شاشة الناقد

الصحراء السعودية تتلألأ في فيلم والثلج الفرنسي يشهد جريمة

عمر العطوي في «هجان» (إثراء فيلم برودكشنز)
عمر العطوي في «هجان» (إثراء فيلم برودكشنز)
TT

شاشة الناقد

عمر العطوي في «هجان» (إثراء فيلم برودكشنز)
عمر العطوي في «هجان» (إثراء فيلم برودكشنز)

‫هجان

★★★

إخراج: أبو بكر شوقي | السعودية/ مصر | 2023

«هجّان» دراما بإمكانيات إنتاجية عالية تستفيد من عناصر الحكاية التي توفرها ومن البيئة التي تعايشها وتحتوي على عنصري مواكبة حياة شاب في مطلع العمر وجمله والصحراء التي وُلد فيها والتي ستعني الكثير حين يقرر البحث عن مستقبله بعيداً عن المخاطر. الصحراء هنا جميلة تتلألأ ببيئة طبيعية خلابة في خلفية الدراما المعروضة.

مطر (عمر العطوي) فتى يتابع سباق الجمال الذي يشترك فيه شقيقه الأكبر سناً غانم (عزّام النمر) فوق جمل اسمه حفارة. السباق يبدأ، الجمال تركض. لقطات على أحد كبار المشتركين بأساً وسُلطة اسمه جاسر (عبد المحسن النمر) تنبئ بأن شيئاً ما سيقع، خصوصاً بعدما يسر الفيلم إلينا بأنه رجل يحب الفوز ولا يدع أحداً سواه يفوز. سريعاً ما يتأكد ذلك عندما يوعز، قبيل السباق، لأحد المتسابقين التخلص من منافسيه، وغانم هو أحدهم، وها هو يسقط عن جمله ويموت.

لا يتعرّض الفيلم لكيف يمكن لجاسر الإفلات من المسؤولية أمام كل هذا الحشد من الناس والمراقبين، ولا هو يبحث عميقاً في شخصيته، بل يقدّمه كشرير الفيلم فقط. في كل الأحوال، فإن مطر مضطر إلى أن ينضم إلى العمل عند جاسر الذي يريد تطويعه عبر رجاله القاسين، لكن مطر يبرهن على أنه فتى لا يمكن تطويعه وأنه يفهم جمله حفارة ولا أحد سواه يمكن له الاعتناء به. مع تجاذب معركة الإرادة بينه وبين جاسر ورجاله سيضطر مطر إلى الهرب من المكان ومن مطارديه؛ بحثاً عن ذاته التي ترفض أن تخضع للبطش.

إنتاج ممتاز العناصر يواكب هذه الحكاية. مدير التصوير جيري فاسبنتر يستفيد من المكان وطبيعته ويعرف كيف يجعله ينطق بجمالياته الخاصة. توليف جيد بدوره حين يأتي الوقت لرفع وتيرة التشويق (وعادي دون ذلك). موسيقى أمين بوحافة تؤدي بالتالي دورها بموسيقى مناسبة وغير ضاجة. كل شيء يبدو على ما يرام.

المشكلة تتبلور منذ أن يقرر السيناريو إيداع مطر تحت رعاية جاسم؛ وذلك لأن هناك القليل مما يمكن فعله بغياب دوافع أعلى. الانتقام المنشود هو أحد هذه الدوافع، كذلك الخوف على مستقبل الجمل، لكن ما أن يدخل مطر مزرعة جاسم حتى يتبدّى أن هناك القليل مما يمكن أن يشكّل مفاجأة. الاختيارات قليلة وتتمحور حول معاملة جاسم لكل المحيطين به وما ينتظره مطر وجمله في هذا الإطار.

كان أبو بكر شوقي قدّم قبل خمس سنوات فيلماً مثيراً للاهتمام هو «يوم الدين» وهذا فيلمه الثاني والأفضل من سابقه. لكن في الفيلمين هناك تعامل مع شاب في بحث عن ذاته ونقطة لقاء بين حاضره وماضيه (في الفيلم السابق) ونقطة لقاء بين حاضره ومستقبله (في هذا الفيلم). لولا فراغ في منطقة الوسط تم ملء بعضه بحكايات قصيرة جانبية لأنجز فيلماً أفضل. لكن حتى مع هذا الضعف في الخاصرة ما زال الفيلم لامعاً ببصرياته وطريقة تنفيذه.

• عروض: مهرجان البحر الأحمر

Anatomy of a Fall

★★★

إخراج: ‪جوستين تراييه‬ | فرنسا/ ألمانيا | 2023

اللقطة الشهيرة لهذا الفيلم هي لجثة رجل ميّت فوق الثلج. اللقطة بعيدة، لكنها واضحة والسؤال الأول لماذا هو ميّت. هل ألقى بنفسه من علو منتحراً أم إن أحداً دفعه إلى ذلك؟ هناك استبعاد لاحتمال ضعيف هو أن يكون الحادث وقع بالصدفة نتيجة انزلاق أو ربما كان الرجل يتسلق جدار البناية التي يشغلها فوقع.

«تشريح سقوط» (إم ك 2)

بعد قليل في الفيلم نتبيّن أن «تشريح سقوط» يتعامل مع الاحتمالين الأولين: السقوط انتحاراً أم السقوط قتلاً. هناك محكمة للنظر في هذه القضية بعدما تم توجيه تهمة القتل للزوجة ساندرا (الألمانية ساندا ڤويتر) والشاهد الوحيد هو ابنها الصغير الذي حدث إنه أعمى. بطريقة ما يضمن له السيناريو دوره المهم في هذه الأحجية.

يروي الفيلم أن الحادث بدأ عندما كانت ساندرا تتحدث مع طالبة في غرفة الجلوس. فجأة يطغى صوت الموسيقى لأن الزوج سامويل (سامويل تييس) أراد ذلك. بعد قليل يعود الابن مع جولة مع كلبه ليجد والده فوق الثلج.

الآن تتدخل العوامل التي ستؤيد براءة أو ذنب الزوجة: سامويل محبط لأنه لم ينجح بعد ككاتب، هذا يقترح بأنه هو من رمى نفسه. ساندرا محبطة لأنها غير سعيدة معه. تكشف المحاكمة عن أن زوجها ممتنع عن ممارسة الحب معها، وفي هذا سبب آخر قد يدعوها إلى إلقائه من شرفة الطابق الثالث.

بينما أحبت لجنة التحكيم في مهرجان «كان» الفيلم وما فيه، ووافق معظم نقاد الغرب على ذلك، من المريع إلى حد عدم النظر إلى مشاكله الفعلية. ما هو مكتوب وما هو منفّذ هو عملية محسوبة على نحو يوازي بين الاحتمالين ويوزّع عناصر كل احتمال في خانتين متجانستين بعدد متساوٍ من العناصر.

لكن هذا، في الوقت ذاته، ما هو مثير في الفيلم. ما يبقي السؤال حيّاً حتى النهاية. إليه يمكن ضم حقيقة أن الجريمة تقع في فرنسا والزوجة ألمانية، وهذا، على نحو مبيّت وتحتي، يرفع من وجهة نظر المدّعي العام (والبعض الآخر) في أنها مذنبة. إنها الغريبة في هذا الوضع. حين يذكر لها أحد المحاميين ما ستنتظره من استجواب النيابة تخبره بكل حزم «أنا لست قاتلة». يرد عليها «هذه ليست المسألة». والحوار هنا جيد (أفضل من بعض حوارات الفيلم لاحقاً).

لم يكن مهمّاً أن تمنح المخرجة شخصيتَي الزوج والزوجة الاسمين الأولين من اسميهما الحقيقيين (سام وساندرا). هذا لا يقرّب الأشياء، ولا أثر له في أي اتجاه، بل هو تقليد منتشر.

المساحة البارعة التي يلعب فيها الفيلم هي عبارة عن أن الزواج غير الموفق له وجهتان: واحدة تؤدي للانتحار (على نحو أو آخر) والأخرى تؤدي إلى الجريمة.

• عروض: موسم الجوائز

Night Swim

إخراج: ‪برايس ماغواير ‬ | الولايات المتحدة | 2023

الرعب في «سباحة ليلية» لا يأتي من المسبح كما يقترح الفيلم، بل من كتل المشاهد الروتينية والمفارقات المستنسخة من فيلم إلى آخر. إنه كما لو كان المخرج حمل حقيبة وأودع فيها كل موقف أو خاطرة شاهدها في أفلام سواه وأودعها فيلمه.

لقطة من «سباحة ليليلة» (أتوميك مونستر)

لا بد أن هناك تاريخاً ما يعود إليه الفيلم في تفسيره لماذا هذا المسبح الذي يبدو نظيفاً ومتعة للسابحين قد ينقلب إلى خطر ماحق. «شاهدت شيئاً ما أرعبك في هذا المسبح، أليس كذلك؟»، وهذا الشيء ناتج من حادثة غرق لفتاة غرقت فيه قبل ثلاثين سنة والحادثة تمتزج بروح شيطانية. انتشلوا الجثة، لكن الواضح أنهم لم ينتشلوا الروح فبقيت هذه تظهر لتخيف.

بعد هذه السنوات تشتري العائلة المنزل وتعلن إعجابها بالمسبح. باقي المنزل قد يكون جميلاً أيضاً، لكنه المسبح هو الذي يثيرها لدرجة أن رب العائلة راي (وايات رَسل) يسقط فيه متعثراً. زوجته وابنته إزي وابنهما إليوت يوافقون. في مطلع الفيلم يستخدم راي عكازاً لمرض أصابه. يعتقد أن السباحة اليومية ستشفيه (هكذا قال له السيناريو)، وبالفعل ها هو يستغني عن العكاز بعد بضعة أيام. زيادة في التأكيد على استعادته كامل قواه يرفع الأثقال ويكسر مضرب البايسبول!

لن يطول الوقت حتى تبدأ ظواهر مزعجة في الوقوع. الابنة الصغيرة تغطس وبالكاد تنجو من حادثة غريبة: شبح مائي يريد سحبها. هنا لا حاجة إلى أحد للربط بين ما حدث سنة 1992 وبين ما يحدث الآن. وهنا أيضاً تحاول الأم استنطاق ابنتها.

بالإضافة إلى ذلك، والوحيدة التي تعلم بأن شيئاً ما على غير ما يرام في هذا المسبح هو القطّة. لكن القطط لا تحب المسابح أساساً، مع ذلك يريد الفيلم أن يوحي بأن القطّة تعلم ما لا تعلم به العائلة. الكلاب والقطط والطيور الأليفة تشعر بالخطر قبل الإنسان، لكن هل يجب أن يكون الإنسان بلا شعور إلى نحو منتصف الفيلم؟

يطرق «سباحة ليلية» ما هو مطلوب منه في ثلاث مراحل: واحدة تمهّد وتحتوي على عرض الظواهر، وثانية تنتقل إلى تفعيل الخطر، وثالثة تمثّل الخاتمة وما يقرر الفيلم إنهاء الفيلم به. كل مرحلة من مراحل الفيلم الثلاث منهكة.

لكن الظواهر في أفلام الرعب عادة لا تؤدي إلى إدراك المخاطر. طبعاً لو يفعلون ذلك لما كانت هناك أفلام مسطّحة كتابة وتنفيذاً كهذا الفيلم.

• عروض عامّة...

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز


مقالات ذات صلة

«منتدى الأفلام السعودي» يجمع خبراء العالم تحت سقف واحد

يوميات الشرق ‎⁨تضم النسخة الثانية معرضاً يجمع «سلسلة القيمة» في أكثر من 16 مجالاً مختلفاً ومؤتمراً مختصاً يتضمن 30 جلسة حوارية⁩

«منتدى الأفلام السعودي» يجمع خبراء العالم تحت سقف واحد

بعد النجاح الكبير الذي شهده «منتدى الأفلام السعودي» في نسخته الأولى العام الماضي 2023، تستعد العاصمة السعودية الرياض لانطلاقة النسخة الثانية من «المنتدى».

«الشرق الأوسط» (الدمام)
يوميات الشرق ياسمين رئيس مع أسماء جلال في مشهد من الفيلم (حسابها على «فيسبوك»)

فنانون مصريون يتجهون للإنتاج السينمائي والدرامي

انضمت الفنانة المصرية ياسمين رئيس لقائمة الممثلين الذين قرروا خوض تجربة الإنتاج السينمائي من خلال فيلمها الجديد «الفستان الأبيض».

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما يبدأ الجزء الثاني من سجن آرثر فليك.. الصورة من صالة سينما سعودية حيث يُعرض الفيلم حالياً (الشرق الأوسط)

فيلم «الجوكر2»... مزيد من الجنون يحبس أنفاس الجمهور

يخرج آرثر فليك (واكين فينيكس) من زنزانته، عاري الظهر، بعظام مقوّسه، يسحبه السجانون بشراسة وتهكّم...

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق يشجّع المهرجان الأطفال والشباب في مجال صناعة السينما (الشرق الأوسط)

الشيخة جواهر القاسمي لـ«الشرق الأوسط»: الأفلام الخليجية تنمو والطموح يكبُر

الأثر الأهم هو تشجيع الأطفال والشباب في مجال صناعة السينما، ليس فقط عن طريق الإخراج، وإنما أيضاً التصوير والسيناريو والتمثيل. 

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق صورة تذكارية لفريق عمل مهرجان «الجونة» (إدارة المهرجان)

فنانون ونقاد لا يرون تعارضاً بين الأنشطة الفنية ومتابعة الاضطرابات الإقليمية

في حين طالب بعضهم بإلغاء المهرجانات الفنية لإظهار الشعور القومي والإنساني، فإن فنانين ونقاد رأوا أهمية استمرار هذه الأنشطة وعدم توقفها كدليل على استمرار الحياة.

انتصار دردير (القاهرة )

شاشة الناقد: حروب أهلية

«خط أخضر» (ماد سوليوشن)
«خط أخضر» (ماد سوليوشن)
TT

شاشة الناقد: حروب أهلية

«خط أخضر» (ماد سوليوشن)
«خط أخضر» (ماد سوليوشن)

خط أخضر ★★★

* عودة إلى الحرب اللبنانية في فيلم تسجيلي بتوقيع سيلڤي باليو (لبنان، قطر، فرنسا - 2024).

تسعى المخرجة الفرنسية سيلڤي باليو جهدها للبقاء محايدة خلال تناولها الحرب الأهلية في لبنان، تلك التي يرى بعضنا أن آثارها ما زالت تتفاعل في وجوهٍ وجوانبَ متعددة. تمنح شريكتها في كتابة السيناريو، فِدى بزري مساحة كاملة لعرض التاريخ من دون تأييد طرف ضد آخر.

الآنسة بزري كانت فتاة صغيرة عندما نشبت تلك الحرب في منتصف السبعينات. تتذكر ما مرّت به جيداً والرعب الذي عاشته والآخرون وحادثة توجيه أحد المحاربين بندقيّته صوبها وهي بعدُ دون العاشرة من العمر.

تستعين بدمى وألعاب توزّعها كأنها خريطة كلما تحدّثت مع محارب سابق. هنا مبنى تحتلّه قوّة من اليمين المسيحي. هنا مبنى تحميه قوّة من الأحزاب اليسارية. هذا هو الشارع الفاصل. تُحرّك تلك الدمى كما يحرّك لاعب الشطرنج حجارته، وتتوقع من الشخص الذي تتحدّث إليه مشاركتها هذا التحريك. يوافق هنا ويُصحّح هناك ويُعلّق دوماً.

يجمع الفيلم عدداً كبيراً من المحاربين على نحوٍ منفرد باستثناء مشاهد أخيرة حيث يجلس حِزبيّ يساريٌّ مع حزبي يميني يسترجعان معاً ذكريات الحرب. أحدهما يريد أن ينسى. الآخر لا يستطيع أن ينسى.

بين تلك المقابلات يعرِض الفيلم مشاهد وثائقية من تلك الحرب. كثيرٌ منها في الناحية الغربية من بيروت حيث «تَمَترست» قوات أحزاب المرابطين، والاشتراكيين، والقوميين السوريين، والشيوعيين، ليتبادلوا النار على خط التماس (أو ما يسمّيه الفيلم بـ «الخط الأخضر») مع محاربي الكتائب والقوّات اللبنانية. شهادات هؤلاء وسواهم (مقابلتان مع مقاتلة ومقاتل مسيحيين سابقين) تكشف عن ذلك الخلاف الجذري الكبير ما بين طرفي الحرب. لكن المُشاهد لن يخرج بتحليلِ سياسي بقدر ما سيُتابع مسائل تتعلّق بوجهات النظر فيما حدث، ولماذا تصرّف كلّ مقاتلٍ تلتقيه المخرجة على النحو الذي تصرّف عليه.

بعض الأسئلة التي تُصّر عليها بزري، والفيلم من خلالها، ساذجة وربط النقاط المختلفة بين ذكرياتها ومحاولة فهمها اليوم عمّا دار وكيف ولماذا، تبدو بدورها متأخرة وملحاحة، عوض التّوجه صوب أسئلة مختلفة حين يتطلّب الأمر كذلك، لكن الفيلم يبقى واعياً لدوره ومرتبطاً به. معظم المتحدثين غير نادمين على الاشتراك في تلك الحرب، كل لحماية مبادئه ومعقله، لكنهم نادمون على أن الحرب نفسها وقعت.

* عروض: مهرجان لوكارنو.

THE SEED OF THE SACRED FIG ★★★☆

* «بذرة شجرة التين المقدّسة»: دراما سياسية لمحمد رسولوف (فرنسا، ألمانيا- 2024)

هروب المخرج محمد رسولوف من سجنه في إيران يشبه هروب المخرج يلماز غونيه من سجنه التركي في الثمانيات. كلاهما سُجن بسبب مواقفه السياسية، وكلاهما هرب من السجن (وإن كنا لا نعرف كل التفاصيل حول كيفية الهروب) وعُرض فيلمه الممنوع في مهرجان «كان». كلاهما كذلك دخل وخرج من السجون أكثر من مرّة.

«بذرة شجرة التين المقدّسة» (رَن واي بيكتشرز)

الموضوع الذي يتطرّق إليه رسولوف مختلف عن ذاك الذي قدّمه غونيه في «الجدار» (1983، قبل عام واحد من وفاته)، لكن كليهما له علاقة بالوضع السياسي وما يخلقه من اضطرابات كبيرة في حياة الأفراد. فيلم رسولوف هذا يعمد لانتقاد النظام القضائي ومن ناحية أخرى نظام الحكم ومتاعبه مع الجيل الجديد الذي يُنادي بالحريات والتحديث وإيقاف القمع.

يدور حول محقق قضائي اسمه إيمان (ميزاغ زاري) موعود بالارتقاء لمنصب قاضي عمّا قريب. زوجته نجمة (سهيلة غولستاني) تفرح للخبر كون منزلهما لم يعد كافٍ لعائلة من أربعة. ابنتيهما، رجفان (مهسا روستامي) وسانا (ستاره ماليكي) كَبِرا، وكلٌ منهما تحتاج إلى غرفة منفردة. في يوم يفتقد إيمان مسدّسه الذي عادة ما يتركه في الدُّرج بجانب السرير فلا يجده. كل سعيه للارتقاء، كل شعوره بالأمان وكل ثقته بمحيطه في العمل وفي البيت يتهاوى.

لا يُحسن الفيلم اختصار الوقت الطويل الذي يمضيه في تكرار هذا الموقف ولا في عملية استجواب الفتاتين حول من التي سرقت المسدّس. هناك فصلٌ كاملٌ لاستجواب آخر يقوم به طبيب نفسي لا يصل الفيلم معه إلى نتيجة.

إيمان لا يستطيع إخبار الجهة الرسمية التي يعمل بها حتى لا يجد نفسه في السجن لثلاث سنوات. يرزح الآن تحت وطأة الاحتمالات قبل أن يقرّر الهرب إلى مكان في منطقة مهجورة، بحجة أنه يريد إعادة الّلُحمة العائلية كما كانت عليها. لكنه في الواقع يريد استجواب زوجته وابنتيه ويفعل ذلك برفق في البداية ومن ثَمّ يتأكّد أن عائلته تكذب عليه فيَسجن زوجته وابنته رجفان في زنزانتين منفردتين (يتبيّن أن المكان كان سجناً قديماً) في حين تهرب ابنته الأصغر سانا التي هي من سرقت المسدس.

المحور هنا أن ابنتيه ضدّ النظام، الأمر الذي لا يستطيع الأب قبوله. لكن الخيط الرفيع الذي يمشي الفيلم عليه، بالكاد يتحمّل هذا السرد المكبّل باختيارات أحداث جانبية وبانتقال نقطة الاهتمام ما بين الأب وعائلته في كَرٍ وفرٍ دخولاً إلى فصل نهائي لا يجسّد الفكرة الأساسية بل يحوّلها إلى منوال تشويقي يمكن له الانتماء إلى فيلم آخر.

«بذور شجرة التين المقدّسة» فيلم مهم أكثر منه جيّداً. رسولوف نفسه كان أكثر تحديداً وإجادة قبل 7 سنوات عندما قدّم «رجل ذو نزاهة» (A Man of Integrity). أو قبل عامين عندما عُرض «لا يوجد شر» (There is No Evil).

* عروض: مهرجان «كان».

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز