بدأت آيدا القصي مسيرتها الفنية من خلال كتابة اسكتشات كوميدية لبعض صانعي المحتوى المؤثرين، إلى جانب الكتابة المسرحية، فهي كاتبة وصانعة محتوى وممثلة سعودية تشق طريقها بثبات ضمن خطوات مدروسة، وتؤكد أنها لطالما أحبت أن تطل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فوجدت فيها المساحة الحرة التي تسمح لها بالتواصل مع محبيها عبر إخبارهم عن جديدها.
وتروي لـ«الشرق الأوسط» عن بداياتها، معترفة بأن أفراد عائلتها أسهموا في دفعها لاختيار المجال المهني الذي تحب، وتتابع: «إنه لأمر جميل وغريب أن جميع أفراد عائلتي هم من الأكاديميين الناجحين في مجالات مختلفة، ولذلك نشأت وتربيت على أن هذه هي الطريق المثالية لي، ولكن مع الوقت برزت مواهب عندي تناقض هذه الأجواء. ميولي منذ صغري كانت واضحة فيما يخص المسرح والكتابة؛ كنت أتمتع بطاقة هائلة. في المقابل كنت فتاة شقية ومشاغبة لا تحصل على الدرجات اللازمة في مدرستها، وفجأة تغير كل شيء خلال دراستي الجامعية عندما أيقنت أنني أحب المسرح. انتسبت إلى نادي المسرح للطالبات، وأدركت أهمية الخشبة لإيصال الصوت عالياً، وأدركت أيضاً أن لدي القدرة على التقمص وتجسيد الشخصيات، اكتشفت أنني أملك موهبة الكتابة والتمثيل معاً».
منذ تلك اللحظة قررت آيدا إكمال دراستها من هذا المنطلق، واعدةً نفسها بتطوير مواهبها، فتابعت دورات وورش عمل عدة كي تنمي شغفها وتحقق أهدافها.
جرى ترشيحها أخيراً لجائزة «جوي أواردز» لهذا العام عن فئة أفضل ممثلة سعودية، وذلك عن دورها في الفيلم السينمائي «راس براس»، وتبدي سعادتها بهذا الترشيح وهي تقول لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الترشيح يعني لي الكثير، وأرى أن الفوز يجب أن يكون للشخص الذي يستحقه. تصويت الجمهور يلعب دوره في هذا المجال، وأنا شخصياً راضية بما يكتبه لي رب العالمين، والفوز بالطبع سيحرز عندي الفرق، ويحفزني على تقديم الأفضل».
تجسد آيدا في «راس براس» شخصيتين متناقضتين؛ فتقدم دور الفتاة اللطيفة والمرحة، وفي مرحلة ثانية تنتقل إلى لعب دور المرأة القوية وصاحبة النفوذ، وعما طبعها في هذه التجربة السينمائية تقول: «لا شك أنها كانت برمتها تجربة جميلة ومفيدة، كما أن التعاون مع مخرج من الطراز الرفيع، مثل مالك نجر، زودني بالفخر والاعتزاز بتجربة من هذا النوع؛ فهو من المخرجين المبدعين الذين يسهمون في تطوير أداء الممثل، كما يطبع العمل بهوية خاصة تشبهه، فيدركها المشاهد منذ اللحظات الأولى».
الكتابة جزء لا يتجزأ من شخصيتي الفنية أفرغ من خلالها كل ما يجول بخاطري
فخورة بالنساء اللاتي لعبن دوراً في تكوين شخصيتي
تتمتع آيدا القصي بطاقة إيجابية لافتة يلحظها كل من يلتقيها، وتحاول دائماً الاحتفاظ بها من خلال خيارات صائبة تمارسها في علاقاتها، وتوضح: «أبحث دائماً عن العلاقات الصحية والسليمة مع أصدقاء حقيقيين لا يحبون المراوغة، فعندما يحيط الشخص نفسه بطاقات من هذا النوع، ويبتعد عمن ينشر الموجات السلبية يكون في أمان». أما عن سلاحها الذي يسهم في تنمية هذه الطاقة عندها وتوليدها فهي طبيعة أفكارها التي تميل دائماً نحو الإيجابية.
تحرص آيدا في إطلالاتها على إحاطة نفسها بأشخاص تثق بهم وبقدراتهم الإبداعية. «لديَّ فريقي الخاص الذي أنا على اتصال به بشكل دائم ويرافقني في إطلالاتي، وأعتمد على أشخاص يتمتعون بالصدق والإخلاص وخفة الظل؛ فهذه الخلطة تزودني بشعور الفرح وأتفاءل بها».
كأي شخص طموح ترى آيدا القصي أنها لما تصل بعد إلى مرحلة الاكتفاء في مهنتها. «أرى مهنة التمثيل من الأجمل في حياتنا لا سيما أنها تنقل الواقع والحقيقة، ومع تقمصي لأي دور أجتهد لإبرازه على حقيقته وبتلقائية يحدث هذا التفاعل بيني وبين المشاهد، ومرات أكتشف في أدوار محددة نقاط تشابه مع شخصيتي، وهو ما يثبت عندي هذه النظرية؛ فالتمثيل هو كناية عن تقديم حالات إنسانية تلامسنا عن قرب، لو تعمقنا فيها».
من المسلسلات التي شاركت فيها أخيراً «نهضة الساحرات»، وتصفه بالعمل الدرامي الذي كان له الفضل في تفتح موهبتها على الشكل الذي تطمح إليه: «لقد حمسني الدور، لا سيما أنه تطلب مني إتقان فنون القتال في حرب تُستعمَل فيها السيوف، فأنا من محبي الأعمال الدرامية التاريخية، وأتمنى في المستقبل ترجمتها في عمل يحكي عن تاريخنا السعودي الجميل، وكذلك أن أكون صوتاً للنساء عبر التاريخ».
«نهضة الساحرات» تطلب مني إتقان فنون القتال في حرب السيوف
أبحث دائماً عن العلاقات الصحية والسليمة مع أصدقاء حقيقيين ليسوا مراوغين
وعن رأيها بالمرأة السعودية تقول: «المرأة السعودية على مر الأجيال كانت ملهمة وقوية في مجتمعنا، وتساعد على تطوره يوماً بعد يوم، ودائماً ما أتخيلها راسخة وأصيلة كابنة أرض مخلصة لتراثها، لا يمكننا أن نلخص المرأة السعودية بكلمات قليلة لأنها صاحبة خلفية ثقافية وفنية غنية، ولا أستطيع حصر ملايين النساء السعوديات بوصفٍ يمكن أن يلخص ما يليق بهن».
وتتذكر آيدا والدتها بوصفها نموذجاً للمرأة السعودية الأصيلة: «والدتي، رحمة الله عليها، لم تكن امرأة تقليدية؛ فقد كانت اليد اليمنى لجدي أطال الله عمره، وكانت تترك أثرها في كل خطوة تقوم بها، فلا تمر مرور الكرام، لقد كانت تتمتع بكاريزما وإيجابية عاليتين، ولعل أبرز ما اكتسبتُه من شخصيتها هو الاستقلالية والطموح والجدية والإخلاص بالعمل، وهنا لا بد من أن أذكر جدتي أيضاً، المشجعة الأولى لي. لقد كانت تحضر أعمالي وتسجلها تماماً مثل نساء أخريات أحطن بي، كأمي الثانية إيمان، فهذه الأخيرة كانت تحثني على السعي وراء أحلامي وتحقيقها، وكذلك تشجعني على تنمية هواياتي؛ لذلك أنا فخورة بالنساء اللاتي لعبن دوراً لا يستهان به في تكوين شخصيتي وإرشادي منذ صغري».
المرأة السعودية على مر الأجيال كانت ملهمة وقوية في مجتمعنا وتساعد على تطوره
وعن جديدها، تخبرنا آيدا أنها بصدد المشاركة في مهرجان «البحر الأحمر السينمائي»: «لدي فيلمان سأشارك بهما؛ أحدهما روائي طويل بعنوان (إلى ابني) مع المخرج والممثل ظافر العابدين، ولدي مشاركة في الفيلم القصير (أنا وعيدروس) من إخراج المبدعة سارة باغنيم».
وبين التمثيل والكتابة تختار آيدا القصي موهبتها الأولى: «الكتابة كانت وما زالت جزءاً لا يتجزأ من شخصيتي الفنية، أفرغ من خلالها كل ما يخطر من أفكار تسكنني، ولكن للتمثيل مكانة خاصة في قلبي؛ لأنني لا أعدّها مجرد مهنة، بل هي بمثابة علاج يشفي أرواحنا، وهذا الأمر يبرز بشكل واسع في الأدوار المركبة والمحبوكة بشكل شيق».