كليتشدار أوغلو... خصم إردوغان القديم الذي يهدد رئاسته

مدعوم من تحالف يضم 6 أحزاب معارضة

TT

كليتشدار أوغلو... خصم إردوغان القديم الذي يهدد رئاسته

كمال كليتشدار أوغلو (رويترز)
كمال كليتشدار أوغلو (رويترز)

ظل زعيم المعارضة التركية كمال كليتشدار أوغلو طيلة حياته المهنية خصماً للرئيس رجب طيب إردوغان، لكنه يرى أن الوقت قد حان ليضع البلاد على مسار جديد ويمحو كثيراً من إرث الرجل الذي هيمن على السياسة لعقدين من الزمن.

واختار تحالف من 6 أحزاب معارضة الموظف المدني السابق الجاد والمشاكس أحياناً، مرشحاً له لينافس إردوغان في انتخابات، اليوم (الأحد)، التي يُنظر إليها على أنها ربما الأهم في تاريخ البلاد الحديث.

وتُظهر استطلاعات الرأي عموماً أن كليتشدار أوغلو (74 عاماً) يتفوق على إردوغان وربما يفوز عليه في جولة ثانية من التصويت، بعد حملة شاملة تعد بحلول لأزمة ارتفاع تكلفة المعيشة التي أدت إلى تآكل شعبية الرئيس في السنوات الأخيرة.

وتعهد كليتشدار أوغلو بالعودة إلى السياسات الاقتصادية التقليدية ونظام الحكم البرلماني واستقلال القضاء الذي يقول منتقدون إن إردوغان استخدمه لقمع المعارضة، كما تعهد بعلاقات أكثر سلاسة نوعاً ما مع الغرب.

وتهدف خطة المعارضة، التي تعد تحولاً، إلى تهدئة التضخم الذي بلغ 85 في المائة العام الماضي، على الرغم من أنها من المتوقع أن تتسبب في اضطراب بالسوق المالية، وربما ما سيكون الأحدث في سلسلة من الانهيارات في العملة.

وقال كليتشدار أوغلو خلال مؤتمر انتخابي حاشد: «أعرف أن الناس يناضلون من أجل تدبر أمورهم... أعرف تكلفة المعيشة ويأس الشبان... لقد حان وقت التغيير... من الضروري وجود روح جديدة وفهم جديد»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

شخص يدلي بصوته في مركز اقتراع خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في إسطنبول (رويترز)

ويقول منتقدون إن كليتشدار أوغلو، الذي سخر منه إردوغان بعد هزائمه الانتخابية المتكررة كرئيس لحزب الشعب الجمهوري، يفتقر إلى قدرة خصمه على حشد الجماهير ولا يقدم رؤية واضحة لعهد ما بعد إردوغان.

ويتطلع كليتشدار أوغلو إلى البناء على انتصار المعارضة في عام 2019 عندما هزم حزب الشعب الجمهوري حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة إردوغان في إسطنبول ومدن كبيرة أخرى في الانتخابات المحلية، وذلك بفضل دعم ناخبي أحزاب المعارضة الأخرى.

وحتى لو انتصر، يواجه كليتشدار أوغلو تحديات تتمثل في الحفاظ على وحدة تحالف للمعارضة يضم قوميين وإسلاميين وعلمانيين وليبراليين. وجاء اختياره مرشحاً بعد خلاف استمر 72 ساعة انسحبت فيه لفترة وجيزة ميرال أكشينار زعيمة الحزب الصالح، ثاني أكبر حزب في البلاد.

وقال بيرول باشكان، وهو كاتب ومحلل سياسي مقيم في تركيا، إن كليتشدار أوغلو «يرسم صورة معاكسة تماماً لإردوغان، الذي يعد شخصية مستقطبة ومقاتلاً... يعزز قاعدته الانتخابية».

وأضاف: «كليتشدار أوغلو يبدو أكثر كرجل دولة يسعى للوحدة والوصول إلى أولئك الذين لا يصوتون له... هذا هو سحره، ومن الصعب جداً القيام بذلك في تركيا... لست متأكداً من أنه سيفوز، لكنه الشخص المناسب في الوقت المناسب».

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن المنافسة ستكون محتدمة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي لن تفضي فقط إلى اختيار رئيس البلاد، ولكن أيضاً إلى تحديد الدور الذي قد تلعبه أنقرة لتهدئة الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط.

ويتساءل كثيرون حول إمكانية أن يُلحق كليتشدار أوغلو الهزيمة بإردوغان، الزعيم الأطول خدمة في البلاد، الذي ساعدت شخصيته وبريق حملاته الانتخابية في تحقيق أكثر من 10 انتصارات انتخابية.

لكن محللين يقولون إن إردوغان صار أقرب للهزيمة من أي وقت مضى رغم نفوذه على وسائل الإعلام والمحاكم وإنفاق حكومته المالي القياسي على المساعدات الاجتماعية قبل الانتخابات.

وشددت المعارضة على أن مسعى إردوغان لخفض أسعار الفائدة أطلق أزمة تضخمية أضرت بشدة بميزانيات الأسر. وتقول الحكومة إن هذه السياسة أدت إلى نمو الصادرات والاستثمار ضمن برنامج يشجع حيازات الليرة.

مداواة جروح قديمة

عمل كليتشدار أوغلو قبل دخوله عالم السياسة في وزارة المالية، ثم كان رئيساً لمؤسسة التأمين الاجتماعي التركية خلال معظم فترة التسعينات. وانتقص إردوغان في خطاباته مراراً من أداء كليتشدار أوغلو عندما كان في ذلك المنصب.

وكان كليتشدار أوغلو خبيراً اقتصادياً وأصبح نائباً في البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري في عام 2002، عندما وصل حزب العدالة والتنمية بزعامة إردوغان إلى السلطة لأول مرة. وحزب الشعب الجمهوري المنتمي ليسار الوسط هو حزب أنشأه مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك، وناضل حتى يتجاوز أصوله العلمانية ويقترب من المحافظين.

شخص يحمل ورقة اقتراع تُظهر كافة مرشحي الرئاسة التركية (أ.ف.ب)

وتحدث كليتشدار أوغلو خلال السنوات الماضية، عن الرغبة في مداواة الجروح القديمة مع الأكراد المتدينين.

وصعد كليتشدار أوغلو إلى الصدارة باعتباره مناهضاً للكسب غير المشروع، وظهر على شاشة التلفزيون ملوحاً بملفات أدت إلى استقالات لمسؤولين رفيعي المستوى. وبعد مرور عام على خسارته سباقاً على رئاسة بلدية إسطنبول، تم انتخابه دون أي منافسة زعيماً للحزب في عام 2010.

وأذيعت خلال ذلك التجمع أغنية الحملة التي وصفته بأنه رجل «نظيف وصادق».

وعزز انتخابه زعيماً لحزب الشعب الجمهوري آمال الحزب في بداية جديدة، لكن التأييد للحزب لم يتجاوز منذ ذلك الحين 25 في المائة. وحصل حزب العدالة والتنمية على 43 في المائة في الانتخابات البرلمانية الأحدث التي جرت عام 2018.

ويرى البعض أن كليتشدار أوغلو أجرى إصلاحات للحزب بهدوء مع تهميشه لموالين متشددين يتبنون نسخة صارمة من أفكار أتاتورك بينما كان يُرقّي أعضاء يُنظر إليهم على أنهم أكثر ارتباطاً بقيم الديمقراطية الاجتماعية الأوروبية.

ويقول المنتقدون إنه لم ينجح في إضفاء المرونة على حزب الشعب الجمهوري ثم فرض نفسه في النهاية مرشحاً رئاسياً، رغم أن آخرين حققوا خلال استطلاعات رأي نتائج أفضل في مواجهة إردوغان.


مقالات ذات صلة

ياواش يعلن للمرة الأولى استعداده للترشّح لرئاسة تركيا في 2028

شؤون إقليمية رئيس بلدية العاصمة التركية أنقرة منصور ياواش (من حسابه على «إكس»)

ياواش يعلن للمرة الأولى استعداده للترشّح لرئاسة تركيا في 2028

تُظهر استطلاعات الرأي التي أُجريت منذ الانتهاء من الانتخابات المحلية في مارس الماضي تفوّق ياواش بوصفه مرشحاً للرئاسة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة: )
شؤون إقليمية زيارة إردوغان لحزب «الشعب الجمهوري» ولقاء أوزيل للمرة الثالثة أحدثا جدلاً (الرئاسة التركية) 

إردوغان يلتقي زعيم المعارضة للمرة الثالثة في شمال قبرص

يعقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لقاءً ثالثاً مع زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغو أوزيل في شمال قبرص.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا إردوغان ملوحاً لنواب حزبه بالبرلمان الأربعاء عقب انتهاء خطاب تحدث فيه عن محاولة انقلاب ضده وطالبهم بالحرص على دعم إصدار الدستور الجديد (الرئاسة التركية)

إردوغان يتهم حركة غولن بتدبير محاولة انقلاب جديدة ضده

دعا إردوغان أعضاء حكومته ونواب حزبه إلى عدم التفريط أو التراجع بشأن وضع دستور مدني ديمقراطي جديد للبلاد.

سعيد عبد الرازق (انقرة)
شؤون إقليمية الرئيس رجب طيب إردوغان ورئيس «حزب الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل خلال لقائهما الجمعة الماضي (إ.ب.أ)

حديث إردوغان عن «انفراجة سياسية» هل هو مناورة جديدة للبقاء في السلطة؟

فجّر حديث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن «انفراجة سياسية» تحتاج إليها تركيا جدلاً واسعاً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان يحيي أنصاره بعد الإدلاء بصوته في إسطنبول في 31 مارس الماضي (رويترز)

تركيا: استطلاع رأي يصدم «العدالة والتنمية» بعد هزيمة الانتخابات

كشف استطلاع للرأي عقب الانتخابات، التي أجريت في 31 مارس (آذار) الماضي، عن أن الأتراك لا يثقون بالحزب الحاكم لحل مشاكلهم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

محاكمة نتنياهو تُنقل إلى تل أبيب بسبب مخاوف من محاولة لاغتياله

صورة لنتنياهو وراء القضبان خلال تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في روما يوم 30 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
صورة لنتنياهو وراء القضبان خلال تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في روما يوم 30 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

محاكمة نتنياهو تُنقل إلى تل أبيب بسبب مخاوف من محاولة لاغتياله

صورة لنتنياهو وراء القضبان خلال تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في روما يوم 30 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
صورة لنتنياهو وراء القضبان خلال تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في روما يوم 30 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)

قدّم جهاز الاستخبارات الإسرائيلي «الشاباك» وإدارة المحاكم، الاثنين، وجهة نظر مشتركة يؤكدان فيها مخاوف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أن تجري محاولة لاغتياله عند حضوره للإدلاء بشهادته في المحكمة المركزية في القدس. وأوصيا بنقل المحاكمة إلى قاعة آمنة في مقر المحكمة المركزية في تل أبيب.

وجاء في الطلب، الذي وقّع عليه مسؤولان كبيران في «الشاباك» وفي إدارة المحاكم، تأكيد رسمي على أن مخاوف نتنياهو على حياته صحيحة وواقعية. وكما ورد في نص الرسالة الموجهة إلى المحكمة: «بعد أن درسنا التهديدات المختلفة استناداً إلى معلومات ذات علاقة، ومن ضمنها معلومات وصلت من الجيش الإسرائيلي، واستناداً إلى تقرير مستشار في الحماية الأمنية الذي جرى في الموضوع، فإن موقف (الشاباك) هو أنه يجب الامتناع عن عقد جلسات الاستماع لشهادة رئيس الحكومة، في هذه الفترة، في المحكمة المركزية في القدس، رغم وجود منطقة آمنة في طوابق المبنى».

وأضاف الطلب أنه خلال مداولات بين «الشاباك» وإدارة المحاكم «جرى استعراض معلومات بمستوى (سري للغاية) تتعلق بتهديدات على رئيس الحكومة، على إثر حرب (السيوف الحديدية) (الحرب على غزة ولبنان)، وتضع تحديات تتعلق بحراسته». وأشار طلب «الشاباك» إلى أن «إدارة المحاكم أوصت بإجراء المداولات في شهادة رئيس الحكومة في قاعة محصنة تحت سطح الأرض في المحكمة المركزية في تل أبيب، وهذه التوصية مقبولة لـ(الشاباك)».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في صورة تعود إلى 27 سبتمبر الماضي خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (أ.ف.ب)

وكان محامي الدفاع عن نتنياهو، في محاكمته بقضايا الفساد، قد طرح مسألة الخطر على حياة موكله مرات عدة، وزاد إلحاحاً عندما أقدم عدد من ضباط الجيش الإسرائيلي السابقين على إطلاق ألعاب نارية على بيته في قيسارية في الشهر الماضي، ضمن الاحتجاج على سياسته التي يقول معارضوه إنها تعرقل التوصل إلى صفقة تبادل أسرى، وتهدد بالانقلاب على منظومة الحكم. ومع أنهم اعتبروا تصرفهم «احتجاجاً شرعياً قصدنا فيه الإثارة وليس القتل»، فقد عدّته نيابة الدولة تهديداً خطيراً لحياة رئيس الحكومة لا يجوز التساهل فيه، ووجهت لهم تهمة أمنية قد تصل عقوبة الحكم فيها إلى السجن 20 سنة.

لكن الاستخبارات لم توضح إن كان الخطر على حياة نتنياهو قادماً من معارضين إسرائيليين أو من جهات خارجية، علماً بأن طائرات مسيّرة أطلقت من لبنان استهدفت هي أيضاً بيت نتنياهو. وقد طلب محامي الدفاع، عميت حداد، من المحكمة ألا تستخف بالخطر على موكله، وقال ساخراً: «أذكّركم بأن الحديث يجري عن رئيس حكومة إسرائيل المنتخب. وقد سبق أن قتل رئيس حكومة في إسرائيل (إسحاق رابين)». وطلب أن يجري تأجيل المحكمة حتى تنتهي الحرب. وعندما رفض القضاة الطلب تقدم بطلب ثانٍ لتأجيلها 15 يوماً. وأعلنت المحكمة المركزية في القدس، يوم الثلاثاء الماضي، عن موافقتها بشكل جزئي على الطلب الثاني، وقررت تأجيل بدء الاستماع لشهادته في ملفات الفساد المتهم بها، لمدة أسبوع.

وبناءً عليه حددت جلسة الاستماع لشهادة نتنياهو في 10 الشهر الحالي (يوم الثلاثاء المقبل). وستستمر 3 أيام في الأسبوع، كل مرة 7 ساعات. وعدَّ محامي نتنياهو هذه الكثافة من المداولات ظرفاً يهدد بتسهيل خطورة الاعتداء، فقررت المحكمة سماع رأي «الشاباك». وقد جاءت وجهة نظر «الشاباك»، الاثنين، لتسند موقف نتنياهو بأن حياته في خطر، ولكن مع رفض تأجيل المحاكمة وطرْح بديل يوفر له الحماية من خلال نقل محاكمته إلى تل أبيب. وتوقعت مصادر قضائية أن يفتش نتنياهو الآن عن حجة أخرى يتذرع بها لطلب تأجيل المحاكمة من جديد.