كيف ستتغير السياسة الخارجية لتركيا في حال فوز كليتشدار أوغلو بالرئاسة؟

منظور مختلف للعلاقات مع مصر وسوريا والتواجد العسكري في ليبيا

ملصق ضخم لمرشح المعرضة كمال كليتشدار أوغلو في أنقرة (إ.ب.أ)
ملصق ضخم لمرشح المعرضة كمال كليتشدار أوغلو في أنقرة (إ.ب.أ)
TT

كيف ستتغير السياسة الخارجية لتركيا في حال فوز كليتشدار أوغلو بالرئاسة؟

ملصق ضخم لمرشح المعرضة كمال كليتشدار أوغلو في أنقرة (إ.ب.أ)
ملصق ضخم لمرشح المعرضة كمال كليتشدار أوغلو في أنقرة (إ.ب.أ)

على الرغم من أن القاعدة المتعارف عليها أن تغيير الحكومات لا يحدث فرقاً كبيراً في سياسة الدول الخارجية، فإن حالة تركيا تبدو مختلفة. فكل حزب يتولى السلطة يطبع السياسة الخارجية بطابع مختلف.

فمثلاً، ظلت السياسة التركية لعقود منذ تأسيس الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال أتاتورك متجهة إلى الغرب، مبتعدة عن الشرق الأوسط، باستثناء فترة حكم الرئيس تورجوت أوزال في تسعينات القرن الماضي. ولم تعرف السياسة التركية تقارباً واضحاً مع المنطقة إلا مع مجيء حزب «العدالة والتنمية» الحاكم برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان، حيث ازدهرت التجارة والاستثمارات الخليجية على وجه الخصوص في تركيا.

سياسة تركيا وموقف المعارضة

لكن مع ما عُرف بانتفاضات «الربيع العربي»، انقلب التقارب إلى تدخل مباشر في شؤون دول المنطقة بشكل أثار الغضب من سياسات إردوغان، الذي كان يسعى في البداية إلى إنشاء اتحاد يضم تركيا وسوريا والأردن ولبنان، على غرار الاتحاد الأوروبي.

أدى انهيار ما سُمي بـ«الربيع العربي» و«مشروع الشرق الأوسط الكبير»، الذي شارك فيه إردوغان بفاعلية، إلى تحويل سياسة «صفر مشاكل مع دول الجوار» التي أسس لها رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو عندما كان وزيراً لخارجية تركيا، إلى «صفر علاقات». وقاد الإطاحة بحكم «الإخوان المسلمين» في مصر، مع تبني تركيا إردوغان سياسات مناصرة للجماعة التي أعلنتها مصر ودول عربية «تنظيماً إرهابياً» إلى قطيعة مع مصر و10 سنوات عجاف في العلاقات معها، ومع السعودية والإمارات والبحرين، إلى جانب التدخل العسكري المباشر في سوريا، ثم ليبيا.

الرئيس رجب طيب إردوغان يلقي خطاباً في أنقرة الاثنين الماضي (أ.ب)

واتسمت سياسة تركيا الخارجية في ظل حكم إردوغان بتطوير التدخل الناعم عبر العلاقات الاقتصادية والتجارية وأعمال الإغاثة والمشروعات الإنسانية في أفريقيا، إلى تدخل خشن دافعه المنافسة مع القوى التقليدية، منطلقاً من تصور العودة إلى مناطق نفوذ الدولة العثمانية. عبّرت المعارضة التركية، التي يقودها حزب «الشعب» الجمهوري برئاسة مصطفى كمال كليتشدار أوغلو منذ البداية عن رفضها السياسة التي يتبعها إردوغان تجاه دول المنطقة، ولمجمل سياسته الخارجية التي تسببت في الكثير من المشاكل مع دول المنطقة المهمة بالنسبة لتركيا، وكذلك مع العديد من الدوائر، أهمها الاتحاد الأوروبي والغرب بصفة عامة وقادت إلى دفع تركيا إلى عزلة تامة في محيطها، برّرها إردوغان وحكومته بشعار «العزلة القيمة».

رؤية كليتشدار أوغلو

والآن، تتردد تساؤلات كثيرة حول الصورة التي ستكون عليها السياسة الخارجية لتركيا في حال فوز مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو بالرئاسة في جولة الإعادة المقررة في 28 مايو (أيار) الحالي.

وقبل ترشحه للرئاسة ومنذ قطعت تركيا علاقاتها مع سوريا وخفضتها مع مصر وتدخلت في ليبيا، اتخذ كليتشدار أوغلو موقفاً واضحاً برفض سياسة الحزب الحاكم، وأكد أنها تكلف تركيا الكثير من الخسائر وتعزلها وتؤثر سلباً على مصالحها. وتعهد أن يغير تحالف «الأمة» السياسة الخارجية 180 درجة عندما يفوز بالسلطة. بالنسبة لمصر، ومنذ العام 2013، رفض كليتشدار أوغلو تعامل إردوغان مع العلاقات مع مصر على أنها علاقات مع «تنظيم الإخوان المسلمين»، ووصف «الإخوان المسلمين» بأنهم تنظيم إرهابي.

وتساءل كليتشدار أوغلو مراراً عن السبب الذي يجعل تركيا تتشاجر مع مصر، وقال أكثر من مرة داخل البرلمان في معرض انتقاداته للسياسة الخارجية لحكومة إردوغان، إن الجميع موجود في منطقة شرق المتوسط، ومصر، واليونان، وقبرص، وصولاً إلى قطر، لكن تركيا وحدها الغائبة عن المنطقة الغنية بموارد الطاقة، لماذا؟ لأن تركيا تتشاجر مع مصر من أجل تنظيم إرهابي. وبالنسبة لليبيا، تساءل كليتشدار أوغلو عن أسباب إرسال الجيش التركي إلى الصحراء في ليبيا، وما هو شأنهم هناك، وكذلك بالنسبة لسوريا والعراق. وخلال حملته للانتخابات الرئاسية، أثار كليتشدار أوغلو هذه القضايا بشكل واضح، مؤكداً أنه ضد الوجود العسكري لتركيا في الخارج. وفي الملف السوري بالذات، تبدو رؤية كليتشدار أوغلو واضحة، وعبّر عنها مراراً، مؤكداً أن أولى خطواته ستكون العمل على إعادة العلاقات معها إلى سابق عهدها وفتح السفارات، والعمل على إعادة اللاجئين خلال عامين عبر التنسيق مع دمشق والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لتأمين حياة كريمة لهم. وشدد على أن تركيا ينبغي أن تأخذ زمام المبادرة لضمان الاستقرار في المنطقة ووضع كل جهود قيادتها في هذا الاتجاه، انطلاقاً من مبدأ أتاتورك «السلام في الداخل والسلام في العالم».

أذربيجان وأرمينيا

تعدّ العلاقات مع أذربيجان قضية محسومة بالنسبة لأي رئيس أو حكومة في تركيا. فالعلاقات معها تنبع من تاريخ وإرث مشترك لا يمكن فصمه، لكن قد يكون هناك اختلاف في حال تولي كليتشدار أوغلو رئاسة تركيا في التعامل مع مشكلة قره باغ، التي تدخل فيها إردوغان عسكرياً بشكل مباشر. لا يميل كليتشدار أوغلو إلى دخول تركيا كطرف في النزاعات حتى لو في الدول التي تعرف بالجمهوريات التركية، وبالتالي فإن توجهه سيكون محكوماً بمبدأ التركيز على التفاوض لا التدخل. أما بالنسبة لقضية العلاقات مع أرمينيا، التي شهدت تقدماً نوعاً ما في العامين الماضيين، ثم سرعان ما تراجعت الخطوات، بسبب مسألة الإصرار على المزاعم المتعلقة بإبادة الأرمن على يد العثمانيين في شرق الأناضول في زمن الحرب العالمية عام 1915، فإن موقف كليتشدار أوغلو لا يختلف عن موقف أي حكومة تولت السلطة في تركيا، فهي قضية مبدأية.

وعبّر كليتشدار أوغلو، صراحة عن موقفه من هذه القضية، عندما احتج على موقف فرنسا والولايات المتحدة من تأييد مزاعم إبادة الأرمن وإقامة هياكل لتخليد ذكراها، بإرسال رسائل إلى الدول التي تؤيد هذه المزاعم للتأكيد على أن القضية هي مسألة تاريخية يجب أن تدرس بين الدولتين عبر فتح أرشفيهما، وأنه يرفض تدخل أي طرف ثالث في هذه القضية، وهو الموقف الذي تبنته أيضاً حكومات غردوغان والحكومات السابقة عليها.

سياسة متوازنة

تعهد كليتشدار أوغلو العمل، في حال فوزه بالرئاسة، على ضمان أن تواصل تركيا التوازن الذي يعزز مصالح البلاد؛ لأنه لن يكون صحيحاً حصر السياسة الخارجية لتركيا في تعريف «مؤيد للشرق أو مؤيد للغرب». وأكد أنه «لا تراجع عن طريقنا للوصول إلى مستوى الحضارات الحديثة، الذي ورثناه عن أتاتورك، لكن سيكون من غير الصحيح قراءة هذا على أنه سياسة موجهة فقط نحو الغرب». ولفت إلى أن تركيا لم تهمل الشرق أبداً، على الرغم من كونها عضواً في مؤسسات ومنظمات غربية، وأن رؤيتيه لكلٍ من آسيا وأوروبا تستندان إلى نهج متكامل للسياسة الخارجية. وقال «نحن مع كل من الصين والولايات المتحدة في مجموعة العشرين، حيث مناقشة السياسات العالمية، وبالمثل، فإن علاقاتنا مع روسيا، وهي لاعب عالمي مهم في جغرافيتنا، متوازنة للغاية، ومن الخطأ الاعتقاد بأن أي توجه للسياسة الخارجية التركية يضر بمناطق جغرافية أخرى أو جهات فاعلة أخرى». وتعهد كليتشدار أوغلو، وتحالف «الأمة» المعارض الذي رشحه للرئاسة، بأن سياسة تركيا الخارجية ستمضي بالنهج المتوازن نفسه كما كانت عليه تقليدياً منذ تأسيس الجمهورية، وستوازن في علاقاتها مع الشرق والغرب، وستعيد إحياء مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي مع مراعاة مختلف دوائر العلاقات والمصالح بحسب لا تكون تركيا دولة معزولة.

أمن الحدود

يرى المحلل السياسي مدحت بايدور، أن كليتشدار أوغلو، في حال فوزه بالرئاسة، سيعمل على الحفاظ على التوازن في علاقات تركيا مع مختلف الدوائر في الشرق والغرب، وسيواصل العمل على إنهاء الصراع الروسي - الأوكراني، من خلال حل مقبول يحفظ ماء الوجه لكلا الجانبين. ولفت بايدو إلى أن تحالف الأمة يضم اثنين من وزراء الخارجية السابقين، هما رئيس حزب «المستقبل» أحمد داود أوغلوو ورئيس حزب «الديمقراطية» علي باباجان، فضلاً عن أن حزب «الشعب الجمهوري» ينطوي على كفاءات دبلوماسية ساهمت في بناء مدرسة السياسة الخارجية التركية قبل إردوغان، وبالتالي فإن هذا الملف سيثمر نجاحاً كبيراً في إدارة علاقات تركيا مع الشرق والغرب، بلا مشكلات كالتي شهدتها البلاد، في السنوات العشر الأخيرة على وجه الخصوص.

أعلام تركية وأعلام للمعارضة السورية في مدينة أعزاز السورية (رويترز)

بدوره، قال الصحافي المحلل السياسي مراد صابونجو، إنه بالنسبة لسوريا على سبيل المثال، لن تجد الولايات المتحدة التي تختلف مع تركيا بشدة في هذا الملف، مُحاوراً أكثر تصالحية من كليتشدار أوغلو، كما أنه يملك ميزة في الحوار الرئيس السوري بشار الأسد وحكومته. وتوقع أن يواصل كليتشددار أوغلو الاعتماد على القوة العسكرية لحماية الحدود الجنوبية الشرقية لتركيا من هجمات حزب العمال الكردستاني، في ظل إعلانه أن الحدود شرف، وبالتالي فإنه لن يسمح بالهجمات ولا بتسلل النازحين. وترى مصادر قريبة من أروقة حزب «الشعب الجمهوري» أن كليتشدار أوغلو قد يحقق شرط انسحاب تركيا من سوريا، ولكن من خلال إحياء اتفاقية أضنة لعام 1998 وتوسيع مساحة التدخل العسكري التركي حال الضرورة. وأضافت أن مسألة الانسحاب العسكري التركي من المناطق المختلفة التي يعتقد أن التدخل فيها كان خطأ، مثل ليبيا، ستتحقق، لكنها ستأخذ وقتاً، وبالنسبة للدول التي ترتبط بحدود مباشرة مع (سوريا والعراق)، سيتم تحقيق ذلك حال التوصل إلى اتفاقيات تضمن التنسيق بشأن أمن الحدود.

ثقة المستثمرين

هذا عن ملف السياسة الخارجية، فماذا عن ملف الاقتصاد والاستثمار إذا تولى كليتشدار أوغلو الرئاسة؟

وعد كليتشدار أوغلو بجذب استثمارات أوروبية بمبلغ 300 مليار دولار من أوروبا خلال 5 سنوات، في حال فوزه بالرئاسة. وقال «تركيا دولة جاذبة... لقد رأينا شهية المستثمرين العالميين، لكن المشكلة هي أن هؤلاء المستثمرين فقدوا الثقة في الحكومة التركية بسبب سياسات إردوغان الاقتصادية». وأضاف «يبتعد المستثمرون المحليون والأجانب عن الاستثمارات التي قد تؤدي إلى تصنيع منتجات ذات قيمة مضافة عالية، وإلى زيادة فرص العمل... سنعمل بقوة لعكس هذا الاتجاه». وتبددت آمال المستثمرين بحدوث انتعاش في الأسواق التركية مع ظهور النتائج شبه الرسمية للجولة الأولى للانتخابات الرئاسية وأظهرت تقدم إردوغان بنحو 4 نقاط مئوية على كليتشدار أوغلو؛ ما قد يمنحه تقدماً سهلاً في جولة الإعادة في 28 مايو (أيار) يغلق الحديث عن نهاية سنوات بلغ فيها التضخم ذروة قياسية غير مسبوقة وعصفت فيها الأزمات المتكررة بسبب سياساته الاقتصادية بالليرة التركية التي فقدت 95 في المئة من قيمتها منذ تطبيق النظام الرئاسي عام 2018.

أتراك في محل صيرفة عقب الجولة الأولى للانتخابات (رويترز)

صدمة الأسواق

وصدمت نتيجة الجولة الأولى الأسواق وتراجع مؤشر البورصة التركية على مدى يومين، كما بدأت الليرة التركية رحلة جديدة من الترنح وسجلت في تعاملات الثلاثاء الرسمية 19.70 ليرة للدولار، في حين نشأت سوق موازية يبلغ سعر الدولار فيها 21.5 ليرة. وجاء رد الفعل الأولي للسوق على نتائج الانتخابات عنيفاً، الاثنين. فالليرة التركية انخفضت إلى أدنى مستوى لها في شهرين بينما كان التراجع أشد في أسهم البنوك والسندات الحكومية بالعملة الصعبة. ويتخوف خبراء ومحللون أتراك وغربيون من خطر لجوء الحكومة إلى إجراءات مثل تقييد معاملات النقد الأجنبي للأفراد أو الشركات أثناء محاولتها السيطرة على سعر الصرف؛ مما سيجعل الأمور أكثر صعوبة بالنسبة للشركات. وقال محللون في «جيه بي مورغان» إنه بافتراض فوز إردوغان في جولة الإعادة، فإن السياسة المالية التركية ستظل توسعية لأنه يفي بوعوده في الإنفاق على حملته لزيادة الدخل وإعادة بناء البلاد بعد زلزال فبراير (شباط). وسبق أن توقع البنك أن تنخفض العملة التركية إلى 30 ليرة مقابل الدولار ما لم يحدث تحول واضح نحو السياسات التقليدية، وهو ما وعد كليتشدار أوغلو بتطبيقه حال فوزه بالانتخابات. وكان من المتوقع، مع استمرار التضخم فوق 40 في المئة، أن ترتفع أسعار الفائدة التركية من 30 في المئة إلى 40 أو حتى 50 في المئة من مستواها الحالي البالغ 8.5 في المئة لو فاز تحالف المعارضة. لكن لم يعد واضحاً الآن.


مقالات ذات صلة

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

أوروبا العلم الألماني في العاصمة برلين (أ.ب)

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

صادرت الشرطة الألمانية أجهزة كومبيوتر محمولة وأموالاً، خلال عمليات مداهمة استهدفت جمعية إسلامية تم حظرها حديثاً، ويقع مقرّها خارج برلين.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان استقبل السيسي في مطار أنقرة في إسطنبول (من البث المباشر لوصول الرئيس المصري) play-circle 00:39

السيسي وصل إلى أنقرة في أول زيارة لتركيا

وصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة، الأربعاء، في أول زيارة يقوم بها لتركيا منذ توليه الرئاسة في مصر عام 2014

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قوات من الأمن بميدان التحرير في القاهرة (أ.ف.ب)

مصر: توقيف المتهم بـ«فيديو فيصل» وحملة مضادة تستعرض «جرائم الإخوان»

أعلنت «الداخلية المصرية»، الثلاثاء، القبض على المتهم ببث «فيديو فيصل» الذي شغل الرأي العام، مؤكدة «اعترافه» بارتكاب الواقعة، بـ«تحريض» من عناصر «الإخوان».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا الإعلامي بقناة «الشرق» الإخوانية عماد البحيري تم توقيفه بسبب التهرب الضريبي (من حسابه على  «فيسبوك»)

تركيا توقف إعلامياً في قناة إخوانية لتهربه من الضرائب

أحالت السلطات التركية، (الخميس)، المذيع بقناة «الشرق» المحسوبة على «الإخوان المسلمين»، عماد البحيري، إلى أحد مراكز التوقيف بدائرة الهجرة في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة )
شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون (د.ب.أ)

الجزائر: فصيل «الإخوان» يرشح الرئيس تبون لعهدة ثانية

أعلنت حركة البناء الوطني (فصيل الإخوان في الجزائر)، الجمعة، عن ترشيحها الرئيس عبد المجيد تبون للانتخابات الرئاسية التي ستُجرى في 7 سبتمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
TT

الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)

لم تعلق فرنسا رسمياً على المعلومات الواردة من إسرائيل والتي تفيد بأن الطرف الإسرائيلي نقل إلى المبعوث الأميركي آموس هوكستين رفضه مشاركة فرنسا في اللجنة الدولية المطروح تشكيلها، بمشاركة الولايات المتحدة وفرنسا، للإشراف على تنفيذ القرار الدولي رقم 1701 الذي يعد حجر الأساس لوقف الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حزب الله»، كما رفضها الربط بين وقف النار وإيجاد حلول للمشاكل الحدودية بينها وبين لبنان، إن بالنسبة للنقاط الخلافية المتبقية على «الخط الأزرق» أو بالنسبة لمزارع شبعا وكفرشوبا وقرية الغجر.

 

ماذا يريد نتنياهو؟

 

وجاء رفض تل أبيب بحجة أن باريس تنهج «سياسة عدائية» تجاهها، في الإشارة إلى التوتر الذي قام بين الطرفين منذ سبتمبر (أيلول) الماضي وكانت قمته دعوة الرئيس ماكرون إلى وقف تزويد إسرائيل بالسلاح، لكونه «الوسيلة الوحيدة لوقف الحرب»، ما عدّه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو «عاراً» على فرنسا، كما حال اعتبار ماكرون أن ما تقوم به إسرائيل في غزة «مجازر». وجاء قرار الحكومة الفرنسية، مرتين، بمنع شركات دفاعية إسرائيلية من المشاركة بمعداتها في معرضين دفاعيين ثانيهما الشهر الماضي، ليزيد من التوتر الذي تفاقم مع التصرف «الاستفزازي» لعناصر أمن إسرائيليين بمناسبة زيارة وزير الخارجية جان نويل بارو لإسرائيل الأخيرة، وما تبعه من استدعاء السفير الإسرائيلي في باريس للاحتجاج رسمياً على ما حصل.

بيد أن ماكرون سعى لترطيب الأجواء مع نتنياهو من خلال إرسال إشارات إيجابية؛ منها الإعراب عن «تضامنه» مع إسرائيل بسبب ما تعرض له فريقها الرياضي في أمستردام، وحرصه لاحقاً على حضور مباراة كرة القدم بين فريقهما. كذلك لم توقف باريس تصدير مكونات عسكرية لإسرائيل بوصفها «دفاعية»، وتستخدم في إنشاء وتشغيل «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ. كذلك، سمحت مديرية الشرطة، الأسبوع الماضي، بقيام مظاهرة أو تجمع في باريس بدعوة من مجموعات يهودية متطرفة منها. وبالتوازي مع المظاهرة، حصل احتفال ضم شخصيات يهودية من كثير من البلدان تحت عنوان «إسرائيل إلى الأبد»، وذلك رغم المطالبات بمنعها.

بيد أن ذلك كله لم يكن كافياً بنظر نتنياهو. وقال سفير فرنسي سابق لـ«الشرق الأوسط»، إن نتنياهو «وجد فرصة فريدة لإحراج فرنسا، لا بل الحط من قيمتها ومن دورها، وذلك برفض حضورها في اللجنة». ويضيف المصدر المذكور أن باريس «تتمتع بالشرعية الأهم والأقوى» لتكون طرفاً فاعلاً في اللجنة، باعتبار أن جنودها موجودون في لبنان منذ عام 1978، وأنها صاحبة فكرة إنشاء «اللجنة الرباعية» في عام 1996، التي أنهت آنذاك الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، حيث لعب وزير الخارجية الأسبق هيرفيه دو شاريت الدور الأكبر في وقفها. ويذكر المصدر أخيراً أن باريس قدمت مشروعاً لوقف الحرب، منذ بداية العام الحالي بالتوازي مع الجهود التي بذلها هوكستين، وما زال، وأن التنسيق بين الطرفين «متواصل». وأعاد المصدر إلى الأذهان أن ماكرون والرئيس بايدن أطلقا، منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وعلى هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، مبادرة مشتركة لوقف إطلاق النار والخوض في مباحثات لاحقة لتسوية الخلافات القائمة بين لبنان وإسرائيل والعودة إلى العمل جدياً بالقرار الدولي رقم 1701. ولاكتمال الصورة، تتعين الإشارة إلى أن «حزب الله» رفض مشاركة ألمانيا وبريطانيا، علماً بأن الأولى موجودة داخل «اليونيفيل»، لا بل إنها تشرف على قوتها البحرية، ما قد يدفع إلى اعتبار أن نتنياهو رفع «البطاقة الحمراء» بوجه فرنسا، ليبين من جهة حنقه، ومن جهة ثانية قدرته التعطيلية.

 

أوراق الرد الفرنسية

واضح أن رفض باريس من شأنه أن يشكل عقبة إضافية على طريق الحل، خصوصاً أن لبنان سيكون، بلا شك، متمسكاً بحضور باريس في اللجنة وهي الجهة التي يرتاح لها، ولكونها المتفهمة لمواقف الطرف اللبناني. لكن السؤال الحقيقي المطروح يتناول الهدف أو الأهداف الحقيقية لإسرائيل. وفي هذا السياق، ترى مصادر سياسية في باريس أن لنتنياهو عدة أغراض أساسية؛ أولها الإمساك بذريعة من شأنها تأخير الاتفاق وإعطائه الوقت الإضافي لمواصلة حربه على لبنان، والاقتراب أكثر فأكثر من تحقيق أهدافه وأولها مزيد من إضعاف «حزب الله»، واستمرار الضغط على السلطات اللبنانية للخضوع لمطالبه. أما الغرض الآخر فعنوانه «تدفيع ماكرون ثمناً سياسياً» لقبول بلاده في اللجنة، إذ سيكون على فرنسا أن «تستأذن» إسرائيل، وربما دفع باريس إلى تعديل بعض جوانب سياستها إزاء إسرائيل.

وبانتظار أن يرد رد فرنسي رسمي على البادرة العدائية الإسرائيلية، فإن من الواضح أن لفرنسا القدرة على اتخاذ تدابير «مزعجة» لإسرائيل في حال «توافرت الإرادة السياسية»، وفق ما يقوله مسؤول سابق. وتشمل مروحة الردود الجانبين الثنائي والجماعي الأوروبي. في الجانب الأول، يمكن لباريس أن توقف مبيعاتها العسكرية، رغم قلتها، إلى إسرائيل، أو أن تعمد إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية على غرار ما فعلته دول أوروبية أخرى، مثل إسبانيا وسلوفينيا وآيرلندا. وبمستطاع فرنسا أن تعبر عن موقف مماثل لموقف هولندا إزاء القرار الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية بالقبض على نتنياهو، وعلى وزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.

وحتى اليوم، بدت ردة فعل باريس «باهتة» و«غامضة» فهي «أخذت علماً» بقرار المحكمة، وهي تؤكد تمسكها بعملها المستقل وفق أحكام نظام روما الأساسي، فضلاً عن ذلك، بإمكان باريس أن تلجأ إلى لغة دبلوماسية أكثر حزماً في إدانة الممارسات الإسرائيلية بغزة والضفة الغربية ولبنان، بما في ذلك استهداف المواقع الأثرية. وبالتوازي، يقول المسؤول السابق إنه «لا يمكن إغفال ما تستطيعه باريس على المستوى الأوروبي» مثل الدفع لوقف الحوار السياسي مع تل أبيب، أو لاتخاذ تدابير إضافية ضد الصادرات الإسرائيلية من المستوطنات في الضفة الغربية وتركيز الأضواء، مع آخرين على حل الدولتين.