شاشة الناقد: ثلاثة أفلام لسيِّد التشويق الوحيد من نوعه وفنِّه

«نافذة خلفية» (باراماونت)
«نافذة خلفية» (باراماونت)
TT

شاشة الناقد: ثلاثة أفلام لسيِّد التشويق الوحيد من نوعه وفنِّه

«نافذة خلفية» (باراماونت)
«نافذة خلفية» (باراماونت)

REAR WINDOW ★★★⭐︎

* إخراج: ألفرد هيتشكوك

* الولايات المتحدة (1954)

«إذا سألك أحد عمّن يكون ألفرد هيتشكوك لأنه لم يرَ بعد أي فيلم عنه، دلَّه على (نافذة خلفية) لأنه الفيلم الذي يعرض كل لمسات هيتشكوك».

كيرتس (مخرج «وايلد ريڤر» و«لوس أنجليس كونفيدنشل») كان حقق فيلماً عنوانه «أخلاق ألفرد هيتشكوك» (Alffred Hictchcok‪’‬s Ethics) مُصيب في كلامه، ولو أن «نافذة خلفية» ليس الفيلم الوحيد النموذجي الوحيد في هذا المجال. هو واحد من أعمال هيتشكوك العديدة التي تطرح لمساته من غموض وتشويق، والمعاني النفسية الرائعة التي يموج هذا الفيلم بها.

مصوّر مُصاب بكسر في ساقه (جيمس ستيوارت الذي وافق على بطولة الفيلم قبل انتهاء السيناريو) يمضي الوقت بالبصبصة على جيرانه من النافذة الخلفية لشقّته، ويلاحظ أن الشخص الذي يعيش في الشقة المواجهة (على بعد نحو 50 متراً) قتل امرأته. المصوِّر لا يستطيع الحراك وليس لديه سوى التلصُّص على ذلك القاتل (رايمود بار) الذي لن نراه عن قرب إلا في مشهد نهائي عندما يقتحم شقّة المصوّر ويسأله «ماذا تريد مني؟».

لا يفوِّت هيتشكوك ملاحظة أن المصوِّر ليس لديه جواب جاهز، بل عجز عن الحركة وشعور بالذنب لاقترافه البصبصة أكثر مما يشعر به القاتل من ذنب.

«ڤرتيغو» (باراماونت)

VERTIGO ★★★★★

* إخراج: ألفرد هيتشكوك

* الولايات المتحدة (1958)

‫جيمس ستيوارت في هذا الفيلم أيضاً ليس مقعداً بإصابة بدنية، بل بإصابة عاطفية. لقد أحب المرأة التي طُلب منه مراقبة تصرّفاتها الغريبة (كيم نوڤاك) وعدَّ نفسه مسؤولاً عن انتحارها لأنه يخشى المرتفعات ولم يستطع اللحاق بها إلى برج الكنيسة لمنعها من إلقاء نفسها. يكتشف لاحقاً أنه كان مخدوعاً منذ البداية من قِبل الرجل الذي استغل نقطة ضعفه لقتل زوجته الحقيقية. سيكتشف ونحن أيضاً الحقيقة لاحقاً، لكن إلى ذلك الحين هذا درس في سينما الوهم والحقيقة الغائبة. ‬

مُحبك على نحو تشويقي فعَّال ويحتوي على لمسات هيتشكوك (الشعور بالذنب، البصبصة، الخوف من المرتفعات، السلالم، الخديعة والتمثيل الراقي والتفاصيل التي ترفع من مستوى الحكاية) وقد يؤخذ على أكثر من منحى. أحداث، في نحو معيَّن، وقعت كما نراها، وعلى نحو آخر هي كابوس عاطفي. وفي تفسير آخر ينتمي إلى المشهد الأخَّاذ في مطلع الفيلم، ربما لم يقع مطلقاً.

«شمالا إلى الشمال الغربي» (مترو غولدوين ماير)

NORTH BY NORTHWEST ★★★★

* إخراج: ألفرد هيتشكوك

* الولايات المتحدة (1959)

‫مباشرة بعد «ڤرتيغو» حقّق هيتشكوك «شمالاً إلى الشمال الغربي» الذي «هندسه» بعناية مماثلة لكل شيء آخر أقدم عليه. حكاية رجل عادي يجد نفسه متورِّطاً في شبكة جاسوسية تعمل في الولايات المتحدة، زيادة في الورطة يتعرّف على امرأة (إيڤا ماري سانت) يعتقد أولاً أنها تعمل داخل الشبكة ويقع في غرامها من قبل أن يدرك أنها عكس ذلك. ‬

مشاهد كثيرة تضع الجالس على حافة كرسي (إلا إذا كان يحب مشاهدة الأفلام واقفاً) أبرزها النهاية (الخوف من المرتفعات)، وذلك المشهد الذي يتوسط الفيلم حيث يتوجه غرانت لموعد غريب في أرض مفتوحة ليفاجأ بأنه قد يكون الصيد المثالي لطائرة تريد الانقضاض عليه. مثل هذا المشهد موجود في فيلم أسبق هو Foreign Correspondent («مراسل أجنبي»، 1940). لكن تصميم المشهد واستخدام الطائرة لقتل فردي كان سابقة وقف عنده المخرج فرنسوا تروفو في حديثه الشهير مع هيتشكوك الذي فصَّل كيف حققه وشرح تفاصيله.

في الصالات

* YOU‪’‬RE CORDIALLY INVITED ★★★ ‫

كوميديا تسجِّل عودة ناجحة للكوميدي ويل فارل وكذلك للممثلة ريس ويذرسبون (كلاهما غاب عن سدّة الأفلام الرئيسية منذ حين). حفلتا عرس محجوزتان في فندق واحد في ليلة واحدة وكل فريق يريد إلغاء حفلة الآخر.‬

* ETERNAL YOU ★★★ ‫

يصل إلى صالات منتفاة حول العالم بعد سنة من عرضه في «مهرجان صندانس» في العام الماضي. حكاية كابوسية عن وضع معقد حول الذكاء الاصطناعي الذي قد يوفِّر لك اللقاء بنفسك حين كنت صغيراً.‬

* STAR TREK‪:‬ SECTION 31 ★

يدور هذا ‫الفيلم الخيالي- العلمي من سلسلة «ستار تريك» في‬ فضائين: واحد ينتمي إلى الحكاية حول خطر استحواذ أخطاء الماضي على أفعال الحاضر، وفضاء الأفكار والرغبات التي تفشل في جعل الحكاية مثيرة.

* THE WILD ROBOT ★★★ ‫

أنيميشن عن روبوت بقلبٍ من ذهب يجد نفسه في جزيرة غير مأهولة مع آخرين. حكاية ممتعة ومنفَّذة جيداً، إلى حد، لكنها عاطفية في منوالها تسمح لبعض المشاهدين ذرف الدموع. ‬

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق فيلم «The Seven Dogs» يتم تصويره في استوديوهات الحصن بالسعودية (حساب المستشار تركي آل الشيخ بـ«فيسبوك»)

كواليس تصوير «The Seven Dogs» تحظى باهتمام في مصر

حظيت كواليس تصوير فيلم «The Seven Dogs» باهتمام في مصر، وتصدر اسم الفنان المصري كريم عبد العزيز مؤشرات البحث بموقع «غوغل» في مصر، الجمعة.

داليا ماهر (القاهرة )
سينما جون هيرت في «1984» (ڤيرجن)

نماذج لأفلام عن السُّلطة والقضايا الشائكة

يكاد لا يخلو فيلم من حتمية المواجهة بين إنسان وآخر أو بين إنسان وظروف أو بينه وبين أي نوع من المخاطر خيالية كانت أو واقعية.

محمد رُضا (بالم سبرينغز - كاليفورنيا)
سينما «رقم 24» (أس أف نورج)

شاشة الناقد: الجاسوسية

«ما هو أهم من الصحَّة، الحريَّة والسلام»، يقول غونار سونستيبي في أحد مشاهد الفيلم عندما بدأ نشاطه في المقاومة ضد الاحتلال النازي.

محمد رُضا (بالم سبرينغز - كاليفورنيا)
يوميات الشرق المخرجة هالة جلال مع الكاميروني جان ماري تينو وأعضاء اللجنة (إدارة المهرجان)

4 أفلام سعودية في «الإسماعيلية التسجيلي» بمصر

تُشارك 4 أفلام من المملكة السعودية في برنامج «سينما العالم» الذي استحدثه «مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة» في دورته 26.

انتصار دردير (القاهرة )

نماذج لأفلام عن السُّلطة والقضايا الشائكة

جون هيرت في «1984» (ڤيرجن)
جون هيرت في «1984» (ڤيرجن)
TT

نماذج لأفلام عن السُّلطة والقضايا الشائكة

جون هيرت في «1984» (ڤيرجن)
جون هيرت في «1984» (ڤيرجن)

يكاد لا يخلو فيلم من حتمية المواجهة بين إنسان وآخر أو بين إنسان وظروف أو بينه وبين أي نوع من المخاطر خيالية كانت أو واقعية. في الحقيقة، هناك خيط رابط بين ألوف الأفلام، منذ بدء التاريخ، التي تتحدّث عن السّطوة أو السُلطة أو القوّة الطاغية رمزية كانت أو طبيعية أو مجتمعية.

حتى تلك التي لا تبدو موجهّة لتصوير صراع الفرد ضد الآخر (قد يكون متمثلاً في رحلة رجل وحيد في قارب أو متسلق جبال أو صراعه مع الظروف الصعبة أو غزاة من الأرض أو من كواكب أخرى) هي في حقيقتها عن مجابهة أو أكثر ضد ذلك الآخر أدمياً كان أو غير آدمي.

توم كروز في «تقرير الأقلية» (توتنتيث سنتشري فوكس)

قاتل مقنّع

في أفلام الغرب الأميركي (القديم منه والحديث) تيمة واسعة الانتشار حول الغريب الذي يصل إلى البلدة ليكتشف أن هناك شريراً يمتلك الكلمة الفاصلة فيما يخص كل شيء فيها. الغالب هنا أن الشرير هو من طبقة أعلى من طبقة باقي قاطني البلدة. هو شخص جشع يُقاتل ويقتل في سبيل السيادة على البلدة أو المقاطعة لأن ذلك سيزيد من دخله.

يتبدَّى ذلك، على سبيل المثال فقط، في فيلم مارتن سكورسيزي الأخير «قتلة فلاور مون» (2023) حيث يعمد صاحب المصرف للجريمة ليؤمن وراثة أغنياء من غير البيض. في «Shane» لجورج ستيڤنز (1953) مشروع استيلاء على الأراضي الزراعية يتصدَّى له غريب (آلان لاد) دفاعاً عن المزارعين. في «غير المُسامَح» (Unforgiven) لكلينت إيستوود (1992)، المواجهة بين فلاَّح فقير (إيستوود) سيقوم بمهمَّة قتل مدفوعة الأجر وبين شريف البلدة (جين هاكمن) الذي يمثِّل السُلطة.

ويمكن الذهاب بعيداً إلى مغامرات «زورو» لأنها تقوم على هذا النحو من السُلطة يواجهها مقاتل مقنَّع هدفه مساعده العامَّة من الناس.

لا غِنى عن معاينة أدب ويليام شكسبير والأفلام التي حُقّقت عنه (بالمئات). إنه الصراع على السُلطة لكن بين مالكيها، كما الحال في «هاملت» و«ماكبث» و«الملك لير». وهي حتى في «روميو وجولييت» حيث العاشقين غير متساويين اجتماعياً وفي «تاجر البندقية» حيث المُرابي هو بمثابة الدولة العميقة في مفهوم اليوم.

والدولة العميقة موجودة في فيلمين من السبعينات لمخرج واحدٍ هو آلان ج. باكولا وهما «كل رجال الرئيس» (All the President‪’‬s Men) في 1976، وخصوصاً «مشهد المنظر» (A Parallax View) حيث يكتشف الصحافي وجود نظامٍ داخل النظام الأميركي يُدير البلاد.

لكن الأمر لا يحتاج إلى أفلام تعالج وضعاً فعلياً أو أفلام ذات دلالات واضحة لكي يُصوّب السّهم إلى السُلطة. قد يكون الوضع في نطاق المخلوقات الفضائية التي تزور الأرض لحكم من عليها كما في «حرب العالمين» (War of the World) بنسختي بايرون هاسكين (1957) أو ستيڤن سبيلبرغ (2005). أولهما يتبع تياراً من أفلام الخيال العلمي عن مخلوقات تريد استعمار هذا الكوكب من بينها (It Came from Outer Space) «جاء من الفضاء الخارجي» لجاك أرنولد (1953)، و«ناهشو الجسد» (Invasion of the Body Snatchers) لدون سيغل (1956).

نظرة إلى سلسلة «ستار وورز» (وعلى الأخص ثلاثيّتها الأولى) تأتي بنماذج عن الصراع ضد السُّلطة المتمثِّلة بشخصية «دارث ڤيدر». في فيلم سبيلبرغ الجيد «The Minority Report» في 2002 حكاية تقع في المستقبل حيث النظام الذي يحكم الولايات المتحدة، حسب الفيلم، يُسيطر على كل همسة وحركة يأتي بها الفرد.

وارن بيتي في «مشهد المنظر» (براماونت).

توقعات أورويل

على أن ما تبديه بعض الأفلام كقراءات خلفية (أو بين اللقطات) هو واضح للعيان في أفلام أخرى. رواية جورج أورويل «1984» هي عن العالم وقد أصبح محكوماً بنظام فاشي. ليس أن ذلك حدث في الثمانينات كما توقع أورويل، لكن سبر غور الكيفية التي تُدار بها حياتنا اليومية الحاضرة حيث أجهزة المراقبة ترصد الناس في البيوت والشوارع والمعلومات التي تختزنها أجهزة الكمبيوتر والهواتف الجوَّالة وتتصرف بها على هواها.

نشوء الفاشية الإيطالية معبَّر عنه في أكثر من فيلم، من بينها عملان للمخرج برناردو برتولوتشي هما «1900» عن رجلين (جيرارد ديبارديو وروبرت دي نيرو) وُلد كلُ واحد منهما في جانب مواجه للآخر سياسياً. أحدهما اعتنق الفاشية والآخر ثار ضدها، و«الملتزم» (1970) حيث ينتمي بطل الفيلم جان - لوي ترتينيا للنظام الذي يطلب منه تصفية أعدائه.

وهناك مخرجون إيطاليون عديدون عاينوا تيمات الصراع ضد الفاشية (ممثلة بوضوح أو مغلَّفة) كما حال المخرجين باولو وڤيتوريو تاڤياني في «ليلة النجوم السائرة» (Night of the Shooting Stars) في 1982، وفيلم إيتوري سكولا «يوم خاص» (1970)، وأعمال سابقة لروبرتو روسيليني وڤيتوريو دي سيكا.

ولا نزال نتلقَّف كل عام أفلاماً معادية للنازية على غرار (The Zone Of Interest) «منطقة الاهتمام» لجوناثان غلازر في عام 2023.

هذا التيار المعادي للنازية يسير على خطِ أعمالٍ فنية قيِّمة مثل «مَفيستو» لإستفان شابو (1981) و«حياة الآخرين» (The Lives of the Others) لفلوريان هنكل ڤون دونرسمارك (1996). قبلهما وجَّه تشارلي شابلن رسالته المعادية للنازية في «الدكتاتور العظيم» (1940) وذلك قبل دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية.