هل انطفأ وهج أغاني «المهرجانات»؟

بعد تحقيقها طفرات في نسب المشاهدة والاستماع خلال العقد الأخير

حسن شاكوش وحمو بيكا وعمر كمال (صفحة بيكا بفيسبوك)
حسن شاكوش وحمو بيكا وعمر كمال (صفحة بيكا بفيسبوك)
TT

هل انطفأ وهج أغاني «المهرجانات»؟

حسن شاكوش وحمو بيكا وعمر كمال (صفحة بيكا بفيسبوك)
حسن شاكوش وحمو بيكا وعمر كمال (صفحة بيكا بفيسبوك)

بلغت أغاني المهرجانات ذروتها في مصر خلال العقد الأخير بعد فرض نفسها على كلا الوسطين الموسيقي والغنائي، وتحقيقها نسب مشاهدة واستماع غير مسبوقة، رغم تعرض مؤديها لانتقادات حادة واتهامات بـ«إفساد الأخلاق والذوق العام»... لكن هل انطفأ وهج هذه الأغاني خلال الآونة الأخيرة؟

ظهرت أغنيات «المهرجانات» في منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة ووصفها البعض بـ«الثورة الموسيقية المصرية»، واعتبروها تحولاً حتمياً للأغنية الشعبية، حيث كانت العنصر الأبرز والأكثر طلباً في حفلات الزفاف المصرية والعربية.

هذا اللون الغنائي أحدث طفرة في السوق (صفحة فيجو الدخلاوي فيسبوك)

وفي حين يرى نقاد وموسيقيون تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» أن أغاني المهرجانات في طريقها إلى مرحلة الخفوت والتراجع، فإن آخرين يرون أنها لن تختفي بل سيتم تطويرها.

ووصلت أغاني المهرجانات إلى قمة ذروتها ما بين عامي 2020 و2021، وفق موسيقيين، وهو ما عكسته نسب مشاهدة بعض هذه الأغنيات؛ حيث حققت أغنية «مفيش صاحب بيتصاحب» 172 مليون مشاهدة على موقع «يوتيوب»، و«بنت الجيران» 666 مليون مشاهدة، و«وداع يا دنيا وداع» 281 مليون مشاهدة، و«بسكوتاية مقرمشة» 195 مليوناً و«عود البطل» 340 مليوناً، و«إخواتي» 470 مليوناً و«شمس المجرة» 154 مليوناً.

شاكوش وبيكا (صفحة فيجو الدخلاوي فيسبوك)

الناقد الفني المصري أحمد السماحي يؤكد أن عدم تطوير هذه النوعية من الموسيقى والغناء أدى لانحسارها، وانطفأ وهجها بعدما كانت السائدة والمسيطرة على الساحة.

ورغم أن «هذه الأغنيات شكلت لوناً موسيقياً جاذباً للجمهور، فإنه يحسب عليها الكلمات المتدنية»؛ بحسب وصف السماحي.

يضيف السماحي لـ«الشرق الأوسط»: «هذا اللون انتشر عالمياً باسم مصر ليعبر عن الشارع، لكن القائمين عليه من الشباب لم يكن لديهم قدر من الثقافة الكافية لتطويره، فقد كان هدفهم جمع المال والشهرة في وقت قليل».

وذاع صيت أغاني «المهرجانات» في مصر بشكل لافت عقب ثورة يناير (كانون الثاني) 2011، ولاقت رواجاً وتفاعلاً واسعاً بين الناس، وتناولت أغنياتها موضوعات عدة من بينها الخيانة، والزواج، والطلاق، والصداقة، والحب، وفق موسيقيين.

عكست أرقام مشاهدات موقع {يوتيوب} بعض التغيرات اللافتة بشأن شعبية وانتشار هذا اللون الغنائي (صفحة فيجو الدخلاوي فيسبوك)

ويتفق الناقد الموسيقى المصري فوزي إبراهيم مع السماحي، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا اللون بدأ في الاختفاء من الشارع بعدما كان محاصراً به، لأنه لم يعد وحده على الساحة، فقد أسهمت المهرجانات الفنية في السعودية ومصر في تراجعه».

ويشدد إبراهيم على أن «المهرجانات كموسيقى وإيقاعات ليست مبتذلة بشكل عام، لكن كلماتها غير اللائقة تجعلها في مرمى الاتهامات، وأعتقد أن وهجها انطفأ راهناً بعدما بدأت في الانحسار».

وشهد الوسط الموسيقي المصري أزمات لافتة خلال السنوات الماضية بسبب «أغاني المهرجانات»، حيث مثّل هذا النوع «صداعاً» لنقيب المهن الموسيقية السابق هاني شاكر، الذي اتخذ موقفاً صارماً ضدهم بداعي «الإضرار بالذوق العام»، قبل أن يقرر الانسحاب من المشهد، وتفتح النقابة أبوابها لمؤدي هذا النوع من الأغاني في عهد النقيب الحالي مصطفى كامل.

وصلت أغاني المهرجانات إلى قمة ذروتها ما بين عامي 2020 و2021 (صفحة فيجو الدخلاوي فيسبوك)

واعتبر الموسيقار المصري منير الوسيمي أن «تراجع هذا اللون الموسيقي بالآونة الأخيرة طبيعي للغاية بعدما تم فرز الأعمال الجيدة من الأخرى الرديئة»، على حد تعبيره.

مضيفاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «المستوى التعليمي المتدني لمؤدي المهرجانات كان من بين أسباب انتشار هذه الظاهرة الصاخبة»، معتبراً أن «وسائل الإعلام الحديثة والقديمة وراء انتشار هذا النوع خلال السنوات الأخيرة».

وطالب الوسيمي بـ«الرقابة الصارمة للحفاظ على القيم المجتمعية»، مشيراً إلى «أن الفن سلعة استراتيجية وإهمالها يعد أمراً جسيماً».

ذاع صيت أغاني {المهرجانات} في مصر بشكل لافت عقب ثورة يناير 2011 (صفحة فيجو الدخلاوي فيسبوك)

ويعد حمو بيكا، وحسن شاكوش، وعمر كمال، وكزبرة، وحمو طيخة، وريشا كوستا، وسمارة، وعلاء فيفتي، ومجدي شطة، وحنجرة، وكابونجا، سامر وعلي قدورة، وعصام صاصا، من بين أبرز مؤدي هذا اللون الغنائي المثير للجدل.

وفي حين يؤكد الشاعر الغنائي المصري عنتر هلال لـ«الشرق الأوسط» أن «أغاني المهرجانات كانت ضرورية لكسر رتابة الأغنية المصرية التقليدية التي تدور في فلك الكلمات والألحان التقليدية وطريقة الغناء؛ فإن ذلك لم يمنع من تراجعها، حيث أخذت وقتها مثلها مثل ظواهر فنية كثيرة وانتهت، بعد عودة النجوم الحقيقيين للساحة مجدداً».

عدم تطوير هذه النوعية من الموسيقى والغناء أدى لانحسارها

أحمد السماحي لـ«الشرق الأوسط»

في المقابل، رأى الناقد الفني المصري طارق الشناوي أن «أغاني المهرجانات ستظل قائمة ولن تنتهي لكن قد يتغير مسماها، ومع نجاح أول أغنية قادمة سيقول الجمهور إنها عادت وبقوة».

ويضيف الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «(المهرجانات) أحدثت حالة في مصر والعالم العربي، وهو ما جعل كبار المطربين يحاولون تقديم هذا اللون، لكنهم فشلوا، ومن بينهم محمد فؤاد وحكيم».

وهو ما تتفق معه الشاعرة المصرية منة عدلي القيعي التي تقول لـ«الشرق الأوسط» إن «المهرجانات لن تختفي بل ستتحول لألوان أخرى على غرار (الراب)، و(التراب)، و(البوب)»، مشيرة إلى أن «المهرجانات نوع كامل من الموسيقى، واختفاءه ليس بالسهولة التي يعتقدها الناس».

أغاني المهرجانات كانت ضرورية لكسر رتابة الأغنية المصرية التقليدية

عنتر هلال لـ«الشرق الأوسط»

وتلفت منة إلى أن «هذا اللون الغنائي أحدث طفرة في السوق، ويكفي أنه اختراع مصري خالص، ولا بد من الفخر به وتسجيله كبراءة اختراع».

كما كشفت منة عن ترحيبها بالتعاون مع مطربي المهرجانات كما فعلتها من قبل مع «أوكا» و«أورتيجا» و«المدفعجية» وعمر كمال: «لست محسوبة على فئة بعينها وأرى أن الاستفادة جماعية».

وعكست أرقام مشاهدات موقع «يوتيوب» بعض التغيرات اللافتة بشأن شعبية وانتشار هذا اللون الغنائي، فبينما حققت أغنية «بنت الجيران» التي طرحت قبل 5 سنوات لعمر كمال وحسن شاكوش نحو 666 مليون مشاهدة، فإن أغنية «مليون سلام على اللي باعوني» لحسن شاكوش التي طرحها قبل عام قد حققت 846 ألف مشاهدة فقط.

كبار المطربين حاولوا تقديم هذا اللون لكنهم فشلوا

طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»

والأمر نفسه تكرر مع أحد أبرز مؤدي المهرجانات حمو بيكا، الذي حققت أغنيته «شمس المجرة» 154 مليون مشاهدة منذ طرحها قبل 4 سنوات بمشاركة عمر كمال وحسن شاكوش، لكن أغنية «لو القديم راحت عليه يبقى الجديد يلعب باليه» 433 ألف مشاهدة فقط منذ طرحها العام الماضي».

ومع أن أغنية «إنتي معلمة» لعمر كمال مع حمو بيكا التي طرحت قبل 3 سنوات حققت 120 مليون مشاهدة عبر «يوتيوب»، فإن أغنية «في داهية» لكمال وحسن شاكوش و«ساسو» التي طرحت قبل عام قد حققت أقل من مليون ونصف المليون مشاهدة فقط.

وشغل مؤدو المهرجانات الرأي العام أكثر من مرة على غرار فارس حميدة وعلي قدورة، اللذين اعتزلا هذا النوع من الغناء، وعصام صاصا الذي حُكم عليه بالسجن أخيراً، وحسن شاكوش الذي تصدر التريند أكثر من مرة بسبب تفاصيل حياته الزوجية.


مقالات ذات صلة

شربل روحانا والثلاثي جبران مع محمود درويش يعزفون على «أوتار بعلبك»

يوميات الشرق سمير روحانا خلال حفل بعلبك (المصدر منصة إكس)

شربل روحانا والثلاثي جبران مع محمود درويش يعزفون على «أوتار بعلبك»

الجمهور جاء متعطشاً للفرح وللقاء كبار عازفي العود في العالم العربي، شربل روحانا وفرقته، والثلاثي جبران والعازفين المرافقين.

سوسن الأبطح (بيروت)
الوتر السادس المايسترو العليا عاصر حقبات فنية متعددة (ايلي العليا)

إيلي العليا لـ«الشرق الأوسط»: دورنا هو الحفاظ على هوية الأغنية اللبنانية

قد يكون المايسترو إيلي العليا من الموسيقيين القلائل الذين لا يزالون يمارسون مهنتهم بنجاح منذ نحو 40 سنة حتى اليوم.

فيفيان حداد (بيروت)
الوتر السادس تأمل نادية مصطفى في طرح أغنية منفردة قريباً ({الشرق الأوسط})

نادية مصطفى: صعوبات الإنتاج وراء قلة أعمالي

شهد الحفل الأحدث الذي أحيته المطربة المصرية نادية مصطفى بمهرجان القلعة الموسيقي بالقاهرة حضوراً جماهيرياً كبيراً من مختلف الأعمار

أحمد عدلي (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أعضاء فرقة «آبا» السويدية الموسيقية يصلون لحضور عرض في لندن ببريطانيا في 26 مايو 2022 (رويترز)

فرقة «آبا» تطلب من ترمب التوقف عن استخدام موسيقاها في التجمعات الانتخابية

طلب أعضاء فرقة «آبا» السويدية، أمس (الخميس)، من المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية، دونالد ترمب، التوقف عن استخدام موسيقاهم في التجمعات الانتخابية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق من ذاكرة الروك البريطاني (رويترز)

«هدنة» نويل وليام غالاغر تُسعد مانشستر بعودة «أويسيس»

في مانشستر، مهد «أويسيس»، يُبدي محبّو الفرقة الإنجليزية غبطتهم بالإعلان عن عودة هذا التشكيل الموسيقي الشهير إلى المسرح، بعد 15 عاماً من الانفصال الفنّي.

«الشرق الأوسط» (مانشستر (بريطانيا))

عرض مجموعة من مجوهرات إلفيس بريسلي للبيع في مزاد لتحف المشاهير

مقتنيات إلفيس بريسلي (رويترز)
مقتنيات إلفيس بريسلي (رويترز)
TT

عرض مجموعة من مجوهرات إلفيس بريسلي للبيع في مزاد لتحف المشاهير

مقتنيات إلفيس بريسلي (رويترز)
مقتنيات إلفيس بريسلي (رويترز)

يعرض مزاد يقام خلال أيام مقتنيات نادرة لبعض مشاهير الموسيقى والسينما، منها خاتمان ذهبيان كان يملكهما إلفيس بريسلي، ورسالة كتبها برايان ويلسون عضو فرقة «بيتش بويز» (فتية الشاطئ).

ووفقاً لـ«رويترز»، يتضمن مزاد «تحف هوليوود والموسيقى»، الذي تقيمه «دار كروز جي دبليو إس» للمزادات قرابة 400 مجموعة، منها قطع للمغني برنس، والمغنية آليا وإلى أبيجيل فولجر، وريثة إحدى شركات القهوة التي قُتلت خلال جرائم عائلة مانسن.

وقالت بريجيت كروز، منظمة المزاد: «يوجد بهذا المزاد بالتحديد بعض القطع القوية للغاية».

ويعرض المزاد مقتنيات لبريسلي، منها مكبر صوت كان في مقر إقامته في لاس فيغاس، وزجاجة أقراص دواء مكتوب عليها مارس (آذار) 1977، وخاتمان فريدان من الذهب، يُقدر ثمنهما بما يتراوح بين 35 و60 ألف دولار.

وذكرت كروز أن المجوهرات التي كان يقتنيها بريسلي، المتوفى في أغسطس (آب) 1977 «لا تزال تثبت أنها واحدة من أقوى فئات الأصول على وجه الكوكب».

ومن بين المعروضات البارزة الأخرى رسالة كتبها ويلسون بخط اليد إلى مايك لاف زميله في فرقة «ذا بيتش بويز»، وقريبه في الوقت نفسه، وتوقعت كروز أن تُباع الرسالة مقابل 10 آلاف دولار على الأقل.

وسيجري بثّ المزاد مباشرة عبر الإنترنت يوم السبت 31 أغسطس.