تركيا متشائمة حيال انضمامها لـ«الأوروبي»... وإردوغان: قد نفترق إذا لزم الأمر  

رفضت تقريراً أميركياً اتهمها بتجنيد الأطفال والاتجار بالبشر

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى إلقائه خطاباً بأنقرة في 6 سبتمبر (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى إلقائه خطاباً بأنقرة في 6 سبتمبر (رويترز)
TT

تركيا متشائمة حيال انضمامها لـ«الأوروبي»... وإردوغان: قد نفترق إذا لزم الأمر  

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى إلقائه خطاباً بأنقرة في 6 سبتمبر (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى إلقائه خطاباً بأنقرة في 6 سبتمبر (رويترز)

أبدت تركيا تشاؤماً حيال مساعيها لاستئناف مفاوضات الانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي. وأعلن الرئيس رجب طيب إردوغان أن أنقرة ستجري تقييماً قد يقود إلى «افتراق» طريقها عن التكتل، بينما رهن مسألة المصادقة على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) بقرار البرلمان التركي.

في الوقت نفسه، رفضت تركيا ما جاء في تقرير أميركي أدرجها ضمن قائمة الدول التي تقوم بـ«تجنيد الأطفال»، ضمن «تقرير الاتجار بالبشر لعام 2023».

وعاد إردوغان إلى لهجة الغضب والتصعيد ضد الاتحاد الأوروبي، بعدما لم تسفر زيارة قام بها إلى أنقرة مؤخراً مفوض سياسة الجوار والتوسع، أوليفر فارهيلي، عن نتائج. وطالب فارهيلي تركيا باستيفاء معايير الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون «إذا كانت ترغب في عضوية التكتل».

غضب من الاتحاد الأوروبي

قال إردوغان، في مؤتمر صحافي في مطار أتاتورك بإسطنبول لدى مغادرته إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة: «سنجري تقييمنا للتطورات، ويمكن أن نتخلى عن مشروع الانضمام إذا لزم الأمر».

رئيسة المفوضية الأوروبية تخاطب أعضاء البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ الأربعاء (إ.ب.أ)

وفي معرض تعليقه على موافقة البرلمان الأوروبي على تقرير تركيا لعام 2022 بأغلبية كبيرة (الأربعاء الماضي)، قال إردوغان: «الاتحاد الأوروبي يبذل جهوده لقطع العلاقات مع تركيا... تركيا ستقيّم الوضع، وإذا لزم الأمر ستفترق عن الاتحاد الأوروبي». وأكد تقرير المفوضية الأوروبية أن «عملية الانضمام لا يمكن استئنافها في ظل الظروف الحالية»، داعياً إلى البحث عن «إطار موازٍ وواقعي» للعلاقات مع تركيا.

وتقدمت تركيا بطلب للانضمام إلى التكتل عام 1999، وبدأت محادثات الانضمام عام 2005. وتم تجميدها عام 2018 بسبب تراجع الديمقراطية وسيادة القانون في البلاد.

ملف السويد والناتو

كما حث التقرير تركيا على الإسراع بالمصادقة على طلب السويد الانضمام إلى حلف الناتو. وفي هذا الشأن قال إردوغان إن «على السويد أن تفي بالتزاماتها قبل كل شيء... لا تكفي صياغة القانون (قانون مكافحة الإرهاب الذي دخل حيز التنفيذ في السويد أول يونيو الماضي)، بل يجب تطبيقه». وأضاف أن «إرسالهم (السويد) إرهابيين (في إشارة إلى أنصار حزب العمال الكردستاني) إلى المظاهرات تحت حماية الشرطة، يعني أن السويد لا تقوم بواجبها».

إردوغان يصافح رئيس وزراء السويد أولف كريستيرسون وبينهما الأمين العام لـ«الناتو» ينس ستولتنبرغ في ليتوانيا يوليو الماضي (رويترز)

ولفت الرئيس التركي إلى حديثه مع الرئيس الأميركي جو بايدن خلال قمة «مجموعة العشرين» في الهند الأسبوع الماضي، حيث تم التطرق إلى عضوية السويد في الناتو، ومسألة حصول تركيا على مقاتلات «إف - 16». وقال إن بايدن «تذرع بموافقة الكونغرس، ونحن أيضاً نقول إن لدينا البرلمان التركي». وأضاف أن الغرب يردد دائماً «السويد... السويد»، ونحن نقول لهم: «ما لم يتخذ برلماننا القرار، فمن غير الممكن لنا أن نقول (نعم) أو (لا). أولاً وقبل كل شيء، يجب على السويد أن تقوم بواجبها». وتابع: «إذا كان الأمر يتعلق بإحالة طلب انضمام السويد، فسنحيله إلى برلماننا، ولكن ما هو القرار الذي سيتخذه برلماننا؟ الأمر متروك لتقديره».

وكان إردوغان رهَن مصادقة أنقرة على طلب السويد، بإحياء مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد، الذي كشف الأسبوع الماضي عن خطة توسع كبير لم تشمل تركيا، التي ترغب في تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي الموقعة عام 1995، وإعفاء مواطنيها من تأشيرة دخول دول الاتحاد (شينغن).

تقرير أميركي

في غضون ذلك، أعلنت تركيا رفضها معلومات وردت في تقرير وزارة الخارجية الأميركية حول «تجنيد الأطفال» أدرجها ضمن «تقرير الاتجار بالبشر لعام 2023». وأكدت وزارة الخارجية التركية، في بيان رداً على ما جاء في التقرير الأميركي، أن تركيا تبذل قصارى جهدها لمنع جريمة الاتجار بالبشر، ومعاقبة المجرمين، وحماية الضحايا، وتواصل جهودها لتعزيز التعاون الثنائي والإقليمي والدولي في هذا الصدد.

لقاء جمع بايدن وإردوغان في فلنيوس يوليو الماضي (رويترز)

واتهم البيان أميركا بتسييس قضية حقوق الإنسان، قائلاً: «نرى أن قضية حقوق الإنسان تم تسييسها مرة أخرى في التقرير الأميركي... نرفض المزاعم المتعلقة بتجنيد الأطفال في بلادنا، التي هي طرف في الأنظمة الدولية الرئيسية، بما في ذلك تلك التي اعتمدتها الأمم المتحدة، فيما يتعلق بحماية حقوق الأطفال، وتنفذها بعناية».

وعبّر البيان عن أسف تركيا لتجاهل الجهود الكبيرة التي تبذلها لمنع الاتجار بالبشر، مضيفاً أنه «كان من المتوقع من واشنطن التي تقدم الدعمين العسكري والمالي لحزب العمال الكردستاني، ووحدات حماية الشعب الكردية، المتورطين بتجنيد الأطفال قسراً في أعمال إرهابية في العراق وسوريا، أن تواجه هذا الواقع قبل توجيه مثل هذا التشهير والافتراء ضد تركيا، الذي يتنافى مع روح التحالف».

وشدد البيان على أن تركيا ستواصل جهودها بإصرار، كما في الماضي، لمنع جريمة الاتجار بالبشر، اعتماداً على الاتفاقيات الإقليمية والدولية التي هي طرف فيها.


مقالات ذات صلة

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

شؤون إقليمية مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس «جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي» (الشاباك) رونين بار (وسائل إعلام إسرائيلية)

رئيس الشاباك زار تركيا للدفع بمفاوضات الأسرى مع «حماس»

كُشف النقاب عن زيارة سرية قام بها رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، إلى أنقرة، السبت الماضي، التقى خلالها مع رئيس جهاز المخابرات التركي، إبراهيم قالن.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مشاركته بقمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 19 نوفمبر 2024 (رويترز)

إردوغان: تركيا مستعدة إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم الأربعاء، إن تركيا مستعدة إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)
مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)
TT

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)
مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أنقرة أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

وقال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، الثلاثاء، إن «العلاقة بالجار العراق تحسنت بشكل كبير في المدة الأخيرة؛ مما جعل مهمة مكافحة الإرهاب أكثر فاعلية».

وأضاف غولر، في كلمة خلال مناقشة موازنة وزارة الدفاع لعام 2025 بلجنة الخطة والموازنة في البرلمان التركي، إن تركيا بدأت اتخاذ خطوات ملموسة مع العراق في إطار مذكرة التفاهم الخاصة بالتعاون الأمني والعسكري ومكافحة الإرهاب، الموقعة بين البلدين في أغسطس (آب) الماضي.

وتابع: «وبالمثل نتعاون، بشكل وثيق، مع حكومة إقليم كردستان في شمال العراق لضمان السلام في المنطقة، ولإنهاء وجود التنظيم الإرهابي (حزب العمال الكردستاني)».

وذكر غولر أن القوات التركية أغلقت جبهة زاب في شمال العراق بعد تطهيرها من مسلحي «العمال الكردستاني» ضمن عملية «المخلب - القفل»، المستمرة منذ أبريل (نيسان) 2022، وأضاف الوزير التركي: «أنشطتنا في المنطقة مستمرة بالوتيرة والتصميم نفسيهما (...) حرب تركيا ضد الإرهاب ستستمر دون هوادة حتى يختفي الإرهابيون الدمويون من هذه الجغرافيا».

وتسبب الصراع المسلح بين «حزب العمال الكردستاني» (التركي) والجيش التركي، طيلة العقود الأربعة الماضية، في تهجير سكان 800 قرية، وسقوط مئات الضحايا من المدنيين بإقليم كردستان العراق شمال البلاد.

غولر خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان التركي (وزارة الدفاع التركية)

كذلك، تسببت العمليات العسكرية التركية في خلافات بين بغداد وأنقرة على مدى سنوات، حيث عدّها العراق «انتهاكاً لسيادته»، بينما تمسكت تركيا بأنها ضرورية لحماية أمنها وشعبها، وبأنها تنفذها في إطار القانون الدولي وحق الدفاع المشروع عن النفس.

وشهدت العلاقات بين البلدين الجارين تحسناً منذ العام الماضي، وأجريا جولات من المحادثات رفيعة المستوى بشأن القضايا الأمنية والتنموية وقضايا المياه والطاقة والتعاون في مشروع «طريق التنمية».

وأعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، خلال زيارته بغداد في أبريل الماضي، أن العلاقات بين البلدين دخلت مرحلة جديدة.

وصنف العراق، قبيل زيارة إردوغان، «حزب العمال الكردستاني» تنظيماً محظوراً، لكن تركيا ترغب في إعلانه «منظمة إرهابية» من جانب بغداد.

ولفت غولر إلى أن «البيئة الأمنية في المنطقة باتت أكثر تعقيداً من أي وقت مضى، والعالم يمر بفترة حساسة يهتز فيها ميزان القوى الدولي، وتزداد الصراعات على النفوذ، وتتصاعد فيها التوترات الجيوسياسية».

وأكد الحاجة الماسة إلى «هيكل دفاعي قوي من أجل التعامل بفاعلية مع جميع التهديدات التي تحيط بتركيا»، مشدداً على أن القوات التركية «ستواصل مكافحة التنظيمات الإرهابية داخل وخارج البلاد».

في السياق ذاته، أعلنت وزارة الدفاع التركية مقتل 10 من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» في مناطق بشمال العراق.

وقالت الوزارة، في بيان، إنه قُضي على هذه العناصر في عمليات للقوات التركية بمناطق كارة وهاكورك ومتينا في شمال العراق.

وشددت على أن «مكافحة التنظيمات الإرهابية ستستمر أينما وُجدت، حتى القضاء على آخر إرهابي».