أفلام عربية حائرة بين أصولها المحلية والتمويل الأجنبي

بينما تنعم السينما السعودية بالاختلاف والتنوّع

لقطة من السباحتان  (أ-زد سلتِك فيلمز)
لقطة من السباحتان (أ-زد سلتِك فيلمز)
TT

أفلام عربية حائرة بين أصولها المحلية والتمويل الأجنبي

لقطة من السباحتان  (أ-زد سلتِك فيلمز)
لقطة من السباحتان (أ-زد سلتِك فيلمز)

ما هو مثير بالنسبة إلى السينما السعودية ليس أنها بدأت، قبل سنوات قريبة، قويّة ومدعومة وواعدة. هذا في حدِّه ممتاز، لكن المثير هو أن أفلامها مصنوعة في السعودية. أفلام وطنية. منذ أن قدّم محمود الصبّاغ «بركة يقابل بركة» ليتبعه عبد العزيز الشلاحي في «حد الطار»، وشهد أمين في «سيدة البحر»، وهيفاء المنصور في «المرشّحة المثالية»، ثم المجموعة الجديدة التي أطلقت مؤخراً أفلاماً عدّة من بينها «أغنية الغراب» لمحمد السلمان، و«سطار» لعبد الله العراك، و«طريق الوادي» لخالد فهد، و«المدرسة القديمة» لعبد الله الخميس. منذ ذلك الحين وهناك منوال صحيح لتأمين الدعم الكافي لهذه الإنتاجات من هيئة الأفلام في المملكة بالتعاون مع الشركات الخاصّة المنتجة لها.

هوية الفيلم إنتاجه

هذه أفلام عضوية في المنشأ والصناعة والعروض وتختلف عن مهام أخرى لصناديق الدعم السعودية المستعدة لمنح إنتاجية لأفلام غير سعودية.

على أن هذا التميّز لا يقف وحده، بل هناك تميّز مهم آخر متّصل به: الأفلام المذكورة وعدد آخر من الإنتاجات الوطنية ثرية بالتنوّع ما بين الدراما الجادة والكوميديا والرومانسية والرعب وسينما الطرق والرحلات. إنها سينما تحتفل باختياراتها من النصوص وأساليب العمل. السبب في ذلك يعود، ولو إلى حد معيّن، إلى حقيقة أنها أفلام تتجه إلى السوق السعودية الكبيرة أولاً كأفلام تجارية صرفة. إذا ما حققت الخطوة للعروض الخارجية، كما الحال في أفلام هيفاء المنصور ومحمود الصباغ وآخرين، كان ذلك فعلاً بديعاً، لكن في الأساس هي تعبير عن سينما وطنية.

هذه لا نجدها في التداول كثيراً هذه الأيام في سينمات عربية أخرى ولسبب مهم آخر: بات الكثير من الأفلام المنتجة يبحث عن تمويل خارجي لأنه لا توجد قدرات اقتصادية وصناعية محلية كافية.

لم يعد خافياً أن الكثير مما يلفّ مهرجانات العالم من أفلام عربية هو، في عرف احترافيٍّ محض، ليس عربياً. القول بأن هوية المخرج هي التي تمنح هوية الفيلم ليس صحيحاً. أفلام فريتز لانغ الهوليوودية ليست ألمانية تبعاً لمنشئه. أفلام ألفريد هيتشكوك الأميركية ليست بريطانية. أفلام يوسف شاهين ليست كلها مصرية لأنه مصري.

انتماء الفيلم الفعلي هو إلى التمويل الغالب. نعم يبقى لبعض الأفلام قدر من الوطنية لكنه قدر محدود لأن الشركة التي عمدت إلى تمويل الفيلم بنسبة تزيد على الثلثين هي أجنبية.

هذا الاعتماد على الإنتاج الأجنبي ازداد منذ مطلع هذا القرن، وفي المقابل باتت الإنتاجات العربية - العربية أمراً شبه مفقود منذ ذلك الحين أيضاً. انحسرت أكثر من أي وقت مضى بينما ارتفع الاعتماد على التمويل الغربي أكثر من أي وقت مضى أيضاً.

الفيلم السعودي «إنشودة الغراب» (تلفاز 11)

هذا الوضع يطول الكثير من الأفلام التي نمت في لبنان من أفلام فيليب عرقتنجي ودانيال عربيد، إلى أفلام نادين لبكي وغسان سلهب، مروراً بنحو 75 في المائة من الأفلام الأخرى.

«ذيب» و«أوديسا عراقية» و«لأجل سما» هي إنتاجات بريطانية لمخرجين عرب (إخراج ناجي أبو نوّار، وسمير جمال الدين، وعهد الخطيب، على التوالي). الكثير من أفلام المغرب العربي، مثل «أمهات»، و«نحبك هادي»، و«بابيشا»، و«ريح ربّاني»، إلخ... هي أفلام منتجة من شركات فرنسية. أفلام نادين لبكي هي شغل ألماني، كذلك أفلام التونسية كوثر بن هنية، خصوصاً فيلميها الأخيرين «الرجل الذي باع ظهره» و«بنات ألفة».

ومؤخراً شاهدنا «ولد من الجنة» لطارق صالح، و«السباحتان» لسالي الحسيني. الأول إنتاج دنماركي، والآخر بريطاني.

الدعم الفعلي

طبعاً لا يخلو الأمر من رأسمال محلّي (يسمّونه Seed Money) وفي الكثير من الحالات هناك جهات عربية داعمة بنسب متفاوتة، لكن من دون وجود الإنتاج الأجنبي فإن معظم هذه الأفلام لن يشهد نور التوزيع الخارجي والكثير منها لن يجد طريقه إلى المهرجانات وفرص الخروج بالجوائز على غرار ما حدث مؤخراً لأفلام مثل «بنات ألفة» و«على فوهة بركان» و«أم كل الأكاذيب». رأس المال الأول لهذه الأفلام تونسي ولبناني ومغربي لكن الدعم الفعلي ألماني وفرنسي.

هذا يحدث لأسباب محددة تختلف من بلد لآخر أحياناً.

على سبيل المثال، يحتاج بلد يعيش أزمات اقتصادية حافلة، مثل لبنان، إلى التمويل الخارجي. يحتاج بعض شركات الإنتاج المحلية إلى هويات أجنبية لتسهيل التسويق. كذلك يرمي المخرجون المعروفون من خلال تحقيق أفلام مموّلة من الخارج إلى تثبيت أسمائهم في تلك الأسواق الخارجية. على أن السبب الجامع يكمن في أن السوق المحلية لمعظم الدول العربية لا تكفي لتأمين التكلفة لو أُتيحت من داخل البلد ذاته، ناهيك بجني أرباح ما.

ضعف السوق العربية له أسباب أخرى من بينها صعوبة اللهجات وقلة عدد صالات السينما واختفاء التوزيع البديل وفوضى التوزيع للمنصات والمحطات التلفزيونية ثم المشكلات السياسية التي تمنع وصول أفلام بعض الدول إلى أسواق بعض الدول الأخرى.

بعض الدول (كلبنان وسوريا والعراق) تمتعت سابقاً بمثل هذه الصناعات المحلية، لكنَّ ذلك كان من قبل أن تتحوّل صالات السينما في الكثير من مدنها إلى محلات بيع ملابس أو تُهدم لصالح بناء عمارة بمرآب تحتها. هذا حدث لسبب آخر إضافي وهو حقيقة أن صالات السينما لم تعد القناة الوحيدة لعرض الأفلام، بل باتت العروض المنزلية سمة طاغية في بلاد عربية كانت حتى نهاية الثمانينات تعيش رغداً ملحوظاً.

مشهد من «الباريسية» (لو فيلم بيلييه).

الفيلم

إيضاح هذه المسببات المتآلفة والتي تشكّل عراقيل وعوائق تمنع ازدهار صناعة السينما داخل حدود الدول العربية (مفترقة أو مجتمعة) يؤدي بنا إلى دراسة ما يوفره معظم هذه الأفلام للعين الأجنبية التي للمنتج الأجنبي حق اعتمادها كدافع لتمويل فيلم ما.

هل هناك رغبة في مشاهدة فيلم يوظّف الخيال بعيداً عن الواقع على طريقة الأفلام الفانتازية الكبرى؟ هل هو بصدد قبول فيلم كوميدي ولو كان جيّداً؟ هل هو وراء الإبداع والتميّز بحد ذاتيهما؟ هل يريد فيلماً عن فرد ناجح ومجتمع سعيد؟

معظم الأفلام العربية التي وجدت طريقها للمهرجانات والجوائز عبر سنوات (بما فيها جوائز من مهرجانات كان وبرلين وفينيسيا ولوكارنو وسواها) كانت من تلك التي تتناول مواضيع الأزمات التي تفتح العين الغربية على مصاعب عيش وعلى مجتمعات بائسة. تلك التي تتحدّث عن نساء منكوبات، ورجال تحت الأعباء، وبيئات غير سعيدة، ومواضيع سياسية وعاطفية تدخل في بند الممنوعات.

تبعاً لذلك، استجاب عدد كبير من الذين يكتبون عن الأفلام فباتت كتاباتهم تبحث في المضمون ولا تكترث للشكل أو الأسلوب أو العناصر الفنية ذاتها. المضمون الذي لا يصنع الفيلم مهما كان مهمّاً بل يحكيه فقط.

إنها حجارة الدومينو التي إذا أُحسن رصفها تتساقط على التوالي: المنتج بحاجة لتمويل. التمويل بحاجة لموضوع يهم المُشاهد الأجنبي. الاثنان يريدان فيلماً يُعرض في المهرجانات. الجميع لا يسأل عن الصورة الغائبة أو عن تقييم صحيح للأوضاع الاجتماعية وبالتأكيد ليس عن الوجه الإيجابي لأي شيء عربي. وفي النهاية لديك حماس بعض النقاد والكتّاب من دون تخيل أو فحص لما يدور.

مخرجون عرب حققوا مؤخراً الاختلاف عن السائد

قائمة ببعض المخرجين الذين أنجزوا أفلامهم (بصرف النظر عن تقييم نقدي) ضمن حدود السينما العربية وحدها.

شهد أمين: «سيدة البحر»، (السعودية).

محمد السلمان: «أنشودة الغراب»، (السعودية).

حكيم بلعبّاس: «لو يطيحو الحيوط»، (المغرب).

حميد بن عمرة: «كيوكو، موسم حصاد الأحلام»، (الجزائر).

رضا الباهي: «جزيرة الغفران»، (تونس).

مروان حامد: «تراب الماس»، (مصر).

يوسف الشابي: «أشكال»، (تونس).


مقالات ذات صلة

فيصل الأحمري لـ«الشرق الأوسط»: لا أضع لنفسي قيوداً

يوميات الشرق فيصل الأحمري يرى أن التمثيل في السينما أكثر صعوبة من المنصات (الشرق الأوسط)

فيصل الأحمري لـ«الشرق الأوسط»: لا أضع لنفسي قيوداً

أكد الممثل السعودي فيصل الأحمري أنه لا يضع لنفسه قيوداً في الأدوار التي يسعى لتقديمها.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق يتيح الفرصة لتبادل الأفكار وإجراء حواراتٍ مُلهمة تتناول حاضر ومستقبل صناعة السينما العربية والأفريقية والآسيوية والعالمية (واس)

«البحر الأحمر السينمائي» يربط 142 عارضاً بصناع الأفلام حول العالم

يربط مهرجان البحر الأحمر 142 عارضاً من 32 دولة هذا العام بصناع الأفلام حول العالم عبر برنامج «سوق البحر الأحمر» مقدماً مجموعة استثنائية من الأنشطة.

لقطة من فيلم «عيد الميلاد» (أ.ب)

فيلم «لاف أكتشلي» من أجواء عيد الميلاد أول عمل لريتشارد كيرتس

بعد عقدين على النجاح العالمي الذي حققه الفيلم الكوميدي الرومانسي «لاف أكتشلي» المتمحور حول عيد الميلاد، يحاول المخرج البريطاني ريتشارد كورتس تكرار هذا الإنجاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

عد أكثر من سنة على عرضه في مهرجاني «ڤينيسيا» و«تورونتو»، وصل فيلم المخرجة البولندية أغنييشكا هولاند «حدود خضراء» إلى عروض خاصّة في متحف (MoMA) في نيويورك.

محمد رُضا (نيويورك)
يوميات الشرق من كواليس فيلم «المستريحة» (إنستغرام ليلى علوي)

أفلام مصرية جديدة تراهن على موسم «رأس السنة»

تُراهن أفلام مصرية جديدة على موسم «رأس السنة»، من خلال بدء طرحها في دور العرض قبيل نهاية العام الحالي (2024)، وأبرزها «الهنا اللي أنا فيه»، و«الحريفة 2».

داليا ماهر (القاهرة)

شاشة الناقد: جود سعيد يواصل سعيه لتقديم البيئة الرّيفية في سوريا

عبد اللطيف عبد الحميد وسُلاف فواخرجي في «سلمى» (المؤسسة العامة للسينما)
عبد اللطيف عبد الحميد وسُلاف فواخرجي في «سلمى» (المؤسسة العامة للسينما)
TT

شاشة الناقد: جود سعيد يواصل سعيه لتقديم البيئة الرّيفية في سوريا

عبد اللطيف عبد الحميد وسُلاف فواخرجي في «سلمى» (المؤسسة العامة للسينما)
عبد اللطيف عبد الحميد وسُلاف فواخرجي في «سلمى» (المؤسسة العامة للسينما)

سلمى التي تحارب وحدها

(جيد)

يواصل المخرج السوري جود سعيد سعيه لتقديم البيئة الرّيفية في سوريا من خلال أحداث معاصرة يختار فيها مواقف يمتزج فيها الرسم الجاد للموضوع مع نبرة كوميدية، بالإضافة إلى ما يطرحه من شخصيات ومواقف لافتة.

وهذا المزيج الذي سبق له أن تعامل معه في فيلمي «مسافرو الحرب» (2018)، و«نجمة الصباح» (2019) من بين أفلام أخرى تداولت أوضاع الحرب وما بعدها. في «سلمى» يترك ما حدث خلال تلك الفترة جانباً متناولاً مصائر شخصيات تعيش الحاضر، حيث التيار الكهربائي مقطوع، والفساد الإداري منتشرٌ، والناس تحاول سبر غور حياتها بأقلّ قدرٍ ممكن من التنازل عن قيمها وكرامتها.

هذا هو حال سلمى (سُلاف فواخرجي) التي نجت من الزلزال قبل سنوات وأنقذت حياة بعض أفراد عائلتها وعائلة شقيقتها وتعيش مع والد زوجها أبو ناصيف (عبد اللطيف عبد الحميد الذي رحل بعد الانتهاء من تصوير الفيلم). أما زوجها ناصيف فما زال سجيناً بتهمٍ سياسية.

هذه انتقادات لا تمرّ مخفّفة ولا ينتهي الفيلم بابتسامات رِضى وخطب عصماء. قيمة ذلك هي أن المخرج اختار معالجة مجمل أوضاعٍ تصبّ كلها في، كيف يعيش الناس من الطبقة الدنيا في أسرٍ واقعٍ تفرضه عليها طبقة أعلى. وكما الحال في معظم أفلام سعيد، يحمل هذا الفيلم شخصيات عدة يجول بينها بسهولة. سلمى تبقى المحور فهي امرأة عاملة ومحرومة من زوجها وعندما تشتكي أن المدرسة التي تُعلّم فيها بعيدة يجد لها زميل عملاً في منزل رجل من الأعيان ذوي النفوذ اسمه أبو عامر (باسم ياخور) مدرّسة لابنته. لاحقاً سيطلب هذا منها أن تظهر في فيديو ترويجي لأخيه المرّشح لانتخابات مجلس الشعب. سترفض وعليه ستزداد حدّة الأحداث الواردة مع نفحة نقدية لم تظهر بهذه الحدّة والإجادة في أي فيلمٍ أخرجه سعيد.

«سلمى» هو نشيدٌ لامرأة وعزفٌ حزين لوضع بلد. النبرة المستخدمة تراجي - كوميدية. التمثيل ناضج من الجميع، خصوصاً من فواخرجي وياخور. وكعادته يعني المخرج كثيراً بتأطير مشاهده وبالتصوير عموماً. كاميرا يحيى عز الدين بارعة في نقلاتها وكل ذلك يكتمل بتصاميم إنتاج وديكورٍ يُثري الفيلم من مطلعه حتى لقطاته الأخيرة. هذا أنضج فيلم حققه سعيد لليوم، وأكثر أفلامه طموحاً في تصوير الواقع والبيئة وحال البلد. ثمة ثغرات (بعض المشاهد ممطوطة لحساب شخصيات ثانوية تتكرّر أكثر مما ينبغي) لكنها ثغراتٌ محدودة التأثير.

لقطة من «غلادياتير 2» (باراماونت بيكتشرز)

Gladiator II

(جيد)

ريدلي سكوت: العودة إلى الحلبة

السبب الوحيد لعودة المخرج ريدلي سكوت إلى صراع العبيد ضد الرومان هو أن «غلاديايتر» الأول (سنة 2000) حقّق نجاحاً نقدياً وتجارياً و5 أوسكارات (بينها أفضل فيلم). الرغبة في تكرار النجاح ليس عيباً. الجميع يفعل ذلك، لكن المشكلة هنا هي أن السيناريو على زخم أحداثه لا يحمل التبرير الفعلي لما نراه وإخراج سكوت، على مكانته التنفيذية، يسرد الأحداث بلا غموض أو مفاجآت.

الواقع هو أن سكوت شهِد إخفاقات تجارية متعدّدة في السنوات العشر الماضية، لا على صعيد أفلام تاريخية فقط، بل في أفلام خيال علمي (مثل Alien ‪:‬ Covenant في 2017)، ودرامية (All the Money in the World في العام نفسه) وتاريخية (The Last Duel في 2021)؛ آخر تلك الإخفاقات كان «نابليون» (2023) الذي تعثّر على حسناته.

يتقدم الفيلم الجديد لوشيوس (بول ميسكال) الذي يقود الدفاع عن القلعة حيث تحصّن ضد الجيش الروماني بقيادة الجنرال ماركوس (بيدرو باسكال). لوشيوس هو الأحق بحكم الإمبراطورية الرومانية كونه ابن ماكسيموس (الذي أدّى دوره راسل كراو في الفيلم السابق)، وهو ابن سلالة حكمت سابقاً. يُؤسر لوشيوس ويُساق عبداً ليدافع عن حياته في ملاعب القتال الرومانية. يفعل ذلك ويفوز بثقة سيّده مكرينوس (دنزل واشنطن) الذي لديه خطط لاستخدام لوشيوس ومهارته القتالية لقلب نظام الحكم الذي يتولاه شقيقان ضعيفان وفاسدان.

هذا كلّه يرد في الساعة الأولى من أصل ساعتين ونصف الساعة، تزدحم بالشخصيات وبالمواقف البطولية والخادعة، خصوصاً، بالمعارك الكبيرة التي يستثمر فيها المخرج خبرته على أفضل وجه.

فيلم ريدلي سكوت الجديد لا يصل إلى كل ما حقّقه «غلاديايتر» الأول درامياً. هناك تساؤل يتسلّل في مشاهِد دون أخرى فيما إذا كان هناك سبب وجيه لهذا الفيلم. «غلاديايتر» السابق كان مفاجئاً. جسّد موضوعاً لافتاً ومثيراً. أفلام سكوت التاريخية الأخرى (مثل «مملكة السماء» و«روبِن هود») حملت ذلك السبب في مضامينها ومفاداتها المتعددة.

لكن قبضة المخرج مشدودة هنا طوال الوقت. مشاهدُ القتال رائعة، والدرامية متمكّنة من أداءات ممثليها (كوني نيلسن وبيدرو باسكال تحديداً). في ذلك، سكوت ما زال الوريث الشّرعي لسينما الملاحم التاريخية التي تمزج التاريخ بالخيال وكلاهما بسمات الإنتاجات الكبيرة.

عروض تجارية.