روحاني ولاريجاني ينتظران «إشارات إيجابية» للمشاركة في الانتخابات

رئيسي تعهد بعدم التدخل بشؤون المرشحين... وغضب برلماني من وزير الداخلية

روحاني ولاريجاني على هامش مناسبة في طهران أمس (جماران)
روحاني ولاريجاني على هامش مناسبة في طهران أمس (جماران)
TT

روحاني ولاريجاني ينتظران «إشارات إيجابية» للمشاركة في الانتخابات

روحاني ولاريجاني على هامش مناسبة في طهران أمس (جماران)
روحاني ولاريجاني على هامش مناسبة في طهران أمس (جماران)

ذكرت مصادر إصلاحية أن الرئيس السابق حسن روحاني، وحليفه رئيس البرلمان السابق علي لاريجاني، ينتظران «إشارات إيجابية» من السلطة، للانخراط في الأنشطة الانتخابية الهادفة إلى انتخاب برلمان جديد، في عملية الاقتراع المقررة في فبراير (شباط) المقبل.

ويتطلع لاريجاني وروحاني، المحسوبان على التيار المحافظ المعتدل، إلى تجديد التحالف مع «التيار الإصلاحي» للعودة إلى واجهة المشهد السياسي، بعد انحسار دورهما في مراكز صنع القرار، على الرغم من التمسك بموقعيهما بين النخبة السياسية المؤيدة للمؤسسة الحاكمة.

وأفاد موقع «إنصاف نيوز» الإصلاحي بأن الوجوه البارزة في التيار المعتدل ستشرع في الأنشطة الانتخابية إذا رأت إشارات إيجابية من السلطة.

وقالت مصادر للموقع إن روحاني ولاريجاني سيلعبان دوراً بارزاً في الانتخابات التشريعية المقبلة، عبر تقديم قائمة انتخابية مشتركة، في حال استيفاء الشروط اللازمة للمشاركة «المشرفة والقانونية».

ووفق المصادر؛ فإن القائمة ستحظى بتأييد الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي، وحليفه حسن الخميني حفيد ورئيس «مؤسسة المرشد الإيراني» المؤسس (الخميني)، وعلي أكبر ناطق نوري؛ أحد أعمدة «التيار المعتدل» الإيراني، والمقرب من المرشد علي خامنئي. ويشكل هؤلاء الثلاثة، بالإضافة إلى روحاني ولاريجاني، ما تسمي «لجنة المعتدلين».

ويرى هؤلاء أن خاتمي ونوري بسبب موقعهما بين الإصلاحيين والمعتدلين يمكنهما مساعدة التيارين وتشجيع أنصارهما على المشاركة في الانتخابات، «إذا توافرت الشروط».

حسن الخميني يتوسط وزيري الخارجية والداخلية السابقين محمد جواد ظريف وعبد الرضا رحماني فضلي على هامش مناسبة في طهران (جماران)

أما عن حسن الخميني؛ فقد ذكر موقع «إنصاف نيوز» أنه «شخصية مركزية لدى المعتدلين، ويمكن أن يؤثر على الأحداث السياسية والاجتماعية في البلاد بشكل أكثر جدية من السابق».

ومع ذلك، قال مصدر مقرب من هؤلاء إن القضايا المطروحة حول الأنشطة الانتخابية للرئيس السابق، ورئيس البرلمان السابق، «أشبه بالتكهنات، والتحليل». وقال إن «خلفية روحاني ولاريجاني تظهر أنهما ليسا من أهل التحركات غير المحسوبة في مثل هذه القضايا، ومن أجل أنشطة انتخابية كهذه ينتظرون إشارات إيجابية من قبل السلطة، وهو ما لم يُرَ حتى الآن».

وأشار موقع «إنصاف نيوز» الإصلاحي إلى بعض التحفظ من حاشية الشخصيات الخمسة، خشية الانخراط في الأنشطة الانتخابية دون توفير متطلبات المشاركة. ولكنه قلل من تأثير ذلك على تقارب الإطار الجديد، نظراً لنشاط موقع «خبر أونلاين» التابع لمكتب لاريجاني، وموقع «جماران» الإخباري؛ المنبر الإعلامي لفريق الخميني.

وتوقع الموقع أن تلاقي فكرة «الائتلاف الانتخابي المعتدل» ترحيباً من «الائتلاف المحافظ» الذي يسيطر على الحكومة و غالبية مقاعد البرلمان؛ لأنه «من دون منافس؛ لن تبرز أنشطتهم السياسية؛ خصوصاً في الانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرتين».

ويعيش روحاني شبه عزلة بعد ترك منصب الرئاسة؛ إذ لم يصدر المرشد علي خامنئي قراراً بتعيينه في عضوية «مجلس تشخيص مصلحة النظام»، مثلما فعل مع أحمدي نجاد.

انتخابات حساسة

وكان روحاني قد أعطى للتكهنات دفعة في أبريل (نيسان) الماضي، عندما طالب بإقامة انتخابات حرة، وإجراء استفتاء عام في مجالات السياسة الخارجية والداخلية وإدارة الاقتصاد.

بدوره؛ لاريجاني، الذي جلس على كرسي رئاسة البرلمان لمدة 12 عاماً متتالية، تراجع دوره إلى حد كبير في الساحة السياسية الإيرانية، بعد إبعاده من الانتخابات الرئاسية، بقرار من «مجلس صيانة الدستور».

وبالإضافة إلى الانتخابات البرلمانية، ستشهد إيران انتخابات «مجلس خبراء القيادة». ويضم المجلس 88 رجل دين متنفذاً، ومن أبرز مهامه تسمية خليفة المرشد الحالي في حال تعذر ممارسة مهامه.

وتجرى الانتخابات كل 8 سنوات؛ ونظراً إلى الترقب بشأن خليفة المرشد علي خامنئي (83 عاماً)، تحظى هذه الانتخابات، مثل الانتخابات السابقة، بحساسية إضافية. وكانت الانتخابات الماضية قد أثارت جدلاً في الأوساط الإيرانية بعد إبعاد حسن الخميني من قائمة المرشحين لعدم استيفاء الشروط.

ويمكن أن يكون روحاني وحسن الخميني وكذلك نوري ضمن قائمة المرشحين لـ«المجلس»، خصوصاً أن حفيد الخميني يعدّ من المرشحين الأساسيين لتولي خلافة خامنئي.

كما تنظر السلطات بحساسية بالغة إلى الانتخابات التشريعية المقبلة، نظراً إلى الاحتجاجات الشعبية واسعة النطاق التي اتهمت السلطاتُ القوى الغربية بـ«دعمها» في أعقاب وفاة الشابة الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول) الماضي.

تأكيد على المشاركة

وكان المرشد الإيراني علي خامنئي قد رفض طلبات الاستفتاء حول تقرير مصير أصل المؤسسة الحاكمة لتخطي الهيكل الحالي وإقامة نظام علماني، أو طريقة تنفيذ الانتخابات والبت في أهلية المرشحين.

وحض خامنئي في أحد خطاباته في أبريل (نيسان) الماضي كبار المسؤولين على تحديد استراتيجيات المشاركة والتنافس والأمن والنزاهة في انتخابات البرلمان المقبلة. وحينها أعلن «مجلس صيانة الدستور» أنه باشر وضع إجراءات لانتخابات فبراير المقبل.

وفي الأسابيع الأخيرة؛ أصدر وزير الداخلية، أحمد وحيدي، تعليمات لحكام المحافظات بتقليل التواصل والتعاون مع نواب البرلمان، على بعد 250 يوماً من دخول الفعاليات الانتخابية.

 

وأشعل قرار وحيدي غضب نواب البرلمان، الذين حركوا طلبات لمساءلته في البرلمان، لكن رفضت رئاسة البرلمان طرح تلك الطلبات واستدعاء الوزير حتى الآن. وقال رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف: «نظراً إلى بداية عمل لجنة الانتخابات، فقد طلب الوزير تأجيل الاستجواب لمدة أسبوعين».

 

وفي إشارة ضمنية إلى الاتهامات التي طالت وزير الداخلية، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إن «الحكومة بصفتها مديرة للانتخابات؛ لن تتدخل في شؤون المرشحين».

 

ونقل موقع الرئاسة الإيرانية عن رئيسي قوله في اجتماع الحكومة الأحد إن «إجراء الانتخابات النزيهة، التنافسية، وبمشاركة مرتفعة، من أسباب تعزيز الأمن القومي والثقة العامة»، مشدداً على ضرورة مشاركة جميع الأجهزة «في انتخابات تنافسية».

 

وقال عضو اللجنة الثقافية، النائب إسماعيل كوثري، الأحد، وهو جنرال بارز في «الحرس الثوري»، إن مساءلة وزير الداخلية «غير مقبولة. يجب انتظار الأيام المقبلة لنرى إلى أين تؤدي القضية»، وفقاً لوكالة «إيسنا» الحكومية.

 

وقال ممثل محافظة أصفهان، النائب حسين علي حاجي دليغاني: «كلنا ملزمون برفع الموانع من أمام المشاركة في الانتخابات». وقال: «من أجل الهدف الأول؛ يجب كبح جماح الغلاء وكبح زيادة الأسعار». ودعا أيضاً إلى «تحويل أقوال المسؤولين إلى أفعال».  

وقال الناشط السیاسي المحافظ محمد مهاجري في تغريدة على «تويتر» إن «هناك أنباء من داخل حكومة إبراهيم رئيسي تشير إلى عقد جلسات منتظمة ومشتركة بين بعض الوزراء ونواب الرئيس مع أعضاء (جبهة باريدي) من أجل تنظيم وهندسة أخبار البرلمان».

تحرك إصلاحي

في سياق متصل، اتفقت الأحزاب الإصلاحية المنضوية تحت خيمة «جبهة الإصلاحات» على تسمية الناشطة آذر منصوري، الأمينة العامة لحزب «اتحاد ملت (اتحاد الشعب)» الإصلاحي، رئيسةً لـ«الجبهة»، وفق ما ذكر موقع «اعتماد أونلاين».

 

وتحل منصوري (59 عاماً)، التي تربطها صلات وثيقة بالرئيس الأسبق محمد خاتمي، محل الناشط الإصلاحي بهزاد نبوي الذي شغل المنصب لمدة عامين.

 

وكانت منصوري من بين الناشطين الإصلاحيين الموقوفين بعد احتجاجات «الموجة الخضراء» التي ضربت البلاد عقب تشكيك الإصلاحيين في سلامة الانتخابات الرئاسية عام 2009، التي فاز فيها الرئيس الأسبق المحافظ المتشدد محمود أحمدي نجاد بولاية ثانية، قبل أن تتدهور علاقاته بحلفائه المحافظين.


مقالات ذات صلة

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

شؤون إقليمية رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

توقع مسؤول إيراني بارز تغيّر المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الربع السنوي في فيينا play-circle 01:24

دول غربية تدعو إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت دول غربية إيران إلى «تدمير اليورانيوم 60 % فوراً»، فيما رجحت تقارير أن يصوت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قرار ضد إيران غداً الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية مسيرات انتحارية من طراز «شاهد 136» خلال العرض العسكري السنوي للجيش الإيراني بطهران (تسنيم)

تقرير: إيران تخفي برامج الصواريخ والمسيرات تحت ستار أنشطة تجارية

قالت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية إن إيران لجأت إلى قطاعها التجاري لإخفاء تطويرها للصواريخ الباليستية، في خطوة للالتفاف على العقوبات الدولية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
TT

الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)

لم تعلق فرنسا رسمياً على المعلومات الواردة من إسرائيل والتي تفيد بأن الطرف الإسرائيلي نقل إلى المبعوث الأميركي آموس هوكستين رفضه مشاركة فرنسا في اللجنة الدولية المطروح تشكيلها، بمشاركة الولايات المتحدة وفرنسا، للإشراف على تنفيذ القرار الدولي رقم 1701 الذي يعد حجر الأساس لوقف الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حزب الله»، كما رفضها الربط بين وقف النار وإيجاد حلول للمشاكل الحدودية بينها وبين لبنان، إن بالنسبة للنقاط الخلافية المتبقية على «الخط الأزرق» أو بالنسبة لمزارع شبعا وكفرشوبا وقرية الغجر.

 

ماذا يريد نتنياهو؟

 

وجاء رفض تل أبيب بحجة أن باريس تنهج «سياسة عدائية» تجاهها، في الإشارة إلى التوتر الذي قام بين الطرفين منذ سبتمبر (أيلول) الماضي وكانت قمته دعوة الرئيس ماكرون إلى وقف تزويد إسرائيل بالسلاح، لكونه «الوسيلة الوحيدة لوقف الحرب»، ما عدّه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو «عاراً» على فرنسا، كما حال اعتبار ماكرون أن ما تقوم به إسرائيل في غزة «مجازر». وجاء قرار الحكومة الفرنسية، مرتين، بمنع شركات دفاعية إسرائيلية من المشاركة بمعداتها في معرضين دفاعيين ثانيهما الشهر الماضي، ليزيد من التوتر الذي تفاقم مع التصرف «الاستفزازي» لعناصر أمن إسرائيليين بمناسبة زيارة وزير الخارجية جان نويل بارو لإسرائيل الأخيرة، وما تبعه من استدعاء السفير الإسرائيلي في باريس للاحتجاج رسمياً على ما حصل.

بيد أن ماكرون سعى لترطيب الأجواء مع نتنياهو من خلال إرسال إشارات إيجابية؛ منها الإعراب عن «تضامنه» مع إسرائيل بسبب ما تعرض له فريقها الرياضي في أمستردام، وحرصه لاحقاً على حضور مباراة كرة القدم بين فريقهما. كذلك لم توقف باريس تصدير مكونات عسكرية لإسرائيل بوصفها «دفاعية»، وتستخدم في إنشاء وتشغيل «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ. كذلك، سمحت مديرية الشرطة، الأسبوع الماضي، بقيام مظاهرة أو تجمع في باريس بدعوة من مجموعات يهودية متطرفة منها. وبالتوازي مع المظاهرة، حصل احتفال ضم شخصيات يهودية من كثير من البلدان تحت عنوان «إسرائيل إلى الأبد»، وذلك رغم المطالبات بمنعها.

بيد أن ذلك كله لم يكن كافياً بنظر نتنياهو. وقال سفير فرنسي سابق لـ«الشرق الأوسط»، إن نتنياهو «وجد فرصة فريدة لإحراج فرنسا، لا بل الحط من قيمتها ومن دورها، وذلك برفض حضورها في اللجنة». ويضيف المصدر المذكور أن باريس «تتمتع بالشرعية الأهم والأقوى» لتكون طرفاً فاعلاً في اللجنة، باعتبار أن جنودها موجودون في لبنان منذ عام 1978، وأنها صاحبة فكرة إنشاء «اللجنة الرباعية» في عام 1996، التي أنهت آنذاك الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، حيث لعب وزير الخارجية الأسبق هيرفيه دو شاريت الدور الأكبر في وقفها. ويذكر المصدر أخيراً أن باريس قدمت مشروعاً لوقف الحرب، منذ بداية العام الحالي بالتوازي مع الجهود التي بذلها هوكستين، وما زال، وأن التنسيق بين الطرفين «متواصل». وأعاد المصدر إلى الأذهان أن ماكرون والرئيس بايدن أطلقا، منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وعلى هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، مبادرة مشتركة لوقف إطلاق النار والخوض في مباحثات لاحقة لتسوية الخلافات القائمة بين لبنان وإسرائيل والعودة إلى العمل جدياً بالقرار الدولي رقم 1701. ولاكتمال الصورة، تتعين الإشارة إلى أن «حزب الله» رفض مشاركة ألمانيا وبريطانيا، علماً بأن الأولى موجودة داخل «اليونيفيل»، لا بل إنها تشرف على قوتها البحرية، ما قد يدفع إلى اعتبار أن نتنياهو رفع «البطاقة الحمراء» بوجه فرنسا، ليبين من جهة حنقه، ومن جهة ثانية قدرته التعطيلية.

 

أوراق الرد الفرنسية

واضح أن رفض باريس من شأنه أن يشكل عقبة إضافية على طريق الحل، خصوصاً أن لبنان سيكون، بلا شك، متمسكاً بحضور باريس في اللجنة وهي الجهة التي يرتاح لها، ولكونها المتفهمة لمواقف الطرف اللبناني. لكن السؤال الحقيقي المطروح يتناول الهدف أو الأهداف الحقيقية لإسرائيل. وفي هذا السياق، ترى مصادر سياسية في باريس أن لنتنياهو عدة أغراض أساسية؛ أولها الإمساك بذريعة من شأنها تأخير الاتفاق وإعطائه الوقت الإضافي لمواصلة حربه على لبنان، والاقتراب أكثر فأكثر من تحقيق أهدافه وأولها مزيد من إضعاف «حزب الله»، واستمرار الضغط على السلطات اللبنانية للخضوع لمطالبه. أما الغرض الآخر فعنوانه «تدفيع ماكرون ثمناً سياسياً» لقبول بلاده في اللجنة، إذ سيكون على فرنسا أن «تستأذن» إسرائيل، وربما دفع باريس إلى تعديل بعض جوانب سياستها إزاء إسرائيل.

وبانتظار أن يرد رد فرنسي رسمي على البادرة العدائية الإسرائيلية، فإن من الواضح أن لفرنسا القدرة على اتخاذ تدابير «مزعجة» لإسرائيل في حال «توافرت الإرادة السياسية»، وفق ما يقوله مسؤول سابق. وتشمل مروحة الردود الجانبين الثنائي والجماعي الأوروبي. في الجانب الأول، يمكن لباريس أن توقف مبيعاتها العسكرية، رغم قلتها، إلى إسرائيل، أو أن تعمد إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية على غرار ما فعلته دول أوروبية أخرى، مثل إسبانيا وسلوفينيا وآيرلندا. وبمستطاع فرنسا أن تعبر عن موقف مماثل لموقف هولندا إزاء القرار الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية بالقبض على نتنياهو، وعلى وزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.

وحتى اليوم، بدت ردة فعل باريس «باهتة» و«غامضة» فهي «أخذت علماً» بقرار المحكمة، وهي تؤكد تمسكها بعملها المستقل وفق أحكام نظام روما الأساسي، فضلاً عن ذلك، بإمكان باريس أن تلجأ إلى لغة دبلوماسية أكثر حزماً في إدانة الممارسات الإسرائيلية بغزة والضفة الغربية ولبنان، بما في ذلك استهداف المواقع الأثرية. وبالتوازي، يقول المسؤول السابق إنه «لا يمكن إغفال ما تستطيعه باريس على المستوى الأوروبي» مثل الدفع لوقف الحوار السياسي مع تل أبيب، أو لاتخاذ تدابير إضافية ضد الصادرات الإسرائيلية من المستوطنات في الضفة الغربية وتركيز الأضواء، مع آخرين على حل الدولتين.