فرص كليتشدار أوغلو تزداد لحسم رئاسة تركيا

بعد انسحاب إينجه على خلفية مزاعم فضيحة جنسية

المرشح المنسحب من الانتخابات التركية محرم إينجه خلال مؤتمر صحافي في 8 فبراير 2021 (أ.ب)
المرشح المنسحب من الانتخابات التركية محرم إينجه خلال مؤتمر صحافي في 8 فبراير 2021 (أ.ب)
TT

فرص كليتشدار أوغلو تزداد لحسم رئاسة تركيا

المرشح المنسحب من الانتخابات التركية محرم إينجه خلال مؤتمر صحافي في 8 فبراير 2021 (أ.ب)
المرشح المنسحب من الانتخابات التركية محرم إينجه خلال مؤتمر صحافي في 8 فبراير 2021 (أ.ب)

شكّل إعلان مرشح الرئاسة التركية محرم إينجه مفاجأة من العيار الثقيل وقعت قبل 72 ساعة فقط من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قد تعطي دفعة قوية لمرشح المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو لحسم الرئاسة لصالحه من الجولة الأولى في انتخابات الأحد المقبل.

وبينما تشهد الساحة السياسية في تركيا ضغطاً مكثفاً من مرشحي الرئاسة والأحزاب المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي تجرى في اليوم ذاته مع الانتخابات الرئاسية، جاء انسحاب إينجه، الذي أعلنه في مؤتمر صحافي الخميس بعد نشر مزاعم عن فضيحة جنسية تورط فيها، ليغير الحسابات ويمنح نفساً جديداً لكليتشدار أوغلو.وسبق أن دعا كليتشدار أوغلو، إينجه الذي انشق عن حزب «الشعب الجمهوري» وأسس حزب «البلد» وقرر المنافسة على الرئاسة، إلى الانضمام إلى تحالف «الأمة» لتوحيد جبهة المعارضة في مواجهة إردوغان وتحالف «الشعب».

ومجدداً، وجّه كليتشدار أوغلو الدعوة لإينجه إلى الالتحاق بطاولة المعارضة، التي يسميها «مائدة الخليل إبراهيم»، وأن يحضر مع قادة أحزاب المعارضة الـ5 الآخرين في تحالف «الأمة» المقرر في العاصمة أنقرة الجمعة.

وكتب كليتشدار أوغلو على «تويتر»: «دعوتي لا تزال سارية. دعونا نضع الاستياء القديم جانباً. نرحب بالسيد إينجه على طاولة تركيا... تفضل من فضلك انضم إلينا».

وعلّق الرئيس رجب طيب إردوغان على انسحاب إينجه، خلال تجمع بالعاصمة أنقرة، معرباً عن أسفه لانسحابه. وقال: «لا أعرف ما حدث مع إينجه، كنت أتمنى أن يستمر في هذا السباق حتى النهاية... أشعر بالأسف». وأضاف: «نحن مستمرون في الطريق مع الآخرين. المهم هو قرار أمتي».

وواصل إردوغان هجومه على كليتشدار أوغلو واتهمه بالسير مع التنظيمات الإرهابية ومحاولة إعادة تركيا إلى زمن الوصاية، داعياً الناخبين إلى «تفجير» صناديق الاقتراع يوم الأحد بالتصويت له ولتحالف «الشعب».ووجّه إردوغان رسالة إلى الناخبين الأكراد، الذين ينظر إليهم على أنهم قوة الترجيح في الانتخابات المصيرية التي تشكل تحدياً كبيراً له بعد حوالي 21 عاماً في الحكم، متعهداً جعل تركيا أكثر حرية وأماناً وازدهاراً لجميع مواطنيها، قائلاً: سنبني «قرن تركيا» بدعم أشقائنا الأكراد. وجاء ذلك بعد رسالة مماثلة وجهها، الأربعاء، إلى الناخبين المحافظين في وسط الأناضول، قائلاً إنه كان يعتمد دائماً على «حكمة الأناضول» الشعبية وليس «مثل البعض الآخر» (في إشارة إلى المعارضة) على ما تهمس به القوى الغربية في آذانهم.

وأعلن إينجه انسحابه من سباق الرئاسة قبل 3 أيام فقط من الانتخابات، بعدما نشر علي يشيلداغ، شقيق الحارس الشخصي السابق لإردوغان، الأربعاء، صوراً تشكل فضيحة جنسية له.وأحدثت المزاعم، التي جاءت في سياق سلسلة من المزاعم الأخرى، بدأ يشيلداغ، وهو من عائلة مقربة بشدة من الرئيس التركي، نشر تسجيلات على «يوتيوب» تحظى بمتابعة عالية في الشارع التركي، كشف فيها وقائع فساد مالي طالت إردوغان ووزراء في حكومته وأفراداً في عائلته؛ ضجة واسعة، ودفعت إلى مزيد من الاستقالات في حزب إينجه الذي يواجه أزمة بسبب إصراره سابقاً على الترشح للرئاسة نكاية في كليتشدار أوغلو، بحسب ما ذكرت قيادات مستقيلة من الحزب.

ويتبقى في سباق الرئاسة إلى جانب إردوغان وكليتشدار أوغلو، مرشح تحالف «أتا» اليميني القومي سنان أوغان.

وأعلن المجلس الأعلى للانتخابات أن اسم إينجه وصورته لن تتم إزالتهما من بطاقات الاقتراع، ولن يتم احتساب الأصوات التي سيحصل عليها.

ورغم الحظر القانوني المفروض على إعلان نتائج استطلاعات الرأي حول الانتخابات، كشفت نتائج مسربة لاستطلاع أجرته شركة «كوندا» للأبحاث والاستشارات، التي تحظى بمتابعة دقيقة نظراً لدقة توقعاتها، أن إردوغان يتخلف عن منافسه الرئيسي كليتشدار أوغلو بنحو 6 نقاط مئوية، فبلغت نسبة تأييد إردوغان 43.7 في المائة مقابل 49.3 في المائة لكليتشدار أوغلو، وهو ما يشير إلى أن الانتخابات ستشهد جولة إعادة بينهما في 28 مايو (أيار) الحالي.

وأُجري الاستطلاع يومي 6 و7 مايو (أيار) الحالي. وبلغت نسبة تأييد سنان أوغلان 4.8 في المائة ومحرم إينجه 2.2 في المائة.

كما أظهر استطلاع آخر أجرته شركة «متروبول» أن الانتخابات ستشهد جولة ثانية، وأن كليتشدار أوغلو سيحصل في الجولة الأولى على 49.1 في المائة، وإردوغان على 46.9 في المائة. وفي جولة الإعادة، سيفوز كليتشدار أوغلو بنسبة 51.3 في المائة.لكن رئيس الشركة محمد علي كولات أعلن عقب انسحاب إينجه، أن هذا الانسحاب سيمنح كليتشدار أوغلو فرصة للحسم في الجولة الأولى.


مقالات ذات صلة

تركيا: إمام أوغلو يعزو محاكمته لإقصائه من انتخابات الرئاسة

شؤون إقليمية أنصار إمام أوغلو خلال مظاهرة أمام مجتمع محاكم تشاغليان في إسطنبول خلال الإدلاء بإفادته في اتهامه بالتجسس في نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)

تركيا: إمام أوغلو يعزو محاكمته لإقصائه من انتخابات الرئاسة

أجلت محكمة تركية نظر القضية المتهم فيها رئيس بلدية إسطنبول المعارض المحتجز أكرم إمام أوغلو بتزوير شهادته الجامعية إلى 16 فبراير المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية زعيم المعارضة التركية خلال خطاب أمام المؤتمر العام الـ39 لحزبه في أنقرة (حساب الحزب في إكس)

انتخاب أوزيل رئيساً لحزب «الشعب الجمهوري» للمرة الرابعة في عامين

تعهد زعيم المعارضة التركية رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، بانتزاع حزبه السلطة في البلاد بالانتخابات المقبلة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل يتوسط قيادات وأعضاء بارزين في افتتاح المؤتمر العام الـ39 في أنقرة في 28 نوفمبر (حساب الحزب في «إكس»)

«الشعب الجمهوري» يسعى لتثبيت زعامة أوزيل للمعارضة التركية

انطلق في أنقرة، الجمعة، المؤتمر العام العادي الـ39 لحزب «الشعب الجمهوري» بعد موجة من التحقيقات والضغوط القضائية التي وصلت إلى حد المطالبة بإغلاقه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية متظاهرون في إسطنبول يرفعون لافتات للمطالبة بإطلاق سراح إمام أوغلو (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

تركيا: محكمة تقبل لائحة الاتهام ضد رئيس بلدية إسطنبول المحتجز

قبلت محكمة تركية لائحة اتهام بحق رئيس بلدية إسطنبول المعارض المحتجز أكرم إمام أوغلو ومئات آخرين في إطار تحقيقات في شبهات فساد في البلدية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية تجمع لأنصار حزب الشعب الجمهوري في منطقة عمرانية في إسطنبول 5 نوفمبر للمطالبة بإطلاق سراح أكرم إمام أوغلو (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

تركيا: إمام أوغلو يطالب ببث محاكمته على الهواء مباشرة

طالب رئيس بلدية إسطنبول المحتجز أكرم إمام أوغلو ببث محاكمته بتهمة الفساد على الهواء مباشرة عبر تلفزيون الدولة الرسمي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

تقرير: نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن الصواريخ الباليستية الإيرانية

استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)
استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)
TT

تقرير: نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن الصواريخ الباليستية الإيرانية

استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)
استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)

نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري، قوله، الخميس، إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيُطلع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ووصف المصدر التهديد الذي تمثله الصواريخ الإيرانية بأنه خطير للغاية، مؤكداً أن إطلاق عدد كبير منها على إسرائيل سيلحق أضراراً تعادل «قنبلة نووية صغيرة».

وكان نتنياهو قال، الاثنين الماضي، إن أي تحرك من جانب إيران سيقابل برد عنيف، مؤكداً أن إسرائيل لا تسعى إلى مواجهة مع إيران، مشيراً إلى أن إسرائيل تتابع مناورات إيرانية.

وشنت إسرائيل هجوماً على إيران في يونيو (حزيران) الماضي، وقتلت عدداً من كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين في الساعات الأولى من الحرب التي استمرت 12 يوماً، وتدخلت الولايات المتحدة في نهايتها عندما قصفت أهم المنشآت النووية الإيرانية بقنابل ضخمة.


عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس
صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس
TT

عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس
صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس

حذّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من «مؤامرة جديدة» قال إن خصوم إيران يعملون على تنفيذها عبر تعقيد الأوضاع الاقتصادية وإذكاء السخط الاجتماعي.

وقال عراقجي خلال ملتقى «تبيين السياسة الخارجية للبلاد والأوضاع الإقليمية» في أصفهان إن «المؤامرة الجديدة» لا تقوم على المواجهة العسكرية المباشرة، بل على محاولة خلق بيئة ضاغطة اقتصادياً بهدف إضعاف الداخل، مضيفاً أن هذا الرهان «لن ينجح تماماً كما فشل رهان الاستسلام خلال الحرب الأخيرة».

وشنّت إسرائيل في 13 يونيو (حزيران) هجوماً واسعاً على منشآت استراتيجية داخل إيران، أسفر عن مقتل عشرات من قادة «الحرس الثوري» ومسؤولين وعلماء مرتبطين بالبرنامج النووي. وانضمت الولايات المتحدة إلى الحرب عبر توجيه ضربات إلى مواقع نووية إيرانية.

ووصف عراقجي الحرب التي استمرت 12 يوماً بأنها «قصة مقاومة بطولية»، وقال إن «صمود إيران أحبط مؤامرة العدو الرامية إلى إرغام البلاد على الاستسلام». وأضاف أن خصوم إيران «اعتقدوا أنهم قادرون خلال أيام قليلة على فرض استسلام غير مشروط، لكنهم وجدوا أنفسهم مضطرين إلى التراجع أمام صمود المجتمع والقوات المسلحة». وصرح بأن الحرب «وجهت رسالة من دون أي شروط مسبقة مفادها أن الشعب الإيراني لن يخضع للقهر أو الإملاءات».

وانتقد عراقجي المبالغة في تصوير آلية «سناب باك» التي أعادت القوى الغربية بموجبها العقوبات الأممية على إيران في نهاية سبتمبر (أيلول). وقال إن الروايات التي جرى تسويقها للجمهور حول هذه الآلية «كانت أسوأ بكثير من الواقع»، وهدفت إلى شل الاقتصاد الإيراني نفسياً عبر بث الخوف، في حين أن هذه الأدوات «لم تكن تمتلك في الواقع الفاعلية التي جرى الادعاء بها».

ودعا عراقجي إلى مقاربة واقعية، قائلاً: «علينا أن نقر بوجود العقوبات، وأن نقر أيضاً بأنه يمكن العيش معها»، لافتاً إلى أنه يدرك تكلفة العقوبات وتأثيراتها، مشيراً إلى أنها تكشف أيضاً عن فرص لإصلاح الاختلالات الداخلية. وأضاف أن العقوبات تستخدم في كثير من الأحيان كأداة «حرب نفسية»، سواء عبر التهويل بآليات مثل «سناب باك» أو عبر تضخيم آثارها بما يتجاوز الواقع، بهدف شل الاقتصاد معنوياً قبل أن يكون مادياً.

صورة نشرها موقع عراقجي الرسمي من خطابه في ملتقى بمدينة أصفهان الخميس

وأوضح عراقجي أن «لإيران الحق في التذمر من العقوبات فقط بعد استنفاد كامل طاقاتها الداخلية والإقليمية»، مشيراً إلى أن البلاد لم تستخدم بعد كل إمكانات الجوار ولا كل أدوات الدبلوماسية الخارجية. وقال إن تفعيل هذه الأدوات يمكن أن يخفف من الأعباء الاقتصادية حتى في ظل استمرار القيود.

«الدبلوماسية الاقتصادية»

وتوقف عراقجي عند مفهوم الدبلوماسية الاقتصادية، مؤكداً أن مهمة وزارة الخارجية تشمل تسهيل مسارات التصدير والاستيراد وفتح أسواق جديدة. وفي هذا السياق، أشار إلى السجاد الإيراني بصفته مثالاً على التداخل بين الاقتصاد والثقافة، موضحاً أن كل سجادة إيرانية في الخارج تمثل «سفيراً ثقافياً»، وأن تراجع صادرات هذا القطاع يشكل خسارة اقتصادية واجتماعية ينبغي معالجتها عبر إزالة العوائق أمام المنتجين والمصدرين.

وقال إن الحكومة «مدينة للشعب»، وإن واجبها هو الخدمة لا المطالبة، عادّاً أن نجاح الدبلوماسية الاقتصادية سيكون أحد معايير تقييم أداء السياسة الخارجية في المرحلة المقبلة، إلى جانب الحفاظ على نهج الصمود في مواجهة الضغوط.

وفيما يخص دور وزارة الخارجية، حدّد عراقجي مهمتين أساسيتين. الأولى مواصلة السعي إلى رفع العقوبات عبر المسارات الدبلوماسية، مع الحفاظ على المبادئ والمصالح الوطنية. وقال: تشكل تجربة الاتفاق النووي والمفاوضات اللاحقة رصيداً تفاوضياً لا يمكن تجاهله، لكنها لا تعني العودة الآلية إلى المسارات السابقة، بل البناء عليها، مؤكداً أن الوزارة «لن تدّخر جهداً» في استثمار أي فرصة لتخفيف الضغوط الدولية.

وأضاف أن المهمة الثانية تتمثل في دعم الاقتصاد الوطني بشكل مباشر، ولا سيما القطاع الخاص. وشدّد على أن السياسة الخارجية لا ينبغي أن تبقى محصورة في التقارير المكتبية، بل أن تتحول إلى عمل ميداني يواكب مشكلات التجار والشركات الإيرانية في الخارج ويسعى إلى حلها. واستشهد بتجربة دعم شركة إيرانية خاصة في مناقصة إقليمية كبيرة انتهت بفوزها في منافسة مع شركات دولية.

ترقب لزيارة نتنياهو

ويأتي ذلك في وقت تصر فيه واشنطن على تنفيذ سياسة «الضغوط القصوى» على الاقتصاد الإيراني، فيما يزداد تركيز إسرائيل على الصواريخ الباليستية بوصفها التهديد الأكثر إلحاحاً، وسط تقديرات إسرائيلية بأن إيران خرجت من حرب يونيو بترسانة أقل مما كانت عليه قبلها، لكنها بدأت خطوات لإعادة البناء.

وقال عراقجي الأسبوع الماضي إن إيران «لا تستبعد» احتمال تعرضها لهجوم جديد، لكنها «مستعدة بالكامل وأكثر من السابق»، مشيراً إلى أن الاستعداد يهدف إلى منع الحرب لا السعي إليها. وأضاف أن استهداف إيران خلال مسار اتصالات دبلوماسية كان «تجربة مريرة»، وأن بلاده أوقفت اتصالات كانت قائمة منذ أشهر، مع تأكيدها أنها مستعدة لاتفاق «عادل ومتوازن».

وتترقب الساحة الإقليمية زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن الاثنين المقبل، وسط تقارير إسرائيلية تفيد بأنه يعتزم طرح ملف الصواريخ الإيرانية على الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وتعود مؤشرات التصعيد إلى حرب يونيو التي اندلعت في 13 من الشهر نفسه بهجوم إسرائيلي على منشآت وأهداف داخل إيران، وأشعلت مواجهة استمرت 12 يوماً، قبل أن تنضم الولايات المتحدة لاحقاً بضرب ثلاثة مواقع نووية إيرانية.

وفي طهران، سعى مسؤولون إيرانيون في الأيام الأخيرة إلى تثبيت رواية مفادها أن قدرات البلاد لم تُستنزف خلال الحرب، وأن ما تبقى من أدوات الردع لم يستخدم بعد. وفي هذا الإطار، قال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية أبو الفضل شكارجي الأربعاء، إن القدرات البحرية والبرية والصاروخية لإيران «جاهزة لكل سيناريو»، محذراً من رد «قاطع» إذا فُرضت مواجهة، ومضيفاً أن أي تحرك هجومي إيراني سيكون «لمعاقبة المعتدي».

وتزامن ذلك مع تضارب في الرواية الإيرانية حول أنشطة صاروخية داخل البلاد. وفي إسرائيل، قال نتنياهو إن بلاده «على علم» بأن إيران أجرت «تدريبات» في الآونة الأخيرة، وإنها تراقب الوضع وتتخذ الاستعدادات، محذراً من رد قاس على أي عمل ضد إسرائيل، من دون تقديم تفاصيل إضافية، في سياق تحذيرات من سوء تقدير متبادل قد يدفع نحو مواجهة غير مقصودة.


روسيا تتوسط سرّاً بين إسرائيل وسوريا للتوصّل إلى اتفاق أمني

جنود إسرائيليون على متن ناقلة جند مدرعة في المنطقة العازلة التي تفصل مرتفعات الجولان المحتلة عن سوريا قرب قرية مجدل شمس الدرزية فبراير الماضي (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون على متن ناقلة جند مدرعة في المنطقة العازلة التي تفصل مرتفعات الجولان المحتلة عن سوريا قرب قرية مجدل شمس الدرزية فبراير الماضي (أ.ف.ب)
TT

روسيا تتوسط سرّاً بين إسرائيل وسوريا للتوصّل إلى اتفاق أمني

جنود إسرائيليون على متن ناقلة جند مدرعة في المنطقة العازلة التي تفصل مرتفعات الجولان المحتلة عن سوريا قرب قرية مجدل شمس الدرزية فبراير الماضي (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون على متن ناقلة جند مدرعة في المنطقة العازلة التي تفصل مرتفعات الجولان المحتلة عن سوريا قرب قرية مجدل شمس الدرزية فبراير الماضي (أ.ف.ب)

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أنّ روسيا تتوسط سرّاً بين إسرائيل وسوريا للتوصّل إلى اتفاق أمني بين الجانبين، وذلك بمعرفة ورضا الإدارة الأميركية.

وقالت هيئة البثّ الإسرائيلية الرسمية «كان 11» إنّ أذربيجان تستضيف وتقود حالياً الاجتماعات والمحادثات، التي يقوم بها مسؤولون رفيعو المستوى من الطرفين إلى العاصمة باكو.

ولفت مصدر أمني مطّلع إلى أنّ هناك فجوة قائمة في الاتصالات بين إسرائيل وسوريا، على الرغم من الوساطة الروسية، ولكن تمّ إحراز بعض التقدّم خلال الأسابيع الأخيرة.

وذكرت «كان 11» عن المصادر أنّ موسكو ودمشق تعملان على تعزيز العلاقات بينهما، إذ نقلت روسيا، الشهر الماضي، جنوداً ومعدّات إلى منطقة اللاذقية عند الساحل. وأضافت المصادر أنّ إسرائيل تفضّل السماح بوجود روسي يكون على حساب محاولة تركيا لترسيخ وجودها التمركز في الجنوب السوري أيضاً.

لقاء وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو الأربعاء (سانا)

وأمس (الأربعاء)، زار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني موسكو، والتقى نظيره الروسي سيرغي لافروف، مشيراً إلى أنّ الهدف هو نقل العلاقات بين البلدين إلى مستوى استراتيجي.

وكان التطور الأبرز في العلاقات حين استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، في 15 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إذ شدّد الطرفان على أهمية تعزيز العلاقات الاستراتيجية والسياسية بين بلديهما والتعاون في مجالات الطاقة والغذاء.

يذكر أن إسرائيل تقيم علاقات ودية مع روسيا، تحاول فيها تل أبيب التفاهم على تقاسم مصالحهما في سوريا. وفي الشهور الماضية، منذ مايو (أيار) الماضي، أجرى بوتين ونتنياهو 4 مكالمات هاتفية طويلة تباحثا خلالهما في عدة مواضيع، بينها الموضوع السوري.

وأكّدت إدارة الإعلام بوزارة الخارجية والمغتربين السورية، في أعقاب المكالمة في مايو، أن الرئيس الروسي شدد في لقاءاته مع المسؤولين السوريين دائماً على رفض بلاده القاطع لأي تدخلات إسرائيلية أو محاولات لتقسيم سوريا، وأكّد التزام موسكو بدعمها في إعادة الإعمار واستعادة الاستقرار.

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني والتركي هاكان فيدان خلال مؤتمر صحافي مشترك في دمشق (إ.ب.أ)

وفي تل أبيب يتحدثون عن «عدة مصالح مشتركة مع موسكو في سوريا لمواجهة النفوذ التركي». وبحسب صحيفة «معاريف»، فإن الروس يقيمون علاقات جيدة مع تركيا ومع إسرائيل، ويسعون لمنع تدهور العلاقات بينهما. وفي الوقت ذاته، تريد الحفاظ على مواقعها في سوريا بموافقة الطرفين، وتفعل ذلك بالتنسيق مع جميع الأطراف، بما فيها سوريا.

ومع أن الولايات المتحدة هي التي تتولى موضوع التفاهمات الأمنية بين إسرائيل وسوريا، فإنها لا تمانع في مساهمات إيجابية تأتي من بقية الأصدقاء، بما في ذلك روسيا.

الرئيس السوري أحمد الشرع خلال مباحثاته في إسطنبول السبت مع مبعوث الرئيس الأميركي الخاص إلى سوريا توماس برّاك بحضور وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (إ.ب.أ)

الدبلوماسي السابق، ميخائيل هراري، الباحث والمحاضر الجامعي في موضوع سوريا والشرق الأوسط، يرى أنه في الوقت الذي يدير فيه أحمد الشرع سوريا بطريقة حكيمة، جعلتها تحظى بهذا الاحتضان الإقليمي والدولي، ينبغي لإسرائيل أن تحرص على ألا تظهر كمن يريد استمرار الفوضى في سوريا.

ولكي تدير إسرائيل مصالحها بشكل جيد، يجب أن تسارع إلى إبرام اتفاق أمني مع دمشق. وأضاف، في مقال لصحيفة «معاريف»، إن إسرائيل تحتاج إلى ترجمة إنجازاتها العسكرية في الحرب الأخيرة إلى مكسب سياسي، وهذا لا يكون بمواصلة السياسة الحالية التي تظهر فيها إسرائيل سلبية.