طارق سويد لـ«الشرق الأوسط»: صحتنا النفسية تستأهل منا وعياً أكبر

بعد غياب دام نحو 4 سنوات عن الساحة الدرامية

يبدي أسفه لغياب الدراما المحلية عن الساحة (طارق سويد)
يبدي أسفه لغياب الدراما المحلية عن الساحة (طارق سويد)
TT

طارق سويد لـ«الشرق الأوسط»: صحتنا النفسية تستأهل منا وعياً أكبر

يبدي أسفه لغياب الدراما المحلية عن الساحة (طارق سويد)
يبدي أسفه لغياب الدراما المحلية عن الساحة (طارق سويد)

بسبب وعكات صحية نفسية متلاحقة، كان آخرها إصابته بـ«الاحتراق الوظيفي»، غاب الممثل والكاتب طارق سويد نحو 4 سنوات عن الساحة. والمعروف عن سويد مجاهرته بموضوع صحته النفسية علناً، في إطلالاته الإعلامية. فهو يمارس بذلك رسالة اجتماعية يعتز بها، ويشجع كل من يعاني من مشكلات مشابهة أن يتحدث بها، فلا يخنقها في داخله وتتسبب له بانعكاسات سلبية.

ويعلق لـ«الشرق الأوسط»: «أتلقى دائماً رسائل واتصالات إلكترونية من أشخاص يعانون من أمراض نفسية كانوا قبل تناولي لها يكبتونها في أعماقهم. تخيلي أن هناك أمهات وشباناً وأشخاصاً من مختلف الشرائح الاجتماعية، تشكرني لقيامي بالتوعية على الصحة النفسية، بعضهم لم يكن يدرك أنه في وسط معمعة نفسية، وآخرون كانوا يسخرون من هذا الموضوع برمته. ولا أنسى إحدى الأمهات التي اتصلت بي تشكرني لمساهمتي في علاج ابنها، وهو اليوم بأفضل حالاته. كما أن حالات أخرى تركت عندي أثرها الكبير. أحدهم أقدم على الانتحار على الرغم من تكلّمي معه باستمرار، فقررت أن أتمسك أكثر فأكثر بهذه المهمة وأعطيها من وقتي».

يرى في ورش عمل الكتابة التي ينظمها حافزاً لتحريك مخيلته (طارق سويد)

اليوم ما عاد سويد يحكي في هذا الموضوع من باب معاناته الشخصية، ولكنه يرى فيه أسلوب توعية مفيداً يهمّ الناس.

رغم غيابه عن الساحة طيلة هذه الفترة، فإن سويد جرى استقباله بحفاوة من قبل محبيه. فهم لم ينسوه، لا بل أبدوا اشتياقهم الكبير له، فما هو سرّه؟ يرد: «هي تركيبة يتمتع بها الشخص، فناناً كان أو غيره. وهذا الأمر، لا يعود لشهرتي أبداً. فالغالبية تعدّني فرداً من عائلتها، لما أكنّ للناس من مودة. فأنا شخص حقيقي لا أخبئ آرائي ولا أوجاعي».

من الصعب أن يعود الفنان إلى الساحة بعد غياب؛ إذ عليه أن ينطلق من الصفر مرة أخرى. ولكن الممثل اللبناني كسر هذه القاعدة، وأكمل مشواره من حيث توقف. ويعلق لـ«الشرق الأوسط»: «لم أتوقع أن تكون عودتي بهذه السهولة. فهاتفي لم يتوقف عن الرنين، وأنا سعيد بذلك. السنوات التي غبت فيها كانت قاسية، ولكنها زودتني بالنضج. شعرت بأني صرت أقوى وقادراً على أن أحلم من جديد. فـ«الاحتراق الوظيفي» الذي أصبت به جعلني أكره عملي، في حالة اكتئاب لا أتمناها لأحد. لم أكن أدرك أن كل هذه العلامات متأتية من المرض النفسي. اليوم تغيرت الأمور وعدت أكثر صلابة وقوة، وأنكب على عملي كما أحب».

ابتعد عن الساحة بسبب {الاحتراق الوظيفي} (طارق سويد)

وتسأل «الشرق الأوسط» طارق سويد عما إذا كان هناك فنانون كثر مصابون بأمراض نفسية. يرد: «لا أحكم على أحد، ولكنني أستطيع أن ألمس الوجع النفسي بسرعة. قد يكون هناك فنانون كثر يعانون من مرض نفسي ما، ولكنهم لا يحبون التحدث فيه. فما ينقصنا هو المصالحة مع صحتنا النفسية، والأمر يتطلب منا وعياً كبيراً. هناك من يفصل بينها وبين صحتنا الجسدية، وهو اعتقاد خاطئ. فالاثنتان يجب أن تكونا سليمتَين؛ كي نكون أشخاصاً متوازنين».

اشتهر طارق سويد ممثلاً وكاتباً، قدم أدواراً حفرت في ذاكرة اللبناني. وكتب نصوصاً درامية لمسلسلات محلية وعربية مختلطة كـ«عروس بيروت 2»، أحرزت الفرق على الساحة. ولكنه فور عودته من غيابه القسري تفاجأ بأن الدراما المحلية غائبة تماماً عن الشاشة. ويقول في هذا الصدد: «حزنت لغيابها، سيما وأن آخر أعمالي فيها (بالقلب) حقق نجاحاً كبيراً. لم أتوقع أن أعود ولا أجدها. فخلال معاناتي لم أكن أتابع أي شيء يتعلق بالفن. لم أكن قادراً على مشاهدة أو سماع الأخبار الفنية. أعرف أن هذا التراجع لا يرتبط بسبب واحد. هناك أمور كثيرة حصلت في السنوات الأخيرة أسهمت في ذلك. لست أبداً ضد الدراما المختلطة لا بل إنها فتحت آفاقاً واسعة لممثلين ومخرجين لبنانيين. ولكن للدراما المحلية معزّة خاصة عند اللبنانيين ككل. لقد استطعنا الوصول إلى مكانة جيدة فيها، وعلينا أن نستعيدها بأقرب وقت».

يحضر لعمل مسرحي من نوع الكوميديا السوداء (طارق سويد)

يفرّق طارق سويد بين الشهرة والنجاح، ويقول: «خذوا كل شهرتي، فهي لا تهمني، لأن النجاح لا يمكن قياسه بها. فالشهرة يمكن أن تطول أسوأ شخص ومجرم ومحتال وسياسي فاسد وغيرهم. ولكن النجاح أمر آخر، والموهبة تتحكم بها. كما أن الشهرة يمكن أن تأخذ صاحبها إلى الأسوأ. بالنسبة لي تأذيت منها بسبب إصراري على المثالية في أعمالي. كنت أكتب النص أو الحلقة، ومن ثم أعيدها عشرات المرات. الاحتراق الوظيفي سببه الأول الإرهاق في العمل. ويمكن أن يصاب به الطبيب والممرض والمحامي وأي شخص آخر».

الكتابة سرقت قلبي ومشتاق للمسرح... ولن أكرر أدواراً نجحت فيها

يرى سويد أن التلفزيونات اللبنانية تمر في مرحلة دقيقة لا تخولها الترويج لمسلسلات محلية ولا المشاركة في إنتاجها. فإيراداتها المالية محدودة جداً، في ظل تراجع سوق الإعلانات التجارية فيها.

ولكن هل يتأمل بعودتها قريباً؟ يوضح لـ«الشرق الأوسط»: «لقد قمت بمحاولات كثيرة آلت إلى الفشل مع الأسف. كنت مستعداً للقيام بتنازلات كثيرة كي أعيدها إلى الساحة. وقمت باتصالات حثيثة مع زملاء لي يشاطرونني فكرتي. ولكننا لم نستطع الوصول إلى حل لهذه المشكلة. فنحن نملك كل مقومات الدراما الناجحة من ممثلين وكتاب ومخرجين. كما أن الإنتاجات المختلطة تثبت ما أقوله؛ لأنها استعانت بنا نحن اللبنانيين، واستفادت من إمكانياتنا الإبداعية هذه».

أنا شخص حقيقي لا أخبئ آرائي ولا أوجاعي

يعتمد سويد في كتاباته الدرامية على الواقع فتعكسه دائماً، وتكون المحور الأساسي فيها. ويؤكد أنه لا يستطيع كتابة قصة إذا كانت لا تنبع من يومياتنا وحياتنا. «لا أحب الوعظ والفلسفة في النص والحوارات. ولذلك ترينني أكتب ما يحمل رسالة إنسانية أو اجتماعية. أحب هذا الذوبان بين واقعنا ومشاكلنا والحلول الممكنة للحد منها».

القاعدة الذهبية التي يضعها لكتاباته -كما يقول - ترتكز على التقنية والمشاعر وعملية حسابية متقنة. «يجب أن نأخذها جميعها بعين الاعتبار ونحذف الـ(أنا) من قاموسنا. فما زلت حتى اليوم أتابع ورش عمل وصفوفاً خاصة بالكتابة؛ لأنني أحب أن أطور نفسي وأتعلم».

خذوا كل شهرتي فهي لا تهمني لأن النجاح لا يمكن قياسه بها

بالحديث عن ورش العمل، فإن سويد، ومنذ عودته إلى الساحة، ينشغل بإعطاء صفوف دراسية عن الكتابة. «أحببت دخول هذا المجال، وكنت من السبّاقين إليه. وهذا الأمر ساعدني كثيراً في عودتي إلى مهنتي. أحببت هؤلاء الناس المهتمين بورش الكتابة. وهم في المقابل يحفزونني على تحريك مخيلتي، سيما وأنني لا أبخل في إعطائهم أي معلومات وأسرار عن هذا المجال».

حالياً ينشغل سويد في أمور عدة، بينها نص مسرحي من نوع الكوميديا السوداء. «سيحبه الناس كثيراً، وأتناول فيه قصة ثنائي يصلح لأي مجتمع في العالم. ولكنني حتى الساعة، لا أعرف إذا ما سأمثل في هذه المسرحية أو لا».

وعما إذا ما كان متحمساً للعودة إلى التمثيل يقول: «أنشغل حالياً في الكتابة أكثر. كما أني لم أعد أرغب في تكرار أدوار نجحت فيها. فالكتابة سرقت قلبي وأنا مشتاق للمسرح».

وخلال موسم رمضان ينوي سويد مشاهدة مسلسلات معينة كـ«ولاد بديعة»، و«نظرة حب»، و«ع أمل». ويعلق: «متحمس لمتابعة هذا الأخير، وأعدّه لبناني الهوى، ويشارك فيه مجموعة من أصدقائي كماغي بو غصن وبديع أبو شقرا وطلال الجردي ومهيار خضور».


مقالات ذات صلة

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

يوميات الشرق لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

حظي مسلسل «رقم سري» الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق زكي من أبرز نجوم السينما المصرية (أرشيفية)

مصر: تجدد الجدل بشأن مقتنيات أحمد زكي

تجدد الجدل بشأن مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، بعد تصريحات منسوبة لمنى عطية الأخت غير الشقيقة لـ«النمر الأسود».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق تجسّد شخصية «دونا» في «العميل» (دانا الحلبي)

دانا الحلبي لـ«الشرق الأوسط»: لو طلب مني مشهد واحد مع أيمن زيدان لوافقت

تُعدّ تعاونها إلى جانب أيمن زيدان إضافة كبيرة إلى مشوارها الفني، وتقول إنه قامة فنية كبيرة، استفدت كثيراً من خبراته. هو شخص متعاون مع زملائه يدعم من يقف أمامه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق آسر ياسين وركين سعد في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)

«نتفليكس» تطلق مسلسل «موعد مع الماضي» في «القاهرة السينمائي»

رحلة غوص يقوم بها بعض أبطال المسلسل المصري «موعد مع الماضي» تتعرض فيها «نادية» التي تقوم بدورها هدى المفتي للغرق، بشكل غامض.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مسلسل «6 شهور»   (حساب Watch IT على «فيسبوك»)

«6 شهور»... دراما تعكس معاناة حديثي التخرّج في مصر

يعكس المسلسل المصري «6 شهور» معاناة الشباب حديثي التخرج في مصر عبر دراما اجتماعية تعتمد على الوجوه الشابة، وتحاول أن ترسم الطريق إلى تحقيق الأحلام.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

محمد الشرنوبي: لا أتعجل النجاح في الغناء والتمثيل

يستعد الشرنوبي لطرح أغنية {حفلة 9} التي تشاركه غناء الفنانة أسماء جلال (حسابه على {إنستغرام})
يستعد الشرنوبي لطرح أغنية {حفلة 9} التي تشاركه غناء الفنانة أسماء جلال (حسابه على {إنستغرام})
TT

محمد الشرنوبي: لا أتعجل النجاح في الغناء والتمثيل

يستعد الشرنوبي لطرح أغنية {حفلة 9} التي تشاركه غناء الفنانة أسماء جلال (حسابه على {إنستغرام})
يستعد الشرنوبي لطرح أغنية {حفلة 9} التي تشاركه غناء الفنانة أسماء جلال (حسابه على {إنستغرام})

يستعد الفنان المصري محمد الشرنوبي لإطلاق أغنيته الجديدة «حفلة 9»، والتي يقدم فيها للمرة الأولى الممثلة أسماء جلال كمطربة، وذلك بعد التفاعل الذي حققه أخيراً بأغنية «قلبي».

وقدم الشرنوبي ونوران أبو طالب وهنا يسري «ميدلي» لأشهر أغاني الأفلام بحفل افتتاح مهرجان الجونة السينمائي أخيراً.

وأعرب الشرنوبي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عن سعادته البالغة لإعجاب الجمهور بأغنية «قلبي»، قائلاً: «خلال المدة الماضية طرحت أكثر من أغنية، حققت جميعها نجاحاً منقطع النظير، ولكن أغنية (قلبي) كان لها طعم ومذاق آخر في النجاح؛ فهي الأغنية التي فتحت شهيتي على مواصلة العمل على أغنيات جديدة، وعدم التوقف عند هذا الحد».

الشرنوبي يقول إنه يحقق توازن بين التمثيل والغناء

يرى الفنان المصري أن مشاركته في حفل افتتاح مهرجان الجونة أمر جيد في مسيرته الفنية: «حينما تلقيت اتصالاً من إدارة مهرجان الجونة لمشاركتي في الفقرة الغنائية الخاصة بحفل الافتتاح، تحمّست للأمر كثيراً، بعد أن علمت أن الفقرة ستكون من خلال عدد من أغنيات الأفلام القديمة، وأنا بالنسبة لي أعشق الأفلام، وأغنياتها؛ لذلك وضعت كل طاقتي من أجل تقديم الفقرة بصورة جيدة».

واعتبر الشرنوبي أغنية الفنان أحمد زكي «كابوريا» الأقرب له من بين كافة الأغنيات التي قدمها خلال «الميدلي»: «ستظل الأقرب لقلبي؛ لحبي الشديد لصوت أحمد زكي في الغناء، كما أحببت أيضاً أغنية الفنان مدحت صالح (النور مكانه في القلوب)».

الشرنوبي يؤدي في {إقامة جبرية} دور بطل رياضي تنقلب حياته فجأة رأساً على عقب (حسابه على {إنستغرام})

ودافع الشرنوبي عن صوت زميلته الفنانة أسماء جلال التي ستقدم معه «الديو» الغنائي الجديد «حفلة 9» الذي من المقرر طرحه بعد أيام: «أسماء ليست مطربة، ولكن صوتها يتماشى مع فكرة الأغنية التي لم تكن مطروحة كأغنية ثنائية في البداية، لكني مع تكرار سماعها فضّلت أن تكون (ديو) غنائياً مع صوت فتاة، وحينها فكرت في صديقتي أسماء جلال التي أعتقد أن صوتها سيكون مميزاً وإضافة للأغنية».

أسماء ليست مطربة ولكن صوتها يتماشى مع فكرة الأغنية

محمد الشرنوبي

وعن قدرته في تحقيق التوازن بين الغناء والتمثيل، قال: «كل فنان له رحلته الخاصة، وأنا في رحلتي أريد أن أضع خطوطاً عريضة أسير عليها، لا أفكر في المنافسة، أو من يسبقني أو يخلفني، ما يهمني هو أن أكمل رحلتي لكي أصل للنجاح الذي أريده، أخطو خطوات جيدة في المجالين، لا أستعجل النجاح، المهم أن أقدم أعمالاً تليق باسمي واسم عائلتي وجمهوري».

ووصف مسلسله الجديد «إقامة جبرية» بأنه «مختلف تماماً»؛ إذ تبتعد خلاله هنا الزاهد عن الكوميديا، في حين يقدم هو شخصية «بطل سباحة» لديه عمل خاص به، وتنقلب حياته فجأة رأساً على عقب من الحلقة الثانية أو الثالثة ليبدأ في رحلة جديدة مع الحياة.

ورفض الشرنوبي الإفصاح عن دوره في مسلسل «إش إش» الذي من المقرر أن يشارك في بطولته مع الفنانة مي عمر في دراما رمضان 2025: «كل ما أستطيع قوله أن هناك مجهوداً جباراً من كافة القائمين على المسلسل، لكي يخرج بصورة رائعة، نحن نواجه تعباً شديداً في التصوير، لكي نقدم صورة جيدة وجميلة للمشاهد تحت قيادة المخرج محمد سامي».