«الشارقة القرائي للطفل»... رحلة الصغار إلى عالم الخيال والفنون

اشتمل برنامجه على 1732 فعالية

«الشارقة القرائي للطفل»... رحلة  الصغار إلى عالم الخيال والفنون
TT

«الشارقة القرائي للطفل»... رحلة الصغار إلى عالم الخيال والفنون

«الشارقة القرائي للطفل»... رحلة  الصغار إلى عالم الخيال والفنون

حافظت الشارقة، للسنة الـ14 على التوالي، على أحد أشهر مهرجاناتها السنوية، الذي أصبح موسماً ثقافياً اجتماعياً ترفيهياً للعائلات والأطفال والناشئين والشباب، تحت اسم «مهرجان الشارقة القرائي للطفل»، الذي يجمع بين كونه معرضاً كبيراً لكتب الأطفال، يتوافد إليه، كل عام، ناشرو كتب الأطفال واليافعين من مختلف بلدان العالم، وبين كونه يوفر فضاء معرفياً وفنياً للكُتاب والرسامين ومحبِّي كتب الكوميكس والقصص المصوَّرة والعروض الفنية، التي تحفر ذكرياتها في وعي الكبار والصغار.

استمر المهرجان من 3 حتى 14 من هذا الشهر، تحت شعار «عقول تتشكل»، رافقتهم خلالها عروض مسرحية وموسيقية، بينها عدة عروض لفرقة «أطفال ماساكا أفريكانا» المتابَعة من قِبل الملايين، حيث استضافها المهرجان، الذي تنظمه «هيئة الشارقة للكتاب».

141 دار نشر للأطفال و457 ضيفاً

واشتمل برنامج المهرجان على 1732 فعالية، استقطبت للمشاركة فيها 457 ضيفاً وفدوا إلى الشارقة من 66 دولة، بينهم 68 فناناً وكاتباً وأديباً ومختصاً لهم خبرة في مجال ثقافة الطفل على مستوى الكتابة والرسوم والمسرح ووسائل وطرق التعلم، و141 ناشراً ما بين عرب وأجانب، من عدة دول.

وكان اللافت في هذه الدورة بروز عدد ناشري الأطفال في الإمارات، حيث شارك في الحدث 77 دار نشر إماراتية، من إجمالي 141 داراً عربية وعالمية، مما يكشف عن اتساق الاهتمام بثقافة القراءة في الشارقة والإمارات، وانعكاس أثر التشجيع الرسمي على قطاع صناعة كتب الأطفال.

وسبَق انطلاق المهرجان بيومين، انعقاد «مؤتمر موزعي الكتب»، الذي شارك فيه 383 موزعاً للكتب من 69 دولة، التقوا في الشارقة للمرة الثانية، حيث كانت الدورة الأولى لمؤتمرهم قد انطلقت، العام الماضي؛ في خطوة تعكس توجه الشارقة نحو إغناء الأحداث الثقافية الكبرى لديها بتنظيم أحداث مصاحبة لها تمنحها زخماً إضافياً.

جمهور واسع... و946 فعالية للأطفال

نجح المهرجان في اكتساب جمهور واسع؛ بفضل تنوع فعالياته التي منحته امتياز جذب ومخاطبة الصغار والكبار، حيث جمع أفراد الأسرة، موفراً لهم، في أروقته وقاعاته، برامج لكل الأعمار، فكما جمع ركنُ الطهي الأمهات، وقدَّم لهن 13 ضيفاً من 9 دول، و33 ورشة للطهي، خصّ المهرجان الأطفال بـ946 فعالية، بينها وِرش عمل تفاعلية لمختلف الفئات العمرية، كان من بينها ورش للرسم الحر أدخلت السعادة على نفوس الأطفال، وأتاحت لهم المزج بين الرسم واللعب في غرفة أطلق عليها «غرفة التعبير»، إلى جانب منصات أخرى اهتمت بالموسيقى والرياضة والعلوم والتكنولوجيا، وغيرها من المهارات، شارك في تقديمها 25 خبيراً من 10 دول.

وعادةً ما يحفل «مهرجان الشارقة القرائي» بعروض يومية جوالة تدور في أروقة المهرجان، لتفاجئ جمهوره بشخصيات وأزياء وفِرق للرقص تصاحبها الموسيقى، وبلغ مجموع العروض، التي قدَّمها في دورته الجديدة، 136عرضاً، بالإضافة إلى عرض مسرحي للأطفال أنتجته الشارقة بعنوان «وحيدان في المنزل»، بمشاركة فنانين من الإمارات والكويت، ولإشراك الجاليات الأخرى في الابتهاج، قدَّم المهرجان مسرحية باللغتين الهندية، والأوردو، بعنوان «أكبر ناهي راهي العظيم».

ركن خاص لرسوم الكوميكس

وكان لمحبِّي رسوم الكوميكس ركنه الخاص، الذي استضاف 15 فناناً من 4 دول، ونُظّمت فيه 323 فعالية، ما بين ورش عمل، وجلسات حوارية، وعروض مثل «مغامرات أكرو»، و«اختبارات النينجا»، وبوقي ستورم، وفرقة «روكز الكرتون الموسيقية»، التي قدَّمت عروضاً أخذت الجمهور إلى عالم الشخصيات الخارقة وأفلامها ومسلسلاتها، في حين عرض 35 موهوباً من الإمارات أعمالهم الفنيّة في مجال الكوميكس.

وحضر الجمهور، في محطة التواصل الاجتماعي بالمهرجان، 72 جلسة وورشة، قدَّمها مشاهير لهم خبرة في صناعة المحتوى، من أمثال وسام قطب، والشيف فيصل الخالدي، والإعلامية عزة المغيري، وصانع المحتوى جمال الملا.

واحتلّت الرسوم، التي قدَّمها «معرض الشارقة لرسوم كتب الطفل»، قسماً خاصاً في المهرجان، بتصميم ساعدَ الزوار على التجول بين مئات الرسوم لفنانين من مختلف دول العالم، تميزوا بإجادة هذا الفن، والرسم بوعي ريشة تقارب مخيّلة الطفل للعالم وقصصه من حوله.


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
رياضة سعودية إقامة شوط للسيدات يأتي في إطار توسيع المشاركة بهذا الموروث العريق (واس)

مهرجان الصقور: «لورد» غادة الحرقان يكسب شوط الصقارات

شهد مهرجان الملك عبد العزيز للصقور 2024؛ الذي ينظمه نادي الصقور السعودي، الجمعة، بمقر النادي بمَلهم (شمال مدينة الرياض)، جوائز تتجاوز قيمتها 36 مليون ريال.

«الشرق الأوسط» (ملهم (الرياض))
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق جوي تتسلّم جائزة «أفضل ممثلة» في مهرجان «بيروت للأفلام القصيرة» (جوي فرام)

جوي فرام لـ«الشرق الأوسط»: أتطلّع لمستقبل سينمائي يرضي طموحي

تؤكد جوي فرام أن مُشاهِد الفيلم القصير يخرج منه وقد حفظ أحداثه وفكرته، كما أنه يتعلّق بسرعة بأبطاله، فيشعر في هذا اللقاء القصير معهم بأنه يعرفهم من قبل.

فيفيان حداد (بيروت)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
TT

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة من خلال حديث مطول أدلى به لمحرر المذكرات ومؤلف الكتاب الصحافي سيد محمود سلام. ورغم أن حديث الذكريات هنا يشمل محطات مختلفة، فإن الكتاب يركز بشكل خاص على مرحلة النشأة والطفولة وما اكتنفها من اكتشاف الفنان في سنوات التكوين الأولى لعالم الأدب وخصوصية مدينته بورسعيد، مسقط رأسه.

ويشير محمود ياسين إلى أن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر، وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها. ويرى أنه كان طفلاً محظوظاً لأنه نشأ في أسرة تعد الثقافة جزءاً مهماً من تكوين أبنائها، وكان ترتيبه السادس بين أشقائه العشرة، وقد تأثر في طفولته بشقيقه الأكبر فاروق: «إذ فتح عيني على شيء اسمه الكتاب بمعناه الواسع. كان يتسلم الكتب ويذهب إلى المدرسة، لكن فاروق كانت له في البيت مكتبة خاصة عبارة عن خزانة كبيرة في الحائط صُممت على الطراز الفرنسي تضع فيها الوالدة الفخار وقطع الخزف الصيني وكؤوس الزجاج وأشياءها الخاصة، فصنع منها مكتبة بعرض الحائط بعد أن أقنعها بذلك حيث كانوا يقطنون في فيلا من دورين تابعة لشركة قناة السويس التي كان يعمل بها والده، وعاشوا فيها ما يزيد على 25 عاماً».

ظل فاروق يشتري الكتب باستمرار مثل سلسلة «اقرأ» التي كانت تصدر ملخصات لعيون الأدب العربي والعالمي والسير الذاتية مثل السيرة الذاتية لطه حسين ودوستويفسكي ومكسيم غوركي وأنطون تشيخوف، فضلاً عن عيون الأدب الفرنسي مثل مؤلفات غي دي موباسان. كانت السلسلة تصدر كتيبات لكل كتّاب ومفكّري العالم، فالتراث الإنساني كله أنتجته سلسلة «اقرأ»، وقد جمعه فاروق في مكتبته وأيضاً سلسلة أخرى بعنوان «كتابي» جمعها أيضاً في المكتبة.

قرأ محمود ياسين في صغره معظم دواوين الشعراء العرب وعبقريات العقاد في مكتبة شقيقه، فضلاً عن كتب سلسلة «الكتاب الذهبي» التي تعرّف فيها على محمد عبد الحليم عبد الله ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ويوسف السباعي. كما كان الشقيق الأكبر فاروق شغوفاً باقتناء الكتب والمطبوعات الثقافية مثل مجلة «الهلال» حتى إنه يشتري الكتب بمصروفه الشخصي المحدود. ولم يكن الطفل محمود يشغل نفسه بشراء الكتب، لكن يده بدأت تمتد إلى مكتبة شقيقه، فغضب بشدة من استعارته كتبه؛ وذلك خوفاً من ألا تلقى الاحترام ذاته الذي تلقاه عنده تلك المكتبة التي كوّنها واشتراها من مصروفه. لكن عندما اطمأن لشقيقه، بدأ يشجعه مع بعض النصائح خوفاً على هذه الكتب. وبدأ الشقيق الأصغر في متابعة المسرحيات المترجمة بشكل خاص، لا سيما أعمال وليام شكسبير وهو ما أثار دهشة وإعجاب فاروق حين رأى شقيقه لا يفوّت نصاً للكاتب العالمي، سواء في سلسلة «كتابي» أو نظيرتها «اقرأ».

ويشير محمود ياسين إلى أن أبناء بورسعيد يتشابهون في ملامحهم وتكوينهم؛ لأن هذه المدينة تترك بصماتها على أبنائها، فهي بلد مفتوح على الدنيا ويُطل على أوروبا، فهناك شاطئ بحر وفي الأفق عالم آخر يجب أن تحلم به. إنها مدينة وسط جزر من المياه، فتأثر بهذه الخصوصية الجغرافية وما أكسبته لسكانها من حس حضاري لافت.

يقول محمود ياسين في مذكراته إن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها.

امتزجت شخصية محمود ياسين بالبحر المتوسط الذي تطل عليه مدينته، فهو مثله تراه شديد الهدوء تارة، شديد الصخب تارة أخرى. يقول: «إن أخلاقي كأخلاق البحر وطبيعتي تشبهه، فأنا في شهري سبتمبر وأكتوبر أكون هادئاً هدوءاً غريباً وعندما تنظر إليّ تشاهد ما في أعماقي، وإذا تحدثت إليّ يمكنك أن تكتشف كل شيء. أما الشخص الصاخب العصبي فهو أيضاً أنا ولكن في شهر يناير، وكذلك البحر بـ(نواته) وأمواجه المتلاطمة. لا أحب شهر يناير، قد يكون لأنه بداية عام لا أعلم ما يخبئه، وحين راقبت نفسي وجدت أنني في مواسم أكون هادئاً وأخرى أكون صاخباً وهذا هو حال البحر».

كانت حياة الصبي محمود ياسين قبل التمثيل غير مستقرة، كأنه يبحث عن شيء يسعده. كان يراقب شقيقه فاروق، الممثل العظيم بقصور الثقافة، وتعلم منه كيف يحب الريحاني. يشاهده فيشعر بأنه يمتلك عالم التمثيل بين عينيه، نظراته، تأمله، صوته حتى وهو يغني بصوتٍ أجش تستسيغ غناءه من هذه الحالة التي لاحظها وتأثر بها. أحبَّ التمثيل وشعر بأنه الشيء الذي يبحث عنه، إنه عالمه المفقود، به ستكتمل حياته.

اللافت أن التمثيل منذ البدايات الأولى بالنسبة لمحمود ياسين «حالة»، إنه بمثابة «عفريت» يتجسد في الشخص المحب له، فكان يسعد بالمشاهد التي يمثلها في نادٍ يسمى «نادي المريخ» ببورسعيد وهو طفل. وكوّن هو وزملاؤه فرقة مسرحية، مع عباس أحمد الذي عُرف بأشهر مخرجي الثقافة الجماهيرية، وله باع طويل وأثر في حياته كصديق ورفيق رحلة كفاح، هو والسيد طليب، وكانا أقرب صديقين له، سواء على مستوى هواية التمثيل أو الحياة.

ويروي كيف كان يقدم مسرحية على خشبة مسرح صنعوه بأنفسهم من مناضد وكراسي متراصة، وفي قاعة تسع 100 شخص، فلمح والده، وكانت المرة الأولى التي يمثل فيها ويشاهده أبوه، وإذا به يبتسم له ابتسامة هادئة، اعتبرها أول تصريح رسمي منه بموافقته على دخوله هذا المجال. ويذكر أيضاً أن من بين العمال الذين تأثر بهم محمود عزمي، مهندس الديكور العبقري، الذي لم يحصل على أي شهادات دراسية ولم يلتحق بالتعليم، لكنه كان يهوى الرسم ويصمّم ديكورات أي نصوص سواء عربية أو عالمية ببراعة مدهشة.