أغاني المهرجانات في مصر... المشاهدات المليونية تصارع «الذوق العام»

نقابة الموسيقيين عدت مقدميها مسؤولين عن «انحدار فني وأخلاقي»

صورة من الصفحة الرسمية لمطرب المهرجانات المصري حسن شاكوش
صورة من الصفحة الرسمية لمطرب المهرجانات المصري حسن شاكوش
TT

أغاني المهرجانات في مصر... المشاهدات المليونية تصارع «الذوق العام»

صورة من الصفحة الرسمية لمطرب المهرجانات المصري حسن شاكوش
صورة من الصفحة الرسمية لمطرب المهرجانات المصري حسن شاكوش

في حين كانت تصدح «كوكب الشرق» أم كلثوم بكلمات أغانيها الشهيرة في الحارات المصرية والمقاهي والمركبات العامة قبل عدة سنوات، خصوصاً في الليالي الباردة، كتقليد شعبي مألوف كان يضفي نوعاً من الألفة، حلّت بدلاً منها «أغاني المهرجانات» صاحبة المشاهدات المليونية على المنصات الإلكترونية.
وظاهرة «المهرجانات» الطاغية في معظم أنحاء مصر بات أصحابها يواجهون اتهامات حادة بالتسبب في «الانحدار الفني والأخلاقي»، والتأثير على «الذوق العام»، حسب نقابة الموسيقيين المصرية، وبعض الخبراء والمتابعين.
ورغم أنّ سماع أغنيات المهرجانات الصاخبة في مصر يزدهر في مركبات النقل الجماعي، والمقاهي وبعض المحال التجارية في المناطق الشعبية، والمنصات الإلكترونية، فإنّ تقديمها أمام عشرات الآلاف من المشاهدين في حفل «عيد الحب» مساء الجمعة الماضية في استاد القاهرة الدولي، مع نخبة من أبرز مطربي الغناء في العالم العربي، جدد الانتقادات ضدهم، وضد منظمي الحفل، إلى جانب نقابة الموسيقيين المصريين.
وأسباب انتشار أغاني المهرجانات في مصر بهذا الشكل غير المسبوق يحصرها الناقد الموسيقي المصري فوزي إبراهيم في 3 أسباب: «الأول، اهتزاز الوجدان المصري بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011 الذي نتج عنه ولادة ظواهر غير طبيعية، من بينها أغاني المهرجانات، لكن مع مرور الوقت، ومع توازن الوجدان مرة أخرى، فإنه لن يصح إلا الصحيح، وسيعود أفراد الشعب إلى سماع الأغنيات الجيدة، لأنّ المصريين متذوقون جيدون للفن بطبعهم. أمّا السبب الثاني، فهو مزج أغنيات المهرجانات بين موسيقى الموالد بإيقاعاتها الشعبية المنتشرة في أنحاء عدة بمصر وموسيقى الراب ذات الإيقاع السريع المحببة لدى الشباب وبعض فئات المجتمع».
في حين يكمن السبب الثالث، وفق ما ذكره إبراهيم لـ«الشرق الأوسط»، في «الفراغ الذي تركه كثير من المطربين والمنتجين المصريين لصالح مقدمي أغاني المهرجانات. فكثير من المطربين المصريين حالياً لا يصدرون ألبومات غنائية إلا كل 5 سنوات، والاكتفاء بطرح أغنية واحدة أو اثنتين في كل عام. وهذا الانكماش سمح لمطربي المهرجانات بملء الفراغ، وتحقيق هذا الانتشار اللافت».
حمى أغاني المهرجانات في مصر سوف تتلاشى مع مرور الوقت، حسب إبراهيم الذي يؤكد أنّ «سبب استمرار الأغنية الشعبية خلال العقود الماضية هو صوت بعض مقدميها الجيد الذي يفرض نفسه على الساحة في معظم الأحيان، على غرار المطرب أحمد عدوية الذي استمر طويلاً. وبالمفهوم ذاته، فإنّ عدداً محدوداً من مطربي المهرجانات الحاليين، خصوصاً من أصحاب الأصوات الجيدة، سيستمرون خلال الفترة المقبلة، مع توقع اختفاء أصحاب الأصوات الرديئة».
ويحذر إبراهيم من «إعطاء شرعية لبعض مطربي المهرجانات، عبر استضافتهم في حفلات مهمة تذاع على الهواء مباشرة، أو من خلال استضافتهم في برامج حوارية على الشاشات التلفزيونية»، مشيراً إلى أنّ «المطرب أحمد عدوية لم يكن يُسمح له بالظهور في حفل أو برنامج عام، لكن كان يسمح له فقط بالظهور في الحفلات»، مؤكداً أنّ «منظمي حفل استاد القاهرة سمحوا بظهور أصحاب أغنية (بنت الجيران) لمنطق العرض والطلب، لكن الذوق العام والهوية الوطنية الموسيقية يجب ألا يخضعا لهذا المنطق».
وحققت أغنية «بنت الجيران» للمطرب الشعبي حسن شاكوش وعمر كمال عشرات الملايين من المشاهدات على موقع «يوتيوب»، وتفوقت على نجوم عالميين في تطبيق «ساوند كلاود» أخيراً، لدرجة دفعت منظمي حفل «عيد الحب» باستاد القاهرة، مساء الجمعة الماضية، إلى الاستعانة بهم لأداء فقرة ختام الحفل الكبير الذي شارك فيه تامر حسني ووائل جسار وبهاء سلطان ونانسي عجرم.
ورداً على الانتقادات التي وجهت لها، أصدرت نقابة الموسيقيين المصريين بياناً صحافياً مساء أول من أمس، قالت فيه: «إنه يوجد شبه اتفاق بين كل طوائف المجتمع على الحالة السيئة التي باتت تهدّد الفن والثقافة العامة بسبب ما يسمى أغاني المهرجانات، التي هي نوع من أنواع موسيقى وإيقاعات الزار، وكلمات موحية ترسخ لعادات وإيحاءات غير أخلاقية».
ووفق نقيب الموسيقيين هاني شاكر، فإنّ «هذه الأغاني أفرزت ما يسمى مستمعي الغريزة»، مضيفاً أنّ «بعض نجوم السينما المصريين كانت لهم مساهمات فعّالة وقوية في هذا الإسفاف»، مؤكداً «إعادة النظر في تصاريح الغناء كافة».
وينتمي مقدمو هذا النوع من الأغاني إلى «شريحة اجتماعية هُمّشت من قبل المثقفين»، حسب ما يذكره الملحن حسن زكي الذي يضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هم يعدون أنّ أغنياتهم المنتشرة بشكل واسع في جميع أنحاء مصر ما هي إلا نوع من الدّفاع عن النّفس، ورد فعلي طبيعي للتّهميش الذي يعانون منه».
ويرى زكي أنّ «مفهوم المهرجانات لا ينطبق فقط على مجال الأغنية في مصر، بل يشمل مجالات أخرى، فالفن التشكيلي والشعر والشوارع، وحتى السلوك البشري، به أصناف تنتمي إلى فئة المهرجانات، وكلها تتسم بالخروج عن المألوف».
«الحياة الفنية تؤكد أنّ الانتشار الواسع لهذا النوع من الغناء لا يعكس الجودة أبداً»، وفق زكي الذي يرى أنّه رغم أن المشاهدات المليونية في حد ذاتها تعد نجاحاً، فإنّه يبقى نجاحاً بلا قيمة أو هدف، وبالتالي لن يدوم طويلاً».
وتعود جذور الأغنيات الشعبية التي تنتمي إليها أغاني المهرجانات إلى فترة منتصف القرن الماضي، التي ينعتها البعض بـ«زمن الفن الجميل». ففي حين كانت تشدو أم كلثوم بأغنياتها الشهيرة في مدن العالم، وحظيت بلقب «كوكب الشرق»، بجانب شهرة ألحان موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، فإنّ ثمة أشخاصاً كانوا يقدمون في الفترة ذاتها أغنيات وُصفت بـ«التافهة» و«الشاذة»، حسب زكي.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.