طهران متمسكة برفع «جميع عقوبات التسلح» رغم تعثر إحياء «النووي»

الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير دفاعه محمد رضا أشتياني خلال مراسم الكشف عن مسيّرة «مهاجر 10» الشهر الماضي (الرئاسة الإيرانية)
الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير دفاعه محمد رضا أشتياني خلال مراسم الكشف عن مسيّرة «مهاجر 10» الشهر الماضي (الرئاسة الإيرانية)
TT

طهران متمسكة برفع «جميع عقوبات التسلح» رغم تعثر إحياء «النووي»

الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير دفاعه محمد رضا أشتياني خلال مراسم الكشف عن مسيّرة «مهاجر 10» الشهر الماضي (الرئاسة الإيرانية)
الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير دفاعه محمد رضا أشتياني خلال مراسم الكشف عن مسيّرة «مهاجر 10» الشهر الماضي (الرئاسة الإيرانية)

قال وزير الدفاع الإيراني محمد رضا أشتياني: إن جميع العقوبات على التسلح الإيراني ستنتهي في 18 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، مع حلول بند الغروب المنصوص عليه في الاتفاق النووي الهش، منذ انسحاب دونالد ترمب من الاتفاق حتى تعثر جهود إدارة جو بايدن لإنعاشه بإعادة طهران إلى القفص النووي.

وأعلن أشتياني استعداد وزارته لإقامة علاقات واسعة النطاق في المجالات الدفاعية والاستراتيجية مع الدول المستقلة كافة، والتي تشارك بلاده في التوجهات، خصوصاً الجوار الإقليمي، والدول الإسلامية، حسبما أوردت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري».

وقال أشتياني: إن «جميع العقوبات الظالمة ستنتهي الشهر المقبل». وكانت وكالة «الحرس الثوري» تقتبس من مقال نشرته صحيفة حكومية إيرانية في وقت سابق من هذا الأسبوع بمناسبة يوم الصناعات العسكرية الإيرانية.

وقبل ذلك بيومين، أدلى قائد قوة الدفاع الجوي في الجيش الإيراني، علي رضا صباحي فرد بتصريحات مماثلة، معلناً استعداد إيران للتعاون العسكري مع دول المنطقة.

وكانت تقارير صحافية قد ذكرت في يونيو (حزيران) الماضي، أن طهران تلقت بلاغات منفصلة من الاتحاد الأوروبي والترويكا الأوروبية الثلاثة، بشأن خطط أوروبية للإبقاء على عقوبات الصواريخ الباليستية والمسيّرات، التي تنتهي بعض قيودها حسب الجدول الزمني للاتفاق النووي في أكتوبر.

ويعود إبقاء العقوبات في الأساس إلى ثلاثة عوامل: استخدام روسيا طائرات إيرانية مسيّرة في حرب أوكرانيا، واحتمال نقل إيران صواريخ باليستية إلى روسيا، وحرمان إيران من المزايا التي يمنحها لها الاتفاق النووي بالنظر إلى انتهاكها الاتفاق.

والشهر الماضي، أبرمت واشنطن وطهران، اتفاقاً لتبادل السجناء، ويتضمن إطلاق أصول إيران المجمدة في كوريا الجنوبية. وذكرت تقارير أن هناك «تفاهماً غير مكتوب» أوسع نطاقاً بين الجانبين لخفض التوترات. ويشمل خفض طهران لإنتاج اليورانيوم.

وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» نقلاً عن مصادر مطلعة في 16 أغسطس (آب)، أن الولايات المتحدة تضغط على إيران للتوقف عن بيع طائرات مسيّرة مسلحة إلى روسيا في إطار مباحثات على التفاهم المحدود.

ويتضمن القرار 2231، بنوداً تدعو إيران إلى عدم اتخاذ خطوات لتطوير صواريخ باليستية، يمكنها حمل أسلحة نووية، أو يمكن تطويرها لاحقاً لحمل سلاح نووي. ويحظر القرار أي معاملات أو نقل الطائرات المسيّرة التي تتخطى 300 كيلومتر، دون موافقة مسبقة من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

غير أن إيران لم تلتزم بقيود الحد من تطوير الصواريخ الباليستية، ومنذ الأسابيع الأول على سريان الاتفاق النووي، اختبرت صواريخ باليستية، وأطلقت أقماراً اصطناعية إلى الفضاء، وهي أنشطة تثير توجساً لدى الدول الغربية من احتمال استخدامها لتطوير صواريخ عابرة للقارات.

ولا تلتزم إيران بالكثير من بنود الاتفاق النووي، بعد اتخاذ مرحلتين من خفض التزامات الاتفاق، بدأت الأولى في مايو (أيار) 2019 بعد عام من فرض العقوبات الأميركية. وباشرت طهران المرحلة الثانية، في الأسابيع الأولى من عهد الرئيس الأميركي جو بايدن، بموجب قانون أقرّه البرلمان الإيراني مطلع ديسمبر (كانون الأول) 2020.

وفي المرحلة الثانية، رفعت طهران تخصيب اليورانيوم إلى 20 في المائة، ثم 60 في المائة بمنشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم، ولاحقاً في منشأة فوردو الواقعة تحت الأرض. وأوقفت العمل بالبروتوكل الإضافي لمعاهدة حظر الانتشار النووي، بإغلاق كاميرات المراقبة الإضافية التي تراقب أنشطتها الحساسة.

وخلال فترة حسن روحاني، قالت الحكومة الإيرانية: إن تلك الخطوات ستتراجع عنها إذا ما عادت الولايات المتحدة للاتفاق ورفعت العقوبات عن طهران. ولكن حكومة إبراهيم رئيسي تعهدت بالإبقاء على قانون «الخطوة الاستراتيجية»، خصوصاً في ظل مطالبة المرشد الإيراني علي خامنئي باستمرار القانون، واصفاً إياه بأنه أنقذ البرنامج الإيراني من الضياع.

وأكدت تقارير سرية للوكالة الدولية للطاقة الذرية تباطؤ نمو تخصيب اليورانيوم الإيراني القريب من المستوى المستخدم في صناعة القنبلة الذرية، إلى نحو الثلث، أي من تسعة كيلوغرامات في كل شهر، تنتج حالياً ثلاثة كيلوغرامات بنسبة 60 في المائة.

ولا تزال طهران، لديها مخزون كبير من اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، بما يصل 121.6 كيلوغرام، ما يعادل الكمية المطلوبة لتطوير ثلاث قنابل. ويقول الخبراء: إن المخزون قد ينخفض إذا رُفع التخصيب إلى نحو 90 في المائة.

وأعربت الوكالة الدولية عن أسفها أن طهران لم تحرز تقدماً في التحقيق المفتوح بشأن موقعين سريين، وكذلك، عدم حصولها على تسجيلات كاميرات المراقبة، التي عطلت طهران بعضها قبل عامين.

ورفض المتحدث باسم الخارجية الأميركية، فيدانت باتيل، التعليق على ما ذكرت التقارير الصحافية نقلاً عن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقال للصحافيين مساء الثلاثاء: إن «إنتاج إيران اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60 في المائة، ليس له غرض سلمي موثوق به». وأضاف «لا توجد دولة أخرى في العالم اليوم تستخدم اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة لغايات مزعومة».

وتأمل طهران في توصل المحادثات النووية إلى نتيجة للتوصل إلى تسوية سياسية لإغلاق الملف المفتوح بشأن المواقع السرية.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، ألقى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، المسؤولية على الأطراف الغربية، في تعثر آخر محاولات مسؤول السياسية الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في سبتمبر (أيلول) العام الماضي، لإحياء الاتفاق النووي.

وتركت طهران الباب مفتوحاً لإجراء مفاوضات نووية، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في وقت لاحق من هذا الشهر؛ وهو ما يضعف احتمال اتخاذ إجراءات ضدها في الاجتماع الفصلي للوكالة الدولية في فيينا الأسبوع المقبل.

وليس من الواضح بعد ما إذا كانت الدول الأوروبية ستمضي قدماً في الإبقاء على قيود برنامج التسلح الإيراني. وهذه المرحلة الثانية من القيود المدرجة على جدول أعمال الاتفاق النووي. وكانت الأولى في أكتوبر 2020، حينها حاولت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، أن تدفع مجلس الأمن إلى تمديد حظر السلاح المفروض على طهران.


مقالات ذات صلة

قيادي في «الحرس»: موّلنا انفصاليي إسبانيا لاغتيال بختيار

شؤون إقليمية رفيق دوست يرتدي الزي العسكري خلال مراسم تكريمه ويُبدي نظرة نحو محسن رضائي في 24 فبراير 2025 (مهر)

قيادي في «الحرس»: موّلنا انفصاليي إسبانيا لاغتيال بختيار

أثار قيادي سابق في «الحرس الثوري» جدلاً بتصريحاته حول تورط إيران في اغتيال معارضين في أوروبا، حيث نفذت منظمة «إيتا» الباسكية العمليات بتمويل إيراني.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية إحدى بوابات مقر وزارة الخارجية الإيرانية في طهران (أرشيفية - «إيرنا»)

إيران تستدعي السفير السويدي مع تصاعد التوتر بين البلدين

استدعت وزارة الخارجية الإيرانية، الاثنين، السفير السويدي في طهران، احتجاجاً على التصريحات «غير اللائقة» و«التدخلية» التي أدلى بها وزير التعليم السويدي.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية المدمرة الصينية الموجهة بالصواريخ «باوتو» (133) (يسار) خلال المناورات العسكرية المشتركة بين إيران وروسيا والصين في خليج عمان (أ.ف.ب)

طهران تحتج على التلويح الأميركي بالخيار العسكري

احتجّت طهران على التهديدات الأميركية باستخدام الخيار العسكري ضد برنامجها النووي، مشدّدة على عدم تلقيها أي رسالة من ترمب، ومنددة بقرار واشنطن سحب إعفاء العراق.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية 
ترمب يتحدث من المكتب البيضاوي في البيت الأبيض الجمعة (أ.ف.ب)

طهران تدرس التفاوض مع واشنطن

أعلنت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة استعداد طهران للتفاوض مع واشنطن بشأن المخاوف من الأبعاد العسكرية لبرنامجها النووي، لكنها ترفض أي محادثات لتفكيكه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية بزشكيان مترئساً اجتماع الحكومة الإيرانية الأحد (الرئاسة الإيرانية)

إيران تدرس محادثات مع واشنطن لضمان «سلمية» برنامجها النووي

قالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة إن طهران ستدرس إجراء مفاوضات مع واشنطن لمعالجة المخاوف النووية، مع تشديدها على رفض تفكيك برنامجها.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

الخلافات بين نتنياهو وبار وصلت إلى ذروتها 

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اجتماع مع قادة عسكريين (أرشيفية - مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اجتماع مع قادة عسكريين (أرشيفية - مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي)
TT

الخلافات بين نتنياهو وبار وصلت إلى ذروتها 

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اجتماع مع قادة عسكريين (أرشيفية - مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اجتماع مع قادة عسكريين (أرشيفية - مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي)

يبدو أن الخلاف بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، بلغ ذروته، وهو ما ظهر جلياً عندما تغيب بار عن اجتماع مجلس الوزراء المصغر الذي عُقد في وقت متأخر يوم الأحد.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية «كان» إن بار تغيب على خلفية نيات مكتب رئيس الوزراء إقالته من منصبه. وحسب مصادر مطلعة، كان بار «منشغلاً بمهام ميدانية أخرى، وحضر نائبه الاجتماع بدلاً عنه».

وجاء تغيُّب بار في ظل ضغوط يمارسها مكتب نتنياهو عليه للاستقالة، بعد أن قدَّم «الشاباك» نتائج تحقيق حول أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وكان بار قد أكد بعد تقديم «الشاباك» ملخصاً لنتائج التحقيق نهاية الأسبوع الماضي أن جهاز الأمن «لم يمنع مذبحة السابع من أكتوبر»، مضيفاً: «وبصفتي رئيساً للمؤسسة، سأظل أحمل هذا العبء الثقيل على كاهلي لبقية حياتي».

وتحدثت «القناة 12» أيضاً عن تغيب بار عن اجتماع «الكابينت»، وقالت إن ذلك كان بعد لقاء متوتر للغاية بينه وبين نتنياهو يوم الخميس الماضي طلب فيه رئيس الوزراء منه الاستقالة، لكنه رفض.

ومن المقرر أن تنتهي فترة ولاية بار في أكتوبر 2026.

وقال مقربون منه لـ«القناة 12» إنه لا ينوي إنهاء ولايته الآن. ونقلت القناة عنه قوله في محادثة مع موظفي «الشاباك» إنه يعتزم الاستقالة بعد إعادة جميع المحتجزين من غزة وبعد تشكيل لجنة تحقيق حكومية.

وأضاف أن بديله سيكون أحد نائبيه، وهو تصريح أثار غضب مكتب رئيس الوزراء الذي أصر على أن الحكومة هي التي تقرر من يشغل المنصب.

أزمة ثقة

على مر العقود، كان رؤساء «الشاباك» يرشحون نوابهم بدلاء محتملين لرئاسة الجهاز، وكانت القيادة السياسية تختار دائماً أحد نائبي رئيس الجهاز؛ باستثناء حالة واحدة، عند تعيين عامي أيالون في المنصب عام 1996، وكان قائداً للبحرية آنذاك.

ولأن هناك «أزمة ثقة حقيقية» بين نتنياهو وبار، حسبما أوردت «القناة 12»، ولأن العلاقات بينهما متوترة للغاية، يريد رئيس الوزراء له أن يرحل؛ لكن «الشاباك» يحقق الآن داخل مكتب نتنياهو، وقد يكون هناك عائق قانوني، إضافة إلى احتمال وجود قلق من رد الفعل الشعبي.

وفي محاولة لتكبيل يد نتنياهو، توجه عضو الكنيست رام بن باراك من حزب «يش عتيد» إلى المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف - ميارا، مطالباً إياها بالتدخل لمنع إقالة رئيس «الشاباك».

وكتب بن باراك، في رسالته، أنه من «من غير المقبول أن يعمل رئيس الوزراء، الذي يخضع مقربون منه لتحقيقات (الشاباك)» على إقالة رئيس الجهاز في خضم تحقيقات حساسة.

وتواجه أيضاً المستشارة القانونية للحكومة خطر الإقالة قريباً.

وقالت قناة «كان» إن الحكومة تدفع بإجراءات لعزل بهراف - ميارا من منصبها. ومن المقرر أن يعقد مجلس الوزراء جلسة في الثالث والعشرين من الشهر الحالي ليعبّر الوزراء عن عدم ثقتهم بها؛ وبعد ذلك بنحو أسبوعين ستعقد الحكومة جلسة أخرى للإعلان عن تنحيتها.

ووصف المستشار القانوني السابق للحكومة أفيحاي مندلبليت التحركات صوب تنحية المستشارة الحالية بأنه تهديد للديمقراطية.

ورجّح أن تتوقف المبادرة في المحكمة العليا، مضيفاً: «نحن لا نتحدث عن إصلاح قضائي بل عن انقلاب سلطوي».