة في مظاهراتها ضد نتنياهو». وقال بعض المنتقدين إن «تطرف الاحتجاج يخدم نتنياهو ويعيد له شعبيته».


مقالات ذات صلة

حكومة نتنياهو تعدُّ 38 قانوناً جديداً لإضعاف القضاء

المشرق العربي بنيامين نتنياهو خلال كلمة في «الكنيست» يوم الاثنين (إ.ب.أ)

حكومة نتنياهو تعدُّ 38 قانوناً جديداً لإضعاف القضاء

عادت حكومة اليمين الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو إلى خطتها لإضعاف منظومة الحكم والقضاء، وبدأت التشريع لقوانين جديدة تؤدي إلى هذه الغاية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية متظاهر إسرائيلي خلال احتجاج ضد بنيامين نتنياهو في تل أبيب 5 نوفمبر الماضي (أ.ب)

اتهام 3 إسرائيليين هاجموا منزل نتنياهو بـ«الإعداد لانقلاب عسكري»

وجَّه وزير القضاء الإسرائيلي ياريف ليفين، تهمة «الإعداد لانقلاب عسكري» إلى 3 موقوفين إسرائيليين أطلقوا قنبلتين ضوئيتين على منزل لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

نظير مجلي (تل ابيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل مؤتمر صحافي بالقدس في سبتمبر الماضي (أ.ب)

بينها «عزل مؤقت»... ما مسارات قضية «فساد» نتنياهو؟

بعد يوم من رفض القضاء الإسرائيلي لطلب بنيامين نتنياهو تأجيل شهادته باتهامه بـ«الفساد» لوّحت النيابة بأنها تقترب من المطالبة بإخراجه لـ«عزل قسري مؤقت» من مهامه.

نظير مجلي (تل ابيب)
شؤون إقليمية متظاهر يحمل علماً في نفق بالقرب من مظاهرة ضد الإصلاح القضائي للحكومة الإسرائيلية (أرشيفية - رويترز)

ما قصة «الجبهة الثامنة» التي يحارب فيها نتنياهو؟

في الوقت الذي يسعى فيه بنيامين نتنياهو إلى إخافة الإسرائيليين بالقتال مع إيران على «7 جبهات»، تزداد القناعة بين مواطنيه بأنه ثمة «جبهة ثامنة» يحارب فيها.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

يتناول الفيلم تأثير فساد نتنياهو على قراراته السياسية والاستراتيجية، بما في ذلك من تخريب عملية السلام، والمساس بحقوق الإنسان للشعب الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

نتنياهو «ينتقم» من ماكرون في لبنان

صورة لنتنياهو وماكرون خلال اجتماعهما بالقدس في أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
صورة لنتنياهو وماكرون خلال اجتماعهما بالقدس في أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو «ينتقم» من ماكرون في لبنان

صورة لنتنياهو وماكرون خلال اجتماعهما بالقدس في أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
صورة لنتنياهو وماكرون خلال اجتماعهما بالقدس في أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن الموقف الإسرائيلي الرافض لمشاركة فرنسا في لجنة المراقبة على تنفيذ اتفاق الهدنة المتبلور مع لبنان، يعود إلى سلسلة ممارسات فرنسية أزعجت إسرائيل في الآونة الأخيرة، وفي مقدمتها انضمام القاضي الفرنسي في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي إلى بقية القضاة ليصدروا بالإجماع قرارهم إصدار مذكرة اعتقال ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.

وقالت هذه المصادر إن الحكومة الإسرائيلية تتابع بقلق الدور الفرنسي في محكمة لاهاي. وتشير إلى قيام المحامي الفرنسي المخضرم جيل ديفرز بقيادة فريق من 300 محامٍ دولي من مختلف الجنسيات تطوعوا لتقديم التماس إلى المحكمة الجنائية الدولية يتهم إسرائيل بـ«ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية»، ثم جاء قرار المحكمة قبول طلب المدعي العام بإصدار مذكرة الاعتقال.

وبحسب صحيفة «معاريف»، فإنهم «في إسرائيل يقدرون أن القاضي الفرنسي في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي الذي وقّع على أمر الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت، ما كان ليتجرأ على فعل ذلك دون أن يكون تلقى ضوءاً أخضر وإسناداً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنفسه».

وتضيف المصادر الإسرائيلية أسباباً أخرى للغضب على فرنسا، مثل قرار الحكومة الفرنسية إقصاء الصناعات الأمنية الإسرائيلية عن المشاركة في معارض السلاح الفرنسية، في مطلع الشهر الجاري.

نتنياهو وماكرون (رويترز)

ومع أن فرنسا كانت قد وقفت إلى جانب إسرائيل في مواجهة هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وساندتها بقوة في الحرب الانتقامية على قطاع غزة، واستجابت لطلب إسرائيل وامتنعت حتى الآن عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية؛ فإن الحكومة الإسرائيلية لا تكتفي. وتريد لفرنسا أن تسلك طريق الولايات المتحدة وتقدم دعماً أعمى لها في حربها. وهي تشعر بثقة غير عادية بالنفس، أن «تعاقب» فرنسا، فتقرر ألا تسمح لها بالمشاركة في التسوية في لبنان، مع العلم أن الحكومة الإسرائيلية نفسها كانت قد توجهت عدة مرات إلى باريس تتوسل تدخلها، خصوصاً خلال الحرب على لبنان.

حوار هامس بين ماكرون وميقاتي اللذين تجمعهما علاقة قوية (إ.ب.أ)

يُذكر أن الإسرائيليين ما زالوا ينظرون بتفاؤل إلى جهود المبعوث الأميركي عاموس هوكستين، لوقف النار في لبنان. وينتظرون قراراً من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يحسم فيه موقفه النهائي. فهو ما زال يدير محادثات مع رفاقه وحلفائه في اليمين المتطرف الرافضين للاتفاق والذين يطالبون بألا يسمح بعودة المواطنين اللبنانيين إلى قراهم على الحدود مع إسرائيل، وتحويل الحزام الأمني إلى منطقة خالية من السكان إلى الأبد وزرعها بالألغام.

محادثات هوكستين

ومع ذلك، فإن مصادر سياسية ادعت أن ما يعوق الاتفاق حتى الآن هو لبنان. ووفقاً لما نقلته «القناة 12» الإسرائيلية، فإن هوكستين أبدى «موقفاً حازماً وغير متهاون» خلال محادثاته مع الجانب اللبناني؛ إذ قدّم شروطاً واضحة نُقلت إلى «حزب الله»، وهو ما قالت القناة إنه «أدى إلى إحراز تقدم ملحوظ» في المحادثات.

وتوقعت جهات إسرائيلية أن يتم التوصل إلى اتفاق خلال أيام. وأفادت القناة بأن هوكستين قال في محادثات مغلقة مع مسؤولين إسرائيليين، خلال زيارته الأخيرة إلى تل أبيب التي وصل إليها قادماً من بيروت بعد محادثات مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي: «وضعت أمامهم (في إشارة إلى المسؤولين اللبنانيين) إنذاراً نهائياً، ويبدو أنه كان فعّالاً».

عقبة إيران

لكن القناة أكدت أنه على الرغم من «الأجواء الإيجابية»، فإن مصادر دبلوماسية وصفتها بـ«المطلعة»، تشير إلى «عقبة رئيسة ما زالت قائمة»، وهي أن «لبنان لم يحصل بعدُ على الموافقة النهائية المطلوبة من إيران التي تملك نفوذاً كبيراً على (حزب الله)».

وضمن التطورات الأخيرة، زار قائد القيادة الوسطى الأميركية (سنتكوم) الجنرال مايكل كوريلا، إسرائيل، الجمعة، وعقد اجتماعاً مع رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هليفي. وناقش الطرفان تفاصيل آلية رقابة أميركية على أنشطة الجيش اللبناني.

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي من لقاء كوريلا وهليفي في تل أبيب

ووفقاً لمسودة الاتفاق الجاري إعدادها، سيتعين على الجيش اللبناني تنفيذ عملية شاملة لإزالة الأسلحة من قرى جنوب لبنان، على أن تتولى قوات تابعة للقيادة الوسطى الأميركية (سنتكوم)، مهمة «الإشراف على تنفيذ العملية ومراقبتها». وفي الوقت الذي تسير فيه المحادثات الدبلوماسية، يستمر الجيش الإسرائيلي في ممارسة ضغوط عسكرية عبر تكثيف الغارات الجوية ومحاولة توسيع عملياته البرية في إطار توغل قواته جنوب لبنان، كما أصدر هليفي تعليماته بمواصلة إعداد خطط عملياتية شاملة.

سيناريوهات

وقالت «القناة 12» إن ذلك يأتي في ظل الاستعدادات الإسرائيلية لإمكانية «انهيار المفاوضات أو خرق الاتفاق من جانب (حزب الله)». وأفادت بأن الجانب الإسرائيلي يرى أن «هذه السيناريوهات قد تستدعي تنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي اللبنانية». وذكرت القناة أن «إحدى القضايا التي لا تزال بحاجة إلى حلّ، هي تشكيل اللجنة التي تشرف على تنفيذ الاتفاق بين إسرائيل ولبنان»، مشيرة إلى أن تل أبيب «تصرّ على ألّا تكون فرنسا جزءاً من الاتفاق، ولا جزءاً من اللجنة التي ستشرف على تنفيذه».