أثار ترويج الملحّن المصري عمرو مصطفى لأغنية من ألحانه بصوت «كوكب الشرق» أم كلثوم، عبر تقنية الذكاء الاصطناعي، جدلاً واسعاً في مصر، إثر نشره مقطعاً من الأغنية على صفحته في «فيسبوك»، لتتوالى التعليقات بين معجب بالتجربة ومُعارض لها. فبينما طالب معجبون باستكمال الأغنية وإعادة تلحين أغنيات بصوت عبد الحليم حافظ، اتهمه معارضون بـ«تشويه صوت أكبر رموز الغناء العربي».
وكان الملحن المصري كتب عبر «فيسبوك»: «على مدار 24 سنة، قدّمتُ العديد من الألحان لنجوم الوطن العربي. وأخيراً، مع تطوّر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وددتُ سماع (كوكب الشرق) إن أدّت الأغنية من ألحان عمرو مصطفى، فماذا ستكون نتائجها؟»، واعداً جمهوره بسماع الأغنية كاملة قريباً.
وفي أول رد فعل على إعلان مصطفى، حذّر المنتج محسن جابر من المسّ بتراث أم كلثوم، مشدداً، في بيان، على أنه سيتخذ إجراءات قانونية ضد أي «مهزلة أو عبث في صوتها بصفتها رمزاً كبيراً لا يجوز لأحد أن ينسخه أو يشوّهه أو يعبث به».
ورفض أن يجرؤ أحد، «بمن فيهم عمرو مصطفى»، رغم علاقته الوطيدة به، أن يستخدم الذكاء الاصطناعي لاستحضار صوت أم كلثوم أو استعمال اسمها وصورتها، لافتاً إلى وجود «حقوق أدبية أبدية غير قابلة للتقادم».
هذا البيان، دفع مصطفى للتوضيح بأنه لن يستخدم اسم أم كلثوم أو صورتها، نافياً أن «يمتّ التسجيل بصلة من قريب أو بعيد إلى صوتها العظيم».
وعلّق الناقد الموسيقي أمجد مصطفى لـ«الشرق الأوسط»: «لم أستسغ صوت أم كلثوم عبر المقطع الذي نشره عمرو مصطفى. فالصوت مشوّش وليس له أي معالم، كما أنّ الفكرة سيئة»، لافتاً إلى أنّ هذه التجربة، وإن انتشرت في الغرب، «فما يصلح عندهم ليس بالضرورة أن يصلح هنا، ولا أظن أنهم يقبلون تشويه تراثهم»، متسائلاً: «مَن لم يسمع صوت أم كلثوم من الجيل الجديد وسمع هذا الصوت، فماذا سيقول؟».
وشدّد: «يجب ألا نستخدم التكنولوجيا في هدم رموزنا، لا سيما أنّ أم كلثوم رمز عالمي، ومثل هؤلاء الرموز ينبغي ألا يكونوا حقل تجارب. ما حدث يُعدّ اعتداء صارخاً على تراثنا، وأتصور أنّ عمرو مصطفى لن يقبل بأمر مماثل على أغنياته لو حدث ذلك مستقبلاً».
ورأى «ضرورة تصدّي وزارة الثقافة المنوط بها الحفاظ على تراثنا بكل الأشكال، وكذلك نقابة الموسيقيين وجمعية المؤلفين والملحّنين لهذا الأمر».
وأثار استخدام الذكاء الاصطناعي في الموسيقى جدلاً عالمياً واسعاً، بعدما طُرحت أعمال زائفة لفنانين مثل إمينيم ودرايك وذي وينكد وأويزيس، الأمر الذي توقعه المغني البريطاني ستينغ، مؤكداً في مقابلة مع «بي بي سي» (الخميس) أنّ «اللبنات الأساسية للموسيقى تخصّنا نحن البشر، وستحصل معركة يتعيّن علينا جميعاً خوضها في السنوات المقبلة تتمثل في الدفاع عن رأسمالنا البشري ضد الذكاء الاصطناعي»، مشيراً إلى أنّ «هذه التقنية قد تصلح في الموسيقى الإلكترونية، لكنها لا تصلح للأغنيات التي تعبّر عن المشاعر».
واعتبر الأمين العام لـ«جمعية المؤلفين والملحنين» الشاعر فوزي إبراهيم، تخيُّل عمرو مصطفى صوت أم كلثوم عبر لحن عصري له باستخدام الذكاء الاصطناعي للحصول على بصمة صوتها، «تشويها لتراث سيدة الغناء العربي»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أنّه «لا يستطيع أحد إحضار صوت أم كلثوم بإحساسها وخبراتها في الغناء، وهذه أمور لا يمكن أن يصل إليها الذكاء الاصطناعي. فبصمة الصوت التي أوردها عمرو مصطفى لا تعبّر عن زخارف صوتها، ولا تمت بصلة لروحها وإحساسها وقدراتها ومساحة صوتها ونطقها للحروف الذي يختلف عن أي مطرب آخر».
وأضاف إبراهيم أنّ «جمعية المؤلفين والملحنين» ستتعاون مع نقابة الموسيقيين وشركات الإنتاج التي تملك حقوق أغنيات أم كلثوم، و«لا بد لوزارة الثقافة من دور لوقف هذا العبث حتى لا يتوالى تشويه رموزنا الفنية».