تاريخ موجز لأفلام حول قضية عالقة بين السماء والأرض

تعاملت مع الصور المتعددة للتاريخ الفلسطيني

 فيلم «كتابة على الثلج» لرشيد مشهراوي (تيليسيني فيلم)
فيلم «كتابة على الثلج» لرشيد مشهراوي (تيليسيني فيلم)
TT

تاريخ موجز لأفلام حول قضية عالقة بين السماء والأرض

 فيلم «كتابة على الثلج» لرشيد مشهراوي (تيليسيني فيلم)
فيلم «كتابة على الثلج» لرشيد مشهراوي (تيليسيني فيلم)

الكاميرا الوحيدة التي يستخدمها الفلسطينيون اليوم هي تلك التي يحملها بعض المقاتلين لتسجل وقائع المعارك الجارية. لكن ذات يوم كان للكاميرا الفلسطينية أدوار مختلفة وذات اهتمامات لا تبتعد عن القضية لكنها تعرضها من زوايا متنوّعة.

ذات يوم كان هناك سجل لتاريخ الاحتلال سنة 1948 وللمجازر التي وقعت خلاله وتلك التي تلته. كانت هناك أفلام عشوائية - تجارية تصوّر انتصاراً حتمياً وعاطفياً. وذات يوم أيضاً كان هناك نضج في التعامل مع الشأن الفلسطيني ابتعد عن السذاجة والعاطفية، وسعى لمضمون فكري وموضوعي جاد في إطار سينما جادة، سواء جاءت جيّدة التنفيذ أو لا.

موجات عابرة

تماوج الاتجاهات أمر طبيعي. الأفلام هي نتائج فكرية واختيارات شخصية، مما يعني أنه من حق البعض أن يدلف لتحقيق فيلم فلسطيني الاهتمام أو الموضوع وفي باله توظيف الفيلم لغاية جماهيرية تجلب له ولشركة الإنتاج، التي تولّت الصرف على الفيلم أرباحاً. يعلم أن هناك من الجمهور، شرقاً وغرباً، تبحث عما يترجم لها عاطفتها النبيلة إلى صور من البطولة الوطنية. لكن تلك الموجة، التي عرفتها أفلام لبنانية ومصرية وسورية وأردنية على الأخص انتهت مع نهاية الستينات لأنها كررت نفسها على الشاشة، بينما لم يقع شيء مماثل يواكبها على الأرض.

قبل انتهائها، كانت أنتجت ما لا يقل عن 10 أفلام من بينها «فداك يا فلسطين» لأنطوان ريمي، و«كلنا فدائيون» لغاري غرابتيان، و«الفدائيون» لكرستيان غازي، و«الفلسطيني الثائر» لرضا ميسّر.

ولا بدّ من التذكير أنه في الوقت نفسه حُقّفت أفلام عديدة تتعامل والقضايا بجدّية. كانت بعيدة عن التوظيف التجاري، لكنها كانت في صدد التوظيف العاطفي نفسه. أفلام أنتج معظمها من قبل أحزاب ومؤسسات فلسطينية في لبنان تنطلق وراء كل عملية للموساد أو غارة على جنوب لبنان لتصور الضحايا والأشلاء وتصدح بالشعارات المعادية لإسرائيل والصهيونية.

محمد بكري وابنه صلاح في «واجب» (آب وبيرن)

السينما الجادة فعلاً في رغبتها تقديم أعمال واعية لا تبيع شيئاً في أي سوق، نمت بروية مباشرة بعد انطفاء لهيب الأفلام الدعائية، وعلى قدر من التباعد. من بين الأعمال الأولى فيلم توفيق صالح «المخدوعون» عن رواية «رجال تحت الشمس» لغسان كنفاني. روى الفيلم محاولة ثلاثة فلسطينيين، من ثلاثة أجيال، اللجوء إلى الكويت عن طريق الاختباء في صهريج فارغ. الطريق طويلة والشمس لاهبة وتحقيق أملهم الكبير مستحيل.

أُنتج هذا الفيلم سنة 1972 من قِبل المؤسسة العامة السورية، وكان الأول للمخرج توفيق صالح خارج بلده (الثاني سيكون «الأيام الطويلة» في العراق). بعد عامين حقّق اللبناني برهان علوية فيلمه «كفر قاسم» عن المجزرة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية سنة 1965 بحق عمّال فلسطينيين عائدين من أعمالهم إلى قريتهم، كفر قاسم، فإذا بالقوات الإسرائيلية تقبض عليهم وتضعهم أمام جدار وتعدمهم.

حكاية أجيال

في العام نفسه، أخذت السينما المصرية بإنتاج أفلام عن حرب أكتوبر 1973، ومن أولها «أبناء الصمت» لمحمد راضي، و«بدور» لنادر جلال، تبعهما من كثب «الرصاصة لا تزال في جيبي» لحسام الدين مصطفى (1974)، و«على من نطلق الرصاص» (1975).

حرب أكتوبر كانت بمثابة تذويب الحاجة للعودة إلى ماضي القضية كونها حققت انتصار العبور في مصر وخسارة مزيد من الأرض في سوريا. على نحو لا يخلو من المفاجأة جفّت المشاريع الإنتاجية من الرغبة في التعاطي مع الموضوع الفلسطيني باستثناء ما ندر.

من منظور اليوم، هي فترة صمت مهمّة لأنها كانت بمثابة التهيئة لشيء ما في الطريق. وهذا الشيء بدأ فعلاً في السنة الأولى من الثمانينات عندما حقّق الفلسطيني ميشيل خلفيفي فيلمه الجميل «ذكريات خصبة».

هو تسجيل حياة امرأة فلسطينية تملك قطعة أرض هي محط أطماع يهود يريدون شراءها. يلتقط المخرج حياتها وجاراتها العادية. يومياتها فوق أرضها الخضراء وإصرارها على عدم البيع مهما كانت العواقب.

لم يكن خليفي أول مخرج فلسطيني يحقق أفلاماً عن فلسطين، إذ سبقه فلسطينيون آخرون من بينهم هاني جوهرية، ومصطفى أبو علي اللذان عملا في إطار تلك الأفلام الدعائية في لبنان.

المختلف هذه المرّة أن المخرج الفلسطيني خليفي لم يأتِ من مخيمات اللجوء في لبنان أو الأردن أو سواهما، بل كان هاجر من فلسطين إلى الغرب ومن ثَمّ عاد إلى فلسطين نفسها لتحقيق فيلمه الأول هذا. الأمر المهم الثاني في هذا الصدد هو، أنه بدأ مسيرة جيل جديد من المخرجين الفلسطينيين الذين ابتعدوا عن سينما نضال الشعارات وتصوير المآسي بالوثوب فوق الضحايا.

خليفي هو شيخ ذلك الجيل، وبعده مباشرة انطلق رشيد مشهراوي («الانتظار»، «كتابة على الثلج»)، وهاني أبو أسعد («الجنة الآن»، و«عمر»)، وآن ماري جاسر («ملح هذا البحر»)، ونجوى النجار («المر والرمّان») وإيليا سليمان («يد إلهية»).

كل هؤلاء (باستثناء إيليا سليمان) يعيشون في دول غربية تتيح لهم العمل في مناخات أفضل.

نماذج

الموضوعات المثارة لم تعد نارية النبرة ولا هي في ميدان المزايدات ورفع اللافتات. باتت واقعية ومحددة التوجه. لن تعمد إلى اللغة الثورية التي سريعاً ما تُوصف بالإرهابية إذا ما عُرضت على هذا النحو. البديل موضوعات جرى التفكير بها سينمائياً والتخطيط لها لتحمل وجهات نظرها من دون استفزاز. يكفي أن تصوّر الحقائق ومن ثَمّ تتوجه بها إلى المهرجانات وتعرضها كما هي. أحبها من أحبها ورفضها من رفضها.

أكثر من ذلك، بدأت هذه الأفلام بجذب شركات تمويل أوروبية لأول مرّة، فإذا بها فلسطينية كبيت إنتاج أوّل، ومن ثَمّ ألمانية وفرنسية وسويسرية وبلجيكية وبريطانية وحتى أميركية في بعض الحالات.

في «ملح هذا الأرض»، على سبيل المثال، تصل فتاة أميركية (سهير حمّاد) عائدة إلى وطنها فلسطين. المحطة الأولى بالطبع هو المطار حيث تواجه بشتّى أنواع الأسئلة. بعد ذلك هي في بلدتها المحتلة تحاول استرداد مبلغ كان والدها أودعه المصرف البريطاني - الفلسطيني. حين لم يتسنَ لها ذلك، تسرق المصرف بمعاونة شابّين عاطلين عن العمل. يفر الثلاثة إلى يافا حيث تزور البيت الذي وُلدت فيه، والذي آل إلى امرأة يهودية تدّعي حقها فيه.

هذا موضوع بديع يشرح حالات كثيرة من قلب الوضع القائم. الوضع الذي كان لإيليا سليمان فرصة تحويله إلى سخرية لاذعة عبر أفلامه بدءاً من «مفكرة الاختفاء» سنة 1996 ومروراً بـ«يد إلهية» (2002) و«الزمن الباقي» (2009) وصولاً إلى «لا بدّ أنها الجنة» (2019).

إيليا سليمان (آرت فرانس سينما)

أفلام إيليا سليمان كوميديات سوداء تقول الكثير بصرياً وما تقوله يشمل كل شيء من استحالة العيش المشترك، إلى حواجز التفتيش (موجودة في عدّة أفلام فلسطينية أخرى) والحلم بقوى خارقة تقلب الوضع الصعب المجسّد في كل تفاصيل الحياة المعاشة بالنسبة للفلسطينيين.

على الجانب الآخر طرق رشيد مشهراوي في أفلامه الموضوع الفلسطيني على نحو جاد. صوّر القصف على غزّة لكنه وضعه ضمن ثيمة اجتماعية في «كتابة على الثلج» (2017)، حين يحتجز القصف خمس شخصيات في منزل واحد هم، زوج ما زال يؤمن بالزمن، وزوجته، ومسلّح ينتمي إلى المتطرّفين، وآخر جريح، وممرضة تنتظر سيارة إسعاف إذا ما استطاعت الوصول. قبل هذا الفيلم بأحد عشر عاماً قُدّم «الانتظار» عن المخيّمات الفلسطينية ومن يعيش فيها. ينطلق الفيلم من فتحة أمل في واقع مسدود، لكنه يذكّر دوماً بأن القضية الفلسطينية عالقة بين السماء والأرض منذ النكبة وإلى اليوم.

عودة إلى الأرض

في عام 2017 عادت ماري آن جاسر إلى الموضوع الفلسطيني في كوميديا ذات دلالات جادة عنوانها «واجب»، حيث يساعد فلسطيني شاب (صالح بكري) والده (محمد بكري) في توزيع بطاقات دعوة لعرس ابنة العائلة ويختلفان في توجيه دعوة لعميل من الموساد، وبالتالي منظور كل منهما لمستقبل فلسطين. وفي حين دفع ميشيل خليفي بمسيرته لكي تنجز مزيداً من الأفلام التسجيلية (وبعض الروائية)، وعمد رشيد مشهراوي لتقديم درامياته في الوضع، وأخرج إيليا سليمان تلك الكوميديات السوداء عن الوضع نفسه، حثّ هاني أبو أسعد، بنجاح، الغرب على النظر ببعض الاتزان للمسألة من زاوية الوضع الحرج لأبطاله في «الجنّة الآن»، و«عمر»، و«صالون هدى»، ولفهم طبيعة الصراع القائم لإثبات حق الفلسطيني في أرضه.

حروب عربية

نماذج لأفلام تمحورت حول القضية الفلسطينية والحروب العربية - الإسرائيلية عبر التاريخ

> حرب 1948:

- «أرض الأبطال»، إخراج نيازي مصطفى (1953)

- «الأقدار الدامية»، إخراج خيري بشارة (1982)

> حرب 1956:

- «بور سعيد»، إخراج عز الدين ذو الفقار (1957)

- «أرض السلام»، إخراج كمال الشيخ (1957)

> حرب 1967: - «أغنية على الممر» لعلي عبد الخالق (1972)

> حرب 1973 - «أبناء الصمت» لمحمد راضي (1974)

- «حتى الرجل الأخير» لأمين البني

> مجازر إسرائيلية:

- «كفر قاسم» لبرهان علوية (1974)

- «الأبطال يولدون مرتين» لصلاح دهني (1977)


مقالات ذات صلة

محمد سعد يعود إلى الأضواء بـ«الدشاش»

يوميات الشرق محمد سعد في لقطة من الإعلان الدعائي لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة)

محمد سعد يعود إلى الأضواء بـ«الدشاش»

يجسّد محمد سعد في «الدشاش» شخصية طبيب خلال الأحداث التي تدور في إطار اجتماعي كوميدي تشويقي، ويشاركه البطولة عدد من النجوم.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق معالجة «سيد الخواتم» على طريقة الأنيمي اليابانية

«سيد الخواتم» يدخل عالم الرسوم المتحركة اليابانية

إذا كنت تودُّ معرفة من هو ملك وادي «هيلمز ديب»، فأنت في المكان المناسب.

سارة بار (نيويورك)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

مصر: أفلام «الأوف سيزون» تغادر دور العرض لـ«ضعف الإيرادات»

شهدت عدة أفلام مصرية، تصنف ضمن العرض خلال «الأوف سيزون»، تراجع إيراداتها مما أدى إلى رفعها من دور العرض السينمائي في مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق بشير الديك مع أحمد زكي وحسين فهمي (حسابه على فيسبوك)

تفاقم الحالة الصحية للسيناريست المصري بشير الديك

أثارت دينا ابنة السينارسيت المصري المعروف بشير الديك حالة واسعة من القلق والجدل في الساعات الأخيرة بشأن صحة والدها.

رشا أحمد (القاهرة )
سينما «إلى أرض مجهولة» (إنسايد آوت فيلمز)

اختيار الناقد لأفضل أفلام العام

أعلنت أكاديمية العلوم والفنون السينمائية قبل يومين قائمتها القصيرة لترشيحات «أوسكار» أفضل فيلم روائي ناقلةً البهجة والأمل لبعض المخرجين والخيبة لبعضهم الآخر.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز - كاليفورنيا)

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.