«هوامش الحضارة»... نظرةٌ جديدةٌ إلى العصر الجاهليhttps://aawsat.com/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D9%81%D9%86%D9%88%D9%86/4773181-%C2%AB%D9%87%D9%88%D8%A7%D9%85%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B6%D8%A7%D8%B1%D8%A9%C2%BB-%D9%86%D8%B8%D8%B1%D8%A9%D9%8C-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9%D9%8C-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9%87%D9%84%D9%8A
تؤكد الباحثة سمية عبد الحليم عويس في كتابها «هوامش الحضارة»، الصادر عن دار «الكنزي» بالقاهرة، أن ما يُعرف بـ«العصر الجاهلي» لم يكن جاهلياً تماماً، بل كان يحتوي على كثير من مظاهر التحضر والثقافة، حيث عرف سكان بعض مناطق الجزيرة العربية نمط الخط النبطي وتطوروا به إلى الخط العربي، وقد انعكس ذلك على شعرائهم، فيشيع تشبيه الأطلال ورسوم الديار بالكتابة ونقوشها، كما في قول المرقش الأكبر:
الدار قفرٌ والرسوم كما
رقّش في ظهر الأديم قلم
ويقول الأخنس بن شهاب التغلبي:
فلابنة حطانَ بن عوفٍ منازلُ
كما رقّش العنوان في الرِّق كاتبُ
وتوضح الباحثة أن هذا التشبيه يدور كثيراً في أشعارهم مما قد يدل على أن كثيرين منهم كانوا يعرفون الكتابة، بل إن فريقاً منهم كما يقول الرواة كان يعرف الكتابة الفارسية على نحو ما حدثونا عن لقيط بن يعمر الإيادي وعدي بن زيد العبادي، ومما لا شك أن الكتابة كانت شائعة في الحواضر، خصوصاً في مكة التاجرة. ورغم أنه ليس بأيدينا ما يدل على أن الجاهليين اتخذوا الكتابة وسيلة حاسمة ونهائية لحفظ أشعارهم، لكن من المؤكد أنهم كتبوا بعض الأشعار على الحجارة والجلود والعظام وسعف النخيل، وإن ظلت رواية الشعر شفاهةً هي الأداة الطيعة لنشره وذيوعه.
وتستشهد الباحثة بما كان للشعر من منزلة رفيعة عند العرب وحكم نافذ وسلطان غالب، إذ كانت ألسنتهم الناطقة بمكارمهم ومفاخرهم هي أسلحتهم التي يذودون بها عن حياض شرفهم، وبها كانوا يماجدون وينافرون ويفاخرون، وما كانوا يسرون بشيء أعظم من سرورهم بشاعر ينبغ فيهم. قال ابن رشيق في كتابه «العمدة»: «وكانت القبيلة من العرب إذا نبغ فيها شاعر أتت القبائل فهنأتها وصنعت الأطعمة وأتت النساء يلعبن بالمزاهر كما يصنعن في الأعراس ويتباشر الرجال والولدان لأنه حماية لأعراضهم وذب عن حياضهم وتخليد لمفاخرهم وإشادة بذكرهم وكانوا لا يهنئون إلا بغلام يولد أو شاعر ينبغ أو فرس تنتج».
وعن مكانة الخطابة في ذلك العصر، ترى الباحثة أنها كالشعر لحمتها الخيال وسداها البلاغة وهي مظهر من مظاهر الحرية والفروسية وسبيل من سبل التأثير والإقناع تحتاج إلى ذلاقة اللسان ونصاعة البيان وأناقة اللهجة وطلاقة البديهة.
وتذكر أنه في النثر العربي المأثور نجد كذلك تراثاً قيماً يشير إلى البلاغة العربية القديمة والمنتشرة على شكل وصايا بين عامة البدو ومن ذلك: وصية زهير بن جناب الكلبي لبنيه إذ يقول: «يا بني قد كبرت سني وبلغت حرصاً على دهري فأحكمتني التجارب والأمور تجربةً واختياراً فاحفظوا عني ما أقول وعوه: إياكم والحور عند المصائب والتواكل عند النوائب فإن ذلك داعية للغم وشماتة للعدو وسوء ظن بالرب وإياكم أن تكونوا بالأحداث مغتربين ولها آمنين ومنها ساخرين فإنه ما سخر قوم قط إلا ابتلوا ولكن توقعوها فإن الإنسان في الدنيا غرض تعاوره الرماة فمقصر دونه ومجاوز لموضعه وواقع من يمينه وشماله، ثم لابد أن يصيبه».
وتشير الباحثة في هذا السياق إلى فكرة القبيلة، لافتة إلى أنها كانت وحدة سياسية مستقلة تخضع لسلطة أدبية ممثلة في زعماء العشائر ورؤوس الأسر؛ وهؤلاء يقدمون واحداً منهم يعدونه شيخ القبيلة تتوفر فيه أكثر من غيره صفات الزعامة والرياسة التي يتطلبها المجتمع القبلي من الشجاعة والكرم والحلم وكثرة الأنصار والثروة ورجاحة العقل والإخلاص والوفاء وغيرها من الصفات التي يشيدون بها في قصائدهم وبطولاتهم ومآثرهم.
ولم يكن العرب يعيشون في الجاهلية معيشة واحدة، بل عُرفت الزراعة مثلاً في الجنوب والشرق وواحات الحجاز مثل يثرب وخيبر وفي الطائف ووادي القرى. وحيثما توفرت المياه ازدهرت الزراعة، وكانت الطائف من أشهر المدن الزراعية في الحجاز.
كان العرب في العصر الجاهلي يقيمون أسواقاً عامة للتجارة منها ما كان ثابتاً ومنها ما كان موسمياً، وقد أثرت هذه الأسواق تأثيراً بعيداً في جميع الميادين الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، واهتم بها الرواة والإخباريون فأوردوا الكثير من الأخبار والخطب التي ألقيت في هذه الأسواق. ومن أهم تلك الأسواق سوق «عكاظ»، وكانت أكبر أسواقهم، وكانوا يقيمونها في نجد بالقرب من عرفات من منتصف ذي القعدة إلى نهايته. ولم تكن سوق تجارة فحسب بل كانت سوقاً للخطابة والشعر أيضاً.
ومن أسواق قريش أيضاً «ذو المجاز» بالقرب من عكاز، وبجانب هاتين السوقيين الكبيرتين كانت للعرب أسواق أخرى كثيرة يتاجرون فيها كما يريدون ويشترون ويبيعون، من أهمها «دومة الجندل» في شمال نجد، و«الحيرة» و«الحجر» باليمامة، و«حضر موت» و«عدن»، وكانت لكل سوق من هذه الأسواق وقت معلوم تُعقد فيه.
من أم كلثوم وفيروز وعبد الوهاب، مروراً بماجدة الرومي وكاظم الساهر، وصولاً إلى عمرو دياب. كيف أسهمَ نجوم الأغنية في إحياء اللغة العربية الفصحى؟
كريستين حبيب (بيروت)
قافلة من الشعراء تشعل ليالي الكويت الباردة في «دورة البابطين» الثقافيةhttps://aawsat.com/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D9%81%D9%86%D9%88%D9%86/5092623-%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%84%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%AA%D8%B4%D8%B9%D9%84-%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%84%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%8A%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D8%AF%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%AF%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%D8%B7%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9
قافلة من الشعراء تشعل ليالي الكويت الباردة في «دورة البابطين» الثقافية
الشاعرة روضة الحاج (الشرق الأوسط)
أشعلت كتيبة من الشعراء، تقاطروا من كل أرجاء العالم العربي، لياليّ الكويت الباردة بالدفء والمشاعر الصاخبة، في توليفة من العشق والغزل والحنين والافتجاع، حيث أوقد 27 شاعراً وشاعرة عربية جمر الكلمات لتنساب قصائدهم كألسنة نار تسكب حرارة العاطفة في قوالب موسيقية تجتذب القلوب التواقة إلى الدفء والجمال.
عبر ثلاث أمسيات شعرية، توزع الشعراء الـ27 ضمن فعاليات الدورة التاسعة عشرة لمؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية للإبداع الشعري، التي خصصت أعمال هذه الدور لسيرة مؤسسها الراحل الشاعر عبد العزيز سعود البابطين، الذي رحل منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
أقيمت الأمسيات الثلاث في مكتبة البابطين في العاصمة الكويت، الأمسية الأولى جمعت تسعة شعراء من مختلف أنحاء العالم العربي، وأدارها الدكتور مشعل الحربي (الكويت). وشارك فيها كلٌ من: أوس الأفتيحات (العراق)، وجاسم الصحيّح (السعودية)، وجمانة الطراونة (الأردن)، وحنين عمر (الجزائر)، وخالد بودريف (المغرب)، ومحمد طه العثمان (سوريا)، ومحمد عرب صالح (مصر)، وموضي رحال (الكويت)، ووليد الصراف (العراق).
الأمسية الثانية جمعت أيضاً تسعة من الشعراء، وأدارها الدكتور عبد الله السرحان (الكويت) وشارك فيها كلٌ من: أحمد شلبي (مصر)، وجاسر البزور (الأردن)، وخالد الحسن (العراق)، وروضة الحاج (السودان)، وسمية محنش (الجزائر)، وفالح بن طفلة (الكويت)، ومحمد الجلواح (السعودية)، نبيلة حماني (المغرب)، وهبة الفقي (مصر).
وضمّت الأمسية الثالثة، تسعة شعراء آخرين، وأدارها الدكتور أحمد الفرج (الكويت)، وشارك فيها كلٌ من: إباء الخطيب (سوريا)، وأحمد بلبولة (مصر)، وإياد هاشه (العراق)، وحسام شديفات (الأردن) ودلال البارود (الكويت)، وشقراء مدخلي (السعودية) وعبد الله الفيلكاوي (الكويت)، وفارس حرّام (العراق)، ومحمد البريكي (الأمارات).
جاسم الصحيّح
شارك في الأمسية الأولى الشاعر السعودي جاسم الصحيّح، الذي سبق أن فاز بجائزة أفضل ديوان شعري في مسابقة البابطين للإبداع الشعري 2012 عن ديوانه «ما وراء حنجرة المغني»، كما حاز جائزة سوق عكاظ الدولية للشعر العربي الفصيح 2018، وأخيراً جائزة المركز الأول في برنامج «المعلقة» من وزارة الثقافة السعودية في عام 2024.
وألقى الصحيّح بعضاً من نصوصه، جاء في قصيدته «لعابر في التآويل»:
نبيٌّ ولكنْ عابرٌ للشرائعِ
حدودُ سماواتي حدودُ أصابعي
إذا سال ظِلِّي بَلَّلَتْنِي غمامةٌ
من الوحيِ، تندَى بالمعاني الجوامعِ
رَعَيتُ ولكنْ في مراعي هواجسي!
تَأَمَّلتُ لكنْ في (حِرَاءِ) الشَّوَارِعِ!
يُجَلِّلُني مجدُ القصائدِ حينما
أشمُّ أريجَ الله بين (المَطالعِ)
حروفي نجومٌ أَفْلَتَتْ من مدارِها
إليَّ، وعَقَّتْ ما لها من مواقعِ!
فما حِكمتي إلا الجَمالُ، وحُجَّتي
شعوري بأنَّ الكونَ إحدى ودائعي
تَلَمَّستُ ديني داخلي فاعْتَنَقْتُهُ
وشَيَّدتُ في كلِّ الخلايا صوامعي
يسيلُ بيَ التأويلُ في كلِّ جُملةٍ
كأنِّي (مجازٌ مُرسَلٌ) للمنابعِ
بسَبعَةِ أختامٍ أُشَمِّعُ فكرتي
وأرسلُها للخلقِ دون طوابعِ
سـيَشكُونِـيَ الوُعَّاظُ مِلءَ نقيقِهِمْ
فمُستنقعُ الشكوَى كثيرُ الضفادعِ
روضة الحاج
شاركت الشاعرة السودانية روضة الحاج في الأمسية الثانية، وسبق أن حازت لقب «شاعر سوق عكاظ» لعام 2005، وشاركت في برنامج «أمير الشعراء» بنسخته الأولى، وحازت المركز الرابع... الشاعرة روضة الحاج، حملت أحزان بلدها السودان الذي تكويه نار الحرب، ومعاناة الناس وعذاباتهم، فألقت من لهيب الحزن قصيدتها «الآن تُمطرُ في جنوبِ القاهرة!»، جاء فيها:
وأنا ومصرُ
غريبةٌ لاذت بحزنِ غريبةٍ
بينا تسيرُ القاطرة
كلُّ المحطاتِ التي مرَّت بنا
متشابهاتٌ كلُّهنَّ
فليس من بيتٍ
لكي نأوي له
والساعة العجلى تشير إلى تمام العاشرة!
لا أهلَ
لا مستقبلينَ هناك
لا معنًى أُطاردُه
فيتبعُني ويُتعِبني
فقط
وجعٌ عظيمٌ لانهمارِ الذاكرة!
الآن تُمطر في جنوبِ القاهرة
وأنا يُعاودُني شجاي المرُّ
تعبثُ بي حميَّاي القديمةُ
كلما
بكتِ السماءُ وأبرقت
فكأنَّما روحي السماءُ الماطرة
وجعٌ عتيقٌ
يستبدُّ بهذه الروحِ المطيرةِ
كلما
لمعتٌ بروقٌ كنتُ أعرفُهنَّ
هبَّ عليّ عطرُ الأرضِ
أيقظَ كلَّ ما هدهدتُه لينامَ
أوقدَ ليلي الساجي
وسافرَ بي هناك
وهل أنا
مذ جئتُ هذي الأرضَ
إلا ضيفةٌ ومسافرة!
مطرٌ
وصوتُ (حليم)
شايٌ أحمرٌ
كتبٌ مبعثرةٌ
وشوقٌ
لست أدري ما الذي أشتاقُه
ومن الذي أشتاقُه
لكنَّني أدري تلوُّي القلبِ
كالملدوغِ
حين تُحيط بي أشجانُه
أدري بسكِّينِ الحنينِ
يشقُّ هذي الخاصرة!
الآن تُمطرُ في جنوبِ القاهرة
أبكي
لأرضٍ لم تغادرني وإن غادرتُها
لأحبةٍ سأظلُّ أحملهُم معي
حتى الحياةِ الآخرة!
أو ربما أبكي مكابدتي
لأبدو مثلما أبدو
وفي روحي تمورُ عوالمٌ شتى
وكونٌ كاملٌ يغلي
وأسئلةٌ
وما من مهربٍ إلا إلى هذي القصيدةِ
وهي تُمعنُ في مراوغةٍ
أنا أدرى بها
يا للعنودِ الماكرة!
ولربما أبكي
صدوعاً كلما رممّتها
وظننتُها التأمت
أعادتها قصيدةُ شاعرٍ
أو شاعرة!
أبكي
وتنهمرُ السماءُ
وتُجهش الدنيا معي
والشوقُ يهطِلُ
والحنينُ الآنَ
يهمي من سماءِ القاهرة!
سمية محنّش
الشاعرة الجزائرية سمية محنّش، قرأت مجموعة من النصوص من بينها «أسئلة في العشـــقْ»، جاء فيه:
لماذا...
وفي كُلِّ حُبٍ تُعَادُ الحَكَايَا
نُعيدُ الحَكَايَا...
ونَصْبُو إلى المُسْتَحيل
الذي لا يَرُوحُ
الذي لا يجيءُ
الذي كشهابٍ
يُغِيرُ الحَنَايَا
ونَلْتَذُّ بالآهِ
نلتاعُ بالشَّوْقِ
نَبْنِي قُصُوراً مِنَ الوَهْمِ فوقَ السَّحابِ
عَلَيْها نُقِيمُ الخَطَايَا
ونقلبُ كُنْهَ الأُمُورِ على ضِفَّةٍ لِلْخَيَالِ المُخَدَّرْ
فَذا الوَهْم يغدو عبيراً وسُكَّرْ
وتَغْدُو الكَمَنْجَاتُ
في الرُّوحِ نايَا...
وإنَّا لَنَغْرَقُ في الحُبِّ غَرْقَا
كَمِثْلِ السّكارى...
كَدُوقٍ قَديمٍ...
سنختارُ موتاً بِصَحْنِ النَّبِيذِ
ونَفْرَحُ أنَّا بذا المَوْتِ عِشْنَا
وأنَّا نَدِينُ لهُ كَالرَّعايَا
وإنَّا الرَّعايا.
سَنَكْذِبُ حَتْماً
ومِنْ فَرْطِ صِدقٍ
نُقَدِّسُ كِذْبَتَنَا مُغرَمِينَ...
بِحُسْنِ النَّوَايَا
ونَصْدُقُ طَبْعاً...
إذا أجهشَ الحُبُّ فينَا
وفُرْنَا بِتَنُّورِهِ كالشَّظايا
جمانة الطراونة
الشاعرة الأردنية جمانا الطراونة، تنقلت برشاقة بين بحور القصيدة، وتنوعت مشاربها بين الغزل والحنين، تقول: